أغسطس "الأسود" شهر الخسائر الدموية للميليشيات الشيعية في حلب

السبت 03/سبتمبر/2016 - 04:16 م
طباعة أغسطس الأسود شهر
 
شكل أغسطس 2015م شهر الخسائر الأكبر على النظام السوري والميليشيات الشيعية الموالية له؛ حيث كشفت "جبهة فتح الشام"- جبهة النصرة سابقًا- المنضوية في جيش الفتح عن حصيلة الخسائر البشرية والعسكرية لميليشيات إيران بحلب؛ حيث نشر المكتب الإعلامي لجبهة "فتح الشام" انفوغرافيك بحصيلة خسائر النظام وميليشيات إيران المادية والعسكرية خلال شهر أغسطس جنوب مدينة حلب، وأنها تصدت لـ 22 محاولة تقدم لقوات النظام على جبهات ريف حلب؛ حيث وثقت مقتل 250 عنصرًا من قوات النظام والميليشيات الشيعية.
أغسطس الأسود شهر
كما يشير الانفوغراف إلى أن "فتح الشام" دمرت 20 آلية عسكرية تنوعت بين 4 دبابات، و5 سيارات من نوع "بيك آب"، و10 ناقلات جند، وعربة تركس، وأن عدد محاولات إفشال تقدم عناصر النظام إحباط 9 محاولات تقدم على الجبهة الفنية الجوية، و5 محاولات على جبهة الدباغات، و3 محاولات على مشروع الـ1070 شقة، ومثلها على جبهة القراصي، ومحاولتين على جبهة الراموسة، وتعد هذه الإحصائية خاصةً بـ"جبهة فتح الشام" فقط، بينما لم تصدر باقي فصائل "جيش الفتح" إحصائيات بالخسائر التي كبدتها بصفوف ميليشيات إيران.
 كما بث المكتب الإعلامي لـ "جيش الفتح" مقطع فيديو يظهر استعادة الثوار السيطرة على قرية القراصي بريف حلب الجنوبي، بعد اشتباكات مع الميليشيات الشيعية، وأظهر تقدم دبابات الفصائل السورية المعارضة  المسلحة نحو القرية وهروب ميليشيات إيران من المنطقة، تحت ضربات "جيش الفتح"، ما أوقع قتلى في صفوف عناصر النظام كما استعادت أيضًا السيطرة على مواقع ونقاط احتلتها الميليشيات الشيعية في وقت سابق جنوب مدينة حلب، وأكد المكتب الإعلامي لحركة "أحرار الشام" الإسلامية، أن "جيش الفتح" استعاد كامل قرية "القراصي" وتلتها جنوبي حلب، وذلك بعد ساعات من الاشتباكات العنيفة مع الميليشيات الشيعية، وجاءت هذه الخسائر للميليشيات الشيعية بعد إعلان "جبهة فتح الشام" إحباط محاولة التقدم نحو "مشروع 1070 شقة"، جنوب حلب، عقب معارك خلفت عشرات القتلى في صفوف الميليشيات الشيعية.
أغسطس الأسود شهر
فيما نشر معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى تقريرًا تناول فيه خسائر المقاتلين الشيعة من غير الإيرانيين في سوريا، معتبرًا أنهم يدفعون ثمن التدخل الإيراني، في ضواحي مدينة حلب السورية ووصف كاتب التقرير، الباحث علي آلفونة، المقاتلين الشيعة من غير الإيرانيين، بـ"اليائسين" الذين يقاتلون مقابل وعود إيرانية بتوفير فرص العمل والمواطنة لهم، وآخرين يقاتلون بدوافع دينية وعقائدية زينتها لهم إيران، وجعلت من تدخلها في سوريا أمرًا مشروعًا بالنسبة لها ولمقاتليها الشيعة.
 وشدد التقرير على أن مدينة حلب المحاصرة أصبحت رمزًا لمعاناة السكان المدنيين السوريين العالقين، جراء ممارسات قوات النظام وحلفائه الشيعة، وأن الحملة الطويلة فرضت عبئًا ثقيلًا أيضًا على المحاصِرين، ومن بينهم أفراد من "فيلق الحرس الثوري" الإيراني، و"حزب الله" اللبناني، والميليشيات الشيعية الأخرى، وأن عدد الأفغان والإيرانيين والعراقيين واللبنانيين والباكستانيين الذين قتلوا في المعارك منذ يناير 2012، كبير جدًّا في ضواحي حلب، لا سيما منذ بدء التدخل الروسي في سبتمبر 2015م، وأن إيران توصلت تدريجيًّا إلى تفاهم مع الميليشيات الشيعية بشأن تقاسم الأعباء، لتخفض بذلك عدد مواطنيها الذين يسقطون في حلب.
