السلفيون وقانون بناء الكنائس بين الرفض والتورط في القبول
الثلاثاء 30/أغسطس/2016 - 05:39 م
طباعة

دخل النائب مصطفى بكرى في مشادة ساخنة مع أحد نواب حزب النور، وذلك على خلفية مناقشة قانون بناء الكنائس.
وقال بكرى، عضو لجنة الإعلام بمجلس النواب، إن صدور قانون لبناء وترميم الكنائس ليس معناه أن الأقباط أصبحوا متوغلين في الدولة، خاصة أن بناء الكنائس ودور العبادة حق أقر به الدين والدستور والتشريعات.

وأوضح بكرى، تعليقًا على تصريحات الدكتور أحمد العرجاوى عضو الهيئة البرلمانية لحزب النور السلفي الرافض للقانون، أن حق بناء الكنائس هدفه رفض أيّة محاولة للتمييز بين المصريين، فالدين لله والوطن للجميع، ولا يجب أخذ الأمور باتجاه يثير ويؤجج المشكلات، لهم ما لنا وعليهم ما علينا، وأرجو ألا ينسى البعض مقوله البابا تواضروس التي قالها بعد حرق الإخوان للكنائس عقب فض اعتصام رابعة، بقوله وطن بلا كنائس أفضل من كنائس بلا وطن، ولا يجب المزايدة بأي حال من الأحوال، فالإسلام لا يمنع بناء الكنائس".
فيما قال النائب محمود هيبة، عضو الكتلة البرلمانية لحزب النور، إن الكتلة البرلمانية للحزب لم تحسم رأيها حتى الآن بشأن قانون بناء الكنائس، موضحا أن هناك أعضاء يوافقون على القانون باعتباره يخدم المواطنة وآخرون يرفضون.
وأضاف عضو الكتلة البرلمانية لحزب النور، أن الكتلة البرلمانية للحزب ستعقد اجتماعا قبيل بدء الجلسة العامة لحسم الموقف، على أن يعرضه الدكتور أحمد خليل رئيس الكتلة البرلمانية للحزب تحت القبة اليوم.
وفى ذات السياق، قال النائب خالد عبد المولى، عضو الكتلة البرلمانية للحزب، إن الكتلة ستبحث مع اعضاءها بعد قليل مشروع القانون، خاصة أن هناك اعضاء بالكتلة لم يحضروا اجتماع أمس الذى تم عقده للتباحث حول مشروع القانون.
في الوقت الذى يسعى فيه نواب البرلمان والحكومة والكنيسة المصرية خلق حالة من التوافق حول قانون بناء الكنائس المنتظر التصويت عليه خلال الجلسة العامة اليوم، زاد حزب النور السلفي الأمر تعقيدا واشتعالا بدخوله على خط المعركة معلنا رفضه لمشروع القانون، ولكن ليس لنفس الأسباب التي يرفض من أجلها بعض النواب الأقباط القانون، حيث يرفض الحزب القانون لأنه يرى منه تغولا من الأقباط على الدولة، ويعطى لهم امتيازات يرفضها الحزب.
وقد أكد مصدر من داخل الهيئة البرلمانية لحزب النور السلفي، أن الهيئة البرلمانية للحزب سترفض قانون بناء الكنائس الجديد، وأضاف المصدر أن الهيئة البرلمانية لديها اعتراضات كثيرة على عدد من مواد القانون، لافتًا إلى أن الحزب استقر في اجتماعه الذى حضره عدد من القيادات الهيئة البرلمانية وأعضاء الهيئة العليا، على تصويت نواب الحزب برفض القانون في الجلسة العامة للبرلمان، لتسجيل موقف الحزب تجاه القانون.

