كالعادة الأقليات يدفعون الثمن دائما.. المسيحيون في تركيا اردوغان يتعرضون للتطهير في صمت!
الأربعاء 17/أغسطس/2016 - 02:46 م
طباعة
اي تقلبات او ثورات او حتى انقلابات فاشلة يدفع ثمنها دائما الاقليات هذه هي الحقيقية الغائبة عن كل مراقبي الوضع المترديء في تركيا بعد محاولة الانقلاب الفاشلة حيث يتم التطهير العرقي ضد الاقلية المسيحية هناك مع حرق الكنائس والتخريب في ظل منع الاعلام المعارض من نقل الصورة كاملة وفي نفس الوقت يشتعل اعلام اردوغان ومليشاته بالتحريض سواء بالاشارة الي علاقة جولن بالكنيسة الكاثوليكية او باستخدام اعتبار البابا فرنسيس ان مذبحة الارمن التركية هي ابادة كاملة وذكرت جريدة العرب الدولية ان هناك توجيهات للرئيس التركي رجب طيب أردوغان و دعوات دولية لاحترام حقوق الإنسان وحماية الأقليات وغير المسلمين في تركيا على إثر عمليات التطهير الشاملة التي تشهدها البلاد منذ الانقلاب العسكري الفاشل، والذي استغله ليصفي مختلف خصومه ومعارضيه، وليحقق خطوات واسعة في تحقيق مشروعه الهادف إلى بناء تركيا “أردوغانية”، اسلامية على أنقاض تركيا الكمالية.- العلمانية -
الوقوف بين خصمين
إسطنبول - لم تغتل حملة التطهير الواسعة التي أطلقها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، عقب عملية انقلاب فاشلة ضدّ نظامه، حرية الرأي والتعبير وركائز العلمانية في البلاد فقط، بل سارعت من خطاها أيضا لاغتيال ثقافة التعايش والتسامح وتجديد التوتر بين المسلمين والمسيحيين في المجتمع التركي.
ويؤكّد خطورة الوضع ما تعرّضت له مجموعة من الكنائس في خضم التوترات وعملية التطهير التي تعيش على وقعها البلاد منذ انقلاب 15 يوليو. ففي مدينة طرابزون، الواقعة في شمال شرق تركيا على ساحل البحر الأسود، اقتحمت مجموعة من الأشخاص كنيسة السيدة العذراء، وقامت بتخريبها.
وفي حادث آخر، وقع في مدينة ملطية، هاجمت حشود من المسلمين كنيسة المدينة الواقعة شرق البلاد، وكسرت نوافذها. ونقلت صحيفة ديلي اكسبرس البريطانية عن القس تيم ستون أن الكنيسة كانت الهدف الوحيد لهجومها على مدى الأيام الثلاثة الأولى التي أعقبت عملية الانقلاب.
وأضاف القس ستون “ما حدث يذكرنا بالهجوم على دار لنشر الكتاب المقدس في ملطية في عام 2007، وقام خلاله خمسة أشخاص من المسلمين بتقييد ثلاثة موظفين مسيحيين وقاموا بتعذيبهم وذبحهم”. ومردّ هذا الهجوم وفق بعض المراقبين أن أنصار حزب العدالة والتنمية، يعتبرون أن المسيحيين من العلمانيين الرافضين للحزب الحاكم ذي الخلفية الإسلامية، وبالتالي هم من مؤيدي الانقلاب.
ويحذّر القس في الكنيسة الأنغليكانية في اسطنبول، كانون ايان شروود، “بصفتنا مسيحيين موجودين على مدى قرون طويلة في تركيا نحن نشعر بالخطر في ما يتعلق بكيفية تطور الحياة في تركيا”. ويضيف شروود، الذي شغل على مدى 28 سنة منصب قس القنصلية البريطانية هناك وكاهن الكنيسة التذكارية القرمية في اسطنبول، أنه شهد في السنوات الأخيرة تيارا ثانويا متصاعدا من عدم التسامح تجاه المسيحيين وغيرهم من غير المسلمين في تركيا.
وعبر شروود، في تصريحات صحافية، عن عدم تفاؤله بشأن مصير المسيحيين في تركيا، مؤكدا أن الكثير منهم بصدد محاولة مغادرة البلاد. وأضاف “لا ننسى أنه قتل قس من الكنيسة الرومانية الكاثوليكية، وتم تهديد رجال دين، ومنذ عشر سنوات قتل كاهن. أي زعيم مسيحي إذا كان صادقا سيقول إن بعض ما يجري ينذر بالخطر”.
نظرة سلبية تجاه المسيحيين
على الرغم من رسوخ النظام العلماني في تركيا، تعرض المسيحيون في السنوات الأخيرة لعدد من الهجمات، وانتشرت صور نمطية سلبية إزاء المسيحيين تعززها وسائل الإعلام مثل كونهم فاحشي الثراء وطابورا خامسا وغير وطنيين. وينظر العديد من الأتراك إلى المسيحيين نظرة سلبية، ففي سنة 2010 كشفت دراسة لمعهد بيو أن 6 بالمئة فقط من الأتراك لديهم نظرة إيجابية للمسيحية.
