الإخوان من الخلافات الداخلية إلى الدعوة للعصيان المدني
الإثنين 22/أغسطس/2016 - 03:13 م
طباعة

كثيرة هي تلك المشكلات بل الصراعات الداخلية التي تعاني منها جماعة الإخوان، سواء كانت في الداخل أم في الخارج، ففي الداخل يوجد صراع شديد بين شباب الجماعة وقيادتها التاريخية من ناحية وصراع آخر بين قيادات الجماعة في الداخل والقيادات في الخارج؛ حيث كل فريق يريد أن يتولى قيادات الجماعة منفردًا، أما على مستوى الخارج فهناك خلافات حادة بين مجموعتين من القيادة مجموعة تركيا ومجموعة لندن، ورغم كل هذه الخلافات والصراعات نجد الجماعة بكل أطيافها وفي محاولة من هؤلاء القيادات لجذب شباب الجماعة يصعدون الخطاب الإخواني لدرجة تقترب من العنف والتطرف في مراعاتهم للدول التي يقيمون بها، ومؤخرًا حرض ما يسمى «المجلس الثوري المصري»، الذي يسيطر عليه شباب جماعة الإخوان ويدعمهم مجموعة تركيا بقيادة مها عزام، المصريين على العصيان المدني، مشيراً إلى أنه إحدى أهم الوسائل التي تستطيع بها القوى المجتمعية كسر السلطة، وفقدان مؤسسات الدولة للسيطرة على الشعب، زاعماً أن لديه خطة للسيطرة على المؤسسات خلال الفترة المقبلة.
وقال المجلس، في بيان، أمس الأول، إن خطته تبدأ بتحويل كل شخص إلى نقطة منفردة غير مرتبطة بأي مجموعة، ويتحرك وحده دون ارتباط بأحد أو إعلان عما يقوم به، ويحدد المؤسسات الحيوية وأماكنها التي ستتم محاصرتها، مثل المباني الحكومية والأمنية كي يستعيد الشعب السلطة، بحسب قوله.
ودعا إلى القيام بتحديد من وصفهم بـ«الأفراد والمجموعات المعادية للثورة»، وأماكن تجمعهم وقدراتهم على مواجهة الثورة لحظة فورانها، وتحديد وسائل تحجيمها وحصارها، وأضاف: «يلتزم كل مصري حر بعدم الحديث أو الإعلان عما يفعل، ويكون العمل بشكل فردى كامل، ودون التحدث بشأنه مع أي أحد كان منعا للتتبع الأمني».
وتابع أن من وصفهم بـ«المصريين الأحرار» الموجودين بمؤسسات الدولة ملتزمون بتحديد الأفراد المسئولين عن الفساد بالمؤسسة الموجودين بها، وتوثيق ذلك الفساد، إن أمكن، دون تعريض أنفسهم لأي خطر أمني، مشيراً إلى أن هدفه إعداد كل مكان في مصر للثورة الشاملة بعدة إجراءات سينشرها تباعًا، انتظاراً لما وصفه بـ«اللحظة التي تندلع فيها الثورة» ليكون كل حر جزءاً مما سماه «ثورة التحرير الكبرى».

أحمد بان، الباحث في شئون الحركات الإسلامية
وقال أحمد بان، الباحث في شئون الحركات الإسلامية: إن دعوة المجلس الثوري الذي يقوده جناح معين داخل الجماعة تحاول عرقلة تسوية تُجرى في الخفاء بين الدولة وطرف آخر داخل الجماعة. رافضاً الكشف عن طبيعة الطرف الذي يقوم بعملية المصالحة مع الدولة في هذا التوقيت.
وأضاف بان، أن هذا الطرف يعرف جيداً أن دعواته لن تلقى أي قبول ولا تخرج عن كونها كلامًا لن يفيد بشيء.
وفي نفس السياق أكد مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة التابع لدار الإفتاء، أن دعوة ما يسمى "المجلس الثوري" التابع لجماعة الإخوان المسلمين بتركيا لمحاصرة المؤسسات الحيوية في كل محافظة بمثابة محاولة جديدة من الجماعة لتقويض الأمن وإشعال الحرائق ونشر العنف وهدم المؤسسات والهيئات الحكومية والتي تمثل أركان الدولة المصرية ودعائمها.

