استمرار الصراع على الخطبة المكتوبة بين الأزهر والأوقاف

الأربعاء 27/يوليو/2016 - 02:54 م
طباعة استمرار الصراع على
 
حينما اتخذ وزير الأوقاف قرارًا بالخطبة المكتوبة ظهرت بوادر أزمة بين وزارة الأوقاف وهيئة كبار العلماء في الأزهر الشريف وقد تناولناها في تقرير سابق، وقد أكدنا في بوابة الحركات الإسلامية على ضعف حجة وزير الأوقاف في اتخاذ مثل هذا القرار، وكل يوم يمر على تمسك وزير الأوقاف بهذا القرار يخلق مساحة جديدة من الصراع بين وزارة الأوقاف ومؤسسة الأزهر؛ حيث أعلنت مؤخرًا 
استمرار الصراع على
هيئة كبار العلماء في الأزهر رفضها قرار وزير الأوقاف المصري مختار جمعة إلزام الأئمة بنص مكتوب لخطبة الجمعة، معتبرة أنه «تجميد للخطاب الديني»، في أقوى انتقاد للقرار الذي أثار جدالاً منذ تطبيقه جزئياً قبل أسبوعين غداة اجتماع بين الرئيس عبدالفتاح السيسي وجمعة ناقش «خطة لتجديد الخطاب الديني».
وشهد الأسبوعان الماضيان سجالاً شديداً بين مؤيدي ومعارضي «الخطبة المكتوبة»، وجاهد وزير الأوقاف للرد على الانتقادات الموجهة إلى القرار، في محاولة لإقناع الأئمة به. لكن الأزهر رفض على لسان عدد من قياداته القرار الذي أزكى صراع نفوذ بين الجانبين.
وقال الأزهر في بيان أمس: إن «هيئة كبار العلماء اجتمعت برئاسة الإمام الأكبر شيخ الأزهر، وتناقشت في كثير من القضايا الإسلامية التي تهم المسلمين حول العالم. واضطلاعاً بدور الأزهر الذي حدده له الدستور المصري بأنه المسئول عن الدعوة الإسلامية، قررت الهيئة بالإجماع رفض الخطبة المكتوبة، معتبرة هذه الخطوة تجميداً للخطاب الديني». وأكدت الهيئة أن «الأئمة يحتاجون إلى تدريب جاد وتثقيف وتزويدهم بالكتب والمكتبات، حتى يستطيعوا مواجهة الأفكار المتطرفة والشاذة بالعلم والفكر الصحيح، وحتى لا يتكئ الخطيب على الورقة المكتوبة وحدها، ما سيؤدي بعد فترة ليست كبيرة إلى تسطيح فكره وعدم قدرته على مناقشة الأفكار المنحرفة والجماعات الضالة التي تتخذ الدين ستاراً لها، وتستخدم من بين أساليبها تحريف بعض آيات القرآن الكريم والأحاديث النبوية عن مواضعها، والتلبيس بها على أفهام عوام المسلمين، ما قد يصعب على الإمام مناقشة هذه الأفكار وتفنيدها والرد عليها وتحذير الناس منها، وهو الأمر الذي يوجب مزيداً من التدريب للخطيب والداعية وإصقاله بمهارات البحث العلمي والدعوة والابتكار؛ حتى يستطيع الحديث بما يناسب بيئته والتغيرات المتطورة كل يوم، وحتى يجتمع الناس من حوله منصتين إليه».
وقالت الهيئة إنها «تقدر الدور الذي يقوم به الأزهر في العمل على تعميق الثقافة الفكرية الإسلامية لدى وعاظه، وذلك بعقد دورات دورية مستمرة ومكثفة في المجالات الشرعية كافة، وإمداد الوعاظ بمجموعات كبيرة من الكتب التي تعمق ثقافتهم وتوسع مداركهم». ودانت «الحوادث الإرهابية الأثيمة التي تنفذها جماعات العنف والإرهاب»، مؤكدة «دعمها لقوات الجيش والشرطة في مواجهة القوى الظلامية التي لا تريد الخير للشعب المصري" كل هذا وما زال وزير الأوقاف
استمرار الصراع على
الدكتور محمد مختار جمعة، يصر على تطبيق الخطبة المكتوبة رغم إعلان هيئة كبار العلماء والأزهر الشريف رفضهما لها رسميا، وكلف أئمة الأوقاف بالتنفيذ إلا أنه أعلن عدم إلزام باقي الأئمة التابعين للأزهر بتنفيذها إلا بعد اقتناعهم التام بأهدافها. وقال الشيخ جابر طايع، رئيس القطاع الديني بوزارة الأوقاف: "لم نكلف أحدًا غير أئمتنا المسئولين عن المساجد بالخطبة المكتوبة، وأكدنا أن سبيلنا معهم هو الحوار والإقناع، وأن تعميم الخطبة المكتوبة يأتي في إطار مصلحة معتبرة"، وذلك تعقيبًا على قرار هيئة كبار العلماء برفض الخطبة المكتوبة. وأكد رئيس القطاع الديني بوزارة الأوقاف، أنه لم يكلف أحدًا غير أئمة الأوقاف المسئولين بدورهم عن المساجد بالخطبة المكتوبة، وأن سبيل الوزارة في تعميمها بجميع مساجد الجمهورية هو الحوار والإقناع، وأن جميع