مجدداً.. الانتخابات الإيرانية تشعل الصراع على مقعدي "الرئيس والمرشد"

الإثنين 03/أكتوبر/2016 - 04:23 م
طباعة  مجدداً.. الانتخابات
 
يشكل السباق الانتخابي الرئاسي بشكل عام في إيران بيئةً خصبةً للصراع والتنافس بين أنصار آية الله خامنئي وخصومه للفوز بمقعد الرئاسة، ولكن يتوازى معها هذه المرة الصراع حول مقعد المرشد الأعلى عندما يصبح عاجزاً عن الحكم أو يموت، وكشفت نشرة ميدل إيست بريفينغ إلى بداية السباق لانتخابات الرئاسة في إيران باكراً، إذ لن يتوجه الإيرانيون إلى صناديق الاقتراع قبل مايو 2017، فيما انطلقت معارك سياسية كبرى وتراجع سياسيان من كبار المحافظين عن ترشحهما، بعدما كانا يشكلان تحدياً حقيقياً للرئيس الحالي حسن روحاني، مما عزز آمال المعتدلين باحتمال فوز روحاني بولاية ثانية.
الرئيس الإيراني السابق
الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد
فمنذ أشهر يجري الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد، تحركات ومحاولات لكي ينافس روحاني. ولكن، وبحسب تقرير صدر في 26 سبتمبرعن وكالة فارس الرسمية، استبعد المرشد الأعلى علي خامنئي ترشيحه وفي محاضرة ألقاها أمام مجموعة من الطلاب في مكتبه، قال خامنئي: "جاءني شخص ما، وقال لي إنه سيرشح نفسه، ونصحته بعدم المشاركة في تلك القضية، وذلك لصالحه وصالح البلاد".
ومع أن خامنئي لم يذكر أحمدي نجاد بالاسم، إلا أن شائعات سرت في طهران منذ أسابيع أن الرئيس السابق زار المرشد الأعلى ليطلب موافقته على تحدي روحاني أما الشخصية المتشددة الأخرى التي أعلن صاحبها أنه لن يترشح بعد أسابيع من تشجيع متشددين له، فهو الجنرال قاسم سليماني، قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، والمشرف على جميع العمليات الخارجية التي انخرط بها الحرس الثوري في العراق وسوريا.
قاسم سليماني
قاسم سليماني
ورغم تمتع سليماني بشعبية وصلت بحسب استطلاعات رأي حديثة إلى 76%، فقد أصدر في 16 سبتمبربياناً عبر من خلاله عن رفضه ضغوطاً من نواب متشددين في المجلس لأن يكون مرشحاً رئاسياً، قائلاً: "أنا جندي أعمل لحماية نظام الجمهورية الإسلامية والشعب الشجاع. سأبقى جندياً طوال حياتي" وفي نفس الوقت، تقول النشرة إن سليماني أصدر بيانات أخرى، محذراً بحدة حكومة روحاني من السعي للتقارب مع قوى أجنبية "عملت على إسقاط الجمهورية الإسلامية" قائلاً: "لا قيمة لإقامة علاقات مع حكومة تسعى إلى عزل إيران. إنها خيانة إن أراد مسؤول إيراني أن يصور عدواً كصديق"  وفي نفس الوقت، أكد قاسم سليماني على وجود رابط قوي بين حكومة روحاني والحرس الثوري، مشيراً لمحاولات تجري من قبل أعداء إيران لزرع الخلافات بين الحرس الثوري والحكومة، مما سبب بلبلة في إيران.
وفي تطور آخر للتوترات الداخلية المتنامية في الداخل الإيراني مع الاستعدادات لانتخابات الرئاسة في الربيع المقبل، نشبت مؤخراً مشادة حادة بين أحد أهم داعمي روحاني، الرئيس الأسبق آية الله علي أكبر رفسنجاني، الذي يعتبر أحد زعماء الثورة الإيرانية، وبين خصومه من متشددين ومن قادة الجيش الإيراني. فقد ألقى رفسنجاني في 10 أغسطسكلمة في مؤتمر رعته وزارة التعليم الإيرانية، هاجم علناً الميزانية العسكرية الضخمة، وقال للحاضرين إن "هناك حاجة ماسة لاقتصاد قائم على العلوم يتحقق عبر تخفيض النفقات العسكرية الضخمة، وأتوقع تحسن الوضع الاقتصادي، فيما لو أعيد انتخاب الرئيس روحاني"  وما إن نشر الخطاب، حتى تعرض رفسنجاني لسيل من الهجمات فقد اتهمه الجنرال أمير على حاجي زادة، قائد القوة الجوية في الحرس الثوري الإيراني "بقول أي شيء وعمل كل ما ينفع لتحقيق هدفه السياسي"  وبعد يومين من تصريح الجنرال حاجي زادة، في ١٠ سبتمبر شجب جواد كريمي غودوسي، عضو متشدد في المجلس، تصريحات رفسنجاني، معتبراً أنها "تمثل أنباء طيبة للولايات المتحدة لأن إيران ستعمل على نزع سلاحها".
