خلاف حول الأضحية.. واتهام "الهلالي" بالهرطقة

الإثنين 05/سبتمبر/2016 - 05:18 م
طباعة خلاف حول الأضحية..
 
لا تكاد تخلو مناسبة دينية من مشاهدة صراع فقهي بين علماء الدين من ناحية وبين بعض الحركات الإسلامية من ناحية أخرى، أو بين الفريق الواحد ويدخل الفريق الآخر ليساند أحد طرفي الصراع، وإن دل هذا فإنما يدل على عدم الحسم في القضايا الدينية سواء كانت فرعيةً أو رئيسيةً، فكل فريق إنما يرى الحلال من وجهة نظرة ويعتبر نفسه مالكًا للحقيقة وحده، فليس هناك من فرق الدين فرقة تعترف بنسبية الحقيقة، وأقرب مثال على هذا "أضحية العيد"؛ حيث يرى فريق أن الأضحية لا تكون إلا بالأنعام، بينما يرى الفريق الآخر أن الأضحية قد تكون بغير ذلك من الفراخ والأرانب، لمشاركة الفقراء في إحياء تلك السنة.
الدكتور سعد الدين
الدكتور سعد الدين الهلالي، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر
فقد قال الدكتور سعد الدين الهلالي، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، إنه يجوز ذبح الطيور مثل "الفراخ" كأضحية، وكذلك شراء اللحم وتوزيعها على شكل أضحية، مستنداً في قوله إلى أن هناك من الصحابة والفقهاء من أجاز التضحية بالطيور، مثل بلال بن رباح مؤذن النبي، وكذلك عبد الله بن عباس. وأضاف "الهلالي" في مداخلة هاتفية ببرنامج "انفراد" المذاع عبر فضائية "العاصمة"، إن هذا ما قاله الفقهاء أهل العلم منذ عهد الصحابة إلى يومنا هذا، مستطرداً: "يجب النظر للفقراء حتى يضحوا مثل الأغنياء، ويقتدوا بسيدنا بلال بن رباح". واستشهد "الهلالي" بجواز أضحية بالطيور، استناداً لقول بن حزم،: "الأضحية جائزة بكل حيوان يؤكل لحمه من ذي أربع، أو طائر، كالفرس، والإبل، وبقر الوحش، والديك، وسائر الطير والحيوان الحلال أكله، والأفضل في كل ذلك ما طاب لحمه وكثر وغلاً ثمنه،، مؤكداً: هذا يفتح طريق للفقراء، للأضحية بـ"الفراخ وبطة ووزة" بدلاً من سخرية أساتذة للأسف بالأزهر والإخوان والسلفيين، هؤلاء لا يحترمون سيدنا ببلال بن رباح في فقهه واجتهاده". 
والأضحية في لغة العرب بها أربع لغات، على ما ذكر الإمام الأصمعي: إضْحِيَّةٌ، وأُضْحِيَّةٌ والجمع أضاحي، وضَحِيَّةٌ على فعيلة والجمع ضحايا، وأضْحَاةٌ والجمع أضحًى كما يقال: أرطاةٌ وأرْطًى، وبالأضحية سمى يوم الأضحى، أي اليوم الذي يضحى فيه الناس.
وعرفها اللغويون بتعريفَين: أحدهما: الشاة التي تذبح ضحوة، أي: وقت ارتفاع النهار والوقت الذي يليه، وثانيهما: الشاة التي تذبح يوم الأضحى، وهذا المعنى ذكره صاحب اللسان أيضًا.
بينما تعريف الأضحية عند الفقهاء: هي ما يذبح من النعم تقربًا إلى الله تعالى من يوم العيد إلى آخر أيام التشريق بشرائط مخصوصة.
وعليه فليس من الأضحية ما يزكى لغير التقرب إلى الله تعالى، وكذلك ما يزكى بنية العقيقة عن المولود، أو جزاء التمتع أو القرآن في النسك، أو جزاء ترك واجب أو فعل محظور في النسك، أو يذكى بنية الهدي.
الدكتور محمد وهدان،
الدكتور محمد وهدان، أستاذ الدراسات الإسلامية والعربية بجامعة الأزهر فيقول، إنه ثبت عن سيدنا جعفر الصادق أنه سأل زوجته وهو ذاهب لصلاة العيد هل لدينا أضحية نذبحها
ويسير على نهج الدكتور سعد الدين الهلالي، الدكتور محمد وهدان، أستاذ الدراسات الإسلامية والعربية بجامعة الأزهر فيقول، إنه ثبت عن سيدنا جعفر الصادق أنه سأل زوجته وهو ذاهب لصلاة العيد هل لدينا أضحية نذبحها، فقالت له ليس لدينا إلا ديك، فقال لها سنعود ونذبحه بعد الصلاة، عملا بقول الله تعالى "فصل لربك وانحر"، وعندما قامت بإمساك الديك هرب منها إلى الجيران، فعندما ذهبت للإمساك به تساءل الجيران، فقالت لهم إننا سنذبحه فقالوا لها إن الإمام جعفر الصادق وخيره علينا وليس لديه إلا ديك، واتفقوا على أن يرسلوا له كل واحد منهم خروفًا، فعندما عاد وجد في بيته اثني عشر خروفًا، فسأل زوجته فقصت عليه ما حدث، فنظر للديك وقال له: "لقد نجى الله نبيه بكبش واحد وأنت نجاك الله باثني عشر كبشًا، وأشهد الله أننى لن أذبحك"، فالسلف الصالح كانوا يذبحون المتاح، والله يقبل أي شيء من الإنسان بشرط أن تكون النية خالصة لوجه الله، فإزهاق الدم يوم العيد عبادة.
الدكتور محمود مهني،
الدكتور محمود مهني، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف
ورداً على ذلك قال الدكتور محمود مهني، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف: ضحى النبي، صلى الله عليه وسلم، بكبشين أملحين أقرنين، وقال هذا عن محمد وآل بيته، وهذا عن أمة محمد، فالأضحية تكون من الأنعام الضأن والمعز والبقر والغنم، ولا تكون بالفراخ، وهذا كلام يحتاج إلى دليل، لأن القرآن ثابت والسنة ثابتة، ولم يثبت أن أحداً من الصحابة أو التابعين أو تابعيهم ضحى بديك لا بلال ولا غيره، وابن حزم خانه التعبير في تلك المسألة.
وأضاف عضو هيئة كبار العلماء، من يزعم أن الأضحية تكون بديك أو فرخة "واهم لا يفهم من الدين شيئاً"، علماً بأن الأضحية سنة مؤكدة لمن قدر عليها واستطاع، ويجوز أن يشترك في البدنة سبعة أفراد، ويجوز الكبش عن أسرة، وكذلك الماعز، أما الديك فتلك "هرطقات" لا يؤمن ولا يعتقد بها، مشيرا إلى أن الإسلام اشترط للأضحية أن يكون الإنسان قادرا مستطيعا لا يستدين ولا يقترض، وأن توزع إلى ثلاثة للفقراء والأصدقاء ولصاحب الأضحية، لأن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال "كلوا وادخروا"، ويجوز أن نعطى منها لأهل الكتاب، ،أما الفتاوى التي تخالف هذا فليس لها حظ من القرآن أو السنة.
أما دار الإفتاء المصرية فأوضحت شروط الأضحية، وهي:
الشرط الأول: وهو متفق عليه بين المذاهب، وهو أن تكون من الأنعام، وهي الإبل بأنواعها، والبقرة الأهلية، ومنها الجواميس، والغنم ضأنا كانت أو معزا، ويجزأ من كل ذلك الذكور والإناث.
فمن ضحى بحيوان مأكول غير الأنعام، سواء أكان من الدواب أم الطيور، لم تصح تضحيته به؛ لقوله تعالى: {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ} سورة الحج الآية: 34، ولأنه لم تنقل التضحية بغير الأنعام عن النبي صلى الله عليه وسلم ولو ذبح دجاجة أو ديكا بنية التضحية لم يجزئ.
ويتعلق بهذا الشرط أن الشاة تجزئ عن واحد والبدنة والبقرة كل منهما عن سبعة؛ لحديث جابر رضى الله عنه قال: "نحرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الحديبية البدنة عن سبعة، والبقرة عن سبعة". أخرجه مسلم.
الشرط الثاني: أن تبلغ سن التضحية، بأن تكون ثنية أو فوق الثنية من الإبل والبقر والمعز، وجذعة أو فوق الجذعة من الضأن، فلا تجزئ التضحية بما دون الثنية من غير الضأن، ولا بما دون الجذعة من الضأن؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تذبحوا إلا مسنة؛ إلا أن يعسر عليكم، فتذبحوا جذعة من الضأن". رواه مسلم في صحيحه.
خلاف حول الأضحية..
فيما أكد المهندس عبد المنعم الشحات، المتحدث الرسمي باسم الدعوة السلفية، رفضه لأفكار سعد الدين الهلالي، مشددًا على أن الأزهر يرى نقد منهجه. وقال "الشحات" لبرنامج "انفراد" الذي يقدمه الإعلامي سعيد حساسين، ويذاع على قناة العاصمة، تعليقًا على إجازة الهلالي الأضحية بالطيور: "المذاهب المعتبرة تقول إن الأضحية من بهيمة الأنعام وليست الطيور، وهذا ما أكده الأزهر ومجمع البحوث الإسلامية".
وأضاف المتحدث الرسمي باسم الدعوة السلفية: "بإمكان الهلالي أن يصل إلى ما يريد بطريقة أخرى لا تتصادم مع الشرع، بأن يجيز ذبح الطيور بنية الصدقة على الفقير، لكن الأضحية لها شروطها".

شارك