(الشيخ الثاني والأربعون للجامع الأزهر).. عبد الرحمن تاج
الخميس 27/أكتوبر/2016 - 02:34 م
طباعة
المشيخة: الثانية والأربعون
مدة ولايته: 4 سنوات
من 7 يناير 1954 م حتى 7 ربيع الثاني 1378 هـ / 20 أكتوبر عام 1958م
المذهب: الحنفي
الوفاة: الأربعاء 10 جمادى الأولى 1395هـ- 20 مايو 1975
تتناول هذه النافذة، تاريخ مشيخة الأزهر، وتاريخ بطاركة الكنيسة المصرية من خلال التسلسل الزمني.. بغرض التعرف عن قرب على تاريخ الأزهر الشريف والكنيسة المصرية، والأدوار الدينية والاجتماعية والسياسية والفكرية لهؤلاء الأعلام (المشايخ والبطاركة).. باعتبار ذلك جزءًا أصيلًا وفاعلًا من تاريخ مصر.
ولد عبد الرحمن حسين بمحافظة أسيوط 1314 هـ 1896 م وتنسب أسرته إلى قرية منية الحيط مركز إطسا بمحافظة الفيوم ، وتوفي عام1395 هـ / 1975م وصلي عليه بالأزهر، وأجريت له المراسم الرسمية، ودُفِنَ بالقاهرة ليكون بذلك الشيخ الثاني والأربعون للجامع الأزهر للجامع الأزهر على المذهب الحنفي وعلى عقيدة أهل السنة.
نشأته وتعليمه
نشأ في أسيوط بعد أن انتقل والده مع جده للعمل في إقامة قناطر أسيوط وتربَّى فيها، وعندما تجاوز الخامسة من عمره التحق بالكتاب وحفظ القرآن الكريم وهو في العاشرة من عمره، ثم جوَّده وتلقَّى بعض الروايات في قراءاته على يد كبار القُرَّاء، كما تلقَّى بعض مبادئ العلوم الدينية والعربية، وحفظ عددًا من متون العلوم، كالآجرومية ومتن أبي شجاع وألفية ابن مالك، واسترعى ذكاؤه انتباه وزير المعارف آنذاك سعد زغلول باشا عند زيارته لهذا الكتاب أثناء تجواله في الصعيد فأعجب به الباشا ورأى أن يكافئه ويشجعه فقرر إلحاقه بالمدارس الأميرية على نفقة الدولة في جميع مراحل التعليم، إلا أن جد الصبى أبى إلا أن يكون مجال تعليم حفيده بعد الكتاب هو الأزهر الشريف وحفظ القرآن تمهيدًا للالتحاق بالأزهر ، ودرس علوم الأزهر المقررة حينئذ مثل: التفسير، والحديث، والتوحيد، والتصوف، والفقه، وأصول الفقه، وعلم الكلام، والنحو، والصرف، والعروض، والمعاني والبيان، والبديع والأدب، والتاريخ، والسيرة النبوية، على يد كبار مشايخ عصره،، ثم التحق بالسنة الثانية بمعهد الإسكندرية الديني عام 1910م وكان حريصًا على أن يقرأ الدروس قبل أن يتلقاها على أساتذته، ويناقشهم فيها أثناء الدرس وأتاحوا له أن يُلقيَ الدروس في آخر كل أسبوع أمامهم نيابة عنهم وكان أول الناجحين في (العالمية) عام 1923م ، ونال جائزة أول الناجحين ونال شهادة التخصص بقسم القضاء الشرعي عام 1926م ثم عين مدرساً في معهد أسيوط الديني ثم في معهد القاهرة الديني ثم اختير مدرساً بقسم تخصص القضاء الشرعي قبل أن يبلغ الخامسة والثلاثون من عمره، ثم اختير عضواً في لجنة الفتوى للمذهب الحنفي عام 1935.
