الإخوان الإرهابية بين التجميل والتطرف
السبت 24/سبتمبر/2016 - 03:12 م
طباعة

تحاول الجماعة بشتى الطرق خلال الفترة الماضية تجميل وجهها ما بين الداخل والخارج خصوصًا بعدما نجحت الضربات الأمنية القاسية التي وجهتها وزارة الداخلية، للعناصر الإرهابية التابعة للجناح المسلح بجماعة الإخوان- اللجان النوعية- في إنهاء نشاطه، بشكل بدى جليًّا من كم القضايا التي قدمتها وزارة الداخلية للنيابة العامة على مدار العامين الماضيين، ما دفع التنظيم الدولي للبحث عن مخرج للهروب من القبضة الأمنية.
ورصدت تقارير أمنية قدمها قطاع الأمن الوطني لنيابة أمن الدولة العليا، اتفاق تم بين قيادات التنظيم الهاربين خارج البلاد، وقيادات ما يسمى بـ"اللجان النوعية"، لتنفيذ مخطط إعادة نشاطها بشكل أكثر "عنقودية" لتفادى الأخطاء التي وقعوا فيها خلال الفترة الماضية.
واعتمدت بنود المخطط على 5 محاور رئيسية بداية من انتقاء العناصر الجديدة، وتأهيلها عسكريا للعمل ضمن مجموعات "العمل النوعي"، وتقسيم قطاعات الدولة لاستهدافها، وتقسيم اللجان النوعية لخلايا عنقودية، تتحمل كل منها مسئولية تنفيذ التكليفات الصادرة من قيادات التنظيم.
والمحور الأول الذي اتخذه التنظيم بعد تصفية معظم الخلايا الإرهابية التابعة له، بفعل الضربات الأمنية الناجحة، والانشقاقات التي ضربت جماعة الإخوان داخل مصر، اعتمد على اختيار عناصر جديدة عن طريق "قسم الطلاب"، وخضوعهم لاختبارات عديدة ومن ثم ضم المؤهلين للعمل المسلح إلى اللجان النوعية الجديدة، وتوظيف العناصر غير المؤهلة في نشاطات أخرى.
اما المحور الثاني "التأهيل البدني" حيث يعد أصعب محاور الخطة نظرا للتضييق الأمني على نشاط عناصر جماعة الإخوان، إذ لجأ التنظيم لاستئجار أراضي زراعية بمناطق نائية، اتخذها كمعسكرات تدريب وتأهيل للأعضاء المكلفين بتنفيذ المهام الموكلة إليهم من قيادات اللجان النوعية.
ولم يتوقف الأمر عند استئجار الأراضي الزراعية، بل وصل إلى استخدام الوحدات السكنية في عقد الدورات العسكرية النظرية، وشرح أساليب الاغتيال، وتدريب العناصر على تصنيع العبوات الناسفة واستخدامها، وطرق تفخيخ السيارات والأهداف.
كما لجأ التنظيم لاستراتيجية جديدة لإعادة نشاط اللجان النوعية، اعتمدت على تقسيم مؤسسات الدولة المستهدفة إلى عدة قطاعات (كهرباء - أمن - جيش - طرق وكباري - بنوك - شركات - محاكم ونيابات - شخصيات عامة)، أسند كل منها لخلية بمفردها تتولى عناصرها تنفيذ عمليات التخريب واستهدافها.
وتعددت الأسباب التي دفعت التنظيم للبحث عن استراتيجية جديدة لتنفيذ مخطط إسقاط الدولة باستهداف مؤسساتها، إلا أن النجاح الأمني كان أبرزها - من واقع عدد الخلايا والعناصر المتهمة في عشرات القضايا - لذا لجأ التنظيم لفكرة القطاعات المفردة.

