اليهود الأكراد يطالبون اليونسكو والأمم المتحدة بحماية قبر النبي "ناحوم" من الإهمال و"داعش"
الإثنين 01/أغسطس/2016 - 05:32 م
طباعة
طالب ممثل الشئون اليهودية في وزارة الأوقاف والشئون الدينية بإقليم كردستان/ العراق، المنظمات الراعية للتراث التاريخي في الأمم المتحدة، ومنظمة اليونيسكو، وحكومة إقليم كردستان وجميع ممثلي البلدان في الإقليم بالمساعدة لمنع دمار قبر ناحوم التاريخي في مدينة القوش التابعة لمحافظة نينوى، مشيرًا إلى أن هذه البناية ليست مجرد عقار يهودي، بل هي تخص الإنسانية والتاريخ، بحسب بيان صدر عن الممثلية. وجاء فيه: "نحن الممثلين للشئون اليهودية في وزارة الأوقاف والشئون الدينية بحكومة إقليم كردستان، قمنا وبالتنسيق مع مهندسين وخبراء مختصين ببعض الدراسات لهيكلية المبنى، والآن لديهم تقريرهم الذي يؤكد أن المبنى معرض للدمار خلال عدة أشهر أو أقل".
ودعا البيان "المنظمات المعنية بالتراث التاريخي، الأمم المتحدة، منظمة اليونيسكو، وحكومة إقليم كردستان وجميع ممثلي البلدان في الاقليم بالمساعدة لمنع دمار هذا الصرح التاريخي؛ لأن هذه البناية ليست مجرد عقار يهودي، بل هي تخص الإنسانية والتاريخ".
وتابع البيان أن "اقدم موقعًا أثريًّا لليهود الأكراد يقع في مدينة القوش الواقعة بين المحافظات الثلاث اربيل، دهوك، نينوى. وهذا المكان هو قبر النبي ناحوم والذي وضع في مبنى يعود تاريخه لأكثر من 1500 عام، وأعيد بناؤه بنفس النمط القديم والكلاسيكي".
وأضاف البيان أن "مساحة البناء تبلغ حوالي 1000 متر مريع وهي قبر للنبي ناحوم وأخته سارة، بالإضافة إلى بعض الدوائر التي كانت في الماضي كمعهد ومؤسسات لدراسة اللغة والمعبد"، متخوفًا من أن "هذا المبنى والمعبد والقبر مهددة بالدمار خلال فترة زمنية قصيرة جدا قد لا تتجاوز الشهر".
وقال ممثل اليهود في وزارة الأوقاف ورئيس الطائفة اليهودية في الإقليم شيرزاد مامساني: إن عددهم يصل إلى نحو خمسين عائلة تلتقي أيام السبت في معبدها الموجود في إحدى ضواحي أربيل.
واليهود الأكراد وهم اليهود الذين تعود أصولهم إلى مناطق كردستان في شمال العراق وشمال غرب إيران وجنوب شرق تركيا وشمال شرق سوريا، وقد كانوا يتكلمون باللغات الآرامية والكردية والعبرية والآذرية، ويعيش أغلبهم حالياً في إسرائيل.. يستقر اليهود الأكراد في كردستان في مناطق عدة منها الموصل، واربيل، ودهوك، وزاخو، والسليمانية، فقد كان لهم فيها حي خاص باسم (كه ره كي جوله كان) ومعناه حي اليهود، وكركوك وفي منطقة ديالي، وعلى وجه الخصوص في مدينة خانقين. وقد انتشروا في حوالي مئتي قرية بين العرب والأكراد والأتراك والإيرانيين، وطوائف دينية مثل الكلدان واليعاقبة والشبك والإيزيديين. وكانت في كردستان شوارع تحمل أسماء يهودية في كثير من المدن.
