مع مناقشة البرلمان العراقي.. التحالف الشيعي يحصن جرائم الحشد الشعبي

السبت 17/سبتمبر/2016 - 11:58 ص
طباعة مع مناقشة البرلمان
 
أشارت تقارير إعلامية إلى مساعي أعضاء في البرلمان العراقي لتقديم مشروع قانون "يحصن" ميليشيات الحشد الشعبي من المساءلة القانونية، وسط تقارير حقوقية توثق انتهاكاته بحق المدنيين في عدد من المدن المحررة من يد تنظيم "داعش".

تحصين الحشد:

تحصين الحشد:
وقد أفادت مصادر صحافية عراقية أنه من المنتظر أن يقدم نواب من "كتلة المواطن" التابع للمجلس الأعلى الإسلامي الذي يتزعمه عمار الحكيم المقرب من إيران، خلال الأيام المقبلة مشروع قانون إلى مجلس النواب يمنح الحصانة لميليشيات الحشد الشعبي. 
وأنهى مجلس النواب نهاية أغسطس الماضي القراءة الأولى لقانون الحشد الشعبي الذي قدمته لجنة الأمن والدفاع البرلمانية، فيما ينتظر البرلمان طرحه للقراءة الثانية والتصويت.
وتعمل الكتل السياسية داخل التحالف الوطني الحاكم في العراق على إقرار قانون يوفر الحماية والحصانة للحشد الشعبي من أي مساءلة قانونية، فمشروع قانون وقع عليه أكثر من 70 نائباً بحسب إحدى نائبات كتلة المواطن.
وفي نهاية أغسطس الماضي، دعت هيئة الحشد الشعبي، الاثنين، مجلس النواب إلى الإسراع في إقرار قانونه، مشيرةً إلى أن القانون سيؤطر عمل الحشد الشعبي ويضمن حقوق منتسبيه وسط تحذيرات بأن هذا القانون سيكون بمثابة الحصانة التي ستفتح الباب على مصراعيه أمام الميليشيات لتنفيذ مزيد الجرائم.
وقال عضو هيئة الرأي في الحشد الشعبي كريم النوري: إن "مجلس النواب شرع خلال الأسبوع الماضي بقراءة قانون الحشد الشعبي قراءة أولى، وحاليًا يسلك طريقه للتشريع والإقرار"، داعيًا مجلس النواب إلى "الإسراع في إقرار القانون والابتعاد عن التجاذبات السياسية".
وأضاف النوري، أن "قانون الحشد الشعبي سيؤطر عمل الحشد ويضمن حقوق منتسبيه"، مؤكدًا: "لدينا ثقة كبيرة بأن البرلمان سيقر القانون". 
ميليشيات الحشد الشعبي وهي بحدود 81 فصيلاً، أتيح لها في نطاق الحرب الجارية ضد "داعش"، قدر كبير من التسليح والتمويل من داخل العراق وأيضاً من إيران.
وباتت ميليشيات الحشد الشعبي تتمتع حاليًّا بصفتين قانونيتين: أولهما ارتباطها برئاسة الوزراء ومنحها صلاحيات موازية لجهاز مكافحة الإرهاب، وثانيهما إقرار مجلس النواب في الموازنة بمبلغ ملياري دولار لفائدتها.

رفض سُنِّي:

رفض سُنِّي:
ويرفض تحالف "القوى العراقية" المحسوب على القوى السُّنِّية، تمرير مشروع القانون، معتبرين أنه أعد من قبل نواب التحالف الوطني حصرًا، وأن النواب الموقعين عليه هم نواب التحالف، وأنه سيوفر الحماية القانونية لميليشيا الحشد من أي انتهاك يقترفونه.
كما أوضحوا على لسان عدد من النواب أن "هذا القانون سيمنح هذه الميليشيات فرصةً أكبر من فرصتهم الحالية، لارتكاب المزيد من الجرائم، ولتنفيذ أجندات خاصة"، معلنين أن تحالف القوى لن يصوت على هذا القانون؛ "لأنه يمثل انتهاكاً لحقوق الإنسان بشكل سافر".
كما أن مسودة أثارت موجة من الاستياء والتخوف في شرائح عديدة في الشارع العراقي كما الساحة السياسية؛ خوفاً من أنه في حال إقراره سيمثل غطاء لممارسة الجريمة.

