هزيمة للحوثين في "كربلاء اليمن".. واحتدام المواجهات في محيط صنعاء
الأربعاء 27/يوليو/2016 - 09:41 م
طباعة

استمرت المواجهات في عدة جبهات بين الجيش اليمني والحوثيين، فيما يُنتظر أن يتحدد مسار التسوية في اليمن، خلال مفاوضات الكويت، الاتفاق على خريطة طريق للحل ليكون بداية لإنهاء الصراع في البلاد، أو استمرار الصراع.
الوضع الميداني:

وعلى صعيد الوضع الميداني، تواصلت الاشتباكات في منطقتي المصلوب والعقبة بمحافظة الجوف؛ حيث أكدت المصادر تسليم القيادي الحوثي، مبخوت الحصان، ومرافقيه أنفسهم للمقاومة الشعبية، كما جددت طائرات التحالف قصفها لمواقع ومخازن أسلحة الميليشيات في مديرية الغيل.
كما تواصلت المواجهات، في مديرية نهم شمال شرق العاصمة صنعاء، بين الميليشيات وقوات الجيش والمقاومة الشعبية التي تلقت تعزيزات عسكرية من مأرب لمواجهة تحركات الانقلابيين والتقدم لكسر الطوق الأمني الذي استحدثه المتمردون غرب المديرية.
وأحكمت قوات المقاومة والجيش سيطرتها على منطقة الصرارة في جبل صبر في تعز، في وقت تعرضت خلاله قرى الجبل لقصف عنيف بصواريخ ومدفعية الميليشيات المتمركزة في التلال الشرقية والشمالية لمدينة تعز. كذلك صدت المقاومة هجوماً للميليشيات في الجهة الشرقية من الجبل؛ حيث تدور اشتباكات عنيفة في بلدتي الشقب وبتع شرق قمة جبل عروس الاستراتيجي التي يحاول الانقلابيون التقدم للسيطرة عليه.
من جانبها، قصفت طائرات التحالف العربي معسكر الدفاع الساحلي في مديرية المخاء غرب محافظة تعز، والذي تسيطر عليه الميليشيات، كما قصفت مواقعها في مديرية ذباب ومعسكر العمري شمال باب المندب.
وقصفت طائرات التحالف أيضاً مواقع وتعزيزات عسكرية وتجمعات لميليشيات الحوثي والمخلوع صالح في مديرية خولان شرق صنعاء، وفي جبهة حرض في حجة الحدودية شمال غرب اليمن وفي مناطق كتاف والظاهر التابعتين لمحافظة صعدة.
فيما أعلنت قوات الشرعية عن تمكنها من نزع 35 ألف لغم داخل المناطق المحررة من قبضة ميليشيات الحوثي والمخلوع علي عبدالله صالح، بمحافظة مأرب إلى الشمال الشرقي من العاصمة اليمنية صنعاء .
وأكد قائد المنطقة العسكرية الثالثة، اللواء الركن عبدالرب الشدادي، أن المنطقة العسكرية تخلصت من تلك الألغام بتفجيرها، لافتاً إلى أن الحوثيين وقوات صالح استخدموا تلك الألغام بكل أنواعها وأشكالها.
وكان تقرير حقوقي يمني قد صدر مؤخراً أفاد بمقتل 47 مدنياً في محافظة مأرب، بينهم امرأتان وطفلان، فيما أصيب 98 آخرون، بينهم 5 نساء وأربعة أطفال، نتيجة تلك الألغام التي زرعتها الميليشيات في مناطق مختلفة من المحافظة.
من جانبه، كشف محافظ محافظة الجوف، حسين العواضي، مطلع أبريل الماضي، أن ميليشيات الحوثي زرعت أكثر من 30 ألف لغم متنوعة الأحجام في مختلف مديريات المحافظة.
وشكلت دول التحالف 10 فرق متخصصة لنزع الألغام في المناطق المحررة أواخر أغسطس من العام الماضي 2015؛ حيث جرى نزع 10 آلاف لغم مضاد للدبابات ومضاد للأفراد بمحافظتي عدن ولحج.
