الظواهري: الإخوان سبب إفشال الثورات في مصر على مر العصور
الإثنين 15/أغسطس/2016 - 10:43 ص
طباعة

ليست هذه هي المرة الأولى التي يقوم بها أيمن الظواهري زعيم تنظيم القاعدة بالهجوم على جماعة الاخوان الارهابية فقد سبق هذه المرة مرات عديدة كان بدايتها كتابه المعنون الحصاد المر حيث فتد فيه أخطاء الجماعة كما راها من خلال ممارسته للعمل المسلح والذي يطلق عليه عمل جهادي هو وتنظيمه وباقي التنظيمات التي خرجت من عباءة الاخوان حاملة السلاح في وجه شعوبها ومؤخرا شن زعيم تنظيم "القاعدة" هجوما حادا على جماعة "الإخوان المسلمين" ومؤسسها حسن البنا، متهما إياهما بإفشال الثورات في مصر على مر العصور. وقال الظواهري في شريط فيديو نشره التنظيم، السبت 13 أغسطس 2016، "إن حسن البنا ارتكب أخطاء جسيمة، أدت لمفاهيم فاسدة، نتجت عنها كوارث مدمرة... حيث بايع الملك فاروق، هو وشباب الجماعة على السمع والطاعة، ووصفوه بحامي المصحف".

الملك فاروق
وأضاف زعيم القاعدة "أن الجماعة استمرت في نفاق الملك فاروق حتى موته، ثم تحالفوا مع جمال عبد الناصر، ثم السادات، ولما قتل تحالفوا مع حسني مبارك، ثم انقلبوا عليه، واصطفوا وراء البرادعي مبعوث العناية الأمريكية". وتابع الظواهري قائلا: الإخوان ظنوا أنهم حققوا ما كانوا يتمنونه طول عمرهم بفوز محمد مرسي برئاسة الجمهورية... فما هو إلا حاكم علماني لدولة علمانية لا فرق بينه وبين حسني مبارك". واستطرد: "الفرق الوحيد بين مرسي و مبارك... الأول التزم أكثر بالديمقراطية وأفسح الحريات للجميع بما فيها التيارات الجهادية"، مؤكدا: "الإخوان منذ سقوط حسني مبارك حتى اعتقال مرسي لم يتخذوا أي إجراء جدي لإزالة دولة الفساد".
وتاريخ الظواهري في نقد التجربة الاخوانية طويل وكانت بدايته كما اشرنا في كتابه "الحصاد المر الإخوان المسلمين في ستين عام" والذي قال في مقدمة طبعته الثانية "أن الاخوان قد ارتكبوا في الفترة ما بين الطبعتين أخطاء منهجية جسيمة كرروا بها أخطاءهم السابقة وزادوا عليها. ومن هذه الاخطاء البيانات التي أصدروها لبيان عقيدتهم في مسائل مثل المشاركة السياسية ودور المرأة ودور المسيحيين في العمل السياسي وموقفهم من العنف والدستور والقانون. وقد حصلت على نسخة من بيانهم المعنون بعنوان )بيان للناس( يتضمن مقدمة ثم بيان موقف الاخوان من أربع قضايا وهي: قضية الموقف العام من الناس جميعا مسلمين وغير مسلمين وقضية الدين والسياسة وقضية العمل السلمي ورفض العنف واستنكار الارهاب وقضية حقوق الانسان." واستخلص الظواهري من الطبعتين مجموعة لا يستهان بها من الاخطاء التي ارتكبتها الجماعة في مشوارها السياسي ومن بين هذه الاستخلاصات:
أولا: إن المسائل التي ذكرها في الباب الأول من هذا الكتاب، وهي مسائل الحكم بغير ما أنزل الله، والديمقراطية، والموالاة والمعاداة، ليست هي من مسائل الفروع التي يسوغ فيها الاختلاف الفقهي، بل إنها من أصول الإيمان، بل إنها متعلقة بأصل أصول الإيمان وهو عقيدة التوحيد.
أما الحكم: فإما أن نحكم بما أنزل الله، فيُصَدِّق فعلُنا قولَنا "لا إله إلا الله"، وإما أن يُحكم بغير ما أنزل الله، فتكون قد اتخذت آلهة أخرى من دون الله، إذ الحكم لله وحده، قال تعالى: {إن الحكم إلا لله}، وقال تعالى: {ولا يشرك في حكمه أحدا}.
وبهذا يخرج ايمن الظواهري جماعة الاخوان من ملة الاسلام ويجعلهم مشركين بالله حسب فهمه للنص القرآني. ويستطرد الظواهري في هذه النقطة بقوله: "وأما الديمقراطية: فإما أن يكون التشريع لله وحده وإليه سبحانه الرد عند التنازع، فيصدِّق فعلنا قولنا "لا إله إلا الله"، وإما أن يعطي حق التشريع لغير الله للشعب ونوابه ويكون إليهم الرد عند التنازع، وهذا اتخاذ للآلهة والأنداد والشركاء من دون الله، قال تعالى: {أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله}.

