مع ارتباك الأوضاع في ليبيا.. هل تنجح مبادرة "السراج" في "لم الشمل"؟

الثلاثاء 27/سبتمبر/2016 - 12:53 م
طباعة مع ارتباك الأوضاع
 
في ظل الأوضاع الراهنة التي تحدث في ليبيا، بين الصراع علي النفط الليبي وتحرير مدينة سرت من قبضة التنظيم الإرهابي "داعش"، دعا رئيس حكومة الوفاق الوطني في ليبيا فائز السراج إلى مبادرة مصالحة وطنية لوضع حد للانقسامات الحالية بين حكومته والجيش الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر.
مع ارتباك الأوضاع
وقال السراج إن الحرب في سرت ضد تنظيم داعش الإرهابي تدخل مراحلها الأخيرة رغم استمرار تحدي التفجيرات والشراك الملغومة.
وأعلنت منذ يومين قوات موالية لحكومة الوفاق أنها أحبطت 3 محاولات لتفجير سيارات ملغومة مع تجدد المعارك العنيفة ضد مخابئ لتنظيم داعش في مدينة سرت.
وعقب سقوط معمر القذافي عام 2011، دخلت البلاد في فوضي أدت إلي انقسام الدولة الواقعة في شمال أفريقيا إلى قطاعات مسلحة متنافسة. 
وعقب تولي حكومة السراج لزمام الأمور في مارس الماضي، وهي تسعى إلى تعزيز مكانتها وبسط سيطرتها خارج مقرها في طرابلس بغرب ليبيا، وتستغل بذلك الدعم الدولي والأممي التي تحظي به بصورة كبيرة.
وفي كلمة للسراج  في نيويورك لوكالة رويترز حيث حضر اجتماعا سنويا يجمع زعماء العالم في الأمم المتحدة، قال إن "ليبيا خلال السنوات الماضية مرت بمرحلة صعبة وحرجة جدا، حدث بها كثير من التشظي كثير من الانقسامات السياسية"، مضيفا أنه "حدث تفكك في النسيج المجتمعي نتيجة الصراعات الدموية، قائلا: "بالفعل نحتاج إلى مصالحة حقيقية بين الليبيين في الداخل والخارج.. وليبيا لليبيين جميعا ولا إقصاء لأي طرف أو فصيل سياسي أو توجه".
وتابع أن "المصالحة ستوفر استقرارا أمنيا كبيرا وبالتالي استقرارا اقتصاديا". وعن موعد تنفيذ مبادرته للمصالحة قال "أتمنى أن يبدأ تنفيذ المبادرة في أقرب وقت ممكن  قبل نهاية العام".
وقال السراج "نتوقع خلال الأسابيع المقبلة الانتهاء من تشكيل حكومة جديدة"، مضيفا: "حتى الآن لم نستلم أي خطاب من مجلس النواب بإعادة تقديم تشكيل وزاري جديد.. مع هذا تعاملنا بإيجابية مع مخرجات جلسة مجلس النواب بالرغم من كل الجدل الذي دار حول الجلسة.. وقررنا تقديم تشكيل وزاري جديد لمجلس النواب.. الآن يتحمل المجلس مسؤوليته ويمارس دوره".
وتحدث السراج بلهجة توافقية إزاء عمليات الاستحواذ على الموانئ، لكنه حذر من أن حماية المنشآت الحيوية ستكون مهمة الحكومة المعترف بها دوليا، قائلا: "نحن كمجلس رئاسي منفتحين على كل الأطراف السياسية.. وعلى المستوى الشخصي لا يوجد أي تحفظ في ذلك. أي شيء يساعد في حل الأزمة الليبية أو نفتح به مختنقات مسدودة.. مستعدين للقاء أي أشخاص".
قال: "لم نكن نتمنى حدوث أي تصعيد في المنطقة لكن ما حدث قد حدث.. وحاولنا التعامل معه بكل حكمة وتروي وتريث"، "لكن الرسالة وصلناها بوضوح.. عدم المساس بالمنشآت النفطية وعدم إلحاق أي ضرر بها لأن من يحمي النفط يجب أن يكون تحت مظلة المجلس الرئاسي".
وتلتهب الأحداث في ليبيا، ما بين السيطرة على موانئ النفط من جانب الجيش الليبي بقيادة خليفة حفتر، ومحاولة القضاء على داعش في مدينة سرت من جانب القوات الموالية لحكومة الوفاق الوطني بقيادة فايز السراج.
مع ارتباك الأوضاع
ويسعى كلا الطرفين لمصالحهما الشخصية؛ حيث يرفض السراج سيطرة حفتر على الهلال النفطي، كذلك يرفض حفتر تولي السراج زمام الأمور في البلاد.
ويرى مراقبون أن قوات الوفاق بين خيارين: إحداهما أن تحسم قوات الوفاق معركة سرت نهائيًا في الوقت الحالي، والآخر أن تترك معركة الحسم في الوقت الحالي لحين حسم معركة النفط أولًا، والتي تسعي للسيطرة عليه منذ توليها زمام الأمور في البلاد.
ويسعى المجلس الرئاسي منذ وصوله إلي طرابلس لحصوله على دعم شعبي وضمان ولاء الأطراف السياسية والفصائل المسلحة الليبية.
