اعتقال مستشار "أوغلو" و"جول".. يكشف الوجه الآخر لصراع الإسلاميين في تركيا؟
الأحد 28/أغسطس/2016 - 01:12 م
طباعة

صراع جماعات الإسلامي السياسي، لا تنتهي فيما بينها، والديكتاتورية الإسلامية هي الأصعب؛ حيث تحمى بسياج الدين والحق الإلهي، وما تشهد تركيا بعد فشل انقلاب 15 يوليو 2016، يمثل أبشع درجات الديكتاتورية الإسلامية في الوقت الحالي في اتهام بتورط آلاف الأتراك موظفين ومواطنين ومسئولين بدرجاتهم المختلفة بالتورط في عملية الانقلاب، وسط مطالب باعتقال مؤسس حركة الخدمة الداعية التركي فتح الله جولن، صاحب الفضل الأكبر في وصول رئيس حزب العدالة والتنمية رجب طيب أردوغان إلى الحكم والتربع على عرش السلطان العثماني، ولكت تقارير إعلامية تشير إلى إمكانية توجيه التهم أيضًا لرئيس الحكومة التركية السابق أحمد داود أوغلو مُنظر "العدالة والتنمية".
اعتقال مسئولين أتراك:

ويأتي قرار المحكمة التركية في أنقرة أمس السبت باعتقال ثلاثة سفراء أتراك مقالين على خلفية محاولة الانقلاب، وهم غورجان باليك، وعلي فينديك، وتونجاي بابالي بانتظار محاكمتهم. وتقول تركيا: إن هؤلاء مشتبه بأن يكونوا على علاقة بالداعية فتح الله جولن، الذي تتهمه أنقرة بالوقوف وراء محاولة الانقلاب. ونُقل السفراء المقالون الثلاثة إلى سجن "سنجان" في أنقرة.
وغورجان باليك، مدير مكتب رئيس الوزراء التركي السسابق أحمد داود أوغلو عندما كان وزيرا للخارجية، وقبل ذلك كان كبير مستشاري الرئيس السابق غول، مما يجعله في قلب منطقة النفوذ في حزب العدالة والتنمية الحاكم، والمطلع على أسراره وأسرار زعيمه الرئيس التركي الحالي رجب طيب أردوغان.
وقالت وكالة الأناضول: إن باليك نظم بصفته هذه في 2013 اجتماعًا مثيرًا للجدل بين داود أوغلو والداعية فتح الله جولن، خلال مشاركة وزير الخارجية حينذاك بأعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.
تورط "أوغلو" في الانقلاب؟

