سيناء.. بين الاحتفال بنصر أكتوبر ومواجهة الإرهاب

الخميس 06/أكتوبر/2016 - 04:53 م
طباعة سيناء.. بين الاحتفال
 
أكتوبر.. هذا الشهر الذي يحمل دلالات البطولة المصرية وذكرى ملحمة النصر على العدو الصهيوني، كما يحمل ذكرى استشهاد بطل حرب أكتوبر الرئيس الراحل أنور السادات، على يد هؤلاء الإرهابيين من الجماعة الإسلامية، ذلك الفصيل من فصائل تيار الإسلام السياسي الذي ما زالت مصر تعاني منه حتى الآن، وأصبحت سيناء وخاصة شمال سيناء وكرا لأشد المنتمين لهذا التيار خطورة والذين يريدون تركيع الدولة المصرية حكومة وشعبا لأطماعهم في السلطة والمال، ولذلك أمر اللواء السيد عبد الفتاح حرحور محافظ شمال سيناء بإلغاء الاحتفالات والمهرجانات التي كان مقررًا إقامتها في المحافظة بمناسبة الذكرى الثالثة والأربعين لنصر أكتوبر المجيد، وذلك حدادًا على أرواح الشهداء من القوات المسلحة والشرطة المدنية والمواطنين .. من الذين سالت دماؤهم الذكية على أرض سيناء .

سيناء.. بين الاحتفال
وأعلن المحافظ خلال احتفال مديرية الشباب والرياضة بهذه المناسبة في المدينة الشبابية بالعريش.. بحضور اللواء خالد بيومي قائد قطاع تأمين شمال سيناء واللواء السيد الحبال مدير أمن شمال سيناء وإيهاب حسن عبد الوهاب مدير عام مديرية الشباب والرياضة والقيادات التنفيذية والشعبية والسياسية.. أنه كان مقررًا تنفيذ عدة فاعليات احتفالا بالذكرى الثالثة والأربعين لانتصارات أكتوبر المجيدة .. إلا أنه تم إلغاء هذه الفاعليات احتراما وتقديرًا للدماء التي سالت على أرض سيناء .
وحذر المحافظ من عمليات التشكيك التي يقوم بها البعض هذه الأيام، وخاصة في المشروعات التي تقرها القيادة السياسية .. رغم أن الرؤية الاستراتيجية تستدعي إقامة هذه المشروعات لخلق حياة كريمة للمواطن المصري على أرض سيناء؛ حيث إن رئيس الجمهورية هدفه الأساسي توفير الحياة الكريمة لكل الشعب المصري.
وطالب المحافظ جميع المواطنين بالالتفاف حول القيادة السياسية والحكومة والقوات المسلحة والشرطة المدنية حتى تتحقق الأهداف ويتحقق النصر المبين على قوى الشر والظلام .