أغسطس الأسود شهر
واعتمد تقرير معهد واشنطن على إشعارات الوفيات الرسمية والتقارير الصحفية عن مراسيم الجنازات التي جرت في إيران ولبنان، ليبين أنه قُتل ما مجموعه 1987 مقاتلًا شيعيًّا (من بينهم أفراد من الجيش الإيراني) في المعارك التي دارت في سوريا بين 19 يناير 2012، و29 أغسطس 2016م، وأنه لم يُعلن مكان الوفاة إلا لـ 408 من هؤلاء المقاتلين، مما يعني وجود تباينات كبيرة بين الجنسيات على الرغم من الإفادة عن مكان وفاة أكثر من نصف القتلى الإيرانيين، وجماعات أخرى - فرقة "الفاطميون" الأفغانية والمليشيات العراقية و"حزب الله"، ولواء "الزينبيون" الباكستاني- لا تزال الجماعات الأخرى تبدي تكتمًا شديداً حول أماكن وفاة مقاتليها.
وأرجع هذا التكتّم إلى اعتبارات عسكرية بشكل جزئي، إلا أن العوامل الدينية تلعب أيضًا دورها. ففي جميع الأحوال، لا يزال الدفاع عن مقام السيدة زينب في ضواحي دمشق العامل الرئيس في تبرير وجود القوات الشيعية الأجنبية على الأراضي السورية؛ ولذلك فإن أي عمليات تنفذها هذه القوات خارج تلك المنطقة قد تفتقر إلى الشرعية الدينية ومن بين القتلى البالغ عددهم 408 والذين أُعلن عن مكان وفاتهم، ذكرت بعض التقارير أن 229 منهم قُتلوا في ضواحي حلب. وربما أن العديد من الشيعة الذين لقوا حتفهم منذ أكتوبر 2015 قُتلوا في منطقة حلب أيضاً، حتى لو لم يتم تأكيد تلك المعلومات علنًا.
أغسطس الأسود شهر
وبحسب الباحث آلفونة، يبدو هذا الاستنتاج مبررًا؛ "لأن ضحايا حلب المُعلَن عنهم قد بلغوا ذروتهم بالتزامن مع مجمل الخسائر الشيعية في سوريا، وأن خسائر معركة خان طومان وتأثيرها على الرأي العام الإيراني، شكلت نقطة فارقة، إذ كانت غالبية الإيرانيين الذين قتلوا في تلك المعركة من أبناء محافظة مازندران في شمال إيران، وكانوا ينتمون إلى "فرقة "كربلاء" الـ 25 في "الحرس الثوري الإسلامي، وقد أثارت هذه الخسائر موجة احتجاج في البلاد؛ ما دفع بالحرس الثوري إلى اتخاذ خطوة لم يسبق له أن أقدم عليها خلال الحرب، وهي الإعلان رسميًّا عن نقل كافة الأفراد الناجين في الفرقة إلى إيران، ومن بينهم 21 جريحًا، وأنه- بغض النظر عن الاعتبارات التكتيكية التي تعمل بها طهران هذا الصيف- لم يحدث تغيير في استراتيجيتها الشاملة حول سوريا وعزمها على مساعدة نظام الأسد في الاستحواذ على حلب بأكملها لكن هذه الأهداف بحاجة إلى سيل ثابت من المقاتلين الشيعة غير الإيرانيين؛ كونه يقلّص معدل وفيات المواطنين الإيرانيين في ما أصبح حصارًا مكلفًا". 
واختتم التقرير بالقول: "إذا كان وكلاء طهران لا يزالون على استعداد لدفع ثمن تدخل إيران في المنطقة- مثل "حزب الله" والميليشيات العراقية- فمن المرجح أن يستمر بعضهم في ذلك لأسباب دينية أو عقائدية أو سياسية، أما البعض الآخر- على غرار العدد المتزايد من المقاتلين الأفغان- فلا يزال مستعدّا لذلك مقابل وعودٍ بتوفير فرص العمل والمواطنة؛ وبعبارة أخرى، إنّ وجود أفغان شيعة يائسين يعني وجود متطوعين أفغان في سوريا.
أغسطس الأسود شهر
مما سبق نستطيع التأكيد على أن شهر أغسطس 2015م يعد الشهر الأسود على النظام السوري والميليشيات الشيعية الموالية له؛ بسبب الخسائر البشرية والعسكرية التي منيت بها، ولكن مع الزيادة الكبيرة في وتيرة المعارك بين الطرفين وزيادة خسائر الميليشيات الإيرانية هل سيكون شهر أغسطس هو الأخير أم الأول لمزيد من الخسائر الفادحة للنظام السوري والميليشيات المتحالفة معه.

شارك