وتلوح في الأفق القضية الأخرى  التى تتعلق بمن يحل مكان المرشد الأعلى عندما يصبح عاجزاً عن الحكم أو يموت حيث  أثارت صور سابقة لآية الله علي خامنئي وهو على سريره في المستشفى، ويبدو في حالة من الضعف وخائر القوى إثر عملية، الكثير من الجدل حول صحة المرشد الأعلى للثورة الإيرانية وتداعيات ذلك على مستقبل البلاد وسط حديث عن صراع على السلطة في إيران. وكشف تقرير لمركز ستراتفور الأميركي للدراسات الاستراتيجية والأمنية أن طهران قد تكون بصدد تحضير البلاد والعالم للانتقال لقائد أعلى جديد.
 مجدداً.. الانتخابات
 وبالرغم من أن إيران بثت مؤخرًا صورًا ومقاطع فيديو لكبار المسؤولين في الدولة وكبار الشخصيات الأجانب وهم يزورون المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي في المستشفى، ثم بعد خروجه منه إثر عملية جراحية. وبالرغم من التصريحات التي تنقلها وسائل الإعلام الإيرانية عن آية الله خامنئي بخصوص ما يجري على الساحة الإقليمية في الفترة الأخيرة، وخصوصا الضربة الأميركية الموجهة لتنظيم داعش في سوريا، لم تنفك الأسئلة تطرح حول حقيقة الحالة الصحية للرجل الذي يمسك بأعلى منصب في إيران.
 وتساءل الصحفي هيو توملينسون، في تقرير حول صراع محتمل على خلافة المرشد الأعلى الإيراني (75 سنة)، نشرته صحيفة "التايمز"، عن السر وراء عرض صورة المرشد الأعلى وهو يبدو بحالة ضعف في المستشفى، رغم أن السرية دائمًا ما كانت تحيط بالحالة الصحية للمرشد الإيراني وذات السؤال طرحه تقرير مركز ستراتفور، حيث تشير الإدارة غير الاعتيادية للعلاقات العامة بخصوص ما قيل إنه عملية جراحية على البروستاتا إلى أن طهران قد تكون بصدد تحضير البلاد والعالم للانتقال لقائد أعلى ثالث. وتخفي الجهود الإيرانية لعرض صورة عن جو اعتيادي مخاوف عدة فاعلين في النظام السياسي الإيراني ببروز فراغ في السلطة في الوقت الذي وصلت فيه إيران إلى مفترق طريق جيوسياسي.
 مجدداً.. الانتخابات
وحسب الدستور إذا تعذر على المرشد الأعلى ممارسة مهامه حتى ينتخب مجلس الخبراء خليفة له، يتولى السلطة مجلس قيادة مؤقت. ونظرا للطبيعة الفئوية للنخبة السياسية الإيرانية من الطبيعي افتراض أن عملية تعويض خامنئي سيشوبها صراع كبير بين مختلف المعسكرات التي تشكل المؤسسة المحافظة. وبعد كل شيء هذه فرصة نادرة جدا لمن يرغب في التغيير ومن يرغب في الاستمرارية لأن يرسم مستقبل الجمهورية الإسلامية وبالنسبة إلى المتشددين القلقين جدا مما يرونه مسلكا معتدلا شديد الإزعاج اتخذه روحاني يجب ألا يكون المرشد الأعلى الجديد غير متعاطف مع الرئيس، ومن وجهة نظرهم منح خامنئي الحكومة مجالا كبيرا لحرية التصرف.
وقد أشار تقرير صحيفة "التايمز" البريطانية إلى أن المتشددين تحدوهم رغبة في منع الرئيس السابق علي أكبر رفسنجاني من الوصول إلى هذا المنصب، حيث ينتقد المحافظون علاقته بالإصلاحيين  وربما يكون رجل الدين البارز وخطيب جمعة طهران أحمد خاتمي الخيار المفضل للكثير منهم أما الرئيس الإيراني الحالي حسن روحاني فيعرف أنه إذا شق خصومه طريقهم في تحول السلطة ستزيد متاعبه أضعاف المرات في الترويج لأجندته في السياستين الخارجية والداخلية.
 مجدداً.. الانتخابات
أشار مركز الاستخبارات الأميركي أن مصادره علمت أن من بين المعوضين المحتملين لخامنئي:
1- وزير العدل السابق آية الله محمود هاشمي شهرودي، وهو فقيه مقرب من خامنئي ويعرف بمواقفه المعتدلة نسبيا.
2- حسن الخميني الحفيد الأكبر لمؤسس الجمهورية آية الله روح الله خميني. وهو مقرب من معسكر الرئيس المحافظ والإصلاحي البراغماتي، بيد أن نسبه قد لا يعوض عن ميولاته اليسارية نسبيا وصغر سنه 
3- وزير العدل الحالي محمد صادق لاريجاني وهو الأخ الأصغر لرئيس البرلمان علي لاريجاني، ويعتقد البعض أنه المرشح المفضل للحرس الثوري الإسلامي.
 مما سبق نستطيع التأكيد على أنه دائمًا ما يشكل السباق الانتخابي الرئاسي  بشكل عام في إيران بيئةً خصبةً للصراع والتنافس بين أنصار آية الله خامنئي وخصومه للفوز بمقعد الرئاسة، ولكن يتوازى معها هذه المرة  الصراع حول مقعد المرشد الأعلى للثورة الإيرانية، وهما المقعدان اللذان سيحددان مصير الانتخابات الرئاسية الشهور المقبلة بين الإصلاحيين والمتشددين. 

شارك