ادراج الاشوريين والكلدان الي البطاقة الوطنية العراقية وفي انتظار السريان
الأربعاء 05/أكتوبر/2016 - 05:11 م
طباعة
افتتح صاحب الغبطة مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي، الدورة السنوية العادية لسينودس أساقفة الكنيسة السريانية الكاثوليكية، في الكرسي البطريركي الصيفي، في دير سيّدة النجاة – الشرفة، درعون – حريصا، لبنان، بحضور مطارنة الكنيسة السريانية الكاثوليكية في لبنان والشرق وبلاد الإنتشار، والذي يستمرّ حتى ظهر السبت 8/10/2016 حيث يُختتَم ببيان ختامي يتناول الأوضاع الراهنة في الشرق، وأهمّ المواضيع التي سيتناولها السينودس. وفي كلمته الإفتتاحية، طالب غبطة البطريرك يونان بانتخاب رئيسٍ جديدٍ للجمهورية اللبنانية بأسرع وقت، وبقانون انتخابي عادل يعطي السريان تمثيلهم الصحيح في المجلس النيابي اللبناني، وكذلك بإدراج اسم السريان كمكوّنٍ في الدستور العراقي والبطاقة الوطنية (الإستمارة)، أسوةً بسائر المكوّنات العراقية الأخرى، وبالوقف الفوري للحرب الدائرة في سوريا. وقد اعلن النائب جوزيف صليوه ان مديرية شؤون البطاقة الوطنية التابعة لوزارة الداخلية العراقية قد وافقت بالفعل على اضافة تسمية الكلدانية والاشورية الى استمارة طلب البطاقة الموحدة بحسب المادة 125 من الدستور العراقي. . وقال النائب في تصريح صحفي خاص ب "عنكاوا كوم" ان مديرية شؤون البطاقة الوطنية ارسلت ردا الى مكتبه الشخصي ردا على طلب سابق بإدراج التسميات القومية الخاصة بالمكون المسيحي في الاستمارة الخاصة بنظام البطاقة الجديدة .
وكشف صليوه عن موافقة المديرية التابعة لوزارة الداخلية على إضافة التسمية الكلدانية و الاشورية الى جانب القوميات العربية والكردية والتركمانية استنادا إلى المادة 125 من الدستور العراقي بعد مطالبات رسمية بأضافتها بدلا عن تعبير "الاخرى ". وللان لم يعلن عن موافقة التسمية السريانية
وكان قانون البطاقة الوطنيّة قد صوّت عليه مجلس النوّاب في 27 تشرين الأوّل/أكتوبر 2015. توّج هذا القانون حركة تناقص أعداد الأقلّيّات في العراق إلى حدود دنيا، إذ تكفّلت المجازر والاعتداءات المنظّمة في هجرة الغالبيّة العظمى منها، وتشير التوقّعات الإحصائيّة إلى خلوّ البلد منها في القريب العاجل، تماماً مثلما حدث لنظرائها اليهود في الماضي. وكان متوقّعاً من المشرّع العراقيّ أن يأخذ في الحسبان هذه الحقيقة التي تسيء إلى نظامه السياسيّ، ويشرّع قانوناً لحماية وجودها في البلد ويحميها من تعدّي الأكثريّة وهيمنتها السياسيّةالحقيقة أنّ هذا القانون جاء من منطلق تسهيل المعاملات الإداريّة للمواطن العراقيّ، إذ يمنحه هويّة موحّدة بدلاً من هويّات لإنجاز معاملاته التي يحتاج إليها في المؤسّسات الحكوميّة. فإذا بالقانون يتدخّل في تفاصيل غير مرتبطة بالهدف الأصليّ، منقلباً إلى شكل من أشكال التمييز ضدّ الأقلّيّات غير المسلمة.جاء في المادة 26 من القانون، أمران يؤسّسان لتمييز منهجيّ ضدّ الأقلّيّات، من شأنه أن ينهي وجودها الضئيل في البلد، إذ نصّت على ما يأتي:
"أوّلاً- يجوز لغير المسلم تبديل دينه وفقاً للقانون.
ثانياً- يتبع الأولاد القاصرون في الدين من اعتنق الدين الإسلاميّ من الأبوين".
تعني هاتان الفقرتان أنّ عمليّة تغيير الدين تجوز من طرف واحد فقط، أيّ أنّ غير المسلم يمكنه أن يصبح مسلماً بحسب القانون، ولا يجوز العكس، وأنّ الأولاد يتبعون الطرف المسلم من أبويهم قسراً، أي إذا أسلم أحد الأبوين، يعتبر القانون الأولاد مسلمين تلقائيّاً.
أثار هذا القانون استياء الأقلّيّات الدينيّة كلّها واعتراضها. فقد علّق نوّابها حضورهم في جلسات البرلمان احتجاجاً. وقد صرّح النائب المسيحيّ يونادم كنا في مؤتمر صحافيّ عقده في يوم التصويت على القانون في مبنى البرلمان في حضور باقي ممثّلي الأقليّات أنّ "المادّة 26 مجحفة ولا تنسجم مع مبادئ الدستور وتخرق مواده... وأنّها تسلب إرادة الإنسان في إيمانه ودينه وعقيدته، على عكس ما يؤكّده الإسلام أنّ لا إكراه في الدين".