وقال المحافظ:=- «إن هناك 3 دروس مستفادة من نصر أكتوبر المجيدة، وهي: التلاحم بين الجيش والشرطة والشعب من أجل استرداد الأرض، وأيضًا المقاتل المصري صاحب سلاح لا يمتلكه العدو وهو الروح المعنوية العالية وعدم الالتفاف للشائعات .. إلى جانب تشكيك العدو في إمكانية المصريين من استرداد الأرض والعبور وتحطيم خط بارليف، وهو ما فعله الجندي المصري هاتفًا : الله أكبر .. الله أكبر لترددها جميع أطياف الشعب ورائه» .
وشدد المحافظ على ضرورة استلهام الدروس المستفادة من حرب أكتوبر في وقتنا الحاضر حتى تبقى مصر قوية وشامخة .. لأن هناك مخطط يحاك بأن لا تقوم قائمة لمصر؛ حيث إن مصر لها تأثير عربي وإقليمي ودولي قوي وفي العالم .
وقد تم عرض فيلم تسجيلي عن حرب أكتوبر ونجاح قواتنا المسلحة في عبور قناة السويس وتحطيم خط بارليف .. إلى جانب معرض فني مصور عن انتصارات أكتوبر .
يذكر أنه تم اقتصار احتفالات محافظة شمال سيناء بالذكرى الثالثة والأربعين لانتصارات السادس من أكتوبر عام 1973 على وضع إكليل الزهور على النصب التذكاري ومؤتمر الشباب بهذه المناسبة، بينما تم إلغاء باقي البرنامج من الاحتفالات والمهرجانات حدادا على الشهداء .
وقد شهدت محافظة شمال سيناء إجراءات أمنية مشددة، تحسبًا لقيام العناصر الإرهابية بشن هجمات خلال احتفالات مصر بانتصارات السادس من أكتوبر. وقالت مصادر وشهود عيان: إن إجراءات أمنية مشددة اتخذتها قوات الأمن على مداخل ومخارج المحافظة، وتم نصب عدد من الأكمنة الثابتة والمتحركة وتفتيش السيارات المارة، والاطلاع على هويات المسافرين على الطرق المؤدية إلى سيناء. وأوضحت أن قطعًا بحرية تمركزت بمياه البحر المتوسط قرب شواطئ العريش ورفح والشيخ زويد، لمنع تسلل أي عناصر إرهابية إلى سيناء، فيما واصلت القوات تمشيط المنطقة الحدودية مع قطاع غزة، فضلًا عن تمشيط منازل مدينة العريش لضبط الفلسطينيين ممن يقيمون في البلاد بصورة غير شرعية. وتابعت المصادر أن أجهزة الأمن عززت تواجد قواتها بمحيط المنشآت الحيوية بشمال سيناء، وشددت الحراسات الأمنية على الإدارات الشرطية وأقسام الشرطة، بجانب تأمين بعض الميأدين الحيوية بمختلف مدن المحافظة، وأجرت عمليات تمشيط واسعة لمحيط المنشآت الأمنية للبحث عن أجسام غريبة أو مواد متفجرة وسرعة التعامل معها، والتصدي بكل حزم لأي أعمال تخريبية تقوم بها الجماعات المتطرفة في نطاق المحافظة. وأشارت إلى شن حملات أمنية تمشيطية بمختلف مناطق ومدن المحافظة بالتعاون مع أقسام الشرطة وتشكيلات من الأمن المركزي، لاستهداف العناصر الإجرامية من الهاربين من السجون ومرتكبي جرائم البلطجة وترويع المواطنين وكل الأنشطة الإجرامية الأخرى، وأن قوات مديرية أمن شمال سيناء تمكنت من ضبط ٣٨ هاربًا ومطلوبًا في حملات أمنية موسعة نفذتها بمختلف مناطق المحافظة.
في السياق ذاته، أصيب ضابط ومجندان من قوات الشرطة بإصابات متنوعة، أمس، انقلبت المدرعة التي يستقلونها على الطريق الدولي الساحلي بشمال سيناء، وتم نقلهم للمستشفى للعلاج، باشتباه كسر بالضلوع، وأحمد نصر إبراهيم، ٢٢ سنة، بكدمات متفرقة بالجسد.
وكأنها رسالة للمواطن المصري أن يكون دومًا مستعدًّا في مواجهة هؤلاء الذين يمنعون حق الحياة ويريدونها خرابًا، وبدلا من أن يحتفل المصريون بنصرهم توجه لهم تلك الجماعات ضرباتها لمنعهم من الاحتفال.

أكبر العمليات الإرهابية

وسوف نعرض لأهم العمليات التي حدثت في سيناء بعد ثورة 25 يناير 2016، وكانت البداية تفجير خط الغاز المصري، والتي أدت إلى تدشين العملية نسر وهي حملة عسكرية مصرية في شبه جزيرة سيناء بدأت في 12 أغسطس 2011 بهدف تعقب عناصر إرهابية متطرفة يشتبه في مسئوليتها عن تفجيرات أنبوب تصدير الغاز إلى إسرائيل وعن هجوم على قسم للشرطة في مدينة العريش. وذلك بعد إعلان تنظيم يطلق على نفسه اسم "جيش تحرير الإسلام" اعتزامه تحويل سيناء إلى إمارة إسلامية بعد أن يقوم بطرد الجيش والشرطة وقوات حفظ السلام منها.
على خلفية تلك الأحداث الإرهابية نشرت القوات المسلحة المصرية نحو 1000 جندي في سيناء لإعادة النظام إليها، وذلك بعد التشاور مع الجانب الإسرائيلي طبقا لاتفاقية السلام المبرمة بين مصر وإسرائيل، عام 1979 والتي تنص على نزع السلاح من مناطق ضخمة من سيناء. ولم توافق إسرائيل على أي تجاوز لهذا النص إلا مرة واحدة عام 2005 عندما سمحت لقوة شرطة مصرية بالتمركز على معبر رفح الحدودي بين مصر وقطاع غزة للمساعدة في إحكام الحصار حول القطاع الذي تسيطر عليه حركة حماس لوقف تهريب السلاح.

سيناء.. بين الاحتفال
وسرعان ما تطورت الأحداث، خصوصًا خلال فترة حكم المجلس العسكري حيث صدرت كثير من قرارات العفو عن الكثير من المحكومين في قضايا إرهابية، من الموجودين داخل السجون المصرية أو من الهاربين خارج مصر وسمح لهم بالعودة إلى مصر والتوجه إلى سيناء. هذه القرارات كانت تصدر بضغوط كبيرة من جماعة الإخوان المسلمين على المجلس العسكري الحاكم، سواء من خلال قدرتها على الحشد الجماهيري الواسع وتنظيم المظاهرات بالتعاون مع العديد من الكيانات الإسلامية الأخرى، أومن خلال سيطرة الجماعة على غالبية مقاعد البرلمان الذي تم انتخابه في أواخر عام 2011، بالتحالف مع نواب حزب النور السلفي، وبعد فوز مرسي بمنصب الرئاسة وجلوسه على مقعد رئيس مصر، تواصلت عمليات المدد للعناصر المسلحة في سيناء، أصدر المزيد من قرارات العفو عن أعداد إضافية من المحكومين في قضايا إرهابية وكانوا يقضون فترات محكوميتهم داخل السجون المصرية. وكان لافتا، خلال هذه الفترة، جنوح جماعة الإخوان المسلمين إلى إجراء مصالحات وإقامة تحالفات واسعة مع كافة الكيانات السلفية الموجودة على أرض سيناء، بعد عقود طويلة من الاختلافات والتباينات الفكرية والمنهجية، وصلت إلى حد العداء، وفي أعقاب ثورة 30 يونيو في مصر، وإنهاء فترة حكم الإخوان، اشتعلت الأحداث الإرهابية في سيناء، ومنها انتقلت إلى عدد من المدن المصرية من بينها العاصمة المصرية القاهرة، ولا تزال مشتعلة في سيناء.
ومن بين العمليات التي هزت المجتمع المصري مذبحة رفح الأولى هي مذبحة نفذت على الحدود بين مصر وإسرائيل في 6 أغسطس 2012، من قبل جماعة أنصار بيت المقدس الإرهابية، والتي أسفرت عن استشهاد 16 ضابطاً وجندياً مصرياً، وإصابة 7 آخرين، بالقرب من معبر كرم أبو سالم، حيث استولى الجناة على مدرعتين تابعتين لقوات الجيش من كمين أمني، ثم حاولوا اقتحام الحدود مع إسرائيل، حيث تصدى لهم الجيش الإسرائيلي الذي أعلن مقتل 8 منهم، وتبين أن الجناة أتلفوا إحدى المدرعتين بعد استيلائهم على 21 بندقية آلية و30 صندوق ذخيرة منها.
على إثر الحادث بدأت القوات المسلحة والشرطة في 7 أغسطس 2012 تنفيذ عملية أمنية واسعة لضبط المتهمين وكذلك هدم الأنفاق مع غزة. وكانت المرة الأولى منذ اتفاقية كامب ديفيد التي تطأ فيها أقدام جنود الصاعقة المصرية مدعومة بعشرات الدبابات وتحت غطاء من طائرات الأباتشي هذه المنطقة من سيناء.

سيناء.. بين الاحتفال
في أعقاب الحادث أقيل مدير المخابرات العامة المصرية اللواء / مراد موافي وتم تعيين اللواء / محمد رأفت شحاتة قائما بأعمال مدير المخابرات بدلا منه. وذلك بعد اتهام الرئاسة للمخابرات بالتقصير وعدم تحركها لمنع الواقعة قبل حدوثها، وتصريح مدير المخابرات بأن الجهاز جهة جمع معلومات فقط وليس سلطة تنفيذية، مشيرًا إلى أنه أرسل المعلومات التي لديه بخصوص الحادث الإرهابي الذي وقع في سيناء إلى صناع القرار والجهات المسئولة، وبهذا ينتهي دور الجهاز.

سيناء.. بين الاحتفال
أما مذبحة رفح الثانية هي مذبحة نفذت على الحدود بين مصر وإسرائيل في 19 أغسطس 2013، من قبل جماعة أنصار بيت المقدس الإرهابية، والتي أسفرت عن استشهاد 25 جندياً مصرياً، وإصابة اثنين آخرين، بعد أن أوقف مسلحون حافلتين تقل الجنود من إجازتهم إلى معسكراتهم بشمال سيناء في رفح وقاموا بإنزال الجنود وقتلوهم.

سيناء.. بين الاحتفال
ومذبحة رفح الثالثة هي مذبحة نفذت على الحدود بين مصر وإسرائيل في 28 يونيو 2014، من قبل جماعة أنصار بيت المقدس الإرهابية، والتي أسفرت عن استشهاد 4 جنود أمن مركزي مصريين بمنطقة سيدوت، في أولى ليالي شهر رمضان الكريم، بعد أن نصبت مجموعة من العناصر الإرهابية كميناً وهمياً عند منطقة باب سيدوت، وأوقفت سيارتين ماركة «فيرنا»، وسيارة دفع رباعى في وسط الطريق، لإجبار السيارات على التوقف، واطلعوا على البطاقات الشخصية للمواطنين، وتعرفوا على المجندين الأربعة الذين كانوا قادمين من معسكر الأمن المركزى بالأحراش، في طريقهم لقضاء إجازتهم، فقاموا بإنزالهم، وأوقفوهم صفاً واحداً، على طريقة مذبحة رفح الثانية وأطلقوا النار عليهم من الأمام حتى سقطوا جميعاً شهداء، ثم لاذوا بالفرار.

سيناء.. بين الاحتفال
ومذبحة رفح الرابعة هي مذبحة نفذت يوم الأربعاء الموافق 1 يوليو 2015 في نهار شهر رمضان، من قبل تنظيم ولاية سيناء الإرهابي التابع للتنظيم الإرهابي الدولي داعش، حيث قام بالهجوم على عدد من الكمائن الأمنية للقوات المسلحة المصرية بمنطقتي الشيخ زويد ورفح في توقيتات متزامنة، باستخدام عربات مفخخة وأسلحة ذات أعيرة مختلفة، مما أسفر عن استشهاد 17 من عناصر القوات المسلحة المصرية، منهم 4 ضباط وإصابة 13 آخرين، منهم ضابط أثناء قيامهم بأداء واجبهم الوطني. وقامت عناصر القوات المسلحة المصرية بشمال سيناء بمعاونة القوات الجوية بمطاردتهم وتدمير مناطق تجمعاتهم وقتل ما لا يقل عن 100 فرد من العناصر الإرهابية وإصابة أعداد كبيرة في الساعات الأولى التالية للهجوم، إضافة إلى تدمير 20 عربة كانت تستخدمها تلك العناصر الإجرامية. 

سيناء.. بين الاحتفال
وبعد ذلك توالت العمليات الإرهابية وصولًا إلى عملية كرم القواديس 
وهي عبارة عن عمليتين إرهابيتين قامت بهما جماعة أنصار بيت المقدس الموالية لتنظيم الدولة "داعش" في الرابع والعشرين من أكتوبر عام 2014. ويعتبر هذا الهجوم أكثر الهجمات الإرهابية التي استهدفت الجيش المصري دموية. راح ضحية العملية الأولى التي وقعت في الشيخ زويد 30 جندي، بينما قُتِل 3 جنود في عملية أخرى في العريش.
وبعد هذه العملية استطاع الجيش المصري إحكام سيطرته على شمال سيناء وانحصار تلك الجماعات الإرهابية في منطقة جبل الحلال بالشيخ زويد، إلا أنه من وقت إلى آخر يتم تنفيذ بعض العمليات الإرهابية في سيناء وخارجها والتي تعرف اصطلاحيًّا بالذئاب المنفردة.

شارك