البرلمان التونسي يقيل الحكومة وارتباك حول خليفة الصيد

الأحد 31/يوليو/2016 - 08:13 م
طباعة البرلمان التونسي
 
فى تطور طبيعى للأحداث السياسية التونسية، وبعد 18 شهرا من تسلمه رئاسة الحكومة سحب البرلمان التونسي الثقة من حكومة الحبيب الصيد، وهو ما يخشاه المتابعين من دخول البلاد في مرحلة جديدة من الارتباك، وهي تعاني من ازمة اقتصادية ومن تهديدات جهادية.
من المقرر ان يجري الرئيس الباجي قائد السبسي مشاورات على ان يكلف "الشخصية الاقدر" تشكيل الحكومة الجديدة، وسيعطى الرئيس المكلف مهلة ثلاثين يوما لتشكيل الحكومة.
البرلمان التونسي
تعرضت حكومة الصيد لانتقادات شديدة "لعدم فاعليتها"، وعندما اقترح الرئيس في يونيو تشكيل حكومة وحدة وطنية، تسارعت الخطى وعقدت اجتماعات مع الاحزاب الرئيسية دفعت باتجاه سحب الثقة من حكومة الصيد، ولم يتم تداول اي اسماء خلفا للصيد حتى الان.
يري محللون انه كما كان متوقعا فان سقوط الحكومة في البرلمان كان مدويا اذ انه من اصل 217 نائبا يتألف منهم مجلس نواب الشعب حضر جلسة التصويت 191 نائبا، وصوت 118 من هؤلاء ضد تجديد الثقة بالحكومة مقابل ثلاثة فقط اعطوها ثقتهم و27 نائبا امتنعوا عن التصويت، واعلن عدد من النواب بينهم نواب الجبهة الشعبية اليسارية المعارضة مقاطعة التصويت على الثقة مباشرة قبل الاقتراع.
كانت احزاب عدة بينها احزاب الائتلاف الحكومي الاربعة: نداء تونس والنهضة وآفاق تونس والاتحاد الوطني الحر، اعلنت عزمها على عدم تجديد ثقتها بالحكومة، واشد العديد من النواب بـ"نزاهة" الصيد لكنهم انتقدوا حكومته خصوصا في طريقة تعاطيها مع الفساد والبطالة.
من جانبه دافع الصيد عن عمله بشكل حازم امام النواب وهاجم الاحزاب السياسية التي اتهمها بتجاهل التقدم الذي تحقق على قوله ضد الارهاب وغلاء المعيشة وكذلك على صعيد وضع خطة خمسية.

البرلمان التونسي
قال  الصيد أن الهدف لهذه الحكومة هو ان تدوم في الزمن لان الوضع في بلادنا يحتم الاستمرارية، مؤكدا أن كل تبديل عنده انعكاسات سلبية وسلبية جدا على اقتصادنا وعلى سمعتنا في الداخل والخارج، واذ اكد انه لا يعارض المبدأ، أضاف الصيد بقوله: فوجئت  بمبادرة رئيس الجمهورية بتكوين حكومة وحدة وطنية، وهذه المبادرة اثارت شكوكا حول المستقبل وشلت عمل الحكومة.
أضاف الصيد الذي قاطعه النواب مرارا بالتصفيق انه تعرض لضغوط لحمله على الاستقالة، منددا بالعمل على التخلص منه، وقال ان الهدف من مبادرة الرئيس بات "تغيير رئيس الحكومة".
ونسب مقربون من الصيد الضغوط التي تعرض لها الى اوساط نجل الرئيس حافظ القائد السبسي القيادي في حزب "نداء تونس".
ويري محللون انه مع سحب الثقة من الحكومة داخل البرلمان قدم على انه "درس في الديموقراطية" في بلد عرف الديكتاتورية لعقود طويلة، فان هذا لم يحل دون تنامي المخاوف من الدخول في مرحلة عدم استقرار.

البرلمان التونسي
وأكد مراقبون انه على مختلف القوى السياسية والمدنية قبل الانزلاق في الفوضى السياسية ان تدرك جديا ان تونس تمر بادق مرحلة من مراحل تاريخها في ظل مشهد حزبي بائس وخطير، ولابد من تجنب الفوضى باي ثمن، والتوافق سيتكرس عبر تركيبة يعدها الشيخان" في اشارة الى الرئيس وزعيم النهضة راشد الغنوشي.
كانت حكومة الصيد واجهت انتقادات حادة داخل تونس بسبب ما قيل إنه فشل في القضاء على الأزمة الاقتصادية والبطالة، والحد من الهجمات المسلحة التي نفذها جهاديون، ويبدو أن تلك النتيجة كانت متوقعة إلى حد كبير إذ قال الصيد قبيل الجلسة إنه يعلم أن التصويت سيكون ضده، لكنه يريد البت في مستقبل الحكومة بطريقة دستورية وليس المغادرة تحت الضغوط.
وشهدت الحكومة تعديلا وزاريا في يناير الماضي، وذلك بعد أحداث شغب ومظاهرات احتجاجية على خلفية غلاء المعيشة والبطالة والأزمة الاقتصادية التي تمر بها تونس، وأعلنت حالة الطوارئ في البلاد منذ شهر نوفمبر الماضي، عقب هجوم مسلح خلف 12 قتيلا من عناصر الحرس الجمهوري، كما قتل 59 شخصا أغلبهم سواح أجانب العام الماضي في هجوم على المصطافين في شاطئ سوسة، وهي هجمات تبناها تنظيم ما يسمى الدولة الإسلامية، وتورط فيها مسلحون تونسيون.
كما تعرضت تونس لعنف متزايد منذ ثورة 2011 التي أطاحت زين العابدين بن علي ما أسفر عن مقتل العشرات من رجال الشرطة والجيش والمدنيين.

البرلمان التونسي
ويري محللون انه وسط الغموض التي يكتنف هوية رئيس الحكومة القادم في تعددت التسريبات حول الأسماء المرشحة لذلك، ورغم التكتم الشديد من دائرة الحوار، فإنه من حين لآخر يقع تداول أسماء لكنها سرعان ما تتراجع فاسحة المجال لأسماء أخرى آخرها وزير من حكومة النظام السابق بن علي، ووفق تسريبات غير رسمية، فإن عدة أسماء مرشحة لترؤس حكومة الوحدة الوطنية خلفا للحبيب الصيد من بينها  سليم شاكر وزير المالية الحالي في الحكومة الحالية ويوسف الشاهد وزير التنمية المحلية اضافة الى سليم العزابي مستشار رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي وصهره.
 وفى هذا السياق يري المحلل السياسي محمد بوعود أن هناك خلافات حول بعض الأسماء بين الأحزاب السياسية خاصة بين كتلة نواب حزب نداء تونس بالبرلمان المصرّين على تعيين واحد من بينهم، وبين نجل الرئيس حافظ قائد السبسي المصر على تعيين سليم شاكر، وبين باقي أطراف الحوار، المصرين على رئيس حكومة من خارج النداء.
  ويطرح محللون اسم كاتب الدولة بوزارة الخارجية الأسبق ووزير التربية في آخر حكومة لبن علي، حاتم بن سالم، الذي يرأس الآن معهد الدراسات الإستراتيجية، يعد من أحد أهم الخيارات التي يمكن أن يعوّل عليها الرئيس والتي قد تحظى بتوافق، خاصة في خضم الخلافات الكبيرة حول باقي الأسماء.
 

شارك