وأضاف المرصد أن "المجلس الثوري" قد دعا أنصاره إلى اتخاذ عدة إجراءات تمهيدية منها تحديد المؤسسات الحيوية على مستوى المركز أو المدينة أو القسم، وأماكنها تمهيدًا لمحاصرتها، ثم تحديد الأفراد والمجموعات المعادية لجماعة الإخوان في نطاق وجوده، وأماكن تجمعهم وقدراتهم على مواجهة الثورة في لحظة فورانها، على حد تعبيرهم.
واعتبر المرصد أن هذا التحريض ضد مؤسسات الدولة يستهدف إشعال الصراعات والحروب الأهلية بين أبناء الوطن الواحد، تحت دعاوى مغرضة تستهدف جذب الشباب واستدراجهم إلى ممارسة العنف والهجوم على الأفراد والمؤسسات باستخدام مصطلحات "الثورة" و"الفوران الثوري" و"المجلس الثوري"، وهي كلها مسميات تخفي خلفها تنظيمات إجرامية ومحاولات لجر المجتمع إلى مربع العنف وإشعال الصراعات والحروب الأهلية التي تعد البيئة المناسبة للجماعات والتنظيمات التكفيرية التي تنتظر الفرصة للعودة إلى الساحة المصرية.
وقال المرصد: إن الإجراءات التي دعا إليها ما يسمى بـ"المجلس الثوري" من تحديد المراكز الأكثر أهمية في المدن والمحافظات والأفراد الأكثر عداء للجماعة هي إجراءات لا تقوم بها سوى تنظيمات الجريمة المنظمة التي تستهدف النيل من الدول والمؤسسات القوية والمهمة في دولة بعينها لنشر الفوضى والعنف مما يسهل من عمل تلك التنظيمات والجماعات، مما يعني أن تلك التنظيمات الإرهابية في الخارج أضحت تنظيمات تمارس الجريمة المنظمة ولكنها تحت دعاوى سياسية وثورية ودينية تبرر بها تلك الأعمال وتجذب بها الأفراد والجماعات المتطرفة من هنا وهناك.
وتابع: ولم يتوقف تحريض الإخوان على مهاجمة المؤسسات فحسب، بل دعت إلى عصيان مدني بالامتناع عن سداد فواتير الكهرباء؛ معلنةً أن القوة هي شعار المرحلة، في تحريض صريح جاء على لسان عبد الموجود راجح الدرديري، عضو مجلس الشعب السابق والمتحدث باسم لجنة العلاقات الخارجية بحزب الحرية والعدالة "المنحل".
واستطرد: ولم يتوقف الأمر على الدعوة للعصيان المدني؛ بل ذهبت الجماعة إلى إيجاد تأصيل شرعي للعصيان اعتبرته خلاله "فريضة شرعية"؛ حيث أصدر أكرم كساب الداعية الإخواني تأصيلًا شرعيًّا له، مؤكدًا أن الجهات التي يحق لها الدعوة للعصيان، تتضمن البرلمانيين والأحزاب والجماعات التي وصفها بـ"المخلصة" في إشارة للإخوان، وتناسى هؤلاء أن الامتناع عن سداد الأموال المستحقة للحكومة من ضرائب وفواتير الكهرباء والمياه والغاز حرام شرعًا؛ لخطورته على تفاقم الأوضاع الاقتصادية بما يؤدي إلى تعطيل مصالح الناس وتعرض حياتهم للخطر خاصة ذوي الأعذار منهم، فضلًا عن أنها تؤدي إلى تفكيك الدولة وانهيارها.

إبراهيم منير أمين التنظيم الدولي للإخوان
وفي سياق الصراع بين شباب الجماعة وقياداتها أعاد كوادر وشباب الإخوان، طرح مقطع فيديو لإبراهيم منير، أمين التنظيم الدولي للإخوان، خلال حضوره جلسة لمجلس العموم البريطاني، أكد فيها أن الخلافة ليست من الدين، في الوقت الذي أحدثت هذه الكلمات فتنة كبيرة داخل الجماعة، وكشف بعض قيادات الإخوان أن حديث منير يتناقض مع منهج الجماعة الذي ينص على الخلافة.
وقال أمين التنظيم الدولي للإخوان في كلمته في مجلس العموم البريطاني: إن التعبير عن الخلافة ليس من الدين، ولكن نسعى – أي الإخوان - إلى وحدة إسلامية، مثل الاتحاد الأوروبي وغيرها تحت أي مسمى. وأضاف إبراهيم منير في كلمته أن هذه الوحدة تشترط احتفاظ كل قطب من الأقطاب وكل بلد من البلدان بهويته الخاصة وعاداته الخاصة ولكن على الأقل على المستوى السياسي العالمي يكون هناك تعاون وإعطاء الحرية الدينية في إطار ما يتصوره الإسلام.
في المقابل شن الصاوي مبروك، القيادي الإخواني، هجومًا عنيفًا على قيادات مكتب إرشاد الإخوان، كاشفًا أن الجماعة تصدر الخلافة في منهجها للقواعد، ثم تخرج للعموم البريطاني وتقول: إن الخلافة ليست من الإسلام. وقال القيادي الإخواني في تصريح له عبر صفحته الرسمية على "فيس بوك": "الكلام الذي قاله إبراهيم منير في مجلس العموم البريطاني عن مفهوم الخلافه وأنها ليست من الدين، مش جديد واتكلم فيه كتير من المفكريين العلماء الإسلاميين وفعلًا مفيش شكل ثابت في الدين لمفهوم الخلافة...المشكلة هل ده بيتقال للصف الإخواني؟ العنصر قبل الاخير من مراتب العمل إلى هو تالت أصل من الأصول العشرين بتاعة الامام البنا هي الخلافه فهل الإخوان تجاهلوه خلاص؟ هل وجود خطاب جوه للصف الإخواني وخطاب للمجتمع وخطاب للإسلاميين وخطاب للخارج ده صح؟ طيب فين منهج وفكر الإخوان هنا؟ طب هل تقدر تواجه عموم الإسلاميين بالكلام ده وانت معيشهم وموتهم سنيين على حلم الخلافة ؟ طب حد فاهم يفهمنا طيب".