وفي سياق آخر قتل 4 مدنيين، وأصيب 20 آخرون في انفجار عبوة ناسفة زرعت في سوق شعبي لبيع القات، في مأرب شمال شرق اليمن .
وبحسب مصدر أمني يمني لـ"بوابة العين" الإخبارية، فإن انفجارًا عنيفًا وقع اليوم في سوق شعبي في مدينة مأرب، بعد زراعة مجهولين يعتقد صلتهم بالجماعات المتمردة عبوة ناسفة وسط سوق شعبي سقط على إثره أكثر من 20 قتيلاً وجريحاً جميعهم مدنيون.
وأضاف المصدر أن الانفجار الذي وقع في سوق لبيع القات تشير حصيلته الأولية للانفجار حتى الآن إلى سقوط 4 قتلى و20 جريحًا، بينهم اثنان في حالة حرجة.
وتمكن الجيش اليمني في فترة سابقة من كشف عدد من الخلايا الإرهابية لها علاقة مباشرة بالحوثيين وقوات علي عبدالله صالح كانت في مهمة زرع عبوات ناسفة في المدينة، بهدف إظهار المحافظات المحررة من الانقلابيين بأن فيها فشلًا أمنيًّا، ويغيب عنها الاستقرار.
التشيع الحوثي:

وفي سياق آخر عثرت قوات "الجيش الوطني" و"المقاومة الشعبية" بمحافظة تعز اليمنية، في بلدة "الصراري" التي سيطرت عليها الثلاثاء الماضي، على مسجد تاريخي حولته ميليشيات الحوثيين والموالون لهم من أبناء البلدة إلى مركز لإقامة الطقوس الدينية الشيعية، إلى جانب عدد من المراكز التعليمية والدعوية لنشر الفكر الحوثي.
وتقع بلدة "الصراري" في الجزء الجنوبي من المدينة، وسط جبل "صبر" ومديرية "المسراخ"، وتعدّ أحد أهم مراكز نشر التشيّع في محافظة تعز، خلال السنوات القليلة الماضية؛ نظراً لانتماء غالبية سكانها الهاشميين للمذهب الشيعي الجعفري، لكنها تحولت مؤخراً إلى مركز تجمّع للميليشيات الحوثية القادمة من أقصى شمال البلاد، وباتت مستودعاً لترسانتهم العسكرية.
وقال عدنان زريق، رئيس غرفة عمليات "المقاومة الشعبية" في تعز، خلال مؤتمر صحفي: إن القرية أصبحت "أشبه ما تكون بالأحواز في إيران، حيث أطبقت الميليشيات الحوثية عليها حصاراً خانقاً، وحاولوا فرض أفكار مستوردة على أهلها، وهذه الأفكار لم نعهدها في تعز".
وعلق أستاذ العلوم السياسية وإدارة الأزمات، الدكتور نبيل الشرجبي، على استماتة الحوثيين في بلدة "الصراري" بالقول: "قبل بضع سنوات، عندما بدأ المشروع الحوثي يتحول من مشروع سري إلى مشروع علني، كانت قرية "الصراري" حاضرة في كل ذلك المشهد بكل تفاصيله، وقد كانت تلك المنطقة نقطة الانطلاق التي بدأت منها حركة الحوثي الزحف والتحرك والحشد في مناطق وقرى ونواحي تعز الأخرى لتغيير وجهها الديني والثقافي والاجتماعي".
وتمكنت قوات "الجيش الوطني" و"المقاومة الشعبية" في تعز من السيطرة على بلدة "الصراري"، عقب معارك عنيفة قتل فيها ما لا يقل عن 6 من عناصر المقاومة، وإصابة أكثر من 7 آخرين، وعشرات القتلى والجرحى من طرف الحوثيين والموالين لهم، إضافة إلى أسر أكثر من 24 منهم.
الوضع الإنساني:

وعلى صعيد الوضع الإنساني، دعت الأمم المتحدة إلى هدنة إنسانية في محافظة تعز اليمنية بعدما انتزعت القوات الحكومية السيطرة على البلدة من المقاتلين الحوثيين إثر اشتباكات عنيفة.
