ما بين توصيات مؤتمر "أهل السنة" والجدل الدائر حوله

السبت 03/سبتمبر/2016 - 05:28 م
طباعة ما بين توصيات مؤتمر
 
أصدر المؤتمر العالمي لعلماء المسلمين الذي انعقد في مدينة جروزني عاصمة جمهورية الشيشان، والذي استمر ثلاثة أيام من 25 إلى 27 أغسطس 2016، عددًا من النتائج والتوصيات، وجاء أبرزها:
-  أن أهل السنة والجماعة هم الأشاعرة والماتريدية في الاعتقاد وأهل المذاهب الأربعة في الفقه، وأهل التصوف الصافي علمًا وأخلاقًا وتزكيةً على طريقة سيد الطائفة الإمام الجنيد ومن سار على نهجه من أئمة الهدى.
-  للقرآن الكريم حرم يحيطه من العلوم الخادمة له، المساعدة على استنباط معانيه، وإدراك مقاصده وتحويل آياته إلى حياة وحضارة وآداب وفنون وأخلاق ورحمة وراحة وإيمان وعمران وإشاعة السلم والأمان في العالم؛ حتى ترى الشعوب والثقافات والحضارات المختلفة عيانًا أن هذا الدين رحمة للعالمين وسعادة في الدنيا والآخرة.
ويعتبر هذا المؤتمر نقطة تحول مهمة وضرورية لتصويب الانحراف الحاد والخطير الذي طال مفهوم "أهل السنة والجماعة" إثر محاولات اختطاف المتطرفين لهذا اللقب الشريف وقصره على أنفسهم وإخراج أهله منه.
وخرج المؤتمر الذى افتتحه الدكتور أحمد الطيب، شيخ الازهر الشريف، بعدة توصيات وهى:
1. أوصى المؤتمر بإنشاء قناة تليفزيونية على مستوى روسيا الاتحادية لتوصيل صورة الإعلام الصحيحة للمواطنين ومحاربة التطرف والإرهاب.
2. زيادة الاهتمام بقنوات التواصل الاجتماعي وتخصيص ما يلزم من الطاقات والخبرات للحضور الإيجابي في تلك الوسائط حضورًا قويًّا وفاعلًا.
3.  أن يتم إنشاء مركز علمي بجمهورية الشيشان لرصد ودراسة الفرق المعاصرة ومفاهيمها وتشكيل قاعدة بيانات موثقة تساعد على التفنيد والنقد العلمي للفكر المتطرف واقترح المتجمعون أن يحمل هذا المركز اسم "تبصير".
4.  عودة مدارس العلم الكبرى والرجوع إلى تدريس دوائر العلم المتكاملة التي تخرج العلماء والقادرين على تفنيد مظاهر الانحراف الكبرى.
5.  ضرورة رفع مستوى التعاون بين المؤسسات العمية العريقة كالأزهر الشريف والقرويين والزيتونة وحضرموت ومراكز العلم والبحث فيما بينها ومع المؤسسات الدينية والعلمية في روسيا الاتحادية.
6. ضرورة فتح منصات تعليمية للتعليم عن بعد لإشاعة العلم الآمن.
7. توجيه النصح للحكومات بضرورة دعم المؤسسات الدينية والمحاضن القائمة على المنهج الوسطي المعتدل والتحذير من خطر اللعب على سياسية الموازنات وضرب الخطاب الديني ببعضه.
8.  يوصي المؤتمر الحكومات بتشريع قوانين تجرم نشر الكراهية والتحريض على الفتنة والاحتراب الداخلي والتعدي على المؤسسات.
9.  أوصى المشاركون مؤسسات أهل السنة الكبرى – الأزهر ونحوه-بتقديم المنح الدراسية للراغبين في دراسة العلوم الشرعية من مسلمي روسيا.
10.  كما أوصى المشاركون بأن ينعقد هذا المؤتمر الهام بشكل دوري لخدمة هذه الأهداف الجليلة.