عمرو فراج مؤسس شبكة رصد الإخواني
وفى ذات السياق، شن عمرو فراج، مؤسس شبكة رصد الإخواني، هجومًا على إبراهيم منير، وقال في تصريح له عبر صفحته على "فيس بوك": "ما قاله إبراهيم منير في الجلسة العمومية لمجلس العموم البريطاني هو تلوث سُمِّيٌّ لا يعبر عنا".
بدوره قال عز الدين دويدار، القيادي الإخواني معلقًا على حديث أمين التنظيم الدولي للإخوان: "ما يعاني منه إبراهيم منير ورفاقه حقيقة هو انسحاق ثقافي وهزيمة فكرية، وهذه أعراض ملازمة لاستنفاذ القدرة والانسحاب الميداني ومظاهر لمرحلة ما بعد صدمة اكتشاف العجز في مقابل الشعارات والمبادئ".
وأضاف في تصريحه: "كل هذا قد يكون مقبول إنسانيًّا من جيل وصل للسبعين والثمانين من العمر بدون تحقيق شيء من عناوين الشباب، لكن غير المقبول حقيقة هو أن يبقى هؤلاء السبعينيين المهزومين العاجزين نفسيا وإنسانيا قابعين على رأس أكبر تنظيم".
بدوره قال أحمد فكري، أحد كوادر الإخوان، موجهًا رسالته للجماعة: "أيها الإخوان المسلمون هل تتبعون القيادات التاريخية؟ أم من كذب عليكم وعليهم مخالفا مبادئ الجماعة ؟! يقول الدكتور إبراهيم منير، الأمين العام للتنظيم الدولي للإخوان أن مصطلح الخلافة ليس من الإسلام ليس من الدين". ويضيف: " يسعى الإخوان إلى تكوين مجتمع عالمي الأساس فيه هو الإنسانية، ولم يقل الإسلام".
وأضاف في تصريحه: "يقول حسن البنا مؤسس الإخوان: "ولعل من تمام هذا البحث أن أعرض لموقف الإخوان المسلمين من الخلافة وما يتصل بها، وبيان ذلك أن الإخوان يعتقدون أن الخلافة رمز الوحدة الإسلامية، ومظهر الارتباط بين أمم الإسلام، وإنها شعيرة إسلامية يجب على المسلمين التفكر في أمرها والاهتمام بشأنها". واستطرد: "إلى الإخوان أي منهج تتبعون وأي أفكار تؤيدون هل هو منهج حسن البنا أم منهج إبراهيم منير ومحمود حسين".

هشام النجار الباحث الإسلامي
من جانبه قال هشام النجار، الباحث الإسلامي: "لو طلب الغرب الآن من الإخوان أن يعترفوا برقى الرقص الغربي وغيره من سلوكيات الثقافة الغربية لفعلوا في سبيل الحصول على اعتراف غربي يقضى بأنهم جماعة منفتحة ومعتدلة ومختلفة عن داعش والقاعدة والجهاديين، وسيستحلون ذلك ويبيحونه لأنفسهم وسيعتبرونه من قبيل الكذب على الأعداء اضطراراً وقت الإكراه بحسب الأدبيات الإخوانية".
وأضاف أن الإخوان يبذلون أقصى ما لديهم الآن حتى لا يفقدوا ورقة الغرب وحتى لا تأتيهم ضربة غادرة من جهته خاصة بعد استدارة تركيا ناحية روسيا وإيران والتحالف الأخير معهما وبعد فشل الإخوان في تحقيق ما كانت تصبو اليه أمريكا في سوريا، فالإخوان تشعر اليوم أنها في مهب الريح ومهددة في أي وقت بفقدان كامل لداعميها بعد الفشل المتواصل في الملفات المكلفة بها.