وتسبب القتال في تعقيد محادثات سلام في الكويت؛ إذ أرجأ الحوثيون الرد على اقتراحات للمنظمة الدولية تدعوهم للانسحاب من المدن التي يسيطرون عليها، بما في ذلك العاصمة صنعاء وتشكيل حكومة تشمل كل الأطراف.
وعبر جيمس مكجولدريك منسق الشئون الإنسانية للأمم المتحدة في اليمن عن قلقه من تزايد سفك الدماء في محافظة تعز بجنوب غربي البلاد وإغلاق مدينة تعز عاصمة المحافظة.
وحث كل الأطراف المتحاربة على الاتفاق فورًا على "توقف إنساني" لحماية المدنيين، والتعاون مع الوكالات الإنسانية للمساعدة على علاج وإجلاء مصابي الحرب وتوصيل الأدوية المطلوبة بشدة إلى منطقة الصراع.
وحذر مكجولدريك من أن احتجاز المدنيين كرهائن وحرمانهم من المساعدة الإنسانية أمر لا يقره القانون الإنساني الدولي.
ويسيطر أنصار الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي على معظم مدينة تعز ثالث أكبر مدن اليمن، حيث كان يعيش نحو 300 ألف شخص قبل الحرب، لكن الحوثيين يطوقون المدينة من ثلاثة جوانب.
المسار التفاوضي:

وعلى صعيد المسار التفاوضي، خلال ثلاثة أيام، يُنتظر أن يتحدد مسار التسوية في اليمن، خلال مفاوضات الكويت، الاتفاق على خريطة طريق للحل ليكون بداية لإنهاء الصراع في البلاد، أو إعلان الأمم المتحدة فشل هذه الجولة وعودة القتال من جديد بعد ثلاثة أشهر على إبرام اتفاق الهدنة مع بداية المباحثات في الكويت.
ولأن لا شيء مؤكدا حتى الآن بشأن تقديم تنازلات حقيقية من الطرفين لإنجاز اتفاق للسلام، فإن الدول الراعية للسلام في اليمن تتحدث عن إمكان حدوث اختراق مهم خلال الأيام الثلاثة المقبلة بموافقة الجانب الحكومي والحوثيين، ومعهم أتباع الرئيس السابق على خطة تجمع بين مطالب الحكومة بأن تبدأ عملية السلام في الجانب العسكري والأمني، وبين مطالب "أنصار الله" و"المؤتمر الشعبي العام" بأن يكون الحل عبر تشكيل حكومة شراكة جديدة، تتولى الإشراف على انسحاب المسلحين من المدن وجمع الأسلحة والتحضير للانتخابات العامة.
ووفقا لهذه الرؤية، فإن الاتفاق المنتظر إذا كتب له النجاح سيكون شاملًا. ولكن تنفيذه سيكون وفق جدول زمني؛ حيث يتم تشكيل لجنة عسكرية تتولى استلام المدن والإشراف على تجميع الأسلحة والمسلحين، وفي الوقت نفسه تبدأ المشاورات لتشكيل حكومة جديدة وتسمية نائب للرئيس، تنقل إليه الصلاحيات كافة إلى حين انتخاب رئيس جديد للبلاد خلفًا للرئيس الحالي.
المشهد السياسي:

وعلى صعيد المشهد السياسي، قال مسئول في السجن المركزي اليمني بالعاصمة اليمنية صنعاء اليوم الأربعاء: "إن قوات تابعة للرئيس السابق علي عبدالله صالح، اقتحمت السجن وخطفت بقية شباب الثورة المسجونين على ذمة قضايا سياسية منذ العام 2011".
وما يزال العشرات من شباب الانتفاضة الشعبية التي أطاحت بحكم الرئيس علي عبدالله صالح، مسجونين في السجن المركزي، فيما ترفض سلطات جماعة الحوثيين المسيطرة على العاصمة، الإفراج عنهم.
وبحسب المسئول الذي أفاد «المصدر أونلاين»، فإن القوات التابعة للرئيس السابق، اقتحمت السجن بصحبة عدد من المدرعات، ومن ثم دخلت إلى عنابر السجناء، وكبلوا أيديهم وغطوا على أعينهم، ثم أخذوهم إلى منطقة مجهولة.
