السلفيون وتحريم الاحتفال بالهجرة
الأربعاء 05/أكتوبر/2016 - 05:50 م
طباعة


الدكتور محمد الشحات الجندي
رغم المطالبات المستمرة بما يسمى "تجديد الخطاب الديني" من جهات مختلفة بداية من الرئيس عبد الفتاح السيسي مرورا بالمؤسسات الدينية في مص "الازهر والأوقاف ودار الافتاء، والمجلس الأعلى للشئون الاسلامية" وحتى الجماعة الثقافية، وعقد في العامين الماضيين ما يزيد عن 25 مؤتمر لبحث تجديد الخطاب الديني سواء داخل مصر بدعوة من مؤسساتها الدينية او خارجها، الا ان تلك الفتاوى التكفيرية ما زال يتم انتاجها من ابواق الدعوة السلفية، ولم تحرم تلك الدعوة السلفية ما أطلقت عليه "اعياد الكفار" في اشارة منها لأقباط مصر، بل تجاوزت هذا بتحريم كل عيد يدخل البهجة في قلوب المصريين، كعيد الأم والعيد اليتيم وشم النسيم وغيرها من الأعياد سواء كانت أعياد وطنية أم دينية، كالمولد النبوي، والاحتفال بليلة النصف من شعبان او الاسراء والمعراج وغيرها من تلك المناسبات الدينية، ومؤخرا أثارت فتوى السلفيين بتحريم الاحتفال بعيد رأس السنة الهجرية، استياء كبيرًا من الجميع، حيث أفتى الشيخ محمود لطفى عامر، الداعية السلفي، بتحريم الاحتفالات.
واعتبر «لطفي» ما تقوم به الطرق الصوفية أباطيل ما أنزل الله بها من سلطان، وتخالف صحيح الدين، مضيفًا: "يكثر الناس الحديث المكرر كل عام أو كل شهر أو كل أسبوع عن أعياد ما أنزل الله بها من سلطان"، مشيرًا إلى أن الأعياد من شعائر الإسلام ولا شعيرة إلا بنص، وبالتالي لا عيد ولا احتفال باسم الإسلام إلا في عيدين اثنين لا ثالث لهما، وهما عيد الفطر وعيد الأضحى"، موضحًا أي عيد تحت اسم الدين غير الفطر والأضحى من البدع المنكرة والجهالات التي وفدت إلينا من أهل الكتاب والأمم الكافرة.
وأضاف الداعية السلفي: «أي زعم غير ذلك هو جهل وابتداع في الدين، مستشهدًا بعدد من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم والتي منها "كل بدعة ضلالة"، وقوله أيضا، "ومن أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد"، قائلا، "لقد أتم الله علينا الدين وحفظه، فمن ادعى أعيادا غير الفطر والأضحى فقد كذّب آية «اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا».
وعلق الدكتور محمد الشحات الجندي، عضو مجمع البحوث الإسلامية، قائلًا: إنه لا يوجد دليل شرعي من الكتاب أو السنة النبوية يحرم الاحتفال بالعام الهجري الجديد.
وأضاف «الجندي» أن هدف السلفيين من إصدار مثل هذه الفتاوى هو إثبات أنهم موجودون على الساحة وداخل العمل العام والتأثير على الرأي العام، لافتًا إلى أنهم ينصبون من أنفسهم هيئة فتوى موازية لدار الإفتاء المصرية.

