قراءة في دوافع استهداف "حسم" الإرهابية لعلي جمعة
السبت 06/أغسطس/2016 - 07:12 م
طباعة

في مسلسل دموي جديد يدخل ضمن محاولات الجماعات الإرهابية استهداف الشخصيات العامة في مصر، حيث أردت حركة "حسم" الإرهابية أن تقوم به عبر محاولة اغتيال مفتي الديار المصرية السابق علي جمعة، أثناء توجهه لأداء صلاة الجمعة، برزت تساؤلات عن أسباب الحركة في القدوم على مثل هذا العمل الإجرامي، خاصة أن علماء الأمة الدينيين لم يكونوا في مرمى نيران تلك الجماعات، إنما النيرانهم كانت موجهة إلى ضباط الجيش والشرطة والقضاة.

وجمعة هو أول قيادة دينية إسلامية بارزة تتعرض لمحاولة اغتيال بعد ثورة 30 يونيو 2013، وقد ذكرت تقارير أن اسم شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب ورد ضمن قائمة اغتيالات قالت سلطات التحقيق إن خلية إرهابية مرتبطة بجماعة الإخوان، قالت غنها كانت تنتوي استهدافهم خلال الفترة الماضية.
ويبدو أن تلك الجماعات الإرهابية أرادت توجيه ضربات جديدة للدولة المصرية، عبر استهداف رجال الدين الذين يعتبرون أحد ركائز الدولة المصرية في مواجهة الفكر المتطرف وتفنيده، خاصة أن رمزي الدين في الدولة المصرية، الإمام الاكبر، شيخ الجامع الأزهر أحمد الطيب وبابا الأسكندرية بطريك القرازة المرقسية، تواضروس الثاني، كانا أحد الوجوه التي ظهرت في بيان 3 يوليو 2013 الذي أعلن انتهاء حكم جماعة المسلمين.
اللافت للنظر إلى أن عدد من القساوسة في سيناء كانوا في مرمي الجماعات الإرهابية، خلال الفترة الماضية ومع ذلك ظلت المحاولات مستمرة دون اتخاذ أي إجراءات تحول دون استمرار تلك المحاولات، خاصة أن حركة "حسم" التي تبنت العملية ونشرت في اعقابها صور لمنفذي العملية أثناء محاولتهم عملية الاستهداف، قالت إن سبب فشل المحاولة جاء لظهور مدنيين فى المشهد، فضلاً عن احتماء جمعة بالمسجد، وأن العملية كانت تستهدف المفتى السابق وطاقم حراسته.

ورجّح مراقبون أن تكون العملية كانت رداً على إعلان قوات الجيش قتل زعيم تنظيم "داعش سيناء" أبو دعاء الانصاري، فيما قال الرئيس عبدالفتاح السيسي خلال حضوره احتفال مرور 60 عام على تأميم قناة السويس، وعام على حفر التفريعة الجديدة لقناة السويس، أن محاولة استهداف جمعة، كانت تستهدف إفساد فرعة المصريين بالاحتفال بذكرى شق التفريعة الجديدة.
كان أربعة مسلحين ملثمين أطلقوا أكثر من 50 طلقة من بنادق آلية صوب المفتي السابق، لدى دخوله المسجد لأداء صلاة الجمعة أمس الجمعة، لكن الطلقات لم تصبه، وجرحت واحداً من حراسه وقف أمامه ليصد عنه الهجوم، واتهم جمعة الذي عُرف عنه عداءه الشديد لجماعة الإخوان، التنيظم بالوقوف وراء العملية.
وقد ربط مراقبين بين محاولة الاغتيال وعداء جمعة الشديد لجماعة الإخوان، لكن الغخوان لم تعلن حتى هذه اللحظة موقفها من محاولة الاغتيال، فيما ربط أخرون بين الحركات الإرهابية الجديدة التي ظهرت خلال الفترة الماضية مثل (حسم – ولع – مولوتوف) وجماعة الإخوان.