ثم أصبح عضواً في بعثة الأزهر إلى فرنسا فالتحق بجامعة السربون حيث حصل على درجة الدكتوراه في الفلسفة وتاريخ الأديان عن رسالته في (البابيه والإسلام)، وبعد عودته من باريس سنة 1943 عين أستاذاً في كلية الشريعة يالأزهر، ثم مفتشا للعلوم الدينية والعربية، ثم عين شيخاً للقسم العام والبحوث الإسلامية بالأزهر الشريف وفي عام 1951 نال عضوية هيئة كبار العلماء حين تقدم إليها ببحث عن السياسة الشرعية ثم عمل أستاذاً بكلية الحقوق بجامعة عين شمس أثناء وجوده في هيئة كبار العلماء ولجنة الفتوى ثم اختير وزيراً في اتحاد الدول العربية عام 1958 م وانتخب عضواً بمجمع اللغة العربية عام 1963، وعضوا بمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف ولم تنسه مشاغله الوظيفية والعلمية على مستوى العالم العربي والإسلامي والدولي انتمائه لبلده الفيوم فحرص وهو شيخ الأزهر على تأسيس أول معهد ديني بالفيوم في 6/12/1954 وهو المبنى الذي أعدته جمعية المحافظة على القرآن الكريم والذي يشغله الآن معهد المعلمين الأزهري، وقد قام بافتتاحه في رفقة الرئيس جمال عبد الناصر عند زيارته للفيوم سنة 1956.
درجاته ومناصبه العلمية :
1- مدرس بمعهد أسيوط الديني عقب تخرجه.
2- مدرس بالمعهد الأزهري بالقاهرة عام 1931م.
3- مدرس بقسم القضاء بكلية الشريعة الإسلامية عام 1933م.
4- عضو بلجنة الفتوى عن المذهب الحنفي عام 1935م، بجانب عمله في كلية الشريعة.
5- مدرس بكلية الشريعة في قسم القضاء الشرعي عام 1943م.
6- مفتش للعلوم الدينية والعربية بالمعاهد الأزهرية.
7- قائم بإدارة كلية الشريعة.
8- شيخ لمعهد الزقازيق الديني.
9- شيخ للقسم العام والبعوث الإسلامية بالأزهر ومشرف على بعث البعوث الدينية للأقطار الإسلامية.
10- عضو دائم وسكرتير فني للجنة الفتوى بالأزهر.
11- عضو بجماعة كبار العلماء عام 1951م؛ ببحث قيم عنوانه "السياسة الشرعية" .
12- أستاذ للشريعة الإسلامية بكلية الحقوق في جامعة عين شمس، مع بقائه عضواً في جماعة كبار العلماء.
13- عضو في لجنة وضع مشروع دستور مصر عام 1954م.
14- وزير في اتحاد الدول العربية (اليمن ومصر وسوريا) عام 1958م، وذلك أثناء الوحدة العربية بين مصر وسوريا.
15- عضو بمجمع اللغة العربية عام 1963م، ثم اشترك فيه في لجنة القانون ولجنة الأصول ولجنة المعجم الكبير.
16- عضو بمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر.
17- مُنح وسام الجمهورية من الطبقة الأولي عام 1955م.
فترة ولايته
تولى مشيحة الأزهر الشريف في 7 يناير 1954 م وقام بالعديد من الإصلاحات منها تدريس اللغات الأجنبية في الأزهر، والبدء في بناء مدينة البعوث الإسلامية لسكنى الأزهريين المغتربين من أبناء العالم الإسلامي وإدخال نظم التربية العسكرية بالأزهر ، وتشجيع الأنشطة الرياضية بشتى أنواعها.
مواقفه
له العديد من المواقف، منها:
رفض الوصاية على الأزهر الشريف
حاول "علي صبري" وزير الدولة لشئون الرئاسة فرض وصايته على الأزهر الشريف من خلال الإتصال بالشيخ طالبا منه مطالب معينة ولكن "الشيخ" كان يرفض هذه المطالب ، وفي أوائل عام 1957م فوجئ "الإمام الأكبر" وهو في مكتبه بقرار جمهوري بتفويض "علي صبري" في جميع صلاحيات رئيس الجمهورية في كل ما يختص بالأزهر. ورأى "الإمام الأكبر" في هذا القرار مخالفة دستورية وقانونية للقانون 26-1936 ، ومحاولة لفرض وصاية وزير على (المشروعية الإسلامية) التي يحمل الأزهر أمانتها وقرر "الشيخ" ألا ينفذ هذا القرار الجمهوري وفعلا بعد صدور هذا القرار بأيام ، أصدر "علي صبري" باعتباره مشرفا على الأزهر بإسناد منصب مدير إدارة الثقافة بالأزهر إلى "الدكتور محمد البهي".