ما بين توصيات مؤتمر
وقد استحوذ مؤتمر "أهل السنة"، الذي عقد مؤخرًا بالعاصمة الشيشانية على اهتمامات المجتمع الإسلامي حول العالم، حيث دفع رمزين من التيار الإسلامي للرد عليه، وتلخيص ملاحظاتهما عليه. البداية مع السلفي محمد حسان، الذي وجه انتقادات حادة للبيان الختامي لمؤتمر أهل السنة والجماعة بالشيشان والذي أبعد السلفية عن أهل السنة. وقال حسان في بيان اليوم: "ينعقـدُ مؤتمر الشيشان في وقتٍ تمرُّ فيه أُمَّتُنـا بمرحلة تاريخية فارقة وفتنٍ عاتية وأَزَماتٍ قاسية، فالكلمةُ مُفَرقة والانقسام عميق، والدماء تُسفك، والأقصى يُهان، والمسلمون يعانون الجور والظلم في كل مكان، وكان الأوْلى دعوة المسلمين إلى جمع الكلمة ووحدة الصـف والاعتصام بالقرآن والسنة وتحقيـق الأخـوَّة الإيمانية "هو سمَّاكم المسلمين" وليست الأمة أبدًا في حاجة إلى مزيدٍ من الشقاق والنزاع والتشتت والخلاف ودعم الاستقطاب المذهبي والطائفي والفكري وزيادة الشحناء والبغضـاء. وتابع: بل كانت الأمة ولا تزال في أَمـسِّ الحاجة إلى دعوة العلماء لحقـن الدماء والكفِّ عن القتل ورفع الظلم والقهر، وأن تُحفظ للإنسان إنسانيتُهُ وكرامتُه وسُبلُ العيـشِ الحرِّ الكريم في إطارِ منهجِ الله ورسولهِ صلى الله عليه وسلم ثم هل من التأصيل العلمي المتجرد وفقه الواقع بتعمق إخراجُ السلفية من أهل السنة والجماعة؟! فالسلفيةُ ليست حزباً ولا جماعة ولا حكْراً على أحد، بل هي منهجُ يقوم على القرآن والسنة بفهم السلف الصالح من الصحابة والتابعين وتابعي التابعين. 
ما بين توصيات مؤتمر
فيما اتهم الدكتور ياسر برهامي نائب رئيس الدعوة السلفية، مؤتمر أهل السنة والجماعة الذي انعقد في الشيشان واستبعد السلفية من مفهوم أهل السنة واقتصر في دعوته وبيانه الختامي على اتجاه بعينه، بمحاولة سرقة لقب "أهل السنة ‏والجماعة" من أهله، وإقصاء الاتجاه السلفي بكل أطيافه. وأضاف "برهامي"، في بيان له اليوم: "حتى العقلاء الذين تم ‏دعوتهم والذين يميلون إلى التعايش والتقارب بين الاتجاهات الإسلامية لم يلتفت المؤتمر في بيانه ‏الختامي لدعوتهم وصوتهم الذي مثّله شيخ الأزهر في كلمته، والتي نص فيها على ما يعتقده ‏ويدعو إليه - وإن كان من الواضح أنه يجد ممانعة شديدة حتى في داخل مؤسسته- من أن أهل السنة والجماعة هم الأشاعرة والماتريدية وأهل الحديث، فلم يقصوا السلفيين الذين يدخلهم تحت اسم أهل الحديث كما نعلم ذلك منه شخصيًا ونحمده عليه دائمًا".
فيما استغرب رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الشيخ يوسف القرضاوي والمحسوب على جماعة الاخوان الارهابية، نفي البيان الختامي للمؤتمر إسلامي صفة أهل السنة والجماعة عن أهل الحديث والسلفيين، واصفا إياه بأنه "مؤتمر ضرار".
ما بين توصيات مؤتمر
وقال الشيخ القرضاوي في بيان له نشره موقعه الإلكتروني "أزعجني هذا المؤتمر بأهدافه وعنوانه، وطبيعة المدعوين إليه والمشاركين فيه، كما أزعج كل مخلص غيور من علماء الإسلام وأمته، فرأيت أن أصدقَ ما يوصف به أنه مؤتمر ضرار".
وأضاف أن البيان الختامي للمؤتمر بدلًا من أن يسعى لتجميع أهل السنة والجماعة صفا واحدا أمام الفرق المنحرفة عن الإسلام، المؤيدة سياسيا من العالم، والمدعومة بالمال والسلاح، إذا به ينفي صفة أهل السنة عن أهل الحديث والسلفيين من "الوهابيين"، وهم مكون رئيسي من مكونات أهل السنة والجماعة، وفق تعبيره.
وأكد القرضاوي أن "أمة الإسلام -وهم أهل السنة- هم كل من يؤمن بالله وكتابه ورسوله.. من لا يقر ببدعة تكفيرية، ولا يخرج عن القرآن الكريم وعن السنة الصحيحة، وهم كل المسلمين إلا فئات قليلة صدت عن سبيل الله".
وأشار إلى أن الأمة الإسلامية لم يعد لديها من رفاهية الوقت لإحياء الخلافات التاريخية القديمة بين مكونات أهل السنة والجماعة، بينما تئن مقدساتها وتستباح حرماتها، وتسيل دماؤها في فلسطين وسوريا واليمن وغيرها.
وقال القرضاوي: لم نسمع ممن نصبوا أنفسهم ممثلين لأهل السنة والجماعة كلمة اعتراض على ما تقوم به إيران وأذنابها، من مليشيات حزب الله في سوريا، والحوثيين في اليمن؛ من قتل واستباحة وتدمير، وبعث الدعاة في أفريقيا وآسيا لتضليل أهل السنة، ولا كلمة إنكار لما تقوم به روسيا ومن يدور في فلكها.
كما وصف من تصدر المؤتمر بأنهم "علماء السلطان وشيوخ العار الذين سكتوا عن دماء المسلمين المراقة ظلما وعدوانا من روسيا وأذنابها، والذين هللوا للمستبدين في عالمنا العربي وحرضوهم على سفك الدماء".
وتقول فتوى التقسيم التي خرجت عن المؤتمر كما وصفتها عدة مواقع إلكترونية إسلامية داخل روسيا وخارجها: إن أهل السنة والجماعة هم أتباع الفرق التالية: المحدثين والصوفية والأشاعرة والماتريدية.
ورغم تصنيف الفتوى لأتباع المذاهب الأربعة الحنفية والحنبلية والشافعية والمالكية من أهل السنة، فإنها اعتبرت السلفية والوهابية وجماعة الإخوان المسلمين فرقا طائفية دخيلة على السنة، غير مرغوب بها في روسيا.
ما بين توصيات مؤتمر
وقد خرجت هذه الفتوى الموجهة إلى مسلمي روسيا عن مؤتمر حضره شيخ الأزهر.
ويرى خبراء أنه على خلفية الأزمة السورية وازدياد نشاط الجماعات السلفية الجهادية في شمال القوقاز، فقد أراد الرئيس الشيشاني رمضان قديروف -بدعم من الكرملين- أن يجعل جروزني المرجعية الدينية لأهل السنة في روسيا، وهي مرجعية تقليدية صوفية في مواجهة الإسلام السياسي و"السلفية المتطرفة" كما تراها السلطات الروسية.
فيما رد الأزهر الشريف على هجوم عدد من الدعاة والعلماء السعوديين، والشيخ يوسف القرضاوي، رئيس اتحاد علماء المسلمين، على مشاركة شيخ الأزهر في «مؤتمر أهل السنة» الذى عقد في الشيشان، وكان المؤتمر قد فجر جدالاً بسبب تعريف لأهل السنة والجماعة، اعتبره البعض «إخراجاً للسلفية الوهابية من مصطلح أهل السنة والجماعة».
ما بين توصيات مؤتمر
فمن جانبه، أكد الدكتور محيي الدين عفيفي، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، رفضه الشديد لكل ما يثار من لغط حول مشاركة الأزهر الشريف في المؤتمر. وشدد الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية على أن الأزهر الشريف من أكبر وأكثر المؤسسات الدينية على مستوى العالم التي تعمل على وحدة الأمة الإسلامية ورفض تشرذمها وتفتتها إلى فرق وطوائف بدليل تدريس كافة المذاهب الدينية في المناهج الدراسية بالأزهر الشريف دون تهميش أو إقصاء لأي منها. وأشار الأمين العام للمجمع أن الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، قد حثَّ في كلمته، ويحث دائمًا في كل خطبه ومقالاته على ضرورة لم شمل أهل السنة دون إقصاء أو تهميش لأحد، بل دائمًا ما يدعو إلى وحدة المسلمين على اختلاف مذاهبهم. وأوضح الأمين العام للمجمع أن بعض المواقع قد اجتزأت كلمة الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، حيث أكد خلال كلمته للأمة في هذا المؤتمر على أن مفهوم «أهل السُّنة والجماعة» يُطْلَق على «الأشاعرة، والماتريدية، وأهل الحديث».
وأشار إلى أن شيخ الأزهر قد ساق في محاضرته نصوصًا تُؤكِّد استقرار «جمهرة الأمة» والسواد الأعظم منها على معنى هذا المفهوم حين نقل عن العلامة السفَّارينى قوله: «وأهل السُّنَّة ثلاث فِرَق: الأثريَّة وإمامهم أحمد بن حنبل، والأشعرية وإمامهم أبو الحسن الأشعري، والماتريدية وإمامهم أبو منصور الماتريدي»، وعن العلَّامة مرتضى الزَّبيدي قوله: «والمراد بأهل السُّنة هم أهل الفِرَق الأربعة: المحدِّثون والصُّوفية والأشاعرة والماتريدية»، معبرًا بذلك عن مذهب الأزهر الواضح في هذه القضية.
ونقلت وكالة الأنباء السعودية الرسمية «واس» تحذير الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء من الدعوات التي تهدف إلى إثارة النعرات وإذكاء العصبية بين الفرق الإسلامية، مؤكدة أن كل ما أوجب فتنة أو أورث فرقة فليس من الدين في شيء، وليس من نهج محمد صلى الله عليه وسلم في شيء. وقالت الأمانة في بيانها: «ومن ثَمَّ: فإن الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء تحذر من النفخ فيما يشتت الأمة ولا يجمعها، وعلى كل من ينتسب إلى العلم والدعوة مسئولية أمانة الكلمة، ووحدة الصف، بخلاف أهل الأهواء الذين يريدون فى الأمة اختلافاً وتنافرًا وتنابذًا وتنابزًا، يؤدي إلى تفرق في دينها شيعًا ومذاهب وأحزابًا، وما تعيشه الأمة من نوازل ومحن، يوجب أن يكون سببًا لجمع الصف والبعد عن الاتهامات والإسقاطات والاستقطابات، فهذا كله يزيد من الشُّقة ولا يخدم العالم الإسلامي، بل ينزع الثقة من قيادات العلم والفكر والثقافة».

شارك