جمعة قال صراحة: "أعرف عن الإخوان ما لا يعرفونه عن أنفسهم… من عشرتي معهم ومع قياداتهم وأفرداهم أقول: إنهم أناس سفلة"، واعتبر محاولة اغتياله محاولة لترهيب المصريين.
وأعلنت في وقت سابق جماعة إرهابية تطلق على نفسها اسم "سواعد مصر – حسم"، مسؤوليتها عن محاولة الاغتيال، وقالت في بيان على حسابها على موقع "تويتر": "ظهور عموم المدنيين وهرولتهم نحو المسجد منعنا من الإجهاز عليه… غير أن القادم لن يفلت منه"، وتبنت "حسم" خلال الفترة الماضية عمليات اغتيال ضابط شرطة، بينهم ضابط شرطة في محافظة الفيوم جنوب مصر الشهر الماضي، ونشرت الحركة صورة لمسلحين يحتميان بالنخيل قالت إنها لمحاولة اغتيال المفتي السابق.
وقالت الحركة الإرهابية، إن الشيخ علي جمعة هو شيخ ومفتي الإعدامات، وأن العملية كانت تستهدف جمعة لذلك السبب.
من هي حركة "حسم"؟

حركة "حسم" تُطلق على نفسها، "حركة سواعد مصر"، وتنتهج أسلوب العمليات البدائية، وغير المتطورة، الأمر الذي بدا خلال بيانها الأول فى يوليو الماضى، حيث استهدفت رائد شرطة في مركز طامية بمحافظة الفيوم، ما يشير إلى أن بداية الحركة تنظيميا ربما يرتبط بالمحافظات الإقليمية.
البيان الأول للحركة استهدف بدافع الثأر الرائد محمود عبد الحميد رئيس مباحث مركز شرطة طامية، فضلاً عن إصابة اثنين من مرافقيه، وقالت وقتها إن تصفيتهم جاءت جزاءً ما فعلوه من انتهاكات.
وتضع حركة "حسم" على موقعها الإلكترونى شعار "نحن قدر الله النافذ إليكم" و"بسواعدنا نحمى ثورتنا"، فيما وصفت الحركة بياناتها التى تعلن فيها عن مسئوليتهم عن الحادث بالبيانات العسكرية وأنهم يعاهدون الله على عدم ترك السلاح إلا وقد تحرر الشعب مما وصفوه الظلم.
وربط مراقبون بين طريقة تنفيذ الحركة عملياتها الإرهابية، وتوجهاتهم على الأرض، إذ لم تتبنى الحركة عملية إرهابية كبيرة يتم استخدام فيها المُفخخات، ما يعني أنها ليست تنظيمًا إرهابيًا كبيرًا بلجماعات إرهابية مُسلحة ظهرت بدوافع معينة.

وقد أشارت بوابة الحركات الإسلامية في تقرير سابق إن العناصر الشابة التي اندرجت في الجماعات التي ظهرت في أعقاب ثورة يناير مثل (حازمون – الجبهة السلفية – طلاب الشريعة) غالباً ما تمثل تلك العناصر البنية الهيكلية لتلك الحركات الإرهابية الجديدة، خاصة أنه بعد ثورة 30 يونيو 2013 وتحديداً بعد فض اعتصامي "رابعة العدوية" و"نهضة مصر" واختفت تلك الحركات تماماً من المشهد الميداني في مصر.
و"حسم" كما أوضحنا لا تمتلك تكتيكات عالية المستوى، أو تسليحا كبيرا، حيث لم تنتهج أسلوب السيارات المفخخة او العبوات الناسفة لتنفيذ الجريمة، واعتمدت فقط على تبادل إطلاق النار مع الاهداف التي كانت تُخطط لاستهدافها، وبرر مراقبون فشل الحركة في عمليتها الإرهابية لافتقاد الحركة للكفاءة والخبرة القتالية.
وتُشير بعض التقارير الصحفية، إلى تبعية حركة "حسم" لتنظيم "الإخوان" الإرهابي، إلا أننا لم نحصل على بيان رسمي من الحركة تُعلن انتمائها للإخوان، أو أي من الجماعات الإسلامية الموجود في مصر.

وتستخدم "حسم" مواقع التواصل الاجتماعى والإنترنت في الترويج لأهدافها ومرتكزاتها الفكرية، فالحركة تمتلك صفحة على موقع "تويتر" و"فيسبوك" و"تليجرام"، وعمدت إلى نشر صور من عملياتها كما ظهر فى محاولة اغتيال الدكتور على جمعة، وأيضًا حرصت على ذكر بيان سمته بـ"العسكرى"، وضحت فيه توقيت العملية وهدفها ونوعها ومكانها وتاريخها وتقرير مفصل عما حدث من نتائج وذلك عقب العملية بساعات قليلة.