الصراع بين جيش الأسد وقوات سوريا الديمقراطية يتصاعد والمعارضة المسلحة المستفيد الأكبر
الإثنين 22/أغسطس/2016 - 03:43 م
طباعة

شَكَّل الصراع بين جيش الأسد وقوات سوريا الديمقراطية عنصرًا جديدًا لإحياء دور المعارضة المسلحة في الشمال السوري، ودافعًا ميدانيًّا لها؛ من أجل توسيع نفوذها في حلب وريفها المشتعل بالصراع، ففي تطور لافت وعلى خلفية التوترات التي تشهدها العلاقة بين تنظيم PYD وقوات الأسد في الحسكة، بدأ الأمر ينعكس على مجريات الأحداث في مناطق أخرى، لا سيما حلب، قطعت وحدات حماية الشعب PYG المتواجدة في حي الشيخ مقصود في الجزء الشمالي للمدينة، طريق "الكاستيلو" بريف حلب الشمالي نارياً .

وقالت مصادر ميدانية: إن "قوات سوريا الديمقراطية" المعروفة بـ "قسد" قصفت مواقع لقوات الأسد على الطريق الذي استولى عليه النظام قبل نحو شهر من الآن بهدف حصار الثوار داخل المدينة، والذين قاموا لاحقاً بفتح ممر بديل في الجنوب (طريق الراموسة) ليكون الكاستيلو الطريق الوحيد المتبقي للنظام، ويغدو الآن في عداد المحاصرين مالم يتغير الوضع وبذلك بات النظام الآن وبعد هذا التطور محاصراً، بقطع طريق الكاستيلو من قبل الواحد ات الكردية من الشمال، وقطع طريق الراموسة من قبل الثوار في الجنوب فيما علّلت الصفحات الموالية على مواقع التواصل الاجتماعي القطع بأنه مؤقت، وأنه "قطع لعدة ساعات، نتيجة سقوط قذائف على أطرافه وتم فتحه من جديد والطريق أمن".
وفي الوقت نفسه شنت قوات "الأسايش" و"وحدات حماية الشعب" الكردية هجوماً كبيراً بهدف إنهاء وجود النظام في مدينة الحسكة، وتمكنت القوات الكردية من السيطرة على "حي غويران"، والذي يعتبر الحي العربي الوحيد الذي كان يسيطر عليه النظام في مدينة الحسكة، وسيطرت على أجزاء واسعة من حي النشوة في الحسكة، وذلك بعد أن شنت هجوماً كبيراً استهدفت مواقع ومقرات النظام في الحي، وأن القوات الكردية بدأت الهجوم بعد منتصف الليل للسيطرة حي النشوة الواقع شمال شرق المدينة، والقريب من موقع مجمع أمني قرب مكتب الحاكم القريب من قلب المدينة، بالتزامن مع حركة نزوح للعائلات باتجاه مدن القامشلي والدرباسية وعامودا بريفق المحافظة.

ورد النظام بالتهديد على لسان محافظه في الحسكة، "محمد زعال العلي" بأنه سيحويل المدينة إلى "كومة حجر" في حال مواصلة من أسماهم حزب "العمال الكردستاني" القتال، وأن إمكانيات "حزب العمال الكردستاني نعرفها جيداً، فهم لديهم كوادر كثيرة جداً من الكرد ومن العرب، والسلاح بين أيديهم نحن نعرفه، ولدينا إحصائية في هذا السلاح، لكن لا يمكن أن يقاس مع إمكانياتنا الهائلة، وبالتالي لن يستطيعوا ولن يتمكنوا من تحقيق شيء، لكن إذا أصروا على القتال فهذه المحافظة، ستتحول إلى "كومة حجر"، وتصبح قرية مهجورة بدل المدينة العامرة، فنتيجة الحرب الدمار والدم، وفعل ورد الفعل".
وأبدى محافظ النظام في الحسكة استغرابه من مطالب القوات الكردية بطرد "السلطة" من المحافظة أو حصرها ضمن المربع الأمني؛ لأن "هذا لا يتناسب مع أفكار الحزب وعبد الله أوجلان"، وأن حزب العمال رفع سقف مطالبه كثيراً، ويطالب "القوات الحكومية" بحصر وجوده داخل المربع الأمني في المدينة وهذا غير مقبول واستغرب موقف القوات الكردية، قائلًا: "كيف توجه أسلحتها نحو الجيش الذي دعمها بالسلاح في وجه الإرهاب والإرهابيين وعليهم فتح طريق الحسكة- القامشلي، باتجاه الأفواج العسكرية بريف المدينة لوصول الإمداد، وتبادل الموقوفين".

