تبادل حق النقض بين القوى الكبرى بمجلس الأمن يعقد الأزمة السورية
السبت 08/أكتوبر/2016 - 11:19 م
طباعة

تتواصل المحاولات الغربية لحل الأزمة السورية وفقا للمصالح الخاصة والأجندات المغلقة، فى الوقت الذى تتبادل فيه موسكو مع باريس وواشنطن استخدام حق الفيتو بمجلس الأمن فى القرارات المتعلقة بالأزمة السورية.
يأتى ذلك بعد أن استخدمت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا حق النقض ضد مشروع القرار الروسي حول وقف الأعمال القتالية في مدينة حلب السورية، وقبل ذلك استخدمت روسيا، حق النقض ضد مشروع قرار فرنسي.
كانت موسكو قد تقدمت بمشروع قرار لمجلس الأمن يدعو إلى الاسترشاد بالاتفاق الأمريكي الروسي لإيصال المساعدات إلى المناطق المحاصرة، ويحث الأطراف على وقف الأعمال العدائية فورا، والتأكيد على التحقق من فصل قوات المعارضة المعتدلة عن "جبهة النصرة" كأولوية رئيسية، كما يرحب مشروع القرار بمبادرة ستيفان دي ميستورا الأخيرة، التي دعا فيها إلى خروج مسلحي "جبهة النصرة" من أحياء حلب الشرقية، ويطلب من الأمم المتحدة وضع خطة تفصيلية لتنفيذ المبادرة.
بينما أوقف استخدام روسيا حق الفيتو مشروع قرار فرنسي يهدف إلى وقف عمليات القصف في مدينة حلب شمال سوريا، حيث استخدمت روسيا الفيتو ضد مشروع قرار اقترحته فرنسا يدعو إلى وقف عمليات القصف في حلب، ما حال دون تبنيه في مجلس الأمن الدولي، فيما تتواصل المعارك الطاحنة في المدينة بين الجيش السوري والفصائل المعارضة.

في المقابل، عرضت روسيا، الداعم الرئيسي للنظام السوري، مشروع قرار آخر أمام المجلس يدعو إلى وقف الأعمال القتالية، ورفضت تسعة دول المشروع الروسي مما أدى إلى عدم تبنيه.
وعقد مجلس الأمن جلسة طارئة حول سوريا بعد التحذيرات التي وجهها مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا ستافان دي ميستورا من أن الأحياء الشرقية لحلب ستدمر بالكامل بحلول نهاية العام إذا ما استمر الوضع على الوتيرة نفسها، ودعا الجهاديين إلى مغادرة المدينة.
وبين أعضاء مجلس الأمن الخمسة عشر، وحدهما روسيا وفنزويلا اعترضتا على المشروع الفرنسي فيما امتنعت الصين وأنجولا عن التصويت، وحظي المشروع بتأييد الأعضاء الأحد عشر الآخرين في المجلس وبينهم الولايات المتحدة وبريطانيا.

كان وزير الخارجية الفرنسي جان مارك إيرولت حث مجلس الأمن على التحرك فورا لإنقاذ مدينة حلب السورية من الدمار جراء حملة الضربات الجوية السورية والروسية، وقال إيرولت قبل التصويت "أمام الرعب، على مجلس الأمن أن يتخذ قرار بسيطا: المطالبة بتحرك فوري لإنقاذ حلب والمطالبة بوقف ضربات النظام وحلفائه والمطالبة بوصول المساعدة الإنسانية بدون عراقيل. هذا هو الوضع في حلب".
وقال دبلوماسي في مجلس الأمن طلب عدم كشف هويته إن القرار الروسي "في شكله يحتوي على العديد من التعابير البناءة المستمدة من قرارات سابقة ومن النص الفرنسي، لكن النقطة الأساسية هي أنه لا يدعو إلى وقف القصف الجوي".
وأضاف أن "الغالبية العظمى" من أعضاء المجلس يريدون "وقفا فوريا لعمليات القصف المتواصلة للمدنيين في حلب".
من ناحية اخري تواصلت المعارك بين الجيش السوري والفصائل المعارضة في وسط مدينة حلب، ومنذ هجوم بدأه قبل أكثر من أسبوعين في الأحياء الشرقية الواقعة تحت سيطرة الفصائل المعارضة في حلب، يتقدم الجيش السوري بوتيرة بطيئة أمام المقاتلين المعارضين.