المستشار تامر الفرجاني المحامي العام الأول
وبحسب التحقيقات التي تباشرها نيابة أمن الدولة العليا، تحت إشراف المستشار تامر الفرجاني المحامي العام الأول، دخلت الاستراتيجية الجديدة حيز التنفيذ مع بداية العام الجاري 2016 بانتقاء العناصر وتأهيلها، ورصد المؤسسات والشخصيات المستهدفة، واتفقت قيادات التنظيم على بدء موجة الإرهاب مع منتصف العام، إلا أن الضربات الأمنية قضت على المؤامرة.
كما كشفت التحقيقات، أن عناصر اللجان النوعية المختصة باستهداف قطاع الكهرباء والطاقة، تلقت تكليفات باستهداف الشركات والمحولات والأبراج الرئيسية عن طريق التفجير، بشكل أكثر تدقيقا من العمليات السابقة التي نفذها التنظيم، غير أن الأجهزة الأمنية نجحت في ضبط عناصر الخلية المكلفة بتنفيذ ذلك، وأحالتهم لنيابة أمن الدولة العليا.
حيث يواجه المتهمون بحسب تحقيقات النيابة، ارتكاب جرائم الانضمام لجماعة أسست على خلاف أحكام القانون، تدعو لتعطيل الدستور ومنع مؤسسات الدولة من ممارسة أعمالها، والتحريض على العنف، وحيازة أسلحة وذخائر بدون ترخيص، وحيازة مطبوعات تحرض على استهداف رجال الجيش والشرطة.

إبراهيم منير
وفي محاولة جديدة للم شمل الجماعة ورأب صدعها والحد من الصراعات الداخلي وبعد أن شطحت الجماعة وتناست أدبياتها التاريخية واللائحية، في نقل وتسليم وتسلم مهام المنصب الأهم؛ في هيكلها التنظيمي والروحي المرشد يطرح السؤال نفسه.. لماذا تراجعت الجماعة عن تنصيب إبراهيم منير، ثعلب الإخوان العجوز خلفًا لمحمود عزت؛ والمسئول عن تفجير أعنف أزمة في تاريخ جماعة البنا.
وكانت الإجابة.. علامات استفهام ولن تجد غيرها، لتجد القول الفصل في خلفيات كل فخ تحيكه الجماعة لنفسها، وخاصة قرارها الأخير بتولية أمين التنظيم الدولي، لتتراجع سريعا وتتنصل «إعلاميا» بين عشية وضحاها، وتنكر الزوبعة التي أثارها أحد أهم رجالها خارج مصر.
وحتى تتبع سير الأزمة من البداية، كان رئيس مركز تكوين العلماء في موريتانيا الشيخ محمد الحسن ولد الددو الشنقيطي، فجر مفاجأة مدوية، معلنا أن محمود عزت مرشد الجماعة الحالي، فوض صلاحياته لإبراهيم منير، الأمين العام للتنظيم الدولي، واعتبر أن الفترة القادمة ستشهد حلولا وليس إدارة أزمات، ما يعني أن الجماعة في طريقها لاختيار قيادة جديدة.
لم تهدأ الجبهات المتصارعة بين «الإخوان»، واستغلتها بالطبع قيادات جبهة اللجنة الإدارية العليا، التابعة لمحمد كمال، وظلت تشحن «الجماعة» بما يثير النخوة والكرامة، باعتبار أن ما حدث تغفيلا لهم، واستمرار مهين للتعامل معهم وكأنهم قطعان لا تصلح لتحديد جهات المسير.
ساعات كاملة.. صمتت فيها الجماعة وكأنه انقلاب تركي على الساحة الإخوانية، نشطت الخلايا الإخوانية، وحملت الساعات الأخيرة هجوما كاسحا من قواعد الجماعة، ضد القيادة التاريخية، لتمزيق جسد الإخوان المتراص منذ عقود، بل وراح البعض يتهمهم علانية بالعمالة لأجهزة الدولة.
لم تتحمل جبهة «عزت» ظهور خيوط الصباح، بعدما استشعرت حجم الأزمة وما يحاك لها، وعلى الطريقة «الأردوغانية» أصدرت في الساعات الأخيرة من ليل الأزمة، بيانا تنفي فيه ما قيل على لسان «ولد الددو»، مشددة على عدم صحته وطالبت الجميع بالاعتماد على ما يقوله فقط المتحدث الرسمي لها طلعت فهمي، معتبرة أنه الوحيد المعتمد من الجماعة للرد في كل ما يخص مواقفها الرسمية.

