"عبد الملك ولد سيدي".. القاضي الشرعي لتنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي
الخميس 03/نوفمبر/2016 - 02:09 م
طباعة
عاد القاضي الشرعي في تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي، الموريتاني عبد الملك ولد سيدي المعروف بـ" قتيبة أبو النعمان الشنقيطي"، لظهور مجددا بعد أكثر من 3 سنوت من اختفائه، وذلك على غلاف مجلة "الهدى" والتي أصدرها التنظيم مؤخرًا، وقد نشرت مجلة التنظيم له قصيدة "إني على الدرب ماض"، بعد أن ظل فقيه الحركة ومفتيها بكيدال، وأحد وجوهها الدعوية طيلة العقد الأخير.
حياته
ولد القاضي الشرعي لتنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي، عبد الملك ولد سيدي بداية الثمانينيات في منطقة "واد الناقه" بولاية أترارزه في موريتانيا.
وفي "واد الناقه" حفظ القرآن وتعلم الفقه على يد مشايخها وعلمائها، قبل أن يلتحق بالعاصمة نواكشوط من أجل إكمال دراسته في المعهد السعودي قبل إغلاقه.
منهجه
تأثر عبد الملك ولد سيدي بالطرح السلفي، وتابع القيادي بتنظيم القاعدة الحرب الأمريكية على حركة طالبان وتنظيم القاعدة في أفغانستان والتي بدأت عقب تفجير برجي الجارة العالميين في سبتمبر 2001.
ولذلك أخذ فكرة الالتحاق بتنظيم القاعدة في أفغانستان حيزًا كبيرًا من تفكيره وشعره. وكانت منتديات التيار السلفي تتناقل أشعاره التي كان يطبعها بنفسه في أحد المقاهي قرب السوق المركزي بالعاصمة نواكشوط، ويعرضها على أصدقائه قبل النشر.
وقد التحق بجماعة السلفية للدعوة والقتال، والتي تعتبر أهم تنظيم سلفي متشدد في موريتانيان والتي كانت تمهيدًا ليكون أحد قاعدة تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي.
وبقي "عبد الملك ولد سيدي" مهتمًّا بأخبار تنظيم القاعدة وأسامة بن لادن وأيمن الظواهري، في محاولة البحث عن فرصة للالتحاق بالجهاد الأفغاني لمواجهة الاحتلال الأمريكي، دون أن تتاح له فرصة السفر إلى معقل تنظيم القاعدة.
الالتحاق بالقاعدة
فتحت الحرب الأمريكية على العراق تحرك عدد من الشبان إلى الشمال المالي ضمن طلائع المنضمين الموريتانيين للجماعة السلفية للدعوة والقتال، وبعد اعتقال التابعة لتنظيم القاعدة، التي تم ضبط أعضائها في مدينة "نواذيبو" شمال موريتانيا والتي كان النظام الموريتاني في عهد الرئيس السابق معاوية ولد سيدي أحمد الطايع يشن حملة على التيارات الإسلامية، وكانت علاقته الإسلاميين بالدولة المورتانية على أعلى درجات الاحتقان والصدام.
وبعد الكشف عن خليفة "نواذيبو" وتورط عبد عبد الملك في الخلية أصبح على قائمة المطلوبين لدى الأمن الموريتاني، بوصفه مسئول التجنيد المفترض في "الجماعة السلفية للدعوة والقتال" بموريتانيا، وأحد الذين وردت أسمائهم في التحقيقات المنشورة من قبل الأمن الموريتاني، وبوصفه عضو المكتب التنفيذى للجماعة، وأحد المفرغين لتجنيد المقاتلين بالعاصمة نواكشوط.
وقد التحقت الجماعة السلفية للدعوة والقتال، في 2007، بتنظيم القاعدة تحت لواء أسامة بن لادن، وتحولها إلى فرع تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي، تحت قيادة عبد الملك ادرودكال المعروف بـ"أبي مصعب عبد الوداد" أمير التنظيم القاعدة.
وقد تمكن "عبد الملك ولد سيدي" من الاختفاء عن أعين الأمن الموريتاني لأكثر من أربع سنوات، وفي سنة 2008 ظهر قتيبة أبو النعمان في شوارع العاصمة نواكشوط مع عدد من أعضاء تنظيم القاعدة، قبيل ساعات من المواجهة المسلحة بين القوى الأمنية الموريتانية وعناصر القاعدة قرب "سنترمتير".
ولكن القاضي الشرعي للقاعدة، تمكن من الإفلات من قبضة الأجهزة الأمنية الموريتانية، وغادر نواكشوط باتجاه الشمال الموريتاني مع عدد من رموز التنظيم الذين كانوا يشرفون على العملية العسكرية، قبل انفراط عقد الخلايا المنضوية تحت لوائه بفعل المواجهة العسكرية مع النظام الموريتاني في ذلك الوقت.
المواجهة للقوات الموريتانية
وقبل استهداف تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي، لقاعدة عسكرية للجيش الموريتاني في مدينة "النعمة" شرق العاصمة نواكشوط فجر يوم 25 أغسطس 2010- ظهر عبد الملك ولد سيدي في مهرجان تعبوى للقاعدة بجبال الجزائر، وهو يحاضر ضمن مجموعة من رموز التنظيم في دورة إعداد أشرفت عليها القيادة المركزية، وشارك فيها منفذ عملية النعمة ومنفذ عملية السفارة الفرنسية وآخرين.