وترافقت المعارك مع قصف جوي على مناطق الاشتباك، وتنفذ قوات النظام السوري هجوما على الأحياء الشرقية في حلب الواقعة تحت سيطرة الفصائل المعارضة منذ 22 سبتمبر.
وحسب تقارير هناك 290 شخصا غالبيتهم من المدنيين وبينهم 57 طفلا قتلوا في غارات النظام وحليفه الروسي منذ بدء الهجوم على الأحياء الشرقية في 22 سبتمبر، وفي كلمته قبل التصويت على مشروع القرار الفرنسي بخصوص حلب، قال المندوب الروسي الدائم لدى الأمم المتحدة، فيتالي تشوركين، إن اجتماع مجلس الأمن اليوم هو الأكثر غرابة للتصويت على قرارين لن يمرا.
وصرح فيتالي تشوركين بأن فرنسا على مدار سنوات الأزمة السورية الخمس لم تبد أي تحرك جدي باستثناء جهود دعائية.
وشدد على أن روسيا ستصوت ضد مشروع القرار الفرنسي بشأن حلب، مشيرا إلى أن مشروع القرار الروسي يقترح تجديد الهدنة بشكل أسبوعي.
وبخصوص حظر الطيران فوق مدينة حلب، بين تشوركين في كلمته أمام مجلس الأمن أن موسكو لم تجد ما يقنع بضرورة فرض حظر للطيران فوق مدينة حلب.

وقال تشوركين إن الأزمة في سوريا بلغت مرحلة حاسمة ويجب ألا نهدر أي وقت.
على صعيد اخر أعلنت المعارضة السورية رفضها لمبادرة المبعوث الأممي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا، فيما طالبت "الحكومة المؤقتة" التابعة للمعارضة بإقالته من منصبه.
وعرض دي ميستورا مبادرة تنص على تأمين خروج عناصر "جبهة النصرة" من أحياء حلب الشرقية مقابل وقف القصف على المدينة، وأعرب عن استعداده للتوجه إلى حلب من أجل الإشراف على خروج مقاتلي "النصرة" منها، حرصاً على أرواح الأبرياء، ولاقت مبادرة المبعوث الأممي لسورية ستيفان دي ميستورا سخطا كبيرا في أوساط بالمعارضة السورية، السياسية منها والعسكرية، ورفضتها شفهياً بعض القوى، فيما أصدر بعضها الآخر بيانات مكتوبة بذلك، وطالبت الحكومة المؤقتة التابعة للمعارضة بإقالته من منصبه.
من جهتها رفضت "جبهة النصرة" مبادرة دي ميستورا، واعتبرتها "مباركة دولية للتقسيم والتهجير… تماشيا مع تصريحات بشار الأسد مؤخرا بإفراغ حلب من المسلحين". واتهم المتحدث باسمها حسام الشافعي المبعوث الأممي بأنه "ساهم ونجح بتفريغ مناطق أهل السنّة" في حلب، و"لعب دوراً بارزاً في التغيير الديمغرافي"، حسب اعتقاده.
كما أعربت فصائل عسكرية تابعة للمعارضة المسلحة عن رفضها لمبادرة دي ميستورا، مؤكدة على أن المبعوث الدولي "لا يستطيع تأمين اي ضمانة من أي نوع"، مشددة في مقابلات على وسائل الإعلام على رفضها "مبدأ المقايضة" من هذا النوع.
أوضح دي ميستورا أن أحدث التقديرات تشير إلى وجود 900 من مسلحي "جبهة فتح الشام" (النصرة سابقا) في أحياء حلب الشرقية الخاضعة للمعارضة السورية.
واستنكر استغلال وجود أولئك المسلحين ذريعة لتدمير المدينة، وتعريض عشرات آلاف المدنيين هناك للقتل.