حزب النور.. "قرض البنك الدولي".. حلال لمرسي حرام على السيسي

الخميس 04/أغسطس/2016 - 02:10 م
طباعة حزب النور.. قرض البنك
 
في محاولة من الدولة لإيجاد حلول للأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد، قامت الحكومة المصرية خلال الأيام القليلة الماضية بمحاولات للتفاوض مع البنك الدولي للحصول على قرض بقيمة 12 مليار دولار، ونتيجة لتلك المفاوضات شن الدكتور يونس مخيون، رئيس حزب النور، هجومًا على قرض النقد الدولي، مؤكدا أن القرض يعتبر عبئًا ثقيلًا على أي دولة، ليس على الجيل الحاضر فقط، بل على الأجيال القادمة المتعاقبة بما يترتب عليه من التزامات مالية وتبعية سياسية من شأنها تكبيل القرار السياسي والتحكم في إرادة الشعوب، لافتا إلى أن هذا القرض الذي يحدد فائدة ثابتة يعتبر ربًا صريحًا لا يجوز الإقدام عليه.
الدكتور يونس مخيون،
الدكتور يونس مخيون، رئيس حزب النور
وتساءل رئيس حزب النور في بيان له اليوم نشره عبر صفحته "هل رفع تصنيف مصر الائتماني وكسب الثقة العالمية، ليس له طريق إلا الاستدانة والاقتراض من صندوق النقد الدولي والمؤسسات المالية العالمية؟"، موضحًا أن غالبية الدول- إن لم تكن كل الدول- التي تعاملت مع مثل هذه المؤسسات المالية ورضخت لشروطها والتزمت بتوصياتها انتهى بها الأمر إلى تفاقم الأزمة والفشل والانهيار وربما إعلان الإفلاس، ولم ترَ هذه الدول نموًا ولا تقدمًا ولا استقرارًا، موضحًا أن لمصر تجربتين سابقتين عام 1977 وعام 1991.
وتابع: "غالبًا ما تتجه الدول المقترضة إلى سياسة الخصخصة وبيع القطاع العام، وتقليص دور الدولة في السيطرة على السوق الانتاجي، وكذلك تخفيض قيمة العملة ورفع الدعم عن السلع الأساسية، وزيادة الضرائب، ما يكون لهذه الإجراءات من أسوأ الأثر على الطبقات الفقيرة والمتوسطة، وسيطرة رأس المال الطفيلي على السوق"، مستنكرا: "الحكومة التي أوصلتنا إلى هذه الأزمة وفشلت في إدارة معظم الملفات، هل تنجح في تدوير هذا القرض والاستفادة منه بما يعود بالنفع على المواطن المصري المطحون؟ أم سوف يزيد البلاء بلاء؟".
البنك الدولي
البنك الدولي
وتابع: "هذا القرض الذي يحدد فائدة ثابتة يعتبر ربًا صريحًا لا يجوز الإقدام عليه، إلا باعتبار الضرورة"، مستدركا: "هل وجدت الضرورة وفق تقدير أهل الخبرة والاختصاص من الاقتصاديين؟".
وأوضح: "نحن جميعًا حريصون على أن تخرج مصر من هذه الأزمة وأن يتعافى الاقتصاد المصري وأن تضع مصر قدميها على طريق النمو وأن يتمتع المواطن المصري بعيشة آدمية كريمة، ولكن لا بد من التنبيه على بعض الأمور، أولاً: أن الإصلاح الاقتصادي قرين الإصلاح السياسي فهما قرينان وتوأمان لا ينفصلان، فلا يمكن تحقيق إصلاح اقتصادي بدون إصلاح سياسي يقوم على الشفافية والمشاركة الحقيقية والعدالة الاجتماعية بل العدل بكل صوره، وإعلاء قيمة الحريات وحقوق الإنسان والانحياز للفقراء والطبقات المهمشة المعدومة".
واستكمل: "ثانيًا: لا بد من قطع أذرع الفساد واقتلاع جذوره التي تغلغلت في كل مؤسسات الدولة بصورة تعيق كل فرص التغيير وتقطع كل أمل في الإصلاح، وأعتقد أننا لو اقترضنا كل ما في خزينة المؤسسات المالية العالمية سوف تبتلعها بالوعات الفساد المفتوحة على مصراعيها ولن يكون نصيب المواطن من هذه القروض إلا دفع الفاتورة، وثالثًا: مع الإصلاح الاقتصادي يجب إصلاح المنظومة القيمية، والأخلاقية للشعب المصري التي أصابها كثير من الخلل والتصدع بل والانهيار، فبناء الإنسان مقدم على رفع البنيان وبناء البشر قبل بناء الحجر، فالإنسان هو الركيزة الأولى والرئيسة لأى منظومة إصلاح، ورابعًا: قبل اللجوء إلى حلول جزئية قصيرة الأمد لا بد من وجود رؤية اقتصادية متكاملة للنهوض بمصر اقتصاديًا ووضع قدمها على طريق النمو والتقدم كما فعلت بلدان أخرى، كانت ثم أصبحت، مع تبني الدولة سياسات اقتصادية واضحة المعالم للخروج من هذه الأزمة".