فيما كشف قيادي حوثي بارز سابق عن دور فاعل للإعلام الإيراني في توريط زعيم المتمردين عبدالملك الحوثي بمشروع الانقلاب على السلطة في اليمن.
وقال الناطق الرسمي للحوثيين في مؤتمر الحوار الوطني علي البخيتي: بعد دخولها صنعاء - في 21 سبتمبر 2014 - أصيبت الحركة الحوثية بالغرور، وخُيِّل لقائدها أن هذا تمكين من الله، وأطلق عليه بعض الإعلام الممول من إيران "سيد الجزيرة العربية"، فجمح شيطانه كثيراً ضارباً عرض الحائط بكل المعادلات الإقليمية والدولية التي تحكم اليمن منذ عقود، إضافة إلى الحساسيات المحلية الكثيرة تجاه حركته، مناطقية ومذهبية وسلالية، إضافة إلى ما قدموه وتعهدوا به في مؤتمر الحوار، معتقداً أن هناك ضوءًا أخضر من السماء، وعليه فقط أن ينطلق مسرعاً حتى لا تعاقبه السماء على التفريط، دون أن يدرك أن هناك رفضًا مجتمعيًّا واسعًا لحركته وأفكارها السلالية والعنصرية.
وأشار في منشور له على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" إلى أن مشروع الحركة تطور بالتوازي مع وضعها الميداني على الأرض، لافتًا إلى أن "الفكرة تحولت إلى سلطة تبطش وبقوة بكل من اختلف معها، وتحولت المواد الحقوقية التي تقدموا بها إلى مؤتمر الحوار الوطني إلى مادة مهمة لمحاكمتهم أخلاقيًّا عليها فكانوا أول من انقلب عليها".
وأضاف: "كان أقصى ما يتمنوه هو أن يكونوا شركاء في السلطة، وأن تحترم عقائدهم الخاصة؛ لذلك أفرطوا أثناء مؤتمر الحوار عام 2013 في تثبيت فقرات الشراكة في الحكم والمؤكدة على الحقوق والحريات بكل أشكالها، وبالأخص الحريات المذهبية، وأكثروا من النصوص التي تؤكد على حيادية مؤسسات الدولة وإعلامها ومؤسساتها التعليمية، بل قدموا رؤية علمانية بحتة نصت على أن الإسلام ليس دين الدولة في اليمن بل دين الشعب".
وخلص البخيتي إلى أن تحول الحركة السلالية إلى حركة وطنية تتجاوز معها كل الأبعاد الطائفية يعد شبه مستحيل "بالنظر إلى عقلية الحركة وحركتها على مستوى الواقع، وما تصدره من قرارات وتعيينات وترقيات تُجسد السلالية في أبهى صورها وأكثرها فجاجة، إضافة إلى ما يظهر في إعلامها والإعلام الرسمي الذي تسيطر عليه، والذي يثبت أن هناك استحالة في تحولها إلى حركة سياسية لا طائفية".
المشهد اليمني:
تدور في اليمن حرب أهلية لا تنتهي إلّا بتسويات معقولة، وهو ما يصعب التكهن به.. هل آن وقت التسويات؟ ويرى مراقبون أن مسيرة المفاوضات في الكويت، تعد مؤشرًا قويًّا على انسداد مبكر للجولة الثانية من مشاورات السلام في الكويت التي أجلت يوماً عن موعدها نتيجة اشتراطات وفد الحكومة بإيجاد "ضمانات" وفق المرجعيات الثلاث.
وطيلة الجولة الأولى من المشاورات، التي استمرت 70 يومًا، تمسك الوفد الحكومي بـ"انسحاب الحوثيين وقوات صالح من المدن اليمنية وتسليم السلاح الثقيل للدولة، وإنهاء الانقلاب وما ترتب عليه"، فيما يشترط الحوثيون "تشكيل حكومة وحدة وطنية يكونون شركاء فيها قبل الدخول في الإجراءات الأمنية".