اعتقال الشخصيتين له علاقة بالقيادات الأكثر نفوذًا في حزب العدالة والتنمية الحامية والسلطة التركية بمدبري الانقلاب، تفتح هذه الاعتقالات التساؤلات عن علاقة أحمد داود أوغلو، غريم أردوغان بعد استقالته من قيادة العدالة والتنمية والحكومة التركية.
وكان داود أوغلو أعلن في مايو 2015 أنه التقى سرًّا مؤسس حركة الخدمة، والمتهم الأول بتنفيذ الانقلاب فتح الله جولن، في منزله في بنسلفانيا لإقناعه بالعودة إلى تركيا؛ من أجل تهدئة التوتر بينه وبين أردوغان.
وأوقف غورجان باليك وعلي فينديك وتونجاي بابالي في انتظار محاكمتهم، كما ذكرت الوكالة القريبة من الحكومة. وكان باليك كبير المستشارين للرئيس السابق غول رئيس تركيا من 2007 إلى 2014.
وقال مراقبون أتراك: إن اعتقال باليك سيعيد إلى الواجهة الخلافات التي كانت بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ووزير خارجيته، ثم رئيس الحكومة لاحقًا، والذي يتهم بكونه من أغرق تركيا بجماعات الإسلام السياسي، وخاصة المنتسبين إلى تيار الإخوان المسلمين.
ولاحظ المراقبون أن الأيام الأخيرة لوجود داود أوغلو على رأس الحكومة التركية شهدت توترًا بينه وبين أردوغان الذي دفعه إلى الاستقالة من رئاسة الحزب ثم من رئاسة الحكومة، ليحل محله رئيس الحكومة الحالي بن علي يلدريم الذي أقدم على تغييرات دراماتيكية في السياسة الخارجية التركية تقوم على تصفير المشاكل مع الجيران بدل توريطها في مختلف الأزمات الإقليمية.
وكان أردوغان قد اختار داود أوغلو ليخلفه في رئاسة حزب العدالة والتنمية، عقب انتخابه رئيسًا للبلاد في 2014.
ويحوز داود أوغلو على ولاء قيادات عليا ووسطى منذ الأزمة التي قادت إلى طرده من حزب العدالة والتنمية، وهو ما يهدد حضور أردوغان والمقربين منه.
ويعتقد متابعون للشأن التركي أن داود أوغلو لم يكن موافقًا على رغبة أردوغان في تحويل نظام الحكم في تركيا إلى نظام رئاسي يسمح له بالسيطرة على الحياة السياسية لسنوات أخرى، وهو ما قد يقف حائلًا أمام صعود نجم داود أوغلو، منظّر الحزب.
وربط المتابعون استقالة رئيس الحكومة السابق بوجود ضغوط قوية من أردوغان، غايتها دفع داود أوغلو إلى مغادرة المشهد السياسي؛ بسبب شكوك عن وجود رغبة خارجية قوية لدعمه كخليفة براجماتي لأردوغان الذي يوصف بالمتهور، وهو ما قد يدفعه إلى توريط تركيا في المزيد من الأزمات.
ولم يستبعد هؤلاء أن تكون دوائر غربية قد اتصلت بداود أوغلو لمعرفة رأيه بخصوص فكرة انتقال سياسي يساعد تركيا على الخروج من ورطتها في الملف السوري، ويعيد تهدئة علاقتها بالمحيط الإقليمي والدولي التي توترت بسبب الحسابات الخاطئة للرئيس الحالي.
وشغل داود أوغلو منصب وزير الخارجية في تركيا أكثر من خمس سنوات، فضلًا عن فترة رئاسته للحكومة، وهو من رسم السياسة الخارجية لهذا البلد، ولديه طموحات كبيرة؛ ولذلك كان "من الصعـب أن يكون منفذًا لإرادة الآخرين"، كما يقول المراقبون.
التخلص من مراكز القوى:

أردوغان أصبح يعتقل كل من يهدد حضوره في المشهد السياسي بتهمة الانقلاب، واعتقال مقربين من أحمد داود أوغلو يفتح الباب حول إمكانية توجيه اتهام لرئيس وزراء تركيا ورئيس حزب العدالة والتنمية السابق بالمشاركة في محاولة الانقلاب.
الأمر لن يتوقف عند أوغلو بل قد يصل إلى رئيس تركيا السابق عبد الله جول الذي لعب دورًا كبيرًا في تأسيس حزب العدالة والتنمية وقياداته لحكم تركيا.
فعبد الله جول وجه انتقادات كبيرةً لسياسة أردوغان وإدارته لتركيا، وهو ما يشير إلى أن اعتقال مقربين من أوغلو وجول يفتح الباب حول مساعي ونية أردوغان التخلص من رفقاء الكفاح ومصادر التهديد له في تركيا، باعتبارهم مراكز قوى في صناعة القرار التركي بشكل عام والتيار الإسلامي بشكل خاص.
وأيًّا كانت الخفايا التي تشير إلى تورط رئيس الوزراء السابق، وربما الرئيس السابق جول في محاولة الانقلاب، فإنها ستعطي مبررًا إضافيًّا لأردوغان ليواصل إخلاء المؤسسات من المعارضين له ومراكز القوى.
المشهد التركي
ما يحدث في تركيا صورة واضحة وباختصار للديكتاتورية الإسلامية في صورتها الحاحكمة، أردوغان بذريعة الانقلاب يسعى للتخلص من كل مراكز القوى وأصحاب التهديد له ولمكانته في حكم تركيا، وخاصة من أبناء جلدته التيار الإسلامي، وهو ما قد ينعكس على أردوغان نفسه ويسقط بيد أقرب المقربين له.