الضربات الأمريكية في سرت.. هل بداية لـ"دحر" داعش ليبيا؟
السبت 06/أغسطس/2016 - 06:28 م
طباعة

بات القلق والتوتر الدولي من التنظيم الإرهابي "داعش" يلوح في أفق كافة البلاد سواء كانت عربية أو أوروبية؛ لذلك نفذت أمريكا ضرباتها الجوية على معاقل التنظيم في سرت الليبية، الأمر الذي طالبت به حكومة الوفاق الليبية ورفضه البرلمان الليبي في شرق البلاد، وقال رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا مارتن كوبلر مساء أمس الجمعة 5 أغسطس 2016: إن الحرب التي تخوضها البلاد مع فرع تنظيم الدولة "داعش" ليست حربها وحدها، بل حرب الأوروبيين أيضًا.

وكتب كوبلر على صفحته الرسمية في موقع تويتر القادة على حق وهذه حرب لأوروبا أيضًا، قائلًا: "قلق جداً من العدد الكبير للجرحى في الحرب على داعش".
ودعا كوبلر البلدان الأوروبية إلى مساعدة ليبيا في معالجة حالات الجرحى المستعصية، مضيفًا أن العديد من الجرحى يتلقون العلاج في الدول المجاورة، داعيًا الدول الأوروبية أيضاً على معالجة الحالات المستعصية في بلدانهم.
يأتي ذلك في وقت لا زالت حكومة الوفاق لم تحظ بثقة البرلمان المعترف به دوليًّا في الشرق؛ حيث فشل عدة مرات في عقد جلسة كاملة النصاب للتصويت على هذه الحكومة وإجراء التعديل الدستوري لتنفيذ الاتفاق السياسي.
وتعتبر ليبيا هي أحد المعاقل المهة لتنظيم داعش الإرهابي نظرًا لموقعها الاستراتيجي الأمر الذي جعل أمريكا تبدأ في دحر التنظيم الإرهابي عن طريق ليبيا، كما تأتي الضربات الأمريكية لتسهيل عمل قوات عملية "البنيان المرصوص" التي بدأت عملياتها ضد داعش منذ مايو الماضي وهدفها الأساسي تحرير سرت من تنظيم داعش، خاصة المواقع الاستراتيجية التي يحتلها.
وتعد هذه العمليات العسكرية الأمريكية ضد داعش في ليبيا الأولى التي تنفذّ بالتنسيق مع حكومة الوفاق الليبية، إلا أنها ليست بالأمر الجديد إذ سبق وأن أعلن "البنتاغون" تنفيذ غارات على تمركزات للمسلحين في مناطق مختلفة في ليبيا كان آخرها الضربة التي شنتها على معسكر لتنظيم داعش في مدينة صبراتة.
وكان رئيس الحكومة فايز السراج، طالب، المساعدة من الولايات المتحدة؛ حيث جاء ذلك بناء على تنسيق جرى مع غرفة عمليات البنيان المرصوص والمفوض بوزارة الدفاع في حكومة الوفاق الوطني العقيد المهدي البرغثي.
وأعلن السراج عن بدء الطيران الأمريكي تنفيذ أولي ضرباته الجوية ضد مواقع وتمركزات التنظيم في سرت على أماكن محددة أوقعت خسائر فادحة في صفوف التنظيم، مشيرًا إلى أن هذه المساعدة تأتي في إطار زمني محدد، مؤكدًا أن التدخل الأمريكي يستهدف تنظيم داعش في مدينة سرت وضواحيها فقط.
وتكافح القوات الحكومية الليبية سواء منها الموالية لحكومة الوفاق الوطني أو الجيش الليبي الذي يقوده حفتر، منذ أشهر لأجل تضييق الخناق على تنظيم داعش واستعادة السيطرة الكاملة على مدينة سرت، إلا أن التنظيم أبدى مقاومة شديدة معتمدا على العمليات الانتحارية وزرع الألغام و العبوات الناسفة وكذلك على صلابة المعاقل التي يتحصن فيها.
وفيما حذر خبراء من محاولة تنظيم "داعش" اتخاذ ليبيا معقلًا جديدًا له مع تضييق الخناق عليه في سورية والعراق، لكن القوات الليبية تقول إنها تحقق تقدما في حربها على مسلحي داعش على عدة جبهات.
وكانت أعلنت وزارة الدفاع الأميركية البنتاجون الأسبوع الماضي أنها شنت ضربات جوية على معاقل التنظيم المتشدد في سرت بطلب من حكومة الوفاق الوطني.