وتابع: "الأمر يحتاج إلى حوار مجتمعي حقيقي، وإلى إنشاء مجلس متخصص أو مجموعة اقتصادية أو ورشة عمل "تحت أي مسمى" تجمع خبراء اقتصاد مصريين من الداخل والخارج وسياسيين ومستثمرين ورجال أعمال على اختلاف توجهاتهم للخروج برؤية اقتصادية واضحة تسير عليها البلاد وتوضع أمام متخذي القرار".
ياسر برهامي نائب
ياسر برهامي نائب رئيس الدعوة السلفية
وبعيدًا عن الاتفاق أو الاختلاف مع ما يقدمه مخيون وهجومه على القرض والحكومة، لا بد لنا من العودة إلى موقف الدعوة السلفية وحزب النور من الاقتراض من البنك الدولي في عهد المعزول محمد مرسي حيث إن هذه الدعوة السلفية التي تحرم الفوائد والقروض والضرائب الآن هي من وافقت على قرض البنك الدولي وقتما كانوا يتصدرون السلطة ولديهم أكثرية بالبرلمان وكان المعزول مرسي في سدة الحكم، ففي أغسطس 2012، أفتى الشيخ ياسر برهامي، نائب رئيس الدعوة السلفية، بأن فوائد قرض صندوق النقد الدولي والذي ستحصل عليه مصر "ليست رِبًا محرمًا"، موضحًا أن فائدة قرض البنك الدولي المقرر أن تحصل عليه مصر خلال أشهر عبارة عن نسبة "1.1%" وهي ما يعتبر في الصندوق مصاريف إدارية أو منحة، قائلاً: "أما القروض الربوية فهي ذات الفائدة المتفاوتة التي قد تصل إلى 16% و20%. وأضاف برهامي في فتوى له أن الربا قليلُه وكثيرُه محرم، لقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِى مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ). موضحًا أن مصاريف كتابة الدين والانتقال لتحصيله إذا تحملها المقترض ليست ربًا، قائلاً: "في الزمن الحديث صارت القروض بين الدول، وكذا بين رجال الأعمال والاقتصاد، وغير ذلك، تتولاها مؤسسات مالية ضخمة تدرس ظروف الدولة المقترِضة واحتياجاتها لإصلاح اقتصادها، وإمكانية التسديد وزمنه، ودرجة الفساد المنتشر فيها، لمنع وصول القرض إلى جيوب المنتفعين الفاسدين دون الانتفاع الحقيقي للدولة".
حزب النور.. قرض البنك
وقال نائب رئيس الدعوة السلفية: إذا كانت المصاريف الإدارية في حدود هذه النسبة المعروضة (أقل من 2%) فهي ليست ربًا محرمًا، وأما إذا كانت بغرض الانتفاع بإقراض المال أو إذا كانت لا توجد مؤسسة تحتاج لنفقات فهي ربًا محرم. مطالبًا بالبحث في شروط القرض المقدم من الناحية الاقتصادية التي يشترطها البنك، وهل هي تلبي مصالح مصر واقتصادها أم لا؟ مؤكدًا أن تحديد مدى نفع القرض من ضرره مسئولية الحكومة والرئيس، قائلاً: لأننا لم نشارك في الحكومة، ولا يوجد مجلس شعب يناقش الأمر. وأكد برهامي حينها أن الدعوة السلفية لم تطلع على شروط هذا القرض وملابساته وحجم ما يعود على البلاد من جلب منفعة أو دفع مضرة، مضيفًا: "لا نستطيع أن نجزم بالمصلحة أو المفسدة دون اطلاع ومراجعة الاقتصاديين المتخصصين في ذلك، فهي إلى الآن مسئولية الحكومة والرئيس".
والسؤال الجوهري الذي لا بد له من إجابة: لماذا تغير موقف الدعوة السلفية من الرئيس عبد الفتاح السيسي وحكومته؟ وهل هذا التغير المفاجئ يحمل بين طياته تعاونًا مع قوى إسلامية أخرى لزعزعة نظام الحكم؟

شارك