الدكتور مجدي عاشور،
بدوره، أكد الدكتور مجدي عاشور، المُستشار العلمي لمُفتي الجمهورية، أنه ليس كل ما تركه النبي -صلى الله عليه وسلم-، وفعله المسلمون يكون بدعة إلا إذا كان تركه بقصد، فهنا يجب ألا نفعلها، موضحًا أن الاحتفال بمولد النبي أو بقدوم العام الهجري الجديد أو الإسراء والمعراج ليس بدعة، كما يقول المتطرفون.
وأشار «عاشور» إلى أن الاحتفال بالعام الهجري جائز شرعًا، ويستحب أن يكون الاحتفالُ مليئًا بالذكر، فالرسول -صلى الله عليه وسلم- أمرنا بالاحتفال، ولكن ليس بطريقة مباشرة، فعن جرير بن عبد الله البجلي -رضي الله عنه- أن رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: «مَنْ سَنَّ سُنَّةَ خَيْرٍ فَاتُّبِعَ عَلَيْهَا فَلَهُ أَجْرُهُ وَمِثْلُ أُجُورِ مَنْ اتَّبَعَهُ غَيْرَ مَنْقُوصٍ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا وَمَنْ سَنَّ سُنَّةَ شَرٍّ فَاتُّبِعَ عَلَيْهَا كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهُ وَمِثْلُ أَوْزَارِ مَنْ اتَّبَعَهُ غَيْرَ مَنْقُوصٍ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْئًا» رواه الترمذي رقم 2675، وقال تعالى: «وَذَكِّرْهُم بِأَيَّامِ اللَّهِ» إبراهيم الآية 5.
وأوضح مستشار المفتي، أن الاحتفال قد يخرج من دائرة الإباحة إلى دائرة الاستحباب، لأن ما يتم في الاحتفالات ليست منكرًا، فقد تكون جلسة علم عن الهجرة والدروس المستفادة منها أو حلقة ذكر لله تعالى أو حلقة شرح للسيرة النبوية أي أنها أعمال مُحمودة شرعًا، وليست منكرة، فبالتالي أصبحت بدعة حسنة كالتي قال عنها النبي -صلى الله عليه وسلم-.
وحذر من أن مشكلة الجماعة السلفية أنهم يعتقدون أنهم فقط هم أهل الطاعة، أما باقي الناس فأهل معصية، مشدد على أن هذه المشكلة سببها حب «الأنا» والنفس، منوها بأن المتشددين غلاظ القلب وجفاء الطبع».
ونوه مستشار المفتي بأن الاحتفال بالعام الهجري الجديد يقوم به جميع علماء الأمة الإسلامية وهذا ينطبق على قول النبي -صلى الله عليه وسلم : «لَا تَجْتَمِع أُمَّتِي عَلَى ضَلَالَة» رواه ابن ماجه، والطبراني.

الشيخ جابر طايع،
من جانبه، وصف الشيخ جابر طايع، رئيس القطاع الديني بوزارة الأوقاف، الداعين لتحريم الاحتفال بذكرى الهجرة بأنهم لا يفهمون شيئا في صحيح الدين.
ونبه الشيخ جابر طايع، على أن الذين لا يريدوننا أن نحتفل بمثل هذا الاحتفالات يريدون تسطيح معاني الدين وقيمة الأصيلة الثابتة الراسخة في نفوس المسلمين، مشيرًا إلى أن مصر تحتفل بالهجرة منذ مئات السنين وغيرها من المناسبات الدينية الأخرى، كما أن شيخ الأزهر يحضر بنفسه مثل هذه الاحتفالات.

الدكتور عبد الناصر نسيم
وفي السياق نفسه، أكد الدكتور عبد الناصر نسيم، وكيل أوقاف الإسكندرية، أن المسلمين يحتفلون بهجرة النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- رغم أنف الحاقدين والمتطرفين وتجار الدين بمصر أصحاب الفتاوى الشاذة، الذين يحرمون الاحتفال بهجرته التي تُعد نقطة فاصلة في تاريخ البشرية أجمعها.
وتساءل وكيل أوقاف الإسكندرية «كيف لا نحتفل بهجرة أشرف الخلق» حيث إن هجرة الرسول - صلى الله عليه وسلم - للمدينة بها دروس مُستفادة وعبرة ودرس للمسلمين لتقتدي بها الأمة الإسلامية.