وقال وزير الخارجية الإيطالي باولو جينتيلوني الثلاثاء: إن بلاده سوف تدرس السماح للولايات المتحدة باستخدام قاعدة جوية في جزيرة صقلية لضرب أهداف لداعش في ليبيا، إذا طلبت واشنطن ذلك.
في هذا السياق قالت صحيفة إندبندنت البريطانية: إن ليبيا وليست سوريا هي الخط الأول للقتال ضد تنظيم داعش الآن مع ازدياد عدد مقاتلي التنظيم في ليبيا، واعتبار الدول الغربية أن منع شبكات "الإرهاب" من استخدام البلاد قاعدة لضرب أوروبا أمر ملح، مشيرة إلي أن إيطاليا وافقت الأربعاء الماضي على الرد الإيجابي على أي طلب أمريكي لاستخدام مجالها الجوي وقواعدها الجوية لتنفيذ عمليات قصف ضد تنظيم الدولة في ليبيا بعد سلسلة من الضربات الجوية الأميركية ضد مقاتلي التنظيم بمدينة سرت الساحلية.

الصحيفة ذكرت أن القصف الأمريكي لسرت، والذي وصفه الرئيس الأمريكي باراك أوباما بأنه يخدم المصالح القومية الحيوية للولايات المتحدة- كان متوقعًا أن يكون أول تحرك في هجوم دولي مستمر ضد تنظيم الدولة خارج العراق وسوريا.
وأضافت أنه ورغم أن هذا القصف ليس الأول أمريكيا ضد تنظيم الدولة في ليبيا فإنه مؤشر على التزام غربي يزداد باستمرار للحكومة الليبية الجديدة على الصعد العسكرية والسياسية والاقتصادية، مشيرة إلي أن الوضع الأمني في ليبيا كان إحدى القضايا الرئيسية بأجندة القمة التي جمعت بين رئيسي أمريكا وفرنسا ورئيسي وزراء إيطاليا وبريطانيا والمستشارة الألمانية في أبريل الماضي والتي كانت تستهدف إعادة الاستقرار والنظام إلى ليبيا.
الصحيفة أيضًا تطرقت إلى قول وزير الدفاع البريطاني مايكل فالون إنه يجب عمل كل ما يمكن لإعادة الاستقرار إلى ليبيا، بما في ذلك إرسال قوات بريطانية لتدريب قوات هناك تحت قيادة الحكومة الليبية الجديدة، مشددًا على أن تنظيم الدولة بليبيا "تهديد مباشر لبريطانيا ودول غرب أوروبا عموما، ولدينا مصلحة كبيرة في استقرار ليبيا"، مضيفة أنه ومع العمليات العسكرية ناقشت الدول الخمس خطة أوسع لاستقرار ليبيا تشمل زيادة إنتاج النفط لإنقاذ الاقتصاد، ووقف اللجوء والهجرة إلى أوروبا.
ووفق مراقبين فإن التدخل الأمريكي سيقتصر على توجيه ضربات جوية دون تواجد عسكري على الأرض، والاكتفاء بالدعم اللوجستي والفني بالتنسيق مع حكومة الوفاق الوطني.
فيما يرى آخرون أن التدخل الجوي الأمريكي سيأتي بنتائج عكسية؛ لأن حكومة الوفاق تعمل بدعم خارجي، وقد يستغل بعض المعارضين الموقف للتشكيك في شرعية الحكومة، إذ أنها لم تحصل على الدعم الكامل من جميع الأطراف ولم تحصل بعد على موافقة مجلس النواب في الشرق كما هو منصوص في الاتفاق السياسي.
وكان اتهم عددٌ من الليبيين حكومة الوفاق، بأنها مجرد غطاء سياسي لتدخل عسكري أجنبي في البلاد، وبالأخص أنها تحظى بدعم دولي كبير بعكس حكومة الشرق، ولكن السراج قد أعلن مرارًا وتكرارًا رفضه لأي تدخل عسكري في بلاده، مؤكدًا أن طلباتهم ستقتصر على طلب المساعدة لتدريب القوات الليبية ورفع حظر التسليح عن القوات التابعة لهم، لتأتي الضربات الجوية الأمريكية وتكشف مخططات الحكومة الجديدة.