في السياق نفسه، أعرب بطريرك الكلدان في العراق والعالم لويس روفائيل الأوّل ساكو في بيان أصدره في 31 تشرين الأوّل/أكتوبر عن أسفه للتصويت على المادّة، قائلاً: "كنّا قد قدّمنا طلباً بتعديل القانون قبل أشهر، إلى مجلس النوّاب العراقيّ لسعينا إلى تحقيق العدالة والمساواة، لكنّ قرارهم جاء مجحفاً بحقّ الأقلّيّات غير المسلمة". ويضيف: "يعدّ ذلك تراجعاً مؤسفاً عن مبدأ التعدّدية واحترام التنوّع والخصوصيّة".
الواقع أنّ الأقلّيّات نظّمت مع جماعات مدنيّة وديمقرلطيّة مظاهرات وتجمّعات احتجاجيّة عدّة ضدّ هذا القانون في مختلف مناطق العراق.
إزاء ذلك، عقدت مؤسّسة مسارات المتخصّصة في حماية الأقلّيّات في العراق مؤتمراً احتجاجيّاً ضدّ المادة 26 في مقرّ المندائين في بغداد، حضره ممثّلون عن مختلف الأقلّيّات الدينيّة العراقيّة. وفي كلمة خصّ بها "المونيتور"، قال رئيس المؤسّسة سعد سلوم إنّ "الأقلّيّات تشعر بأنّ هناك سياسة تمييز ممنهجة ومتكاملة ضدّها، وبأنّ ما يقوم به المشرّع العراقيّ هو إكمال لمسيرة "داعش" في فرض الديانة الإسلاميّة على الأقلّيّات، وإخلاء البلد منها على المدى القريب".
ويشير ممثّل الإيزيديّين في المجلس العراقيّ لحوار الأديان صائب خدر إلى حقيقة مثيرة، وهي أنّ القانون الجديد مستنسخ من قانون صدر في عهد صدّام حسين. وقال لـ"المونيتور" إنّ "ما يحدث هو استمرار لسياسة التمييز ضدّ الأقلّيّات منذ عهد البعث، إذ استنسخ قانون البطاقة الوطنيّة الجديد نصّ ما جاء في قانون الأحوال المدنيّة رقم 65 لسنة 1972 الذي يقول: "يتبع الأولاد القاصرون في الدين من اعتنق الدين الإسلاميّ من الأبوين".
إنّ أولئك الذين طالموا ناضلوا ضدّ نظام صدّام، لأنّه لم يمنحهم حقوقهم الدينيّة يعيدون إنتاج قوانينه التمييزيّة اليوم. ويصف خدر القانون الجديد بأنّه "يمثّل انتهاكاً واضحاً لحقوق الإنسان وموادّ عدّة من الدستور العراقيّ، منها ما جاء في المادّة الثانية أنّ الدستور "يضمن كامل الحقوق الدينيّة لجميع الأفراد في حريّة العقيدة والممارسة الدينيّة"، والمادّة 42 أنّ "لكلّ فرد حريّة الفكر والضمير والعقيدة".
لقد وجد الكثير من الناشطين في الحقوق المدنيّة أنّ المشرّع العراقيّ قام بعكس ما يتوقّع منه في الظروف العراقيّة المعروفة، لأنّ القانون يجب أن يقوم بتطبيق تمييز إيجابيّ لصالح الأقلّيّات في حالات وجود احتمال للتهميش والتمييز أو التهديد بالانقراض، وهذا واقع فعلاً في الوضع العراقيّ، نظراً إلى الحقائق الآتية:
أولاً- إنّ المناطق الأصليّة للأقلّيّات قد وقعت تحت سلطة "داعش" منذ حزيران/يونيو 2014.
ثانياً- إنّ معظم أفرادها غادروا البلد والباقي مهجّر في مختلف مناطق العراق.
ثالثاً- إنّ الحكومة العراقيّة غير قادرة على تأمين الأمن والحياة الكريمة لهذه الأقلّيّات.
ومن الملفت للنظر أنّ المادّة المثيرة للجدل لا تعدّ ضرورة دينيّة متّفق عليها، حيث يؤدّي حذفها إلى مخالفة التعاليم الإسلاميّة، إذ كان من الممكن ألّا تشتمل البطاقة الوطنيّة على حقل الدين أساساً، وهي الحالة الأنسب للوضع العراقيّ المتفاقم طائفيّاً. كما أنّ هناك خيارات قانونيّة أخرى مثل تعليق حالة الأطفال في العوائل المختلطة دينيّاً حتّى بلوغهم سنّ الرشد، عندها يمكنهم اختيار الدين حسب الرغبة.
في كلّ الأحوال، بات وضع الأقلّيّات في العراق مع هذا القانون في أخطر مستواه تاريخيّاً. ويمكن القول إنّ الأقلّيّات باتت في رمقها الأخير في بلد لم يقدّم إليها الحماية والحقوق والحريّات الأساسيّة. وما يثير التساؤل أنّ الحكومة العراقيّة في كلّ مستوياتها غير مدركة خطورة الحالة التي تعيشها هذه الأقلّيّات، والعواقب الاجتماعيّة والإنسانيّة الخطيرة لزوال وجودها الإنسانيّ والحضاريّ من البلد. وتكشف حالة التراجع باضافة الاشورين والكلدان امكانية لاضافة السريان ايضا