الإخوان وتوتر العلاقات الألمانية التركية

الخميس 18/أغسطس/2016 - 05:52 م
طباعة الإخوان وتوتر العلاقات
 
الإخوان وتوتر العلاقات
لا تكاد العلاقات الألمانية التركية ان تهدأ الا ان يجد ما يوتر هذه العلاقة ويرجع باحثون سياسيون ان السبب في ذلك ممارسات رجب طيب اردوغان الذي يسعى جاهدا لعودة الخلافة العثمانية وان يكون خليفة للمسلمين على مستوى العالم. ومؤخرا أدى تسريب وثيقة سرية ألمانية تتناول العلاقات بين السلطات التركية ومجموعات إسلامية إلى تجدد التوتر بين برلين وأنقرة، مع مطالبة تركيا بتفسيرات الأربعاء في حين أقرت السلطات الألمانية بارتكاب خطأ.
وكانت قناة "ايه آر دي" التلفزيونية الألمانية العامة بثت الثلاثاء الماضي 16 أغسطس 2016، مقاطع من رد صنف "سريا" على سؤال طرحه نواب. ووصفت وزارة الداخلية الألمانية في الرد تركيا بأنها "منصة لمجموعات إسلامية في الشرقين الأدنى والأوسط" بسبب دعمها "للإخوان المسلمين في مصر و(حركة) حماس ومجموعات مسلحة إسلامية في سوريا" من دون كشف اسمائها، وطالبت وزارة الخارجية التركية في بيان الأربعاء "السلطات الألمانية بتفسيرات"، منددة بسياسة تعتمد "الكيل بمكيالين مصدرها بعض الأوساط السياسية" في ألمانيا.
ونأى المتحدث باسم وزارة الداخلية الألمانية يوهانس ديمروث في مؤتمره الصحافي الدوري الأربعاء بنفسه عن موضوع الوثيقة، مؤكدا أن وزارته "لا معلومات" لديها عن الموضوع وأن الرد تم صوغه "من طريق الخطأ" من دون مشاركة وزارة الخارجية، وقال "نحن مقتنعون بشدة بان تركيا هي الشريك الأهم في ما يتصل بمكافحة ما يسمى تنظيم الدولة الإسلامية"، من جهتها، قالت المتحدثة باسم الخارجية الألمانية سوسن شبلى أن الخارجية "لا توافق" على ما بثته القناة التلفزيونية.
الإخوان وتوتر العلاقات
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان استقبل في يونيو خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحماس التي يصنفها الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة منظمة "إرهابية". واعلن تكرارا دعمه لجماعة الاخوان المسلمين التي ينتمى إليها الرئيس الأسبق محمد مرسى، وسبق ان اتهمت تركيا بإقامة علاقات ملتبسة مع تنظيم الدولة الاسلامية وبانها ابدت تضامنا مع حركات جهادية بهدف اسقاط نظام الرئيس السوري بشار الأسد واحتواء طموحات الاكراد، والعلاقات الألمانية التركية متوترة أصلا بسبب تبنى البرلمان الألماني قرارا اعترف فيه بإبادة الأرمن فضلا عن توعد تركيا بوقف تنفيذ اتفاق الحد من تدفق المهاجرين إلى أوروبا.
وفي يوليو الماضي أعاد المسؤولون في المخابرات الألمانية تقييم جماعة ذات نفوذ على الأتراك المقيمين في البلاد وسط توتر في العلاقات بين برلين وأنقرة، بالإضافة إلى الجهود الواسعة لمواجهة التشدد. وذكرت وكالة رويترز للأنباء بوجود صلات وثيقة بين جماعة مللي جوروش، والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ويرى المسؤولون الألمان، أن مؤسسي الجماعة متطرفون. ولفترة طويلة، ضمت قائمة تعدها وزارة الداخلية بالتهديدات الإسلامية المحتملة تنشر سنويا أسماء أنصار مللي جوروش، الذي يقدر عددهم بنحو 31 ألف شخص. وتم تقليص العدد الإجمالي لأنصار مللي جوروش، بدرجة كبيرة في تقرير المخابرات الألمانية للعام 2015، الذي نشر يونيو 2016، في مؤشر إلى انحسار أعداد المتطرفين في الجماعة، على حد قول مصادر أمنية.