وقد تمركزت الحياة الروحية لليهود حول الكُنس، وعُرف رئيس الطائفة حتى القرن التاسع عشر باسم الرئيس أو الحاكم، من ثم تولى رئاسة الطائفة الحاخام، وكان يهود كردستان خاضعين في شئونهم الدينية إلى الرباني في بغداد.. كانت لغة المخاطبة ليهود كردستان هي الآرامية الممزوجة بمفردات عربية وكردية وعبرية وفارسية وتركية، أطلقوا عليها اسم "لشون ترجوم". وعمل يهود كردستان على فتح مدارس دينية وعلمية عدة في مناطق تواجدهم، وقد افتتحت شركة (كل إسرائيل رفاق) مدارس في مدن الموصل في سنة 1900م وسنة 1906م وفي كركوك في سنة 1912م. ظهر منهم العديد من العلماء الذين اهتموا بمختلف العلوم، ومن أبرزهم الرباني شموئيل بن نتنال اللاوي برزاني وابنته أسنت التي كانت رئيسة يشيبة (مدرسة) في الموصل، في بداية القرن السابع عشر، والرباني فنحاس بن الرباني إسحاق حريري وابنه الرباني جرشوم بن الرباني رحميم، والرباني شموئيل بن شمعون عجميا، والرباني باروخ وغيرهم الكثير وتعرض يهود كردستان إلى موجات من العنف والاضطهاد عبر تاريخهم من قبل الحكام الإقطاعيين. وسلبت أموالهم بالقوة؛ لذا لجئوا إلى طلب الحماية من رؤساء العشائر الذين سموا بـ (الأغوات) الذين كانوا أصحاب قوة ونفوذ، غير أنهم فرضوا ضرائب ثقيلة على اليهود الموجودين تحت حمايتهم، دفع سوء الوضع الأمني الذي عاشه يهود كردستان إلى ارتحالهم من مكان إلى مكان من القرى الصغيرة إلى الكبيرة ومنها إلى المدن الكبيرة.
لم يكن الوضع الاقتصادي لليهود مزدهراً؛ إذ عاش معظمهم في حالة من الفقر، فامتهن المتمدنون منهم التجارة والصناعة، فمنهم النساجون والصباغون والصاغة والاسكافيون والحمالون ودباغو الجلود والحاكة والصيارفة والمعلمون، والمزارعون منهم عملوا على تربية المواشي وزراعة الرز والعدس والسمسم والتبغ وما شابه ذلك، وفي زاخو كانت لهم سوق خاصة بهم تسمى (شوكت هوديعي) ومعناه المحل اليهود، وفي بعض الأحيان كانت لهم بساتين وحدائق وقطعان من البقر والضأن، كما قامت قرى فلاحية كان جميع سكانها من اليهود، كسندور وسندوخا، وفي أوقات الشحة والأزمات كان البعض منهم يقصدون مدينة بغداد للبحث عن عمل كخدمٍ في بيوت الأغنياء. إذ امتاز اليهود الأكراد بكونهم أصحاء وأقوياء ومؤهلون لكل عملٍ قاسٍ. أمازيهم فهو الزي الكردي ولا يختلفون عنه إلا في الملابس الدينية، وظلت في كردستان قبور الأنبياء التوراتيين ومراقدهم محط اهتمام اليهود إلى يومنا هذا مثل (النعوم) في اليخوش، والنبي (يونس) في نينوى القديمة،- الذي فجره داعش في الموصل- و(دانيال) في كركوك، و(حبا كوك) في تويسر كان، والملكة (أستر) و (مردوخاي) في همدان وغيرها. ومنذ أربعينيات القرن العشرين هاجر يهود كردستان إلى شتى بقاع العالم، وأصبح عددهم قليلاً جداً، وبعد مرور ما يزيد عن خمسين سنة على هجرتهم لا يعرف الجيل الحالي في كردستان عنهم إلا القليل، وقد اختفى أي أثر لأناس عاشوا على أرض النهرين لآلاف السنين مع أبناء الأديان والطوائف الأخرى.