بعد إذابة أولية للجليد.. مستقبل العلاقات "المصرية التركية" إلى أين؟
الأحد 18/سبتمبر/2016 - 06:45 م
طباعة

بدا أن مصر وتركيا باتتا عازمَيْن على كسر الجمود السياسي بينهما، ووقف التراشق الرسمي والإعلامي بينهما؛ حيث نشر المتحدث باسم الخارجية المصرية، أحمد أبو زيد، على حسابه بموقع التواصل الاجتماعي "تويتر" صورة تجمع بين وزيري خارجية مصر سامح شكري، ونظيره التركي، مولود جاويش أوغلو على هامش قمة حركة عدم الانحياز المنعقدة في فنزويلا.
واللقاء الذي جمع وزيري خارجية البلدين يعتبر الأول بين مسئولين رفيعين في البلدين منذ عزل الجيش المصري للرئيس الإخواني محمد مرسي استجابة لمطالب ثورة 30 يونيو 2013، وتوترت العلاقات بين البلدين إذ بدأت بتبادل التراشق الإعلامي بين مسئولي البلدين إلى أن قررت مصر طرد السفير التركي من القاهرة واستدعاء السفير المصري من أنقرة.
اللافت أن دولًا إقليمية وأخرى دولية سعت خلال الفترة الأخيرة إلى الوساطة بين القاهرة وأنقرة لحل الأزمة، إلا أن كل هذه الجهود ذهبت سُدى دون جدوى، ومن بين هذه الجهود مساعي الملك سلمان بن عبدالعزيز الذي سعى إلى تقريب وجهات النظر بين البلدين، إلا أن إصرار القاهرة على شروط وضعتها للمصالحة وعدم التزام أنقرة بها عرقل تلك المساعي.

كما علمت "بوابة الحركات الإسلامية" أن روسيا هي الأخرى عرضت التدخل للوساطة بين البلدين، منذ تحسنت العلاقة بين موسكو وأنقرة على خلفية تقديم تركيا اعتذارًا رسميًّا لموسكو عن إسقاطها مقاتلة السوخاوي، إلا أن الجهود الروسية تعرقلت لذات السبب الذي تعرقلت من أجله المساعي السعودية.
وفسر مراقبون رغبة السعودية في إنهاء الخلاف بين مصر وتركيا، إنها ترغب في إنهاء الخلاف بين أكبر قوتين أبديا موافقتهما على المقترح السعودي بإنشاء تحالف إسلامي لقتال التنظيمات الإرهابية، لكونها- السعودية- تدرك أن استمرار الخلاف بين البلدين سيُعرقل جهود إنشاء التحالف الإسلامي.

وعلق الدبلوماسي أحمد أبوزيد، على الصورة قائلًا: "لقاء بين وزيري خارجية مصر وتركيا على هامش قمة عدم الانحياز بفنزويلا…اللقاء عكس تجاوز الخلافات مع مصر".
كانت تركيا اتبعت سياسات خارجية معادية للجميع؛ ما أدى إلى قطع علاقتها بمصر وسوريا وروسيا ودولة الاحتلال الإسرائيلي، فضلاً عن خلافاتها مع إيران، إلا أن تركيا خلال الفترة الأخيرة أعطت مؤشرات قوية تُشير إلى نيتها في تغيير سياستها العدائية مع تلك الدول، فاتخذت قراراً بإعادة التطبيع مع إسرائيل وقرارًا آخر بالاعتذار لروسيا عن إسقاط مُقاتلة السوخاوي، كما أعلنت أنها على استعداد للتعاون مع حكومة الرئيس السوري بشار الأسد.
كما أعلن رئيس الوزراء التركي، بن علي يلدريم، في وقت سابق رغبة بلاده تطبيع العلاقات مع مصر، وجدد خلال تصريحات نقلها التلفزيون التركي مؤخرًا، قائلًا: "إن شاء الله سيكون هناك تطبيع مع مصر وسوريا"، وأضاف أنه في الفترة المقبلة سيكون هناك لقاء على مستوى الوزراء.

كما قال يلدريم في وقت سابق: "يمكن أن يذهب مستثمرونا إلى مصر، وأن يطوروا من استثماراتهم، وقد يؤدي ذلك مستقبلا لتهيئة المناخ لتطبيع العلاقات، وحتى إلى بدء علاقات على مستوى الوزراء، لا يوجد ما يمنع حدوث ذلك وليست لدينا تحفظات فيما يتعلق بهذا الموضوع".
وعلى الرغم من الخطوة الإيجابية التي قام بها وزيرا خارجية البلدين إلا أن جميع الشواهد تؤكد أنه لا تطبيع في العلاقات بين البلدين في ظل وجود أردوغان في المشهد، إلا أنه من الممكن أن يكون هناك مبادلات للزيارة على مستوى الوزراء لن يرقى إلى مستوى الرئيسين عبدالفتاح السيسي والتركي رجب طيب أردوغان.

كان السيسي قال في وقت سابق إنه "لا يوجد ما يستوجب العداء بين الشعبين التركي والمصري"، لكن رغم كل هذه التصريحات الإيجابية ولقاء شكري بنظيره جويش أوغلو لا تبدو مهمة تحسين العلاقات بين مصر وتركيا سهلة في ظل الاختلافات الجوهرية بين نظامي الحكم فيهما، سيما وأن كثيرًا من المواقف التي اتخذها الطرفان خلال الأعوام الثلاثة الماضية قد زادت من سمك جدار الجليد بينهما.