بعد التلاسن العلني.. قراءة في مستقبل العلاقات المصرية السعودية

الأحد 09/أكتوبر/2016 - 06:15 م
طباعة بعد التلاسن العلني..
 
فيما يبدو أن الأيام المقبلة ستشهد المزيد من التوتر في العلاقات بين مصر والمملكة العربية السعودية، على خلفية التباين العلني في المواقف إزاء الأوضاع الميدانية في سورية، حيث وصلت العلاقة بين الطرفين إلى حد التلاسن، حيث وصف المندوب الدائم للمملكة العربية السعودية عبدالله المعلمي تصويت مصر لصالح مشروع القرار الروسي بـ"المؤسف"، وقال في تصريحات لفضائية الجزيرة التي تعادي النظام في مصر منذ ثورة 30 يونيو 2013 التي أطاحت بحكم جماعة الإخوان في مصر.
المعلمي الذي بدا عليه علامات الحزن من الموقف المصري المنحاز إلى التحالف الروسي إزاء ما يجرى من أحداث ميدانية في سورية، وقال "للمؤسف أن يكون الموقف السنغالي والماليزي أقرب للموقف العربي من مصر".
تصريحات المعلمي تزامن مع هجوم إعلامي سعودي على الموقف المصري خاصة في صحيفتي الحياة والشرق الأوسط، ما يعني أن مرحلة الخلاف بين البلدين وصلت إلى مرحلة التلاسن، والظهور العلني.
بعد التلاسن العلني..
وتتخذ مصر موقف خاص من الأزمة السورية، يخدم مصالحها العليا ويخدم الامن القومي العربي، خاصة أن القاهرة تدرك ان سقوط سورية في يد الجماعات الإرهابية سيُهدد الأمن القومي العربي وسيُهدد أمنها القومي، إذ تعتبر دمشق هي البوابة الشرقية لمصر وأمنها القومي من أمن القاهرة، وهي نقطة الخلاف الصريحة بين النظام في مصر والنظام في السعودية.
كما لا تشترط القاهرة رحيل الرئيس السوري بشار الأسد لبدء مرحلة انتقالية، إذ اترى أن سقوط بشار يعني سقوط للدولة السورية ومؤسساتها لذلك ترى أنه من الممكن أن يكون بشار جزء من المرحلة الانتقالية على ان يكون تحديد مصيرة وفق انتخابات حرة ونزيهة.
وتعتبر المملكة العربية السعودية من أكبر حلفاء القاهرة بعد 30 يونيو 2013، إذ وقفت إلى جانب النظام المصري بقوة وقدمت له الدعم المادي والدبلوماسي، كما رجّحت تقارير إعلامية أن تكون الزيارة التي قام بها الملك سلمان بن عبدالعزيز للقاهرة تدشن لتحالف بين القاهرة والرياض إلا أن الاحداث المتعاقبة أثبتت عكس ذلك.
وتتخذ مصر سياسات خارجية منفتحة وترى أن التواصل على كافة القوى الإقليمية ضرورة تساعد على حفظ الامن القومي العربي، لذلك ترى أن ضرورة الحوار مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية يخدم الامن القومي العربي بدلاً من الصدام المتواصل معها على طول الخط، كما ترى أن الحل في اليمن لا يمكن أن يتم بالخيار العسكري الذي تتبناه المملكة العربية السعودية.
بعد التلاسن العلني..
وعلى الرُغم من أن القاهرة تتخذ سياسة الانفتاح على كافة القوى الإقليمية إلا أنها تحرص دائماً على ان لا يكون هذا الانفتاح على حساب علاقتها مع حلفائها الاستراتيجيين في الخليج العربي، إذ أنه وعلى الرُغم من تواصل القاهرة مع جماعة الحوثي في اليمن، إلا أنه وبعد الهجوم الحوثي على السفينة الإماراتية قامت البحرية المصرية المتمركزة قرب مضيق باب المندب بنسف لانشات الصواريخ الحوثية على الشواطئ اليمنية انتقاماً للهجوم على السفينة الإماراتية.
وقد عكست قلة الزيارات التي اعتاد ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان القيام بها إلى مصر خلال الأيام الماضية مدى توتر وفتور العلاقات بين البلدين، خاصة وأن اتفاقية إعادة ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية التي كان من نتائجها انتقال تبعية جزيرتي تيران وصنافير من مصر إلى السعودية، تم تجميدها بعد معارضة مدنية شرسة لها فضلاً عن الحكم التاريخي لمحكمة القضاء الإداري الذي أكد فيه مصرية الجزيرتين.
وبدا أن القاهرة حرصت على توضيح موقفها في أعقاب تصويتها لصالح مشروعي القرارين اللذين قدمتهما فرنسا وروسيا لمجلس الأمن بشأن الأوضاع في حلب السورية أمس السبت، وأوضح مسؤول بالوفد المصري، أن مصر صوتت على مشروع القرار الروسي، لكن القرار حصل على تأييد أربعة دول فقط وهي روسيا والصين وفنزويلا ومصر، ويحتاج مشروع القرار إلى تسعة أصوات من الدول الخمسة عشر في مجلس الأمن لاصداره مع عدم استخدام حق النقض (الفيتو) ضده من الدول الخمس التي تمتلك هذا الحق.
بعد التلاسن العلني..
وكان مشروع القرار الروسي يحث جميع الأطراف في حلب على وقف الأعمال العدائية فورا، ويشدد على التحقق من فصل قوات المعارضة المعتدلة عن جبهة النصرة كأولوية رئيسية، كما يرحب المشروع الروسي بمبادرة المبعوث الدولي للأمم المتحدة ستيفان دي ميستورا الأخيرة الداعية إلى خروج مقاتلي جبهة النصرة من أحياء حلب الشرقية، ويطلب من الأمم المتحدة وضع خطة تفصيلية لتنفيذها.
وصوتت مصر أيضا لصالح مشروع القرار الفرنسي، لكن روسيا استخدمت حق الفيتو وفشل اعتماده أيضا، ولم ينجح مجلس الأمن في اتخاذ أي قرار بشأن الأوضاع في حلب، ويتضمن مشروع القرار الفرنسي دعوة إلى وقف إطلاق النار في حلب، وفرض حظر للطيران فوق المدينة، وتوصيل المساعدة الإنسانية إلى السكان المحاصرين في الأحياء التي تسيطر عليها المعارضة في حلب، كما يهدد باتخاذ "مبادرات أخرى" إذا لم يُحترم.
بعد التلاسن العلني..
وقال مندوب مصر لدي الامم المتحدة، عمرو ابو العطا، قي بيان الخارجية، إن مصر "صوتت بناءً علي محتوي القرارات وليس من منطلق المزايدات السياسية التي أصبحت تعوق عمل مجلس الأمن"، وأوضح أن السبب الرئيسي في فشل المشروعين "يعود للخلافات بين الدول دائمة العضوية بالمجلس"، معربا عن أسفه ازاء عجز مجلس الأمن عن اتخاذ قرارات فاعلة لرفع المعاناة عن الشعب السوري والقضاء علي الارهاب في سوريا نتيجة تلك الخلافات.

شارك