ولعبت قيادة الجماعة دورا نشطا بشكل متزايد في برنامج الحكومة للوصول إلى الجاليات المسلمة في ألمانيا في السنوات الماضية، ونشرت في الآونة الأخيرة كتابا توجيهيا للأطفال ضم تصويرا إيجابيا للمسيحيين واليهود. كما تضمن تقرير المخابرات للعام 2015، أن عدد المتطرفين المؤيدين للجماعة لا يزال يقدر بعشرة آلاف. إلا أن مللي جوروش يمكن أن تمثل الجانب المعتدل من طيف من الجماعات التي تراقبها أجهزة المخابرات، والتي تضم جماعات تربطها صلات بتنظيمات متشددة مثل "القاعدة" و"داعش".
وفي تصريحات يوم 28 يونيو 2016، توافقت مع نشر تقرير المخابرات، عبرت الحكومة عن قلقها من أن تنظيم "داعش"، يمكن أن يصعد هجماته في أوروبا. وقالت إن وكالة المخابرات تجري تدريبات للرد على هجوم واسع النطاق.
كما يأتي تحرك ألمانيا لإعادة تقييم صلاتها المستترة مع مللي جوروش، في وقت تشهد فيه العلاقات الألمانية التركية توترا وانتقادا علنيا متزايدا لحملة أردوغان على المشتبه بمشاركتهم في محاولة الانقلاب الفاشلة التي وقعت يومي 15 و16 يوليو.
وقد طالب وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، ألمانيا تسليمها أتباع فتح الله كولن الذين يعيشون في ألمانيا، في خطوة يمكن أن تؤثر على العلاقات المتوترة بالفعل. وزعم جاويش أوغلو أن المدعين العامين والقضاة الأعضاء بحركة كولن يتواجدون حاليا في ألمانيا.
وقال جاويش أوغلو لقناة "سي إن إن تورك": "يوجد حاليا أشخاص نطلب من ألمانيا تسليمهم.. يتعين عليها أن تفعل ذلك".
الإخوان وتوتر العلاقات
ويوجد نحو 3 ملايين تركي يعيشون في ألمانيا، التي يقيم فيها أكبر جالية تركية بالخارج. وقالت المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، في ردها على طلب وزير خارجية تركيا، إن بلادها تتبع مبادئ القانون والنظام. وفي وقت سابق، طالبت تركيا الحكومة المحلية في ولاية بادن فيرتمبيرج، جنوب غرب ألمانيا، بمراجعة أوضاع المؤسسات التابعة لحركة الداعية فتح الله كولن على أراضيها.
وقال رئيس وزراء الولاية فينفريد كريتشمان (حزب الخضر) في تصريحات لجريدة "فرانكفورتر ألجماينه تسايتونغ" الألمانية، إن هذا الطلب أثار استغرابه لأقصى درجة. وأضاف كريتشمان قائلا إن تركيا تريد من وراء هذا الطلب تعقب أشخاص على غير أساس والتمييز ضدهم لمجرد الاشتباه. وأوضح فينفريد كريتشمان أنه لا توجد هناك أية مستندات تثبت الادعاء بأن حركة غولن مسؤولة عن محاولة الانقلاب في تركيا. وذكر كريتشمان أن حكومة الولاية تلقت خطابا من القنصل العام التركي في شتوتغارت بهذا المعنى، مشيرا إلى أن الخطاب يطلب من الولاية إخضاع الجمعيات والمؤسسات والمدارس التي ترى الحكومة التركية أنها تدار من قبل حركة فتح الله كولن للفحص وإعادة التقييم. وشدد كريتشمان قائلا: "هذا هو بالضبط ما لن نقوم به". وانتقد رئيس حزب الخضر، جيم أوزديمار، وفقا لما ذكرته الصحيفة محاولات التأثير على ألمانيا من جانب تركيا.
وأضاف أوزديمار أن ذراع الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، تصل إلى العديد من مكونات المجتمع التركي في ألمانيا، مشيرا بالقول: "في شتوتغارت، وبرلين وأماكن أخرى، لم يفقد أردوغان شيئا من نفوذه". وطالب المدعي العام التركي في أنقرة بمصادرة أصول 3049 من القضاة وأعضاء النيابة العامة بزعم صلتهم بمحاولة الانقلاب الفاشلة في منتصف الشهر الجاري، حسبما ذكرت وكالة الأناضول التركية للأنباء. وصدرت أوامر لاعتقال لجميع أعضاء السلطة القضائية، الذين يواجهون الاتهام بأنهم أتباع الداعية فتح الله جولن، الذي تتهمه الحكومة بتهمة التآمر للانقلاب على الحكم.
فيما كشف تقرير للقناة الأولى في التلفزيون الألماني "ARD" أن الحكومة الألمانية تعتبر تركيا حاليا "منصة العمل المركزية" لمنظمات إسلامية وإرهابية في الشرق الأوسط. ويستند التقرير الخاص بالقناة الأولى إلى رد سري لوزارة الداخلية الألمانية على استجواب كان مقدما من نائبة في حزب اليسار المعارض في البرلمان الألماني "بوندستاغ".
