محاولات روسية لتغيير موقف أنقرة من الأسد..ودعوات لتجديد الهدنة
الأربعاء 10/أغسطس/2016 - 10:04 م
طباعة

تقارب أنقرة من موسكو جدد الامال بشأن التوافق حول حل الأزمة السورية سياسيا، ومنع تسليح فصائل المعارضة المسلحة، وتجفيف منابع تمويل تنظيم داعش، فى الوقت الذى يترقب فيه المجتمع الدولى آليات انجاح الهدنة الانسانية لمساعدة المحاصرين فى حلب.

من جانبها أعربت المفوضية الأوروبية عن أملها في أن تساهم مباحثات القمة الروسية التركية الأخيرة بتحقيق الاستقرار بالمنطقة وتسوية الأزمة السورية سلميا، وقالت المتحدثة باسم المفوضية الأوروبية مينا أندرييفا في بروكسل "من ناحية الآفاق الأوروبية أريد تأكيد أهمية كافة الجهود الرامية إلى تحقيق الاستقرار في المنطقة وإيجاد حل سلمي للأزمة السورية".
أشارت أندرييفا إلى أن مباحثات الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان كانت تحمل طابعا ثنائيا عموما.
ويري محللون انه لم يتوقع أحد حدوث أي اختراق لموقف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من مصير الرئيس السوري بشار الأسد، خلال لقائه مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وأكد متابعون أن لقاء بوتين – أردوغان كان اقتصاديا بحتا، أو بشكل أكثر دقة، كان أرضية أفقية خصبة للتمهيد لمشهد جيوسياسي وجيواقتصادي جديد إقليميا ودوليا، بصرف النظر عن "العامل السياسي" حول الأزمة السورية عموما، ومصير الأسد على وجه الخصوص. فالاختلاف أوالاتفاق أو التقارب أو حتى التطابق حول سوريا قد يأتي في المرتبة الثانية بعد ترميم العلاقات بين موسكو وأنقرة وإعادتها إلى ما قبل الأزمة.
واقتصرت الإشارة حول سوريا على اتفاق الرئيسين الروسي والتركي على عزمهما التوصل إلى تفاهم مشترك للتسوية في سوريا، وأنهما سيتبادلان المعلومات ويبحثان عن الحل، بمعنى أن "المسألة السورية" لا تزال في مربعها الأول بالنسبة للطرفين الروسي والتركي، وإن كانت موسكو تحاول تلمس جوانب جديدة أكثر مرونة، وتسعى لإيجاد مقاربات وخطوط تماس، سواء في المجال السياسي أو في المجال الاقتصادي – التجاري أو في مجال الطاقة.
وتجنب الرئيسان الروسي والتركي التطرق علنا إلى نقاط الخلاف، وإنما تعاملا معها بطريقة دبلوماسية للغاية، وانتقيا التعبيرات والألفاظ والمصطلحات، من قبيل "أن لموسكو وأنقرة هدفا مشتركا في هذا السياق، وهو تسوية الأزمة السورية"، و"أن تركيا تشاطر روسيا تفاهما بشأن ضرورة مكافحة الإرهاب"، و"سنبحث عن حل مشترك مقبول"..

من جانبه اعترف جاويش أوغلو بأنه "قد يكون هناك خلاف فكري حول كيفية وقف إطلاق النار نحن لا نريد هجمات تلحق الأذى بالمدنيين .. فنحن نرى أنه من غير المناسب مهاجمة المجموعات المعتدلة ومحاصرة حلب".
يري متابعون انه من الواضح أن موضوع حلب أصبح يثير قلق الجميع كل وفق توجهاته وأهدافه وتحالفاته، لدرجة أن الولايات المتحدة شكلت "أمما متحدة صغيرة" داخل الأمم المتحدة الرسمية، وجمعت فيها حلفاءها الصقور، من وراء ظهر روسيا والصين، من أجل بحث موضوع حلب والمساعدات الإنسانية.
ومن الملاحظ أن الحرص والحذر في التعامل مع نقاط الخلاف بين موسكو وأنقرة، يعكس حرص الجانبين على تجاوز العديد من نقاط الخلاف، وإعادة العلاقات ليس بالضبط كما كانت عليه قبل الأزمة، وليس بالضبط وفق المعايير القديمة، وإنما وفق معايير وآليات جديدة تتطلب مرونة وبراغماتية. وهنا لا يمكن أن يتوقع أحد شكل هذه العلاقات أو مداها أو عمقها. ومن الممكن أن تفوق النتائج كل التوقعات في ظل الغضب التركي من أوروبا والولايات المتحدة، والتحدي الغربي لإردوغان نفسه، وحرص روسيا على التعامل ببراغماتية ووضوح، وإصرارها على استخدام كل الأوراق الممكنة لدعم وجهات نظرها وتصوراتها الإقليمية والدولية.
على الجانب الآخر أكدت أنقرة أن الرئيس التركي لم يغير موقفه من سوريا عموما، ومن مصير الرئيس الأسد على وجه الخصوص.