وتوصلت دراسة قام بها برنامج المسح الاجتماعي الدولي عام 2010، إلى أن أكثر من نصف الأتراك يرفضون أن يتحدث المسيحيون عن معتقداتهم في الاجتماعات العامة، كما أن أكثر من نصف الأتراك يعارضون خدمة المسيحيين في الجيش والأجهزة الأمنية وقوات الشرطة والأحزاب السياسية.
ووصف سفير الفاتيكان في إسطنبول المطران روبن تييرّابلانكا غونزاليس وضع المسيحيين في تركيا بأنه صعب جدا بعد فشل الانقلاب. وأضاف، في تصريحات لخدمة الإعلام الديني التابعة لمجلس الأساقفة الإيطاليين، أن “هذا المناخ يخلق حالة من العنف. الناس خائفون، وهو ما يمكن ملاحظته في كل مكان، فيكفي مجرد المشي في إسطنبول لإدراك أنها ليست كعهدها، ولا تتمتع بحياة طبيعية، تلك التي علينا الانتظار لفترة طويلة قبل العودة إليها مجددا”. وذكر المطران غونزاليس أنه “في حالة عدم اليقين والاضطراب التي يبدو أنها تغمر تركيا، هناك رجال دين لا يخرجون من بيوتهم خوفا من الغوغائيين الذين يهاجمون من يظنون أنهم أيدوا الانقلاب”.
ويهاجم الليبراليون والخصوم السياسيون في تركيا، على حد سواء، أجندة السياسة الإسلامية المحافظة لحزب العدالة والتنمية، مشيرين إلى أن البلاد تتجه نحو التعصب الإسلامي، وقد تراجعت الأقلية المسيحية من 22 في المئة إلى 0.2 في المئة من السكان.
تآكل الحريات
لكن، إن كانت أجراس الخطر تدق فيبدو أنها لا ترن بصوت عال من مكتب الخارجية التركية الذي كان صادحا في موضوع تآكل حريات الصحافة في تركيا أردوغان أكثر من حديث على حماية أديان الأقليات، وفق الصحافي والكاتب البريطاني آلان مارش، الذي كتب تحليلا نشرته مجلة ذي سبكتاتور حول “الحرب على المسيحيين في تركيا”، قال فيه إن “وزير الشؤون الأوروبية وقتها، دافيد ليدنغتون، أصر في رد على سؤال برلماني، خلال شهر يوليو الماضي، على أن مكتب الخارجية كان ينظم نقاشات مع تركيا حول مسائل تخص الحرية الدينية”.
وفي جواب كتابي قال لدينغتون “تواصل الحكومة التركية تحسين الحماية لكل الأقليات الدينية في تركيا”. و إذا كان الحال كذلك فإنه يبدو أن على أحدهم إخبار رجال الدين المسيحيين في تركيا. وفي كلتا الحالتين علينا أن ننتظر إن كان أردوغان سيتكلم لمناصرة الأقليات الدينية غير المسلمة في تركيا أو لا.
لكن يبدو أن الانتظار لن يدوم طويلا، حيث جاء الجواب عبر مجموعة من الممارسات التي طالت المسيحيين في تركيا، والتي كان من أبرزها إلغاء السلطات التركية لقداس سنوي يقام في الخامس عشر من أغسطس في الدير التاريخي بناجا سوميلا بالقرب من مدينة ترابزون.
وأغلق الدير، الذي أقيم سنة 386 ميلادي في عهد الامبراطور البيزنطي ثيودوسيوس، لمدة سنة في سبتمبر الماضي للقيام بأعمال ترميم حتى يحظى بصفة موقع تراث عالمي لدى اليونسكو. وأعلم الأب بارثولوميو الذي كان من المنتظر أن يقود القداس بأن الأشغال تعني إلغاء قداس الخامس عشر من أغسطس.
لكن تعتقد أطراف داخل أبرشية القسطنطينية أن الحظر قد يصبح دائما، خاصة وأن بعض المصادر الإعلامية التركية قالت إن هناك شكوكا بأن الأب بارثولوميو كان متواطئا مع الانقلابيين.
وسجلت العلاقة بين النظام التركي والفاتيكان أعلى مستويات التوتر والعداء بينهما إثر وصف البابا فرنسيس مذبحة تركيا ضد المسيحيين الأرمن بالإبادة، في شهر يونيو الماضي. ويعتبر الخبراء أن ما يتعرّض له المسيحيون في تركيا، بعد الانقلاب، يعود في جزء منه إلى هذا الموقف، الذي أغضب النظام في أنقرة إلى درجة أنه وصف البابا فرانسيس بأنه يمتلك “عقلية صليبية”.