"المناصحة".. تشعل صراع المقاتلين بين "القاعدة" و"داعش" في الجزائر
الثلاثاء 16/أغسطس/2016 - 02:34 م
طباعة

في إطار صراع النفوذ بين تنظيم القاعدة والدولة الاسلامية "داعش"، ومع الضربات الأمنية للجماعات الارهابية والتي ادت الي خسائر في صفوفها مع تراجع اقبال الشباب علي الانضمام الي هذه الجماعات، ادى الي حالة استقطاب وصراع بين للحصول علي المقاتلين، فقد أطلق تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي عملية أسماها المصالحة الشرعية في محاولة لاستعادة عناصره الذين انشقوا عنه وبايعوا تنظيم الدولة الاسلامية وشكلوا فرعا تحت اسم جند الخلافة في أرض الجزائر.
مناصحة القاعدة:

وفي اطار تنافس القاعدة وداعش للسيطرة على مناطق نفوذ في المغرب الكبير وخاصة الجزائر، اقدم تنظيم القاعدة في المغرب الاسلامي علي اتباع اسلوب المناصحة التي شملت فرع تنظيم الدولة الاسلامية في الجزائر (جند الخلافة) ومجموعات الدعم والإسناد السرية التابعة له وذلك عبر رسائل ترسل بالبريد الإلكتروني، للعودة الي تنظيم القاعدة.
ويقوم تنظيم القاعدة باستقطاب المنشقين عنه تحت غطاء ديني وعملية ممنهجة ضمن ما يسمى بـ”المناصحة”، والتي تقوم أساسا على توحيد صفوف المجاهدين والعمل مع كل الجماعات والتنظيمات الإسلامية التي تنتمي إلى أهل السنة والجماعة وتنتهج منهجهم بغض النظر عن اختلافات الأطروحات الجهادية بين هذه الجماعات.
اضطّرت القاعدة إلى اتّباع “المناصحة” من أجل رصّ صفوفها بعد أن فقدت العديد من قادتها ومقاتليها الميدانيين، خاصة وأن تنظيم داعش لم يعدّ يشكل بالنسبة إليها خطرا كبيرا بسبب تقهقر قوته في المنطقة.
وذكرت صحيفة "الخبر" الجزائرية أن عملية "المناصحة” أطلقها تنظيم القاعدة من أجل استعادة المنشقين في تنظيم الدولة، وقد أسفرت العملية في الأيام الأخيرة عن عودة 10 إرهابيين كانوا ضمن سرية المهاجرين في جبل إيفري بمحافظة بجاية.
وكشف مصدر أمني رفيع للصحيفة الجزائرية، أن ما لا يقل عن 10 من مقاتلي تنظيم جند الخلافة الموالي لتنظيم الدولة الإسلامية، عادوا إلى تنظيم القاعدة الذي انشقوا عنه قبل نحو سنتين، وهو ما يعني نهاية جند الخلافة في الجزائر، حيث تشير تقديرات إلى أن عدد مقاتليه لا يزيد حاليا عن 30 إرهابيا موزعين بين الوسط والشرق.
وذكر نفس المصدر أن المقاتلين العشرة لجماعة جند الخلافة، بايعوا قبل أيام أمير تنظيم قاعدة المغرب عبدالمالك درودكال، في موقع جبلي قريب من بلدية إعكورن بمحافظة تيزي وزو.
وأشارت صحيفة الخبر في تقريرها إلى أ ن هذا الأمر "لا يتعلق الآن بصحة المنهج وإنما ببقاء الجماعة المجاهدة أو فنائها في أرض الجزائر بعد الضعف الكبير الذي آل إليه عناصر "داعش". وأوضحت أن هذا الكلام جاء في تغريدة على تويتر في صفحة "ترجمان الأساورتي". وهي صفحة يغرد بها عناصر الدولة الاسلامي كثيرا.
وقالت إن الصفحة هي للإرهابي الجزائري في سوريا الملقب بـ'أبوعبدالله الجزائري'، مضيفة أنه قال في احدى تغريداته "إن المشروع الجهادي في الجزائر يتعرض لمؤامرة كبرى.. اللهم انصر المجاهدين في الجزائر بجند من عندك ووحد كلمتهم".
وتعرض تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي الى ضربات موجعة سواء تلك التي شنها الجيش الجزائري أو تلك التي نفذتها فرنسا في شمال مالي بالقرب من الحدود الجزائرية والتي أدت إلى مقتل العديد من عناصره وفرار الآخرين إما إلى ليبيا أو الى مناطق افريقية.
وعملية المناصحة الشرعية التي تهدف الى استعادة من انشقوا عن التنظيم والتحقوا بمنافسه الأشدّ دموية (تنظيم الدولة الاسلامية)، يطلقها عادة فقهاء القاعدة.
وقالت الصحيفة الجزائرية إن عملية المناصحة تتم في الشرق وفي الوسط ويقوم بها فقهاء القاعدة بتقديم أدلة شرعية دينية لعناصر جند الخلافة الفرع الجزائري لتنظيم الدولة الاسلامية.
ويؤكد هؤلاء على ما يسمونه وحدة المجاهدين مقابل أدلة يقدمونها لعناصر جند الخلافة في أرض الجزائر لإقناعهم بصحة منهج القاعدة. وتجري مناقشات مباشرة بين الطرفين أو غير مباشرة عبر البريد الالكتروني.
يذكر أن العديد من الكتائب الجهادية في دول المغرب العربي أعلنت انشقاقها عن تنظيم القاعدة والالتحاق بصفوف الموالين للدولة الإسلامية، فإلى جانب “جند الخلافة” أول الكتائب التي بايعت خلافة أبي بكر البغدادي، تمرّدت مجموعات كثيرة على أمير القاعدة في الجزائر عبدالمالك درودكال، لتنشق عنه وتعلن انضمامها.
الصراع مع" داعش"