القيادات والغالبية العظمى من الأئمة على قناعة تامة بأداء الخطبة المكتوبة كونها تأتى في إطار مشروع فكرى مستنير وفق خطة ومنهجية شاملة تحقق مصلحة شرعية ووطنية وذلك في إطار اختصاص وزارة الأوقاف في تنظيم شئونها الدعوية والإدارية. وأشار إلى أن الوزارة لم تصدر حتى تاريخه أي تكليف رسمي بذلك، إنما تركته لقناعة واختيار الأئمة، وما زال موضوعها المكتوب حتى الآن استرشاداي وفق ما يعلن دائمًا على الموقع الرسمي، مضيفا: “وأكدنا في بياننا الأول الذي لم يتغير أن المتميزين من الأئمة الراغبين في الارتجال لن يمنعوا منه ما داموا ملتزمين بضابطي الوقت وجوهر الموضوع". وتابع:" أكدنا سابقًا ثقتنا الكاملة في تميز أئمتنا وفهمهم المستنير وحسهم الوطني وإدراكهم لما تتطلبه المرحلة من توحيد الجهد والكلمة في مواجهة التحديات، وإننا إذ نثق في ائتمانهم على المسجد ورواده طوال الأسبوع لنثق أيضًا في تفهمهم لفلسفة خطبة الجمعة الموحدة المكتوبة التي تعد محور قضية الأسبوع الفكرية، بما يشكل 54 قضية سنويًا في المرحلة قصيرة المدى ، و270 قضية في خمس سنوات المرحلة متوسطة المدى، بما يعد جزءًا من المشروع الفكري الكبير لتجديد الخطاب الديني وتحقيق الفهم المستنير للإسلام". وتأتي تصريحات الأوقاف كتجاهل رغم قرار هيئة كبار علماء الأزهر التي رفضت به الخطبة المكتوبة بالإجماع، وتواصل وزارة الأوقاف الترويج للخطبة المكتوبة لدعم موقفها في الوقت الذي أصدر فيه الأزهر بيانًا لهيئة كبار العلماء يرفض فيه الخطبة المكتوبة. كما عقد أمس الثلاثاء
استمرار الصراع على
الثلاثاء الشيخ طه زيــادة، وكيل وزارة الأوقاف بالدقهلية، اجتماعًا بقيادات الدعوة وشباب علماء المديرية، ومديري الإدارات الفرعية، والذي يبلغ عددهم عشرين مديرًا، لمتابعة آليات تنفيذ الخطبة المكتوبة، وأكد الحضور تأييدهم للقرار عن قناعة تامة، وأنه ضبط للخطاب الديني، وحماية له من التوجيه الحزبي والسياسي وأصحاب الفكر المنحرف والمتطرف، مؤكدين اعتزامهم أداء الخطبة المكتوبة الجمعة المقبلة. ويشهد ديوان عام وزارة الأوقاف، حالة من الارتباك بعد قرار هيئة كبار علماء الأزهر، برفض الخطبة المكتوبة التي اعتزمت الوزارة تطبيقها، حيث استدعى الوزير كبار معاونيه من قيادات الوزارة للتشاور حول الأزمة، فيما استدعى الوزير الشيخ جابر طايع رئيس القطاع الديني، للتواصل مع قيادات المحافظات لبحث التهدئة حتى يصل إلى حل بشأن الأزمة. كما تسبب منشور رسمي أصدرته مديرية أوقاف الغربية، يلزم أئمتها وقياداتها رسميا الثلاثاء في اجتماعات متزامنة بالإدارات الفرعية بالخطبة المكتوبة والالتزام بها حرفيًا من الجمعة المقبلة، دون خروج عن النص، في إحراج الوزارة واتهامها بمخادعة الرأي العام بعد وعود عدم إلزام الدعاة بها دون اقتناع وهو ما ثبت عكسه بموجب منشور الغربية. من جانبهم، سرب عدد من الأئمة، منشورا بالقرار عبر موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" لإحراج المديرية وحشد زملائهم بالمحافظات ضد القرار حتى لا تنكسر موجة المعارضة في صفوف الدعاة محافظة تلو الأخرى، فيما تجرى الوزارة اتصالات لبحث الأمر وسط غضب من إلزام الدعاة بهذا الشكل غير المحسوب الذي بدا أنه سيؤدى إلى نتيجة سلبية.
ولا أحد يعلم حتى الآن لماذا يصر وزير الأوقاف على قرار الخطبة المكتوبة بعد كل هذه المعارضة وخاصة معارضة هيئة كبار علماء الأزهر الشريف، مما يفتح بابا للتكهنات بان هناك صراعًا خفيًّا بين وزير الأوقاف وشيخ الأزهر، هذا من ناحية ومن ناحية أخرى إن قرار وزير الأوقاف هذا جاء بعد لقائه الرئيس عبد الفتاح السيسي مما يفتح أبوابًا لا حصر لها من التكهنات، وإن عدنا إلى باب سد الذرائع من الناحية الدينية فكان الأولى بوزير الأوقاف أن يقوم بإلغاء هذا القرار بدلا من الدخول في صراعات تعد تفتيتًا للمؤسسة الدينية، ولا يستفيد منها أحد سوى الجماعات الإسلامية، وخطابها المتطرف. 

شارك