وهو ما أعلنه مرتين عشية زيارته إلى روسيا عبر حوارين مختلفين مع صحيفة "لوموند" الفرنسية، ووكالة أنباء "تاس" الروسية. ومع ذلك، فموسكو غير يائسة، وغير متشائمة، لأن تركيا ما قبل محاولة الانقلاب لم تعد تركيا بعدها، وإردوغان قبل المحاولة، لم يعد إردوغان قبلها. وبالتالي، فموسكو تعول على جملة من الأوراق والإجراءات والعوامل الاقتصادية والسياسية والأمنية، وربما تكون كل هذه الأمور هي التي دفعت الإدارة الأمريكية إلى اتخاذ قرار بإرسال وزير الخارجية الأمريكي جون كيري في 24 أغسطس الحالي إلى أنقرة.
وأكدت أنقرة أنها لم تغير موقفها من مصير الرئيس السوري بشار الأسد، قائلة "من السابق لأوانه" الحديث عن دور للأسد في عملية الانتقال السياسي.
بينما قال إبراهيم قالين الناطق باسم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في معرض تعليقه على لقاء القمة بين أردوغان والرئيس الروسي فلاديمير بوتين: "لدينا اتفاقات مع روسيا بشأن التعاون في محاربة الإرهاب. ويتعلق ذلك بمحاربة الإرهابيين الأكراد وتنظيم داعش".
أضاف"من السابق لأوانه الحديث عن انتقال سياسي محتمل في سوريا بمشاركة بشار الأسد"..."موقف أنقرة من الأسد لم يتغير"، مضيفا أن الحكومة التركية تشتبه بأن "النظام السوري يحاول كسب الوقت".

أوضح قالين أن العلاقات الروسية التركية لا تشكل عائقا أمام الشراكة بين أنقرة والناتو، قائلا: "سنبقى من أقوى حلفاء الناتو".
أعرب قالين عن قناعته بأن التعاون بين تركيا والناتو بشأن سوريا لن يتضرر بسبب تعزيز الحوار الروسي التركي حول التسوية السورية.
على الجانب الاخر أعلن رئيس إدارة العمليات في هيئة أركان القوات المسلحة الروسية، الفريق سيرجي رودسكوي هدنة إنسانية لـ 3 ساعات يوميا في حلب بسوريا تبدأ الخميس لإيصال المساعدات الإنسانية.
قال رودسكوي "جميع الممرات الإنسانية السبعة التي عينت لخروج السكان المدنيين والمسلحين الراغبين في إلقاء السلاح، مفتوحة وتعمل على مدار الساعة. وبالقرب منها هناك سيارات الإسعاف.. ونشرت نقاط لتوزيع الطعام الساخن، وهناك احتياطات من مياه الشرب والأغذية".
أضاف رودسكوي أن عدة فصائل مسلحة خرجت من حلب عبر الممر الإنساني الإضافي بالقرب من طريق كاستيلو، متابعا "أود التأكيد أن عدة فصائل مسلحة، أدركت عدم وجود أي آفاق لمواصلة العمليات القتالية، قد غادرت الأحياء الشرقية من المدينة مع سلاحها، مستخدمة هذا الممر".
شدد على أنه حدد، ابتداء من يوم غد الخميس فترات زمنية سيتم خلالها تعليق كل العمليات القتالية والقصف الجوي والمدفعي لضمان سلامة مرور القوافل إلى حلب. "ومع الأخذ بعين الاعتبار الظروف المترتبة، نحن مستعدون مع السلطات السورية لضمان نقل المساعدات الإنسانية لسكان حلب لجميع المنظمات المعنية".
أشار رودسكوي إلى أن روسيا تؤيد مقترحات الأمم المتحدة حول الرقابة المشتركة على إيصال المساعدات الإنسانية إلى سكان حلب.
شدد على أن قرابة 7 آلاف إرهابي يحشدون على تخوم مدينة حلب شمال سوريا، وأن مناطق جنوب غرب حلب تقع تحت تأثير نيران القوات الحكومية بشكل دائم، وهذا يحول دون إيصال المساعدات الى الإرهابيين الموجودين في الجزء الشرقي من حلب.