برلين تعترف بتنامي ثقافة كراهية الأجانب.. وميركل تقر بالهزيمة

الخميس 22/سبتمبر/2016 - 11:22 م
طباعة برلين تعترف بتنامي
 
ميركل
ميركل
أعربت الحكومة الألمانية عن قلقها إزاء السلم الاجتماعي في شرق ألمانيا بسبب تزايد كراهية الأجانب، مشيرة للعدد الكبير من الاعتداءات على الأجانب وأماكن إقامتهم وكذلك الاشتباكات العنيفة مثل التي حدثت في هايدناو وفرايتال.
ذكرت صحيفة "هاندلسبلات" الألمانية، استنادا إلى التقرير السنوي الجديد عن وضع الوحدة الألمانية والذي من المقرر أن تعرضه الحكومة أن عدد الاعتداءات ذات الدوافع اليمينية المتطرفة والمعادية للأجانب ارتفع بشدة العام الماضي.
جاء في التقرير أنه "بجانب العدد الكبير من الاعتداءات على أجانب ونزلهم، صارت اشتباكات عنيفة مثل التي حدثت في هايدناو وفرايتال رموزا لكراهية مترسخة ضد الأجانب".، وأشار التقرير إلى أن الاحتجاجات على استقبال اللاجئين أوضحت تزايد تلاشي الحدود بين الاحتجاجات الشعبية وأشكال التحريض اليمينية المتطرفة. 
وتحدثت الحكومة الألمانية في التقرير عن "تطورات مثيرة للقلق" تشكل مخاطر على السلم المجتمعي في شرق ألمانيا، مضيفة أنه ليس من المستبعد أيضا أن يكون لذلك عواقب سلبية على الاقتصاد.
"معاداة الأجانب والتطرف اليميني والتعصب تشكل خطرا كبيرا على التطور المجتمعي والاقتصادي للولايات الشرقية، شرق ألمانيا لن يصبح سوى منطقة منفتحة على العالم يشعر كل المقيمين فيها بأنهم في وطنهم ويشاركون في الحياة المجتمعية ولديهم آفاق مستقبلية للتنمية".
تنامى ثقافة الكراهية
تنامى ثقافة الكراهية للأجانب
ويري محللون أن تزايد خطر حركة النمو بسبب بنية اليمين المتطرف، السبب فى اعتراف به مندوبة الحكومة لشؤون الولايات الشرقية إيريس جلايكه بكل صراحة بأنها تواجه خلال أسفارها إلى الخارج، مثلاً مؤخراً في الولايات المتحدة الأمريكية تساؤلات حول ما إذا كان ممكنا بكل راحة ضمير توظيف استثمارات في الولايات الألمانية الجديدة، أو أن الأجنبي هناك غير مرغوب فيه بكل بساطة. والمندوبة غلايكه أوضحت بأنها عاجزة عن تفنيد قلق السائلين.
وتمت الاشارة إلى أن الشرق بعد 26 عاماً من الوحدة الألمانية بحاجة كبيرة إلى تحقيق تعويض كبير، فالاقتصاد هناك متعثر، والكثير من الشباب يغادرون الولايات الشرقية. والمؤسسات الاقتصادية صغيرة الحجم، وقلما توجد فروع شركات كبرى. وعليه فإن نسبة البطالة أكبر من مثيلاتها في غرب البلاد، وكذلك هو انعدام الأفاق. ولكن هذا الوصف تحديداً للوضع تم اعتماده طويلاً كتعليل لتنامي المد اليميني المتطرف الأقوى في الشرق.
ورصد مراقبون تصريح رئيس وزراء ولاية ساكسونيا كورت بيدنكوبف من الحزب المسيحي الديمقراطي، عندما قال سابقاً بأن ولايته محصنة ضد اليمين المتطرف، وسياسيون آخرون تحدثوا دوماً بصفة مبهمة عن مشكلة من الهامش اليميني وكذلك اليساري وكأن المتطرفين اليساريين في الولايات الشرقية يشكلون فعلاً مجموعة كبيرة.
التقرير الحكومي يقول بكل وضوح انه في الأماكن التي تظهر فيها كراهية الأجانب مثلاً أمام دور إيواء اللاجئين، خلافاً للوضع في غرب البلاد ينعدم احتجاج من وسط المجتمع، بل عكس ذلك، لأنه ليس نادراً أن يتم الترحيب بشكل صامت أو بكل صراحة باعتداءات ضد مهاجرين. ويتم الجهر حالياً بكل صراحة بأن معاداة الأجانب ازدادت في السنوات الأخيرة، لاسيما منذ أزمة اللاجئين. والتقرير لا يغفل ذكر أن نسبة الأجانب في الشرق هي في الغالب ضئيلة للغاية.