ولفت المصدر في تصريحه، إلى أن الدكتور أحمد خليل خير الله، عضو مجلس النواب عن محافظة الإسكندرية ورئيس الهيئة البرلمانية للحزب، سيتحدث في كلمته أمام الجلسة العامة اليوم، عن الأسباب الكاملة لرفض الحزب للقانون.
من جانبه قال الدكتور أحمد العرجاوى، عضو مجلس النواب عن حزب النور، وكيل لجنة الصحة بالبرلمان، تعليقا على قانون بناء وترميم الكنائس، "إن الدستور نص على أن دولتنا "إسلامية"، والدستور لم يذكر أننا دولة مسيحية، ولما الغرب يعمل للمساجد زي ما بيعملوا للكنائس يبقى إحنا نقول نعم للكنائس".
وأضاف: "نحسبها بكل المقاييس وعدد السكان والمساحة نلاقى هذا هو وضع الأقباط، ولا يمكن أن يتوغلوا أكثر من ذلك، وازاى مينفعش أخد القرار من كبار المسئولين في بناء الكنائس ويكون القرار في أيد سكرتير الوحدة المحلية، وبعدها نلاقى فى كل عزبة وكل قرية وكل مكان كنيسة"، وهذا ليس منطق، لافتا "أن جميع الأقباط يعيشون في مصر بكل أمان وبكامل حريتهم وبكامل عبادتهم، واحنا بنحترمهم، وهم شركاء الوطن ولهم كافة الحقوق"، وهذا لا يعنى أننا نترك الحبل الغارب".
وطالب عضو مجلس النواب، عن حزب النور، بأن يتم تقنين الأوضاع بالنسبة للقانون، وأن تكون الأمور في يد المسؤولين بالدولة، زي ما كان في السابق، ويعنى الرؤساء اللي قبل كده كانوا "كفرة" ومكنوش مسلمين، كانوا مسلمين ومحافظين على الأقباط، ولابد أن تبقى الأمور كما هي عليه، وأيه أسباب تضر بالأقباط كي يطالبون بقانون جديد لهم".

وتاريخ التيار السلفي مع الأقباط يستعصى على أي قدر من الانتهازية السياسية، فمنذ نشأة التيار في مصر على يد مجموعة من طلاب الجامعات في السبعينيات وهم ينظرون إلى المسيحيين على أنهم «كفار» وليسوا شركاء في الوطن، وهو ما تؤكده فتاوى منظري السلفية في مصر أمثال الشيخ محمد إسماعيل المقدم، وياسر برهامي، وأبو إسحاق الحوينى وغيرهم من حاملي هذا الفكر الوهابي.
يحفل موقع «صوت السلف» بفتاوى أجمع عليها أعضاء الدعوة السلفية تقوم على أن «غير المسلم» لا يجوز له أن يتولى الولايات العامة مثل قيادة الجيش ولا حتى سرية من سراياه، ولا يجوز أن يشتركوا في القتال ولا يتولوا الشرطة ولا أي منصب في القضاء ولا أي وزارة، وأن المساواة المطلقة بين مواطني البلد الواحد قول يناقض الكتاب والسنة والإجماع.
وهو ما عبرت عنه الكثير من الفتاوى التي أصدرها مشايخ السلفية، أمثال برهامي، والحوينى، والمقدم، مستندين في فتاواهم إلى إصدارات ابن القيم وابن تيمية، ومشايخ السلفية السعودية الذين تبنوا الفكر الوهابي، أمثال «ابن عثيمين» و«ابن باز» بحق الأقباط، في نواح كثيرة سواء بناء دور العبادة، وتهنئة الأقباط بأعيادهم، ودفعهم للجزية، وإلقاء السلام، وغيرها من الفتاوى التي تنافى سماحة الدين الإسلامي.
ويذهب قادة السلفية إلى تحريم بناء الكنائس بشكل قاطع، وفى هذا المعنى يقول أبو إسحاق الحويني: «في ميثاق عمر بن الخطاب -رضى الله عنه- أنه إذا هدمت كنيسة وسقطت لا ينبغي لها أن تجدد، ويسخر ممن يقول إن من حق النصارى التبشير بدينهم في الفضائيات ويقول إن هذا من علامات آخر الزمان»، وهو ما أكده الشيخ السلفي فوزى عبدالله، بقوله: "يجب عليهم الامتناع من إحداث الكنائس والبيع، وكذا الجهر بكتبهم وإظهار شعارهم وأعيادهم في الدار؛ لأن فيه استخفافًا بالمسلمين".
ولم تقتصر فتاوى السلفيين على ذلك، بل وصلت إلى وجوب فرض «الجزية» على الأقباط، بل ووجوب قتالهم حتى يسلموا، وذلك حسب ما ورد في كتاب «فقه الجهاد» لنائب رئيس الدعوة السلفية: «إن اليهود والنصارى والمجوس يجب قتالهم حتى يسلموا أو يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون»، وأكد على ذلك قول «الحويني» عن الجزية، في خطبته عن «الولاء والبراء»، "يجب أن يدفعها المسيحي وهو مدلدل ودانه"