ميليشيات الحشد الشيعية " تتغول " على العراق بالمزيد من الطائفية تحت مظلة القانون
السبت 17/سبتمبر/2016 - 05:09 م
طباعة

لا يكاد يمر يوم على الدولة العراقية دون ان تحاول ميليشيات الحشد الشعبي فرض المزيد من سطوتها عليها من خلال مجموعة من القيادات الطائفية النافذة فى العراق فى محاولة منها لتقنيين وضعها بالقانون والدستور لتتحول مع مرور الوقت الى دولة فوق الدولة العراقية ومن اخر هذة المحاولات التحرك الذى يقوم به نواب عراقيون من اجل إقرار مشروع قانون يمنح الحصانة لـ"الحشد" وذلك بهدف قطع الطريق أمام رفع دعوى قضائية ضد ميليشيات الحشد.

وأفادت مصادر صحافية عراقية أنه من المنتظر أن يقدم نواب من "كتلة المواطن" خلال الأيام المقبلة مشروع قانون إلى مجلس النواب يمنح الحصانة لميليشيات الحشد الشعبي. مشروع القانون الذي أثار الاستياء والتخوف يحمي الحشد من المساءلة القانونية حتى لو ارتكب المزيد من الانتهاكات وهو ما يعنى انه لن يمثل مرتبكو هذه الانتهاكات من مسلحي ميليشيات الحشد الشعبي العراقية أمام العدالة، وقد يفلتون من العقاب حتى لو ارتكبوا المزيد من الانتهاكات والجرائم وبالتالى ميليشيات الحشد قد تحصل على حصانة من المساءلة القانونية لما قد ترتكبه بحجة مقاتلة تنظيم "داعش". حيث ان الحصانة هي صلب القانون الذي أعلن عنه برلمانيون من كتلة المواطن قد يبدأ البرلمان العراقي في بحثه خلال أيام.
مشروع القانون وقع عليه أكثر من 70 نائباً بحسب إحدى نائبات كتلة المواطن واثارت مسودته موجة من الاستياء والتخوف في شرائح عديدة في الشارع العراقي كما الساحة السياسية، خوفاً من أنه في حال إقراره سيمثل غطاء لممارسة الجريمة ومقترح تحصينها هو لقطع الطريق أمام رفع دعوى قضائية أو فتح ملف الجرائم التي ارتكبتها بحق مدنيين في محافظات مثل ديالى وصلاح الدين والأنبار واتهمت فيها الميليشيات بقائمة طويلة من الانتهاكات، تشمل عمليات تعذيب وإعدامات خارج إطار القانون، واختطاف وإخفاء مدنيين، ونهب وسلب ممتلكات بل وتخريب دور عبادة ومنازل ومنشآت خاصة.

تحرك تحصين الحشد الشعبي يأتي من شخصيات وأحزاب مستفيدة من الحشد، وعلى راسها رئيس الوزراء حيدر العبادي، الذى اصدر مرسوما يوم الثلاثاء 26 يوليو 2016م ، تتساوى بموجبه قوات الحشد الشعبي مع قوات مكافحة الإرهاب في العراق وجاء فيه "الحشد الشعبي تشكيل عسكري مستقل وهو في قوام القوات المسلحة العراقية... هيكل وتنظيم الحشد مشابه لتركيبة قوات مكافحة الإرهاب". وأكد الممثل الرسمي للحشد الشعبي، أحمد الأسدي، بدوره أن تشكيله هذا سيكون مرتبطا بالوحدات ضد الإرهاب ليس فقط بهيكل تنظيمي بل ببرنامج تدريب الجنود والتجهيزات التكتيكية، وعند ذلك، سيمتثل الحشد الشعبي للقائد العام للقوات المسلحة العراقية، حيدر العبادي.
الحشد الشعبي الذى شارك في تحرير مدينة تكريت عاصمة محافظة صلاح الدين العراقية له سجل حافل من الاعتداءات على المدنيين منها على سبيل المثال وليس الحصر ما ذكره زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر بأن ميليشيات من الحشد وقحة وتقوم بعمليات ذبح واعتداء بغير حق ضد مواطنين عراقيين لا ينتمون لتنظيم داعش، وأكد أن مثل هذه الممارسات ستؤدي إلى فشل التقدم والنصر الذي حققه الحشد المطيع للمرجعية والمحب للوطن، ودعى الصدر إلى عزل هذه المليشيات كما ذكرت هيومن رايتس ووتش تعرض المناطق السنية إلى انتهاكات قد يرقى بعضها إلى جرائم الحرب و أن بعض المناطق تعرضت إلى هجمات تبدو وكأنها جزء من حملة تشنها المليشيات لتهجير السكان من المناطق السنية والمختلطة.