وتتساءل صحفية "نويه أوسنابروك تسايتونغ" عن سبب الدعم الألماني لتركيا رغم المعرفة المسبقة بعلاقاتها مع تلك المنظمات؟
الإخوان وتوتر العلاقات
"هل تدعم الحكومة الاتحادية تركيا بسبب المصلحة الوطنية بلداً يأوي الإرهابين؟. وهل تعرف ميركل وشتاينماير حول الموضوع معلومات أكثر مما يقولان، لتفادي المخاطرة بالقطيعة مع تركيا الشريك في حلف الناتو؟. اتهام تركيا أمر خطير يجب على الحكومة الاتحادية تقديم توضيحات حوله وبسرعة، لتفادي الأضرار الدائمة التي ستترتب عن القضية مستقبلاً. وفي نفس الوقت يجب الحذر من ردود الفعل المبالغ فيها".
أما صحيفة "فولكس شتيمه"، من ماغدبورغ، فتتحدث عن طبيعة السياسة الخارجية التركية:
"الحكومة الاتحادية لا يمكنها إنكار حقائق كون تركيا تتحول إلى دولة إسلامية، ففي مصر حاولت إفشال الإنقلاب العسكري. كما أن الاندماج مع الغرب يفشل. ولهذا يجب إعادة تحديد طبيعة العلاقة تجاه تركيا. كون جنود الجيش الألماني قاموا بحماية دولة (تركيا) تدعم إرهابي تنظيم "الدولة الإسلامية"في سوريا، من عنف هذا التنظيم الإرهابي، يبدو اليوم أمراً سخيفاً".
ومن جهتها تحلل صحيفة "فرانكفورتر ألغماينه تسايتونغ" طبيعة علاقات تركيا بالغرب وبالعالم العربي، ومساعي أردوغان لتوسيع نفوذه في العالم العربي:
"كلما ازداد التباعد الأوربي التركي في السنوات الأخيرة، أزداد توجه تركيا نحو الشرق الأوسط والعالم العربي. هذا الأمر كان واضحاً في عام 2011 خلال سلسة الاحتجاجات الواسعة النطاق في العديد من الدول العربية. ورأت تركيا في نفسها مدافعاً عن "الشارع العربي"، وأردوغان، الذي ينحدر من الفرع التركي لجماعة الإخوان المسلمين، رأى في نفسه قائداً للجماهير العربية. فكلما ارتفعت حدة اضطهاد الإخوان المسلمين في مصر والخليج، تعلن تركيا أستعداداً أكبر لاستقبالهم على أراضيها. وينظر الكثير من العرب إلى أردوغان كزعيم قوي من بلد كان إلى غاية 1924 مقرا لآخر خليفة (الخليفة العثماني). واتهام تركيا بالتواطؤ مع الجماعات الإرهابية الإسلامية له علاقة بالحرب في سوريا. وحتى الآن، استخدم أردوغان كل الوسائل لإسقاط بشار الأسد وتوسيع نفوذه في سوريا".
صحيفة "نورد فيست تسايتونغ"، الصادرة من أولدنبورغ، تركيا بأنها "عامل مهدد للاستقرار في الشرق الأوسط". وتشرح الصحيفة موقفها قائلة:
"أنقرة سترد على عدم الإلتزام بالتكتم (عبر نشر تقرير سري) بشراسة كما هو معتاد. ويجب أخيراً على أوروبا وألمانيا أن تتصرف بعقلانية ضد ذلك. وهذا يعني ثلاثة أمور: تأمين فعال للحدود الأوروبية، اعتبار موضوع إعفاء الأتراك من تأشيرة الدخول انتهى، وإلغاء مفاوضات الانضمام إلى أوروبا".
غير أن صحيفة "شتوتغارتر ناخريشتن"، فلديها رأي مخالف وتدعو لتفادي القطيعة مع أنقرة:
"تركيا وألمانيا لديهما العديد من المصالح الأمنية المشتركة في أوروبا، ولهذا السبب سيكون من الخطأ التشكيك في مستقبل تركيا كعضو داخل حلف شمال الاطلسي بسبب دعمها الغامض(للإسلامويين). فالتعامل الأوروبي الهادئ مع أنقرة لا علاقة له باتفاقية اللاجئين المشتركة مع أنقرة. فالسبب يتجلى في أن تباين المواقف أقدم وأعمق من هذا الاتفاق".

شارك