سيد قطب
فيكفر الظواهري المجالس الشعبية المنتخبة لأنها تقوم بتشريع القوانين متناسيا ان اول من نادى بهذا المبدأ في مصر هو "سيد قطب" منظر جماعة الاخوان وان مرسي ومجلس شورى الجماعة والذي ينتقدهم الان هم من نفس التيار القطبي الذي يعد مرجعية الظواهري في تكفير الحكام والمجالس النيابية وبالتالي الديمقراطية، وما يؤكد هذا ما قاله سيد قطب، في سياق تفسيره لآيات المائدة: «فما يمكن أن يجتمع الإيمان، وعدم تحكيم شريعة الله، أو عدم الرضى بحكم هذه الشريعة. والذين يزعمون لأنفسهم أو لغيرهم أنهم «مؤمنون». ثم هم لا يُحكمون شريعة الله في حياتهم، أو لا يرضون حكمها إذا طُبق عليهم. إنما يَدّعون دعوى كاذبة، وإنما يصطدمون بهذا النص القاطع». وهكذا يتماهى الظواهري مع سيد قطب فلما يهاجم اصحاب نفس المذهب والمنهج والطريق الذي يسلكه اليوم؟ ويستطرد الظواهري قائلا "وأما الموالاة: فلا تجتمع موالاة أعداء الله الكافرين ومحبتهم والثناء عليهم ومدح مذاهبهم الكفرية كالدستور والقانون والديمقراطية، لا يجتمع هذا مع الإيمان أبدا، قال تعالى: {ترى كثيرا منهم يتولون الذين كفروا، لبئس ما قدمت لهم أنفسهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون * ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أنزل إليه ما اتخذوهم أولياء ولكن كثيراً منهم فاسقون}.
ثانيا: إن جماعة الإخوان المسلمين من الناحية الشرعية - باستثناء الاستاذ سيد قطب رحمه الله وقلة ممن لا يمثلون الرأي الرسمي في الجماعة - حرصت على ألا يكون لها موقف واضح من تكفير الطاغوت، بل أغلقت باب النقاش في هذا الأمر بتبنِّيها مبدأ "دعاة لا قضاة"، الذي أعلنه المرشد الثاني حسن الهضيبي.
ثالثا: لم تكتف جماعة الإخوان بعدم تكفير الحكام بغير ما أنزل الله، بل تجاوزت هذا إلى الاعتراف - بأقوالها وأفعالها - بشرعية هؤلاء الحكام وتركت هذا الفهم يستشري في صفوفها، بل واعترفت الجماعة بشرعية المؤسسات الدستورية العلمانية - البرلمان والانتخابات والديمقراطية - وكان هذا من أكبر العوامل المساعدة للطواغيت على وصم الجماعات الجهادية بالخروج على الشرعية، شرعية الكفر.
رابعا: إن جماعة الإخوان مدت جسور التفاهم مع معظم الأنظمة الحاكمة التي تعيش تحت سلطانها أفرع الجماعة، وشاركت في الحكم أحيانا، وكان تفاهم الجماعة مع الحكومات الكافرة عادة في صورة صفقة، نصفها الأول سماح الحكام للإخوان بشيء من الحرية والانتشار، ونصفها الثاني اعتراف الجماعة بشرعية النظام الحاكم مع مساعدة الجماعة للنظام في ضرب تيار معارض قوي.
ومن الأمثلة التي ذكرناها: استخدام الملك فاروق للجماعة في ضرب "حزب الوفد" أو في موازنة ثقله الجماهيري، كما عرض حسن البنا - قبيل اغتياله - على الملك مساعدته في محاربة الشيوعية، فالبنا كان مدركا للعبة.