الدكتور خالد الجندي
كما علق الدكتور خالد الجندي، أحد علماء الأزهر، على ما أعلنه الداعية السلفي محمود عامر، بأن الاحتفال بالهجرة النبوية بدعة قائلا: «هذا كلام عاري من العلم وخالي من الدليل، فهذه الاحتفالات خالية من العبادات».
وأضاف «الجندي» أن البدعة تكون في الأمور التعبدية ونحن في الاحتفال بالهجرة لم نطالب بعبادة ما، فلا يوجد صيام للهجرة ولا توجد صلاة ولا مناسك لهذه المناسبة ولم يدعى أحدنا ذلك، فكيف يدعى أنها بدعة ونحن لم نأمر الناس بعبادة معينة، أنما الاعياد في الإسلام نسك من العبادة "فصلى لربك وانحر."

الشيخ عبد الحميد الأطرش
كما انتقد الشيخ عبد الحميد الأطرش رئيس لجنة الفتوى السابق، الفتوى السلفية قائلا :" كلمة حرام لابد أن تكون بنص قرأني أو حديث صحيح لرسول الله صلى الله عليه وسلم، مستشهدا بقول الله تعالى:" ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب أن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون متاع قليل ولهم عذاب أليم".
وعن استدلال الداعية السلفي محمود لطفى عامر صاحب فتوى تحريم الاحتفال بمناسبة الهجرة النبوية، بأن الإسلام ليس فيه إلا عيدين، قال "الأطرش":" لا شك أن الإسلام ليس فيه إلا عيدين "الأضحى والفطر" وقد ذكر أن رسول الله داخل دخل المدينة فوجد الأطفال يلهون ويلعبون، فقال: ما هذا .. قالوا كنا في الجاهلية لنا يومين نعلب فيهما ونلهو، فقال رسول الله: أن الله قد أبدلكم بهما خيرا منهما، يوم الأضحى ويوم الفطر".
وأضاف "الأطرش":" الأعياد المستحدثة في هذه الأيام كعيد الأم وعيد الحب، وعيد الزواج والميلاد، هي مسميات ابتدعها الناس وهى ليست من الإسلام، ومع ذلك الإسلام لا يحرم الاحتفال البريء الذى يخلو من العبث والمعاصي وما يغضب الله سبحانه وتعالى" مضيفًا:" كل يوم يمر على المسلم وهو في أمن وأمان وحصة في دينه وسلامته فهو يوم عيد".
وتابع رئيس لجنة الفتوى السابق قائلا :" هذه الأعياد التي اختلقها الناس كعيد الأم وما غير ذلك، ينبغي أن يحتفل بها الإنسان طالما أنها لا تشتمل على معاصي" مضيفا:" طالما الاحتفال بهجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم تخلو من اللهو، وتذكرنا بما أتى به النبي فلا شيء فيها".

الروائي يوسف القعيد
فيما قال الروائي يوسف القعيد، عضو لجنة الثقافة والإعلام والآثار في مجلس النواب، إن المفتي هو الوحيد الذى يقول ما هو الحلال والحرام، مضيفا، تعليقا على الفتوى السلفية بتحريم احتفالات ذكرى الهجرة النبوية، أن تحريم الأشياء ليست سلطتهم ولكنها سلطة الكتاب والسنة ثم مفتى الديار المصرية الدكتور شوقي علام . وتساءل عضو لجنة الثقافة والإعلام، "هو أيه فاضل ما حرموش السلفيين"؟، مضيفا أن السلفيين يحرمون كل شيء على الآخرين ولا يحرمونه على أنفسهم. وأوضح القعيد أن الأخوة يستمتعون بإجازة ذكرى هجرة الرسول قائلا: "يعنى مثلا الأخوة السلفيين راحوا شغلهم النهاردة ورفضوا ياخدوا إجازة لأنها ذكرى هجرة الرسول!؟"، مشيرا إلى أن السلفيين أكثر عنفا من الإخوان المسلمين .