محمود عزت القائم بأعمال مرشد جماعة الإخوان
تبع ذلك إرسال إبراهيم منير نفسه، نفي خاص لقناة مكملين الإخوانية، مؤكدا فيه أن المرشد الحالي لا يزال محمود عزت، ولم يحدث تغيير في ذلك، وأن «ولد الددو» لديه فهم خاطئ، وحديثه عن تسليم قيادة الجماعة غير صحيح.
سامح عيد، القيادي المنشق من الجماعة، قال إن الأزمة معقدة، وعبر عن اندهاشه من بيان الإخوان الذي تراجعت فيه، عن تولية إبراهيم منير، مؤكدا أن محمود عزت في حكم الأسير، ما يجعله غير مناسب من الناحية الشرعية حسب لائحة الجماعة لتولي منصب المرشد، وهنا منطقة الاشتباك مع أدبيات الإخوان.
واعتبر "عيد" أن ما يحدث، تفسيره المنطقي الوحيد، حالة التخبط التي تغرق فيها الجماعة بمستوياتها الإدارية والتنظيمية على كافة الأصعدة، مستبعدا أن تعجل الأزمة الأخيرة، في إيجاد حل قريب، لصراع القيادة التاريخية، مع جبهة الإدارية العليا.

الرئيس عبد الفتاح السيسي
وعلى صعيد آخر جاء فشل الإخوان في الحشد بنيويورك، لتشويه زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، ليضع سيناريو الفشل السادس للتنظيم منذ عزل محمد مرسى وحتى الآن في التحريض ضد الدولة المصرية.
السيناريو الأول خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 2014، وكانت أول زيارة للرئيس عبد الفتاح السيسي لنيويورك بعد توليه رئاسة الجمهورية، وزعمت قيادات الإخوان أنها ستحشد أنصارها ضد هذه الزيارة، إلا أن التنظيم فشل في تشويه أو إفشال تلك الزيارة.
السيناريو الثاني كان في اجتماعات مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، وكانت مصر تحضر اجتماعاته، في الوقت الذي زعمت فيه جماعة الإخوان، أنها ستحضر اجتماعات المجلس، وسترسل تقارير حقوقية تهاجم فيها أوضاع حقوق الإنسان في مصر، إلا أن التنظيم فوجئ بإشادة المجلس بالتقرير المصري الذي أرسله المجلس القومي لحقوق الإنسان.
سيناريو الفشل الثالث كان في إيطاليا، حيث زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي لروما، ولقاءه برئيس الوزراء الإيطالي، حيث حرضت ائتلافات الإخوان الدولية على تنظيم فعاليات ضد الزيارة، ومطالبة المسئولين الإيطاليين بعدم إتمام الزيارة، إلا أن زيارة الرئيس تمت بنجاح وتلقت الجماعة الضربة الثالثة على التوالي. وأعقبها مباشرة زيارة الرئيس لألمانيا، ولقاؤه المستشارة الألمانية "ميركل"، ورغم التواجد الكثيف لعناصر الإخوان في برلين، وتوجيههم رسالة إلى ميركل يطالبونها بعدم إتمام اللقاء، إلا أن اللقاء تم في موعده، وعقد بعدها الرئيس مؤتمرا صحفيا مشتركا مع ميركل للحديث حول تفاصيل اللقاء، وفشلت الجماعة للمرة الرابعة في إفشال زيارات الرئيس الخارجية.
والعام الماضي في بريطانيا، حيث يتواجد مقر التنظيم الدولي للإخوان، قامت الجماعة بلقاءات مع مسئولين بريطانيين والتقت أعضاء بمجلس العموم البريطاني في محاولة منها لعدم إتمام زيارة الرئيس للندن، بل وطالب ديفيد كاميرون رئيس الحكومة البريطانية السابق بعدم اللقاء مع السيسي، إلا أن كل هذه الدعوات فشلت، وتم إلقاء بين السيسي وكاميرون ونجحت الزيارة رغم كافة التحركات الإخوانية وتنظيمها الدولي لتشويهها.
المحطة السادسة في فشل الإخوان الخارجي كان في نيويورك هذا العام، حيث حشدت الجماعة قواعدها في الخارج للتجمع في نيويورك، بل ودعت ائتلافاتها الدولية للتحريض، والتجمع أمام مقر الجمعية العامة للأمم المتحدة، ودعت هيلاري كلينتون بعدم لقاء الرئيس السيسي إلا أن زيارة الرئيس تمت بنجاح، والتقت كلينتون بالسيسي.
ولتستمر الجماعة إلى الان في طريق الفشل، على المستوى الداخلي للجماعة والذي يؤكده الصراعات الداخلية على من يتولى قيادة الجماعة للإمساك بالملف المالي، وبين فشلها في إثبات تواجدها في الشارع داخليًّا وخارجيًّا.