وسلمت القوات الموالية لحفتر قيادة العمليات النفطية إلى مؤسسة النفط الليبية التي قال السراج إنها تعمل تحت مظلة المجلس الرئاسي.
وتعتمد ليبيا بصورة كبيرة على عائدات صادرات النفط وتحتاج إلى استعادة زيادة إنتاجيتها منه لمنع انهيارها اقتصاديا.
وفي هذا الصدد، وصف مراقبون سيطرة الجيش الليبي علي موانئ النفط، بأنها عبثية، حيث خرج رئيس المجلس الأعلى للدولة عبدالرحمن السويحلي ليعلن عن اضطرارهم لتولي السلطة التشريعية، مطالبا المجلس الرئاسي بتقديم التشكيلة الحكومية الجديدة حتى يقوم المجلس باعتمادها.
والمجلس الأعلى للدولة، هو جسم استشاري منبثق عن الاتفاق السياسي يضم 120 عضوا يتم اختيارهم بالتوافق بين أطراف الحوار على أن يتم اختيار 90 عضوا من قبل المؤتمر الوطني العام المنتهية ولايته. وسبق لهذا الجسم أن تجاوز صلاحياته في أبريل الماضي تاريخ عقد جلسته الأولى معلنا عن قيامه بالتعديل الدستوري وإدخال الاتفاق السياسي حيّز النفاذ، الأمر الذي اعتبره مجلس النواب تجاوزا لصلاحياته التي أعطاها إياه الاتفاق السياسي باعتباره جسما استشاريا لا تشريعيا.
ووقع الفرقاء الليبيون في الـ17 من ديسمبر الماضي اتفاقا يقضي بوقف القتال وتشكيل حكومة وفاق تتولى تسيير البلاد لمدة سنة، لكن مجلس النواب رفض عقد جلسة لإجراء التعديل الدستوري وإدخال الاتفاق السياسي حيّز التنفيذ قبل حذف أو تجميد المادة الثامنة من الاتفاق. 
ويقول أعضاء مجلس النواب الرافضون للاتفاق، إن فريق الحوار الممثل لمجلس النواب وقع على الوثيقة دون الرجوع إلى مجلس النواب للتشاور معه بخصوص التعديلات التي أدخلت على المسودة التي كان مجلس النواب قد وقع عليها بالأحرف الأولى في يوليو من العام الماضي.
مع ارتباك الأوضاع
وفي سياق أخر، أدانت موسكو أمس الاثنين 26 سبتمبر2016، إرسال دول لقوات خاصة لتدريب جماعات مسلحة في ليبيا، داعية إلى اتباع نهج واضح ومتسق للأمن في هذا البلد.
وشدد نائب وزير الخارجية الروسي غينادي غاتيلوف أمام اجتماع وزاري في نيويورك على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة على أن "الأجهزة الأمنية الموحدة وحدها يمكن أن تحصل على مساعدات عسكرية دولية في إطار القيود التي فرضها مجلس الأمن".
ونقل موقع "ليبيا هيرالد" عن المسؤول الروسي تأكيده وجود مشاكل في مجال الأمن بليبيا بسبب الضربات الجوية التي نفذتها بعض الدول في مناطق معينة بليبيا، مضيفا أن "دولا أخرى أرسلت فرقا من القوات الخاصة لتدريب مجموعات مسلحة، وهذا النهج يفاقم العداء والفرقة بين الليبيين".
وقال غاتيلوف بشان الأوضاع الراهنة في ليبيا إن "الوضع في ليبيا لا يزال غير مستقر، ولم تحقق نجاحا حتى الآن الجهود المبذولة لاستعادة الاستقرار والوحدة في البلاد في أعقاب التدخل العسكري غير الشرعي في عام 2011، ومستقبل البلاد لا يزال مبهما.
وتنص المادة الثامنة على انتقال جميع المناصب السيادية والعسكرية إلى سلطة المجلس الرئاسي بمجرد توقيع الاتفاق السياسي بما فيها منصب القائد العام للجيش الذي يتولاه حاليا المشير خليفة حفتر ليقوم في ما بعد بتوزيع هذه المناصب بالتشاور بين أعضائه، الأمر الذي يعتبره مؤيدو حفتر سعيا واضحا إلى استبعاده خاصة وأن القرارات في المجلس الرئاسي تؤخذ بالأغلبية لا الإجماع في حين لا يملك خليفة حفتر سوى مؤيديْن له داخل هذا المجلس المتكون من 9 أعضاء هما علي القطراني وعمر الأسود.
وشدد نائب وزير الخارجية الروسي على أن الاتفاق السياسي الليبي لا يزال أساسا للتسوية، مشيرا إلى أنه يمكن التوصل إلى تسوية فقط عبر حوار صريح بين الليبيين، يتبني خطة عمل تستثني أي تدخل أجنبي.
كما أعرب عن تحفظ بلاده بشأن العقوبات، مشيرا إلى أن فرض عقوبات من جانب واحد، كما فعلت بعض الدول، لن يؤدي إلى نتيجة إيجابية، داعيا الأمم المتحدة ورئيس البعثة الدولية في ليبيا مارتن كوبلر إلى ضرورة "إشراك الأطراف السياسية الرئيسة والجيش وممثلي أقاليم البلاد والقبائل في عملية السلام، من دون تهميش أي طرف".

شارك