جرائم الحشد:

جرائم الحشد:
ويعتبر مقترح تحصينها بمثابة قطع الطريق أمام رفع دعوى قضائية أو فتح ملف الجرائم التي ارتكبتها بحق مدنيين في محافظات، مثل ديالي وصلاح الدين والأنبار.
واتهمت الميليشيات بقائمة طويلة من الانتهاكات، تشمل عمليات تعذيب وإعدامات خارج إطار القانون، واختطاف وإخفاء مدنيين، ونهب وسلب ممتلكات بل وتخريب دور عبادة ومنازل ومنشآت خاصة.
وذكرت الأمم المتحدة، أن هناك تقارير عن تنفيذ قوات الحشد الشعبي التي تعمل مع قوات الأمن العراقية تعذيبًا جسديًّا بحق الرجال والشبان الهاربين من داعش في الفلوجة.
وأوضح بيان للأمم المتحدة أن شهود عيان وصفوا استخراج الميليشيات المسلحة الموالية لقوات الأمن العراقية اعترافات بالقوة، وهناك ادعاءات بتنفيذ إعدامات.
وأظهرت صور فيديو عشرات النازحين من مدينة الفلوجة العراقية وهم يتعرضون للاعتقال والإهانة على يد ميليشيات الحشد الشعبي.
ونقل عن ناشطين عراقيين، أن أفرادًا من ميليشيات الحشد الشعبي قاموا بتعذيب أحد سكان مدينة الصقلاوية بقضاء الفلوجة، وذكرت مصادر عراقية أن أكثر من 2500 مدني من نازحي الفلوجة يقبعون في معتقلات مجهولة.
وتحدث مئات الأسرى العائدين من مراكز احتجاز تابعة لميليشيات الحشد الشعبي عن مقتل العشرات تحت وطأة التعذيب.
وقدرت الأمم المتحدة عدد المحاصرين في الفلوجة بنحو 90 ألفًا، فيما فر منها نحو 20 ألفًا غرق بعضهم في نهر الفرات أثناء محاولتهم الفرار.
وقامت عناصر الحشد الشعبي بعمليات سلب ونهب وحرق للمنازل وتفجير بعض منها؛ بحجة أنها تعود لعناصر تنظيم داعش في قضاء الكرمة شرقي الفلوجة بمحافظة الأنبار.
ودخلت قوات الحشد الشعبي إلى مناطق الشهابي الأولى والثانية والثالثة التابعة إلى قضاء الكرمة، ومنعت تواجد فصائل حشد عشائر الكرمة في هذه المناطق.
كما قدمت القوى السياسية السُّنية في العراق بطلبٍ رسمي إلى بعثة الأمم المتحدة، لتوفير الحماية الدولية للطائفة السنية في ديالي، والتهديد برفعِ دعاوى قانونية ضد المسئولين والمنظمات، والميليشيات التي ارتكبت الانتهاكات الطائفية.
إلى ذلك، دفعت الانتهاكات المتكررة لميليشيات الحشد الشعبي في محافظات صلاح الدين وديالي والأنبار وغيرها، بالسياسيين السنة إلى مطالبة المرجعية الشيعية بحل الميليشيات التي أمرت بتشكيلها سابقًا.
فجرائم الميليشيات، وبالأخص سلسلة التفجيرات وعمليات التصفية الجسدية في قضاء المقدادية شرق بغداد، كان الهدف وراءها إحداث تغيير ديموغرافي في تلك المنطقة، التي لا تبعد سوى عشرات الكيلومترات عن إيران، بحسب وصف العديد من الشخصيات السياسية العراقية والعربية. ووصف النائب حيدر الملا أحداث المقدادية بأنها استجابة لأجندة إيرانية في العراق.

المشهد العراقي:

المشهد العراقي:
ويرى بعض المراقبين أن التحالف الوطني يسرع الخطى من أجل تمرير قانون تحصين ميليشيات الحشد الشعبي لإخراج الحكومة من الضغط المسلط عليها لإجراء محاكمات في حق ميليشيا الحشد في تهم ثبتت فيها إدانتهم، وتتوفر الأدلة والوثائق اللازمة للغرض والتي كشفت عنها لجان التحقيق في مجزرة الصقلاوية في الفلوجة، وتلك التي كشفتها منظمة الأمم المتحدة، والمنظمات الدولية الأخرى، فضلًا عن جرائم تكريت وصلاح الدين وغيرها من المدن العراقية التي تؤكد شهادات أهلها قيام هذه الميليشيات بانتهاكات كبيرة.
فمشروع قانون تحصين الحشد الشعبي، أثار الاستياء والتخوف يحمي الحشد من المساءلة القانونية حتى لو ارتكب المزيد من الانتهاكا ليس في حق السنة فقط ولكن في حق العراقيين الشيعة المعارضين للحشد والذي تتسم بعض ميليشياته بالتطرف.
مراقبون عراقيون يخافون ألا يمثل مرتبكو هذه الانتهاكات من مسلحي ميليشيات الحشد الشعبي العراقية أمام العدالة، وقد يفلتون من العقاب حتى لو ارتكبوا المزيد من الانتهاكات والجرائم. فميليشيات الحشد قد تحصل على حصانة من المساءلة القانونية لما قد ترتكبه بحجة مقاتلة تنظيم "داعش".
ختامًا، تحرك تحصين الحشد الشعبي يأتي من شخصيات وأحزاب مستفيدة من الحشد، ويتخوّف قسم كبير من العراقيين من خطر الحشد على مستقبل العراق؛ حيث إنه سيكون من المستحيل نزع سلاح الميليشيات، وقد يتم تحويل الآلاف من المسلّحين لتصفية الحسابات السياسية بين الأطراف العراقية.

شارك