والحقيقة الخافتة تبقى قائمة لكون دراسة الأوضاع هذه تأتي في هذه الفترة بالذات، لأن أحزاب الائتلاف الحكومي تشعر بمضايقة نجاحات حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني الشعبوي لها في الشرق، حيث تخسر الانتخابات. 
محاولات لدمج اللاجئين
محاولات لدمج اللاجئين والاجانب
وتمت الاشارة إلى انه  تخصيص أموال أكثر للمبادرات المناهضة لليمين وحضور أكثر للشرطة ووضوح أكبر لدى حكومات الولايات ورؤساء الوزراء الذين يميلون في الغالب خوفاً من المواطن إلى نقل صورة إيجابية عن الوضع في ولاياتهم، لكن الخطوة الأولى قد تمت وهي الاعتراف بوجود خطر قوي في الشرق على المجتمع من طرف اليمين المتطرف. والخطوة القادمة والحاسمة هي أخيراً فعل شيء ضد هذا المد.
كانت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل اعترفت بأن الخسائر الفادحة التي منى بها حزبها، الحزب المسيحي الديمقراطي في انتخابات ولاية برلين بأنها "مريرة للغاية"، وأشارت إلى أنها تتحمل جزءا من المسؤولية فيما حدث أيضا باعتبارها رئيسة للحزب.
قالت ميركل بعد اجتماعات الهيئات العليا لحزبها بالعاصمة إن هناك أسبابا سياسية محلية وراء ذلك، ولكنها أكدت أن هذه الأسباب ليست العامل الوحيد. 
أوضحت أن سبب هذا الأداء السيئ للحزب وتقدم اليمين الشعبوي المعادي للأجانب واللاجئين ممثلا بحزب "البديل من أجل ألمانيا"، هو أنه لم يتم توضيح اتجاه سياسة اللجوء، وهدفها بشكل كاف، واعترفت  من جهة أخرى، بارتكاب أخطاء في ملف اللاجئين.
قالت المستشارة لو أن بمقدورها أن تعيد عجلة الزمن إلى الوراء لتصرفت بشكل مختلف، أي أنها كانت ستشرك كل المسؤولين عن ملف اللجوء في قرارها الذي اتخذته في مثل هذا الوقت من العام الماضي.
الترحيب باللاجئين
الترحيب باللاجئين هل يستمر
أكدت المستشارة أنها تتحمل المسؤولية عن جميع قراراتها السابقة حول اللاجئين بشكل تام، وأشارت إلى أنه على الرغم من أنه كان الأمر صائبا فتح الباب أمام اللاجئين من حيث التقدير، فإنه أسفر في النهاية عن "أننا لم نسيطر على الوضع بشكل كاف طوال فترة من الزمن". أشارت إلى أنها تعتزم حاليا السعي نحو ألا يتكرر هذا الموقف، مؤكدة بقولها: "لأننا تعلمنا من التاريخ". وتابعت المستشارة تقول: "لا يرغب أحد في تكرار هذا الموقف، ولا أنا أيضا". ومضت قائلة إنه إذا كانت رغبة الشعب الألماني هي ألا تغمر البلاد هجرة بلا قيود أو قواعد منظمة "فإن هذا تحديدا هو ما أكافح من أجله."
كما أعلنت ميركل أنها لن تكرر عبارتها الشهيرة حول اللاجئين: "سننجح في ذلك" كثيرا لأنها تحولت إلى شعار سلبي وباتت تعطي آثارا عكسية. وقالت ميركل "أعتقد أحيانا أنه تمت المبالغة قليلا في استخدام هذه العبارة إلى درجة دفعتني إلى التوقف عن استخدامها، لقد تحولت إلى مجرد شعار بات خاليا من المضمون".
أضافت المستشارة ميركل قائلة: "بات البعض يشعر بأنه مستفز لدى سماعها العبارة الشهيرة، والهدف لم يكن كذلك بالتأكيد"، موضحة أنها عندما استخدمت هذه العبارة للمرة الأولى في أغسطس 2015 كان الهدف القول إن ألمانيا "بلد قوي سيخرج قويا" من أزمة اللجوء والهجرة.

شارك