وقد أسفر هجوم تنظيم القاعدة على القاعد العسكرية بمدينة "نعمة" قرب الحدود الموريتانية المالي، عن مقتل منفذ الهجوم وإصابة ثلاثة جنود بجراح، أحدهم إصابته بالغة.
وشنت السلطات الموريتانية حملة اعتقالات في أوساط الشباب المحسوبين على تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي، عقب مقتل أمريكي في نواكشوط نهاية شهر يونيو 2010، وتفجير انتحاري لنفسه قرب السفارة الفرنسية في الثامن من أغسطس 2010.
كما كان لقاضي القاعدة عبد الملك ولد سيدي، دور كبير في تعبئية المقاتلين بمعسكرات "كتائب الصحراء" التابعة لتنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي في الصحراء الكبرى شمال مالي سنة. وفي 2011 نفذ تنظيم"القاعدة"، هجومًا على الثكنة العسكرية في باسكنو(هي إحدى مقاطعات ولاية الحوض الشرقي بموريتاني)، مع تخرج دفعة جديدة من ضباط الجيش الموريتاني.
وكان من أبرز محطات المواجهة بين الطرفين خلال سنوات التصعيد هذه، مقتل ستة من أفراد القاعدة في عملية مشتركة بين الجيشين الموريتاني والفرنسي 21 – 07 – 2010، ثم محاولة القاعدة إدخال سيارة مفخخة إلى انواكشوط في فبراير 2011.
ومع انتقال الحرب بين القاعدة والجيش الموريتاني إلى شمال مالي في 2011، شارك "عبد الملك ولد سيدي" في معركة "وجادو" (50 كلم من الحدود الموريتانية) إلى جانب سبعة من مقاتلي القاعدة هم : خالد أبو ذاكر الشنقيطي (الميمون ولد أمينوه) وقد كان قائد تنظيم القاعدة في المعركة أبوبكر الشنقيطي، والحسن ولد اخليل (خبيب الشنقيطى)، وأبو الدرداء الأنصاري، وأبو بصير الأنصاري، وأبو جابر الصحراوي، وسليمان الأنصاري.
وأعلنت السلطات الموريتانية عن إرسال وحدات من الجيش الموريتاني للمشاركة في العملية العسكرية الكبرى التي ستطلقها دول المنطقة قريبًا ضد مجموعات تنظيم القاعدة المنتشرة في الصحراء الكبرى؛ حيث تعهدت كل من الجزائر ومالي والنيجر وموريتانيا، بتنظيم حملة عسكرية منسقة واسعة النطاق لتطهير الصحراء الكبرى من التنظيم الذي يتخذ من الأراضي الواقعة شمال مالي وقرب الحدود مع كل من موريتانيا والجزائر والنيجر معسكرات لتدريب عناصره وإعداد مخططاته في المنطقة. وقد قاد القوة الموريتانية المشاركة في المعركة ضد تنظيم القاعدة، الجانب الموريتاني المقدم أحمدو ولد صايم، فيما كانت العمليات المشتركة (للفيالق الموريتانية الثلاثة) تحت قيادة قائد المنطقة العسكرية الخامسة العقيد سيدينا ولد سيدي هيبه.
وقد نجا القاضي الشرعي لتنظيم القاعدة ورفاقه وذلك لتأخر الجيش المالي عن القيام بالمهمة المسندة إليه، حيث تمكن عناصر التنظيم من الانسحاب إلى الطرف الموالى للحكومة المالية من الغابة تحت وابل من الرصاص.
منصب الإفتاء في "كيدال"
شارك القيادي بالقاعدة في معارك الشمال، وتولى منصب الإفتاء في "كيدال" (هي مدينة وبلدية في إقليم أزواد شمال مالي) ملتحق بتنظيم "حركة أنصار الدين" وهي حركة جهادية بزعامة "إياد أغ غالي" والتي سيطرت على مدن تمبكتو وكيدال وغاو وطردت الجيش المالي من إقليم إزواد، وأعلنت قيام دولة أزواد الإسلامية وتطبيق الشريعة الإسلامية في أبريل 2012، ولكن بدأ تراجع نفوذ تنظيم القاعدة في شمال مالي وإسقاط إمارة "حركة أنصار الدين" بعد التدخل العسكري الفرنسي في 7 يناير 2013.
وفي بداية 2016 وبعد ثلاث سنوات من اختفائه أطل "عبد الملك ولد سيدي" من جديد عبر شبكة تابعة للتنظيم؛ حيث قدم سلسلة محاضرات عن شرح متن السياسة الشرعية لشيخ الإسلام ابن تيمية، وهي سلسلة ناهزت 15 حلقة، تم تداولها بشكل كبير داخل التنظيم وعلى صفحات الانترنت التابعة له أو التابعة لمقربين منه.
والثلاثاء 1 نوفمبر 2016، أعلن تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي عن إصدار عدد جديد من مجلة (الهدى)، ضمن حراكها الرامي إلى نشر أفكار التنظيم والترويