نص الاتفاق الأمريكي الروسي: موسكو وواشنطن "يد واحدة " ضد داعش والقاعدة وميليشيات القتل الشيعية خارج المعادلة

السبت 10/سبتمبر/2016 - 02:44 م
طباعة  نص الاتفاق الأمريكي
 
بعد سجال طويل بين الطرفين الأمريكي والروسي حول الصراع في سوريا بسبب تضارب المصالح فيما بينهم توصل وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، ونظيره الروسي، سيرغي لافروف، يوم الجمعة 9-9-2016م ، إلى اتفاق اعتبر "خارطة طريق" تمهد لوضع أسس للحل في سوريا، عبر تثبيت وقف لإطلاق النار في البلاد لمدة 48 ساعة، اعتباراً من مساء 12 سبتمبر 2016م، ليحمل الاتفاق في طياته بنوداً مهمة في حلب وريفها تحديداً؛ حيث استثنى الاتفاق مناطق جنوب غرب حلب، مع أحقية النظام مهاجمة تلك المنطقة بحجة وجود "جبهة فتح الشام"، إلى جانب تشكيل مركز "روسي أمريكي" مشترك لمحاربة تنظيم (داعش) وجبهة "فتح الشام" جبهة النصرة سابقًا. 
 نص الاتفاق الأمريكي
وكشفت صحيفة "الحياة" اللندنية في عددها الصادر صباح السبت 10-9-2016م أن واشنطن أرسلت إلى المعارضة السورية مسودة للاتفاق التعاون العسكري الأمريكي الروسي في سوريا، التي تتلخص فيما يلي: 
1- لا تتضمن المسودة تعهد موسكو بـ "إجبار نظام الأسد على الامتثال" لوقف قصف المناطق المحررة.
2- فتح "طريق الكاستيلو" مع تجاهل طريق الراموسة الذي كانت فصائل المعارضة سيطرت عليه وفكت الحصار عن شرق حلب، قبل أن تعيد قوات الأسد وميليشيات إيران وروسيا فرض الحصار عليه من جديد.
3- منطقة جنوب غربي حلب خارج الاتفاق.
4- تشكيل "خلية" أمريكية- روسية لمحاربة جبهة "فتح الشام"، على أن تتعاون الفصائل الثورية في الحرب ضد الجبهة !.
5- التأكيد على أن الهدف النهائي يرمي إلى "إيجاد جو من التفاوض لأجل تسوية تتضمن رحيل بشار الأسد".
 نص الاتفاق الأمريكي
كما كشفت الوثيقة تراجعاً في موقف واشنطن وتغييراً لخارطة السيطرة والنفوذ في حلب قياساً إلى المسودة السابقة، التي قدمها مبعوث واشنطن إلى سوريا "مايكل راتني" إذ كان الأخير أبلغ المعارضة برسالة في 3 الشهر الجاري: "قلنا للروس إن عليهم هم والنظام إنهاء الهجمات على المعارضة وإعادة التزام الهدنة وانسحاب النظام من طريق الكاستيلو وإنهاء القتال حول طريق الراموسة والسماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى حلب من خلال كل من طريقي الراموسة والكاستيلو وإنهاء الهجمات والعمليات الهجومية في جميع أنحاء البلاد، وقلنا: إن كل هذه الأمور يجب أن تتم قبل أن تنفذ الولايات المتحدة وروسيا أي اتفاق"، لكن قوات الأسد وميليشيات إيران بدعم جوي روسي استعادت الراموسة وأعادت فرض الحصار على شرق حلب والتراجع الآخر يتعلق بوقف طيران الأسد، إذ إن رسالة راتني نصت: "نعتقد بأنهم (الروس) سيجبرون النظام على الامتثال، لكن علينا أن نختبر هذا الأمر، فكما قلنا في العديد من المرات، إن التفاهم مع روسيا لن يكون قائماً على الثقة".
وبدأت الوثيقة بتأكيد أن الهدف من الاتفاق هو "وقف أعمال القصف الجوي والمدفعي للنظام السوري والروسي والسماح بدخول المساعدات الإنسانية وإيجاد جو من التفاوض لتسوية تتضمن رحيل الأسد بموجب القرار 2254"، إضافة إلى الإفادة من إمكانات روسيا في الحرب ضد "الإرهاب"، و"تكريس اتفاق وقف الأعمال العدائية لتمكين العملية السياسية الضرورية لإنهاء حكم الأسد ونقل سورية نحو تشكيل حكومة مستقرة تمثل جميع الأطراف المعنية"، ودعم العملية الانتقالية السياسية بحسب القرار 2254.
 نص الاتفاق الأمريكي
 وتشدد المسودة على أنه في اليوم الأول لدخول اتفاق وقف الأعمال العدائية حيز التنفيذ، يتوجب على كل الأطراف المشمولة به أن تتعهد مجدداً الالتزام بالاتفاق بشكل كامل والتقيد ببنوده كافة وفق الاتفاق في (فبراير) الماضي، لمدة 48 ساعة وتمديده في حال نجاحه، عبر وقف جميع الهجمات بما في ذلك القصف الجوي والصاروخي ومدافع الهاون والقذائف الموجهة المضادة للدبابات، والامتناع عن محاولة الاستيلاء على مناطق تحت سيطرة أي طرف من أطراف الاتفاق، إضافة إلى السماح لوكالات الإغاثة بدخول "آمن وسريع من دون أي إعاقة وبوتيرة مستمرة إلى المناطق التي تقع تحت سيطرتها والسماح بتسهيل إيصال المساعدات"، و"عدم استخدام القوة المفرطة إلا في حال التهديد المباشر والدفاع عن النفس".
ويقوم الطرفان الأمريكي والروسي بتشكيل "خلية تنفيذ مشتركة" لإلحاق الهزيمة بـ"جهة فتح الشام"؛ بحجة محاربة تنظيم "القاعدة" وهزيمة تنظيم "داعش" في سوريا، على أن يتم تشكيل الخلية بصورة رسمية بعد مضي سبعة أيام من إظهار اتفاق وقف الأعمال العدائية نتائج ملموسة وتخفيف أعمال العنف في سائر أرجاء سوريا، مشددة على أن مواصلة مشاركة الولايات المتحدة الأمريكية في الخلية يتوقف على التزام موسكو ونظام الأسد والقوات الموالية بالاتفاق وأن واشنطن "مصممة" على وضع موسكو أمام مسئولياتها حول التزاماتها بشأن تصرفات نظام الأسد من الآن فصاعداً؛ حيث طالبت واشنطن موسكو "بالوفاء بشرط وقف القصف الجوي الذي يقوم به النظام السوري في مناطق محددة". 
 نص الاتفاق الأمريكي
في المقابل، تعهدت روسيا للولايات المتحدة الأمريكية بأن طيران النظام لن يقوم بأي عمليات قتالية جوية؛ إلا بحجة قصف تنظيم "القاعدة" في سوريا والتأكيد على ضرورة السماح لأي سوري يرغب في الخروج من حلب عبر طريق الكاستيلو، بمن فيهم المدنيون وقوات المعارضة المسلحة مع أسلحتها، مع التأكيد أيضاً على عدم إلحاق الأذى بأي منهم، وبأن لهم الحق في اختيار الوجهة التي يريدونها، وعلى المعارضة المسلحة التي تصطحب معها أسلحتها خلال خروجها من حلب أن تقوم بتنسيق مسبق مع ممثلي الأمم المتحدة لإبلاغهم بتوقيت الانسحاب، واستخدام طريق الكاستيلو عند الخروج، بالإضافة إلى تحديد عدد الأفراد الذين سيخرجون وكمية السلاح التي سيحملونها خلال الخروج، مع الإدراك التام بعدم إلحاق الأذى بالمدنيين، وزادت أنه على "قوات المعارضة الذين يختارون البقاء في حلب التزام بشروط (اتفاق) وقف الأعمال العدائية".
اللافت أن هذا البند يفتح الباب أمام تسليم "غير معلن" للأحياء الشرقية المحررة في حلب، رغم أن هذه الأحياء تشملها اتفاق وقف إطلاق النار، وستدخل إليها قوافل المساعدات وفق الاتفاق، فلماذا تتحدث الوثيقة عن خروج المدنيين والثوار منها؟ أما بالنسبة لمناطق جنوب غرب حلب، فتؤكد الوثيقة على عدم محاولة الفصائل الثورية وقوات الأسد الاستيلاء على مناطق جديدة تقع تحت سيطرة الطرف الآخر، وستعمل الولايات المتحدة الأمريكية مع الأطراف الموقعة على هذا الاتفاق لإخراج "القاعدة" في سوريا من هذه المناطق المحددة، أي ضمن المنطقة الواقعة حول الراموسة، وهذا يعني أن المناطق التي أعادت ميليشيات احتلالها مؤخراً ستبقى بيد النظام إلى جانب مواصلة حصار الأحياء الشرقية.
 نص الاتفاق الأمريكي
وحضت الوثيقة الأمريكية الفصائل الثورية على إعطاء الاتفاق "فرصة للنجاح" وعلى ضرورة "التزام وقف العمليات القتالية وعدم القيام بأي أعمال هجومية خلال فترة الاتفاق ضد قوات الأسد والميليشيات الشيعية أو القوات الروسية،" وهو الأمر الذي يعني أن واشنطن تعترف بأن اتفاقات وقف الأعمال العدائية السابقة خرقت مراراً من قبل نظام الأسد وحلفائه، ولكن تطلب من الفصائل الثورية "مواصلة الإبلاغ عن مثل هذه الخروقات"، وفي حال التزام الفصائل تتعهد الولايات المتحدة باستمرار تقديم الدعم المادي والسياسي والسلاح الفتاك وغير الفتاك؛ وذلك "لدعم حقك الفصائل بالدفاع عن أنفسها ضد أي هجوم".
وحول مدينة حلب، تؤكد الوثيقة أنه منذ اليوم الأول لدخول اتفاق وقف العمليات حيز التنفيذ "سيتم توزيع مساعدات الإنسانية بالتنسيق مع الأمم المتحدة، وستقوم بعثة المراقبة التابعة لها بأعمال التفتيش والتختيم الشمعي للشاحنات المخصصة لنقل المساعدات الإنسانية عبر طريق الكاستيلو إلى شرق حلب، مع التعهد بعدم فتح شاحنات المساعدات من قبل أي طرف، بدءاً من نقطة التفتيش والتختيم في تركيا حتى تصل الشاحنات إلى مخازن التفريغ التابعة للأمم المتحدة وشركائها شرق وغرب حلب، بحيث يقوم موظفو الأمم المتحدة والهلال الأحمر السوري بـ "إقامة حاجزي تفتيش في المناطق المتفق عليها للتأكد من أن الشاحنات التي تم تفتيشها هي الوحيدة التي سيسمح لها بالسير على الطريق المذكورة، والتحقق من أن الأختام غير مكسورة".
 كما تؤسس الأمم المتحدة "قوة عسكرية صغيرة" لا تتعدى عشرين مسلحاً لتثبيتها على أول طريق الكاستيلو وآخره، يتم تقديمها وقبولها من كل الطرفين "المعارضة والنظام"، لحماية طواقم الهلال الأحمر في نقاط التفتيش في نهايتي طريق الكاستيلو الشرقية والغربية ومن المقرر أن تنسحب قوات الأسد والميليشيات الشيعية إلى جانب "وحدات الحماية" الكردية في آن واحد من طريق الكاستيلو بالتزامن مع إقامة حاجزي التفتيش المذكورين وستُعتبر المناطق التي يتم الانسحاب منها مناطق منزوعة السلاح.
 نص الاتفاق الأمريكي
وتشير الوثيقة إلى "تعهد قوات الأسد بسحب جميع الأسلحة الثقيلة كالدبابات، والمدفعية وصواريخ المورتر والعربات المصفحة القتالية وعربات المشاة القتالية (ما عدا بي تي آر- 60 وبي أم بي-1 غير المزودة بصواريخ موجهة مضادة للدبابات)، وذلك إلى مسافة 3.5 كيلومتر شمال الكاستيلو، وسحب الأسلحة المحمولة المركبة على العربات، و"بي تي آر -60" و"بي أم بي-1" غير المزودة بصواريخ موجهة مضادة للدبابات إلى مسافة 2.5 كيلومتر شمال الطريق، وسحب جميع الأفراد ما عدا الأشخاص الموجودين في نقطتي التفتيش إلى مسافة كيلومتر شمال الطريق على أن يكونوا مسلحين بأسلحة خفيفة فقط أو رشاشات خفيفة". كما أن جنوب طريق الكاستيلو، سيتم سحب جميع الأفراد والأسلحة والمعدات إلى 500 متر من الطريق وإقامة نقطتي مراقبة على مسافة لا تقل عن 500 متر شمال الطريق، وسيتم الاتفاق المتبادل على مكان نقطتي المراقبة، اعتماداً على التضاريس، وسيقوم على النقطتين فريق لا يتجاوز عدد أفراده 15، مزودين بمعدات المراقبة وأسلحة خفيفة بغرض الدفاع عن النفس، إضافة إلى عدم إعاقة أي حركة سير ذات أهداف إنسانية، مدنية، أو تجارية على طريق الكاستيلو وعدم الاستيلاء على أي مناطق تخليها جماعات المعارضة، وعدم إقامة مواقع في المنطقة المنزوعة السلاح، ما عدا نقطتي المراقبة.
في المقابل، وبالتزامن مع خطوات قوات الأسد، تنتشر الفصائل الثورية في النهاية الشرقية لطريق الكاستيلو وفق خريطة تسلم لاحقاً بحسب "ما ستقوم به وحدات الميليشيات الكردية"، بما يعني: إن كان الأكراد موجودين شمال طريق الكاستيلو تواصل المعارضة بقاءها في مواقعها، أما إذا انسحب الأكراد إلى مسافة 500 متر جنوب الطريق تُعتبر المنطقة التي يتم الانسحاب منها منطقة منزوعة السلاح وعلى المعارضة التراجع 500 متر شمال الطريق"، بحسب المسودة وفي النهاية الغربية للكاستيلو، عند نقطة التماس الممتدة شمال المجمع التسويقي للكاستيلو، يتزامن تراجع الفصائل الثورية مع تراجع قوات الأسد، وبالنسبة للفصائل المتواجدة شمال المجمع التسويقي في المربع 15/31 من الخريطة المتفق عليها، فستقوم بـ "سحب جميع الأسلحة الثقيلة، كالدبابات والمدفعية وصواريخ المورتر والعربات المصفحة القتالية وعربات المشاة القتالية (ما عدا بي تي آر -60 وبي أم بي-1 غير المزودة بصواريخ موجهة مضادة للدبابات)، وذلك إلى ثلاثة كيلومترات، وسحب الأسلحة المحمولة المركبة على العربات، وبي تي آر -60 وبي أم بي-1 غير المزودة بصواريخ موجهة مضادة للدبابات إلى مسافة 2.5 كيلومتر، إضافة إلى سحب جميع الأفراد إلى مسافة كيلومتر على أن يكونوا مسلحين بأسلحة خفيفة فقط أو رشاشات خفيفة".
 نص الاتفاق الأمريكي
وبالسنة للجزء الذي يمتد من المجمع التسويقي للكاستيلو إلى قرب مستديرة ليرمون، على جماعات المعارضة التراجع بأفرادها وعتادها إلى مسافة 500 متر شمال من طريق الكاستيلو، وذلك بشكل مطابق لانسحاب القوات الموالية للنظام السوري مسافة 500 متر جنوب طريق الكاستيلو بين النقطتين المذكورتين كما تطلب الوثيقة من المعارضة "التزامات إنسانية" مشابهة للنظام، إضافة إلى أن "المعارضة ستبذل أقصى الجهد لمنع تنظيم "القاعدة" من التقدم نحو المنطقة المنزوعة السلاح من مناطق تقع بمحاذاة المناطق الواقعة تحت سيطرة المعارضة.
 مما سبق نستطيع التأكيد على أنه بعد سجال طويل بين الطرفين الأمريكي والروسي حول الصراع في سوريا؛ بسبب تضارب المصالح فيما بينهما- توصلا إلى اتفاق يراعي مصالح كل طرف وليس اتفاقًا يراعي مصالح الشعب السوري. 

شارك