جمال عبد الناصر
استخدام جمال عبد الناصر للجماعة في صنع شعبية الثورة، حيث استثناها من قانون إلغاء الأحزاب، حتى تمكن عبد الناصر من صنع شعبية خاصة به فضرب الإخوان.
استخدام السادات للجماعة في ضرب التيار الشيوعي والناصري باتفاق صريح.
استخدام حسني مبارك للجماعة في ضرب التيار المتطرف - الجماعات الجهـادية -
ولم يستح مأمون الهضيبي من الجهر بهذا فقال: (إن وجود الجماعة يمثل مصلحة للحكومة لأنها تلجأ إلينا كثيراً لضبط التيار الديني المتطرف)
خامسا: حتى الأنظمة التي فشلت جماعة الإخوان في التفاهم معها، فقد بحثت عن البديل في الأنظمة المعادية لها، بما يعني حاجة الجماعة الدائمة لحليف قوي ولو كافر لتتمكن من البقاء إذ هكذا نمت.
ومثال ذلك:

الملك فيصل
لجوئهم للتفاهم مع النظام السعودي المعادي لعبد الناصر عندما ساءت علاقتهم به، ورحب الملك فيصل بهذا، إذ كان يرفع راية إسلامية ليعارض حركة القومية العربية التي تزعمها عبد الناصر والتي كانت تهدد عروش ومشيخات الخليج في الستينيات.
ومثال آخر: لجوئهم للتفاهم مع النظام العراقي البعثي عندما ساءت علاقتهم مع نظام البعث السوري، قبيل أحداث حماة 1982 وما بعدها، وأصبحت العراق مأوى لكثير من الإخوان السوريين وعلى رأسهم عدنان سعد الدين وسعيد حوي، وفيها عقد الإخوان تحالفا مع بقية فصائل المعارضة السورية من بعثيين وناصريين وقوميين، وأخيرا انضم لتحالفهم رفعت الأسد جزار الإخوان السابق، ويهدف التحالف لإسقاط نظام حافظ الأسد وإقامة دولة علمانية ديمقراطية، فتأمل التدهور والانهيار.
سادسا: تورط الإخوان منذ مطلع الأربعينيات في الصراعات الحزبية المصرية، وغيَّروا جلدهم عدة مرات، وكانوا يصالحون حزبا اليوم ويصارعونه ويسبّونه غداً، كما فعلوا ذلك مع "الوفد" والنقراشي، وهذا كله مخالف لما أعلنه حسن البنا من أن من خصائص دعوة الإخوان "البعد عن هيمنة الأعيان والكبراء، والبعد عن الأحزاب والهيئات"
وقد أدى تورط الجماعة في الصراعات الحزبية إلى انشقاق بعض فصائلها تحت اسم "جماعة شباب سيدنا محمد" صلى الله عليه وسلم.
سابعا: إن جماعة الإخوان بكل أفرعها رضيت بالاحتكام إلى الديمقراطية وسيادة الشعب والانتخابات كطريق للتغيير والوصول إلى الحكم، حتى قال حسن البنا؛ إن مؤاخذاتهم على الدستور يمكن تغييرها بالطرق التي وصفها الدستور نفسه، أي بالأسلوب الديمقراطي، وينطبق ما قلنا على إخوان الكويت والأردن واليمن والسودان والجزائر وتونس كما ينطبق على إخوان مصر.
ثامنا: إن جماعة الإخوان قبلت نبذ العنف - وهو الاسم الذي أطلقه الطواغيت على الجهاد في سبيل الله - وتبرأت ممن يتبنون العنف ولو من أتباعها.
تاسعا: إن جميع القيادات الإخوانية الآن تعتنق هذه الأفكار؛ الشرعية الدستورية، والديمقراطية، وتأييد الحكام، ونبذ العنف، ولا يرتفع إلى مستويات القيادة بالجماعة أي مخالف، مما جعل الهيكل كله مصبوغا بهذه الصبغة.
هكذا كان دوما والى الان ما يردد الظواهري في نقده للجماعة ولا نأتي بهذه الآراء الذي يقدمها الظواهري حبا وكرامة له بل فقط لتطبيق المثل الشائع "وشهد شاهد من أهلها" فهذا هو القيادي الإرهابي الذي اتخذ مرجعيته "سيد قطب" منظر جماعة الاخوان والذي يعد الملهم لمجلس شورى الجماعة الحالي والذي استولى على السلطة في مصر، يقدم نقدا لاذعا للجماعة ويتهمهم بالتخاذل عن نصرة الدين الذين يعتبرون انفسهم هم الأوصياء عليه، ثم يذيقهم من نفس الكأس الذين يشربونه للشعب كأس التكفير والشرك والارهاب.