كما ذكر الرئيس السابق لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية ديفيد بتريوس إن ميليشيات الحشد الشعبي المدعومة من إيران سوف تشكل خطر على العراق أكثر من تنظيم داعش الإرهابي وإن هذه المليشيات "تقوم بفظاعات ضد المدنيين السنة"، وأن مهمة دحر داعش في العراق يجب أن تنجز من خلال القوات العراقية المدعومة من التحالف الدولي، ولذلك يجب خلق قوات سنية مناوئة لداعش، ووقف تجاوزات الميليشيات الشيعية بحق المواطنين السنة التي تزيد من حدة التوتر الطائفي في البلاد لأن السنة لعبوا دوراً بارزاً في هزيمة تنظيم "القاعدة" في العراق، وان خطورة الميليشيات الشيعية التي تحارب في الصفوف الأولى ضد تنظيم "داعش"، تتمثل فى قيامها بعمليات تطهير طائفي، وتهجير السنة من مناطقهم.
كما ذكرت صحف عربية وعالمية ومنظمات دولية أن الحشد الشعبي قام بعمليات نهب وإحراق الممتلكات؛ بعد تحرير مدينة تكريت من تنظيم داعش من قبل الجيش العراقي المدعوم جوياً من الولايات المتحدة وقال أحمد الكريم رئيس مجلس محافظة صلاح الدين، إن مقاتلين الحشد أحرقوا "مئات المنازل" خلال يومين وإن المدينة أحرقت أمام أعينهم وإنهم لا يمكنهم السيطرة على الوضع فيما أعرب محافظ صلاح الدين أن "الخروقات فردية" و"جرى التعامل معها بحزم ، أما المتحدث الأمني باسم هيئة الحشد الشعبي واسمه يوسف الكلابي صرح عن وجود وثائق تؤكد ارتكاب تنظيم "داعش" بما وصفه ب (90%) من عمليات السرقة وحرق المنازل في مدينة تكريت، واعتبر المتحدث الأمني أن "بعض السياسيين المتصيدين والفضائيات المغرضة، تقوم بحملة منظمة من أجل تشويه سمعة الحشد الشعبي"

وبعد هذه الأحداث أمر رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي الجهات الأمنية بتتبع مرتكبي ما وصفه بالأعمال التخريبية وفي أثناء عملية كسر الإرهاب التي أعلن عن بدئها حيدر العبادي في 23 مايو من سنة 2016 م لتحرير الفلوجة (والتي يشارك فيها الجيش العراقي والشرطة ومكافحة الإرهاب والحشد العشائريّ والحشد الشعبيّ)، أكّد رئيس البرلمان العراقيّ سليم الجبوري أن "أفراداً في الشرطة الاتحادية و"بعض المتطوعين" ارتكبوا تجاوزات أدت إلى انتهاكات بحق المدنيين في الفلوجة، داعياً إلى الحفاظ على حياتهم"، وكذلك وردت تقارير من قنوات متعددة عن إنتهاكات تمارس بحق مدنييّ الفلوجة من جانب الجيش والحشد الشعبيّ وكذلك فقد أكّد رئيس ديوان الوقف السنيّ العراقيّ الشيخ عبد اللطيف الهميم خلال زيارة مع وزير الخارجية العراقي للعاصمة الأردنية عمان بتاريخ 6 يونيو 2016 م أنّ "المناطق التي تشهد عمليّات عسكريّة لا تشهد عملاً مُمنهَجاً ضدَّ المدنيِّين، وإنما هي خروقات رُبَّما قد تحصل على يد بعض الأفراد، مُؤكـِّداً أنَّ بعض وسائل الإعلام تـُزيِّف الحقائق، وتـُروِّج للأكاذيب، وتحاول التغطية على الانتصارات التي يحققها أبناء العراق ضدَّ الإرهاب."

وقد ذكّر الشيخ عبد المهدي الكربلائي ممثل المرجع السيستاني خلال خطبة بيوم الجمعة بتاريخ 26/شعبان/1437هـ والموافق 3 يونيو 2016 م بوصايا السيستاني في السنة السابقة للمقاتلين في جبهات القتال، وذكر قبلها مقدمة وقال فيها: (يشارك في هذه الايام الآلاف من اخواننا واحبتنا في القوات المسلحة ومن يساندهم من المتطوعين وابناء العشائر في معارك ضارية لتخليص مناطق من محافظة الانبار من سطوة الارهاب الداعشي). وقال لاحقاً في خطبته: (الله الله في النفوس، فلا يُستحلّن التعرّض لها بغير ما أحلّه الله تعالى في حال من الاحوال، فما أعظم الخطيئة في قتل النفوس البريئة وما أعظم الحسنة بوقايتها وإحيائها، كما ذكر الله سبحانه وتعالى في كتابه، وإنّ لقتل النفس البريئة آثاراً خطيرة في هذه الحياة وما بعدها، وقد جاء في سيرة أمير المؤمنين (عليه السلام) شدّة احتياطه في حروبه في هــذا الأمر، وقد قـال في عهـده لمالك الأشـتر (إيّاك والدماء وسفكها بغير حلّها فإنّه ليس شيء ادعى لنقمة واعظم لتبعة ولا أحرى بزوال نعمة وانقطاع مدّة من سفك الدماء بغير حقّها والله سبحانه مبتدأ بالحكم بين العباد فيما تسافكوا من الدماء يوم القيامة، فلا تقويّن سلطانك بسفك دم حرام، فإنّ ذلك مما يضعفه ويوهنه، بل يزيله وينقله"

مما سبق نستطيع التأكيد على ان ميليشيات الحشد الشعبي تحاول باستمرار فرض المزيد من سطوتها علي الدولة العراقية من خلال مجموعة من القيادات الطائفية النافذة فى العراق فى محاولة منها لتقنيين وضعها بالقانون والدستور وهو الامر الذى سيجعلها مع مرور الوقت تتحول الى دولة فوق الدولة العراقية .