هذا وتشهد المواجهة بين الجماعات السورية المسلحة وقوات الأسد حالة من التعقيد ففي الوقت الذي تساعد الولايات المتحدة قوات سوريا الديمقراطية وتفرض وجود الأسد نجد أن قوات سوريا الديمقراطية كانت ترفض المواجهة مع الأسد، بينما تحارب فصائل المعارضة السورية الأخرى المسلحة لإقصاء الرئيس بشار الأسد، ويتهم كل جانب الآخر بالتآمر مع أعدائه في حرب أخذت بعدًا عرقيًّا، وقال رئيس المكتب السياسي للجبهة الشامية التي تعد من أكبر فصائل الجيش السوري الحر في منطقة حلب: "يوجد فاصل يزداد عمقًا بيننا، وإذا لم يوجد حل سياسي بين الثوار والأكراد فالأمور تتجه للتصعيد". ليرد ريدور خليل المتحدث باسم وحدات حماية الشعب بأن مجموعته لا تهدف لبدء معركة مع جماعات الجيش السوري الحر ولكن إذا كانوا يريدون الحرب فسيخسرون بكل تأكيد.
ويتركز التنافس بين وحدات حماية الشعب المكون الرئيس لقوات سوريا الديقراطية والجيش السوري الحر في الركن الشمالي الغربي من سوريا؛ حيث تشتبك الأطراف الرئيسية بطريقة أو بأخرى وتشكل محافظة حلب أهميةً خاصةً لدى المعارضة؛ لأسباب من بينها موقعها على الحدود التركية. وتكافح المعارضة للإبقاء على الطرق المؤدية إلى القطاع الذي تسيطر عليه المعارضة من مدينة حلب مفتوحة وفي الوقت نفسه تقاتل داعش إلى الشمال كما تسيطر وحدات حماية الشعب على منطقة عفرين القريبة التي تقدمت منها إلى مناطق المعارضة شمالي حلب في وقت سابق من العام الجاري واعتبرت المعارضة ذلك هجومًا تم تنسيقه مع روسيا والحكومة السورية. وتنفي وحدات حماية الشعب ذلك كما تسيطر وحدات حماية الشعب على جانب كبير من شمال شرق سوريا؛ حيث يعمل حلفاؤها السياسيون لتدعيم حكم ذاتي في المنطقة في نظام يقولون إنه سيمنح كل الجماعات حقوقها.
وقد امتد الصراع بين وحدات حماية الشعب والجيش السوري الحر إلى حلب نفسها التي يخضع حي الشيخ مقصود فيها لسيطرة وحدات حماية الشعب، وتتهم المعارضة وحدات حماية الشعب بشن عدوان من خلال إطلاق النار على الطريق الوحيد المؤدي إلى الشطر الذي تسيطر عليه المعارضة في حلب، وردًّا على ذلك قصفتها المعارضة بكثافة وكان الهجوم بالصاروخ تاو تصعيدًا كبيرًا، وقالت وحدات حماية الشعب إنها أخطرت الولايات المتحدة بما حدث، وإن هذا السلاح قدم للمعارضة بموجب البرنامج الذي يحظى بالدعم الأمريكي وتحذر المعارضة من البعد العرقي للصراع الذي يغذيه نزوح العرب؛ بسبب ما تشنه وحدات حماية الشعب من هجمات ونفى مسئولون أكراد على الدوام اتهامات بحدوث تطهير عرقي في مناطق مثل تل رفعت التي سيطرت عليها وحدات حماية الشعب في فبراير شباط الماضي،

وقال صالح مسلم رئيس حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري: إن تنويع القوات في منبج أظهر أنه لا توجد مشكلة عربية كردية، لكن زكريا ملاحفجي المسئول بإحدى جماعات الجيش السوري الحر في حلب قال إنه حذر المسئولين الأمريكيين من أنهم سذج إذا اعتقدوا أن وحدات حماية الشعب ستتنازل عن السيطرة على ما يتم الاستيلاء عليه من مناطق من الدولة الإسلامية، والناس تشعر أنه يوجد تنسيق كبير بين النظام ووحدات حماية الشعب وهذا سيولد حساسيات وتلك المناطق لم تستقر.
مما سبق نستطيع التأكيد على أن الصراع بين جيش الأسد وقوات سوريا الديمقراطية يشكل عنصرًا جديدًا لإحياء دور المعارضة المسلحة في الشمال السوري، ودافعًا ميدانيًّا لها؛ من أجل توسيع نفوذها في حلب وريفها المشتعل بالصراع، وأن التوترات التي تشهدها العلاقة بين تنظيم PYD وقوات الأسد في الحسكة سيخدم بلا شك المعارضة السورية المسلحة.