وكان "الشيخ" نفسه يعتزم إسناد هذه الوظيفة للدكتور البهي ، ولكن ذودا عن كرامة الأزهر وكرامة شيخه رفض تنفيذ قرارعلي صبري. وأصدر "الدكتور تاج" فرارا بإلغاء إدارة الثقافة وإعادة الدكتور "البهي" إلى منصبه أستاذا بكلية اللغة العربية. ولم ينجح "علي صبري" في فرض وصايته على الأزهر. وكان لا بد من حيلة لإبعاد "الشيخ تاج" عن مشيخة الأزهر. وتكون أول إتحاد بين مصر وسوريا واليمن. وفي أول سبتمبر عام 1958 صدر قرار بتعيين "الشيخ والدكتور عبد الرحمن تاج" وزيرا في الوزارة الإتحادية على اعتبار أنه شخصية دينية كبيرة.
الشيخ وحادثة المنشية
أصدر بيان عقب حادثة المنشية أعتبر فيه جماعة الإخوان “جماعة تعمل على تشويه الدين” واصفاً إياهم بأنهم “خوارج لا تُقبَل منهم توبة ولا شفاعة"
الشيخ ومشروع ضريبة الزكاة
من أهم مناقشاته العلمية تلك التي دارت بينه وبين الدكتور محمد صلاح الدين وزير الخارجية؛ الذي نشر مقالاً بجريدة المصري سنة 1949م يعترض فيه على ما يسمي بمشروع ضريبة الزكاة، وضرورة فصل الدين عن أمور السياسة، تأكيدا لمبدأ " الدين لله والوطن للجميع"، فرد الشيخ عبدالرحمن تاج على ذلك بمقال نشره بمجلة الأزهر، استغرب فيه من تعصب أصحاب الاتجاهات العلمانية، وأكد أن دين الدولة المصرية هو الإسلام، وأن دستور الأمة قد أقر ذلك، مؤكداً على أن قانون ضريبة الزكاة يعد من القوانين النافعة للمجمتع، ولا يضر بمصالح الوطن ولا الأمة.
الشيخ والقومية العربية
حينما ازدادت الدعاية لفكرة القومية العربية رأى فيها الشيخ تاج أنها من الأفكار التي تبتعد بالدين عن مسرح الدول العربية، وتعده عامل ضعف للأمة، لا عامل نهضة، مما دفعه إلى مواجهته ومؤكدًا على أن رباط الإسلام الروحي أقوي من رباط القومية العربية.
مؤلفاته
له العديد من المؤلفات في الشريعة والفقة الإسلامي وقد تفرغ الشيخ لمتابعة البحث والدراسة، وبخاصة في مجمع اللغة العربية ومجمع البحوث الإسلامية، فكتب العديد من الدراسات القيمة، إلى جانب العديد من المقالات والبحوث في علوم الفقه والتفسير والحديث، نشرت في عدة مجلات، وخاصة مجلة مجمع اللغة العربية التي استأثرت بجانب كبير من بحوثه القرآنية، بالإضافة إلى المحاضرات التي أذيعت في الإذاعات المختلفة، ونشرت في مضابط جلسات المجمع، كما كانت له مشاركات عديدة في أعمال المجمع ذاته، وخاصة مجالسه والمؤتمرات التي يعقدها، واللجان ولا سيما لجان القانون، والاقتصاد، والأصول، والمعجم الكبير، وألقي بها عدة كلمات وبحوث، ومن أبرز مؤلفاته :
1- البابية وعلاقتها بالإسلام (بالفرنسية) وهي رسالته التي نال بها درجة الدكتوراه من جامعة السوربون.
2- السياسة الشرعية في الفقه الإسلامي، وهي الرسالة التي نال بها عضوية كبار العلماء.
3- الأحوال الشخصية في الشريعة الإسلامية.
4- مذكرة في الفقه المقارن.
5- تاريخ التشريع الإسلامي.
6- مناسك الحج وحكمها.
7- الإسراء والمعراج.