واذا صحّ الرقم تكون عملية المناصحة التي أطلقتها القاعدة قد وضعت تنظيم جند الخلافة فرع تنظيم "داعش" في الدزائر على طريق التفكك أو الضعف.
في العامين الماضيين، استطاع تنظيم داعش التغلغل في الجزائر، من خلال انشقاقات بين فصائل تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي، وبعد إطلاق حملة اغتيالات وهجمات تفجيرية لاستهداف القوات الأمنية الجزائرية، بحسب تقرير لشبكة "سكاي نيوز".
واستطاع تنظيم داعش ضم كل من بلدات سكيكدة، جيجل، قسنطينة، تيبازة، تيباسا، بجاية، بومدراس، البويرة، المدية، البليدة، الشلف، عين الدفلى، وغيرها في ما أطلق عليه اسم "ولاية الجزائر".
ولكن عقب اتباع "المناصحة" من قبل تنظيم القاعدة، انشق عددا من المقاتلين عن تنظيم "جند الخلافة- داعش"، وبايعوا قبل ايام أمير القاعدة عبدالمالك دروكدال على السمع والطاعة في موقع جبلي قريب من بلدية إعكورن بمحافظة تيزي وزو، بحسب صحيفة الخبر.
ومن بين المنشقين عن تنظيم "جند الخلافة- داعش" القيادي بن هلال قادري الملف بـ'أبوحفص' ويعتقد أنه مسؤول سرية المهاجرين التابعة لجند الخلافة التي كانت تتمركز في منطقة إيفري بمحافظة بجاية.
وأبوحفص هو أول من انشق عن القاعدة في سبتمبر 2014، ثم عاد إليها بعد عملية المناصحة التي يقودها الرجل الثاني في التنظيم أبوعبيدة يوسف العنابي.
وبحسب التقرير كان تنظيم "جند الخلافة –داعش" قد طلب قبل عامين تقريبا على لسان أحد أبرز مؤسسه عثمان العاصمي، ترتيب مناقشة شرعية وفقهية مع تنظيم القاعدة حول مبررات عدم مبايعة الدولة الاسلامية، إلا أن عبدالمالك دروكدال رفض.
وقلصت الضربات الجوية وعمليات الجيش الجزائري على ما يبدو من توسع انتشار التنظيمين أو استقطاب مقاتلين جدد في صفوفهما، ما عزز فرضيات جزائرية سابقة تقول إن عدد الجهاديين في الجزائر لا يزيد عن 400 شخص.
مستقبل الصراع:

"المناصحة" سلاح "القاعدة" لاستقطاب المقاتلين الذين انشقوا عنها في ظل الضربات الامنية القوية من قبل الجيش الجزائري لتنظيمات الارهابية، وكذلك توضح حجم الصراع بين "القاعدة" و"داعش" لبقاء والتمدد في الجزائر، في ظل تراجع وهزائم تنظيم الدولة الاسلامية في عدد من الدول واهما العراق وسوريا وليبيا، الأمر الذي ادي الي تراجع زخم "داعش" بين الجماعات المتطرفة ويمهد لبقاء وعودة القاعدة لقوتها في المغرب الكبير.