مع إجراءات ألمانيا وسويسرا.. سحب الجنسية ورقة أوروبا لمواجهة "داعش"
الأربعاء 31/أغسطس/2016 - 01:38 م
طباعة

طرحت سويسرا وألمانيا إجراءً يهدف إلى سحب جواز سفر شاب مزدوج الجنسية ذهب إلى سوريا للقتال تحت راية تنظيم داعش والجماعات الإرهابية، وهو ما يوضح حجم القلق الأوروبي من العائدين من سوريا خاصة من المسلمين الذين انتموا إلى الجماعات التي تقاتل في سوريا، وهو إجراء بدأ عدد من الدول الأوروبية اتخاذه مع التهديدات الإرهابية التي تواجهها هذه الدول.
سوسيرا وسحب الجنسية:

تدرس السلطات الفيدرالية في سويسرا، إمكانية فرض عقوبات أخرى مُماثلة، حتى وإن كانت فعالية الإجراء مُثيرة للجدل.
ومنذ 1953، لم يصدر أي قرار بسحب الجنسية من أي مواطن سويسري المَولد. ومن ناحية أخرى، تبقى المادة 41 من قانون الجنسية، التي تقضي بإلغاء عملية التجنّس في حال تبيّن أنه تم الحصول على الجنسية بالاحتيال، أكثر استخداماً؛ حيث تم سحب جوازات السفر، وبأثر رجعي، من 567 شخصاً بين عامي 2006 و2015، بغض النظر عمّا إن كانوا يحملون جنسية أخرى أم لا.
يبقى أنّ السلطات السويسرية استمعت لمطالبة أعضاء مجلس النواب، والتي تُمهّد لسيناريو مماثل لذلك المُقتَرح في ألمانيا؛ حيث أكدت ليا ويرتايمر، المتحدثة باسم كتابة الدولة للهجرة، قائلة: «ننظر في إمكانية سحب الجنسية السويسرية، في حالات مُحدّدة، من مزدوج الجنسية الذي من المُحتمل أن يكون مُرشحاً لمُغادرة البلاد بهدف الجهاد. وبعد عملية السحب هذه، يُمكن للشرطة الفدرالية أن تُصدر مُذكّرة بمنع دخول هذا الشخص إلى الأراضي السويسرية، وبالتالي صد التهديد المُباشر الذي يُشكّله هذا الأخير على سويسرا».
إذاً، لن يكون الأمر تلقائياً؛ لأن ذلك يتنافى مع مبدأ دولة القانون. وإنما إجراء يُتّخذ في كل حالة على حدة. وشدّدت ليا ويرتايمر على أنَّ: «سحب الجنسية هو إجراء حاسم وبالتالي لن يُطبّق إلا بعد فحص دقيق وفي حالات استثنائية».
تستند كتابة الدولة للهجرة في ذلك على حكم من أحكام قانون الجنسية أُضيف عام 1953 ولكنه لم يُطبّق حتى الآن. وينص هذا القانون على سحب المُواطنة السويسرية من مزدوج الجنسية في حال ألحقت تصرفاته «ضررًا خطيرًا بمصالح واسم سويسرا». وفعلياً، لا يمكن تصور تطبيقه إلا في حالات خطيرة للغاية من (أعمال وحشية وجرائم حرب.. إلخ) وعندما يُشكّل الشخص تهديداً حقيقياً لسويسرا، حسب ما أوضحت كتابة الدولة السويسرية للهجرة.
ويبلغ عدد المهاجرين الجهاديين الذين غادروا سويسرا، بحسب إحصائيات جهاز الاستخبارات الفيدرالي في شهر يوليو 77 جهادياً، منهم 17 مواطنًا يحمل جنسيتين.
أوروبا تسحب الجنسية:

الأمر لم يقتصر عند سويسرا فقط بل طريق طول تتاخذ الدول الأوروبية؛ من أجل حماية أمنها القومي، فقد تقدم وزير الداخلية الألماني توماس دو ميزيير، في 12 أغسطس 2016، بمقترح لإسقاط الجنسية عن الأشخاص الذين يحملون جنسيتين ويشاركون في معارك في الخارج لحساب جماعات إرهابية.
وقال وزير الداخلية الألماني، خلال مؤتمر صحافي: "الألمان الذين يشاركون في المعارك في الخارج لحساب جماعات إرهابية ويحملون جنسية أخرى، يجب أن يخسروا في المستقبل جنسيتهم الألمانية".
ووفقًا لتعداد لأجهزة الاستخبارات الألمانية في مايو الماضي هناك 820 متشددًا غادروا ألمانيا إلى سوريا والعراق، عاد ثلثهم إلى ألمانيا وقتل حوالي 140 منهم. ولا يزال 420 في سوريا والعراق.
وتبنى مجلس الشيوخ الأسترالي، في ديسمبر 2015، قانونًا يسمح للسلطات بسحب الجنسية ممن يحملون جنسية أخرى إلى جانب الأسترالية، حال ثبوت تورطهم في نشاطات ذات طابع إرهابي، لمن تجاوزت أعمارهم 14 عامًا، إضافةً إلى المشتبه بهم في قضايا إرهابية، حتى قبل صدور قرار قضائي بحقهم، في خطوة دولية جديدة في طريق مواجهة الإرهاب، حسب ما ذكرت وكالة "فرانس برس".
بريطانيا كان لها السبق في استخدام وقة سحب جوزات السفر والجنسية من المقاتلين المنضمين لـ"داعش"، فقد ذكرت صحيفة "اندبندنت" البريطانية في 23 ديسمبر2013 ، أن وزارة الداخلية البريطانية بدأت بسحب الجنسية من مواطنيها الذين يقاتلون في سورية؛ وذلك لمنعهم من العودة إلى البلاد.
وقد أعلن رئيس الوزراء البريطاني السابق ديفيد كاميرون،عن خطط لمكافحة الإرهاب، تساعد الشرطة في مصادرة جوازات من يُشتبه بأنه من المقاتلين الإسلاميين، وتشدد إجراءات السفر جوًّا، وتفرض قيودًا على حركة المتطرفين المشتبه فيهم، خاصةً بعد أن رفعت بريطانيا حالة التأهب إلى "خطرة.
وفي مايو 2016 عدلت هولندا قوانين الجنسية الخاصة بها، بما يمكنها من سحب الجنسية الهولندية حال قيام أحد مواطنيها بالتطوع للانضمام إلى صفوف إحدى المنظمات الإرهابية، فقد صوت النواب الهولنديون اليوم الثلاثاء، لصالح سحب الجنسية الهولندية من الذين يحملون جنسيتين في حال انضمامهم للقتال إلى جانب منظمات إرهابية من بينها تنظيم داعش.
وفي فرنسا، أدت رغبة الرئيس فرانسوا هولاند التخلي عن مشروع قانون سحب الجنسية، بعد انقسام كبير بين صفوف الغالبية الاشتراكية في أعقاب تفجيرات 13 نوفمبر 2015؛ وبسبب عدم وجود الدعم الكافي في البرلمان، تمَّ التخلي عنها في نهاية المطاف في مارس 2016 بعد "4" أشهر من النقاشات الحادة تحت قبة البرلمان الفرنسي لمشروع الإصلاحات الدستورية الخاصة بإسقاط الجنسية عن المتورطين بالإرهاب.
ومع الحضور الكبير للشيشانيين في تنظيم "داعش" والجماعات الجهادية في سوريا اقترح رئيس جمهورية الشيشان الروسية رمضان قديروف، سحب الجنسية الروسية من كل مواطن توجه للقتال إلى جانب تنظيم "الدولة الإسلامية" وغيره من التنظيمات الإرهابية.
وكتب قديروف، في تغريدة على حسابه في التوتير، يوليو 2015 قائلًا: "أقترح سحب الجنسية الروسية من كل أولئك الذين ذهبوا للقتال في صفوف دولة إبليس، والمنظمات الإرهابية الأخرى".
المشهد الأوروبي

يبدو أن دول أوروبا تستخدم كل إمكانياتها من أجل مواجهة تنظيم "داعش" وخطر الإرهاب على أراضيها ومصالحها داخل القارة العجوز أو خارجها، وجاءت ورقة سحب الثقة من مواطنيها المنضمين إلى الجماعات الجهادية لتكون ورقة مهمة في استراتيجية العقاب والمواجهة التي تتبعها دول أوروبا في مواجهة الإرهاب.