8- حكم الرِّبا في الشريعة الإسلامية.
9- (لا) التي قيل إنها زائدة في القرآن الكريم وليست كذلك.
10- الواو التي قيل إنها زائدة.
11- الفاء وثم، ودعوى زيادتهما في القرآن الكريم، أو في غيره من فصيح العرب.
12- إذ وإذا، ورأي أبي عبيدة، نشر في مجلة مجمع اللغة العربية سنة 1969م- 1970م (ص 181 – 196).
13- أن الزائدة، وأن النافية، وكبوة الفرسان في مجال التفرقة بينهما، وهو بحث نشر في مجلة مجمع اللغة العربية سنة 1974م.
14- درء مظاهر من الجرأة في تفسير الكتاب العزيز، نشر في مجلة مجمع اللغة العربية، (ص 24 – 33) من الجزء الرابع والعشرين، بتاريخ يناير سنة 1969م.
15- القول في (غير) وحكم إضافتها إلى المعرفة، نشر في مجلة المجمع (ص 20- 29) في الجزء الخامس والعشرين، بتاريخ نوفمبر سنة 1969م.
16- أكثر من واحد، وهو بحث نشر في مجلة مجمع اللغة العربية (ص 16- 22) في الجزء الثامن والعشرين، بتاريخ نوفمبر سنة 1971م.
17- حروف الزيادة وجواز وقوعها في القرآن، نشر في مجلة مجمع اللغة العربية (ص 21-27) في الجزء الثلاثين بتاريخ نوفمبر سنة 1972م.
18- الباء الزائدة في فصيح الكلام وفي القرآن الكريم، نشر في مجلة مجمع اللغة العربية (25-35) في الجزء الحادي والثلاثين بتاريخ مارس سنة 1973م.
19- من الدراسات اللغوية في بعض الآيات القرآنية، نشر في مجلة مجمع اللغة العربية (ص 23-34) في الجزء الثالث والثلاثين بتاريخ مايو سنة 1973م.
20- بحث فيما تجب مراعاته في بيان معنى الألفاظ المشتركة الواردة في الكتاب العزيز واختيار أنسب معانيها لمقام ذكرها.
21- بحث فيما يخرج منه اللؤلؤ والمرجان، وما قيل فيه من أنهما لا يخرجان إلا من البحار ولا يخرجان من الأنهار، وذلك في تفسير قوله تعالى:﴿يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ﴾الرحمن:22.
22- رسالة في أفعل التفضيل واستعماله.
بالإضافة إلى مقالاته في أعداد متوالية من مجلة الأزهر عن تلك المناسبات مثل الإسراء والمعراج ، ليلة القدر، الهجرة، ثبوت الهلال، الحج، الصوم، الزكاة. كما كتب عن السجع، وتناسب الفواصل في القرآن الكريم، وأن ذلك مبرأً من التكلف والعسر، كما قضي خمس سنوات قبل رحيله في البحث في حروف الزيادة( مثل: لا ، والواو، والفاء، وإذ وإذا، وأن الزائدة وأن النافية) وفي حين أكد النحاة وقوعها في كتاب الله، رأى شيخنا أن توسع النحاة والمفسرين في هذا توسع لا مبرر له.
قالوا عنه
قال عنه الشيخ على الخفيف في يوم رحيل "الشيخ تاج" عام 1975م: "كان فقيدنا الدكتور الأستاذ الإمام – رضي الله عنه – من أولئك الذين حبوا بعلمهم ، وسموا بأخلاقهم ، وعملوا بعملهم فكتبوا لأنفسه الخلود بما تركوا من علم يتوارث. وأفكار تهدى ، فكان فيه الأسوة الحسنة لمن أراد لنفسه سموا لمنزلة عليا ، ولذكره بقاء ، ولحياته خلودا. لقد فقدنا بفقده – رضي الله عنه – الشيخ الجليل ، والإمام العظيم ، فكان الخطب فيه جللا ، والخسارة فادحة لا للأزهر وحده ولا لمجمع اللغة العربية فحسب. بل للأمة الإسلامية جمعاء).
وفاته
توفي في صباح يوم الأربعاء 10 جمادى الأولى عام 1395هـ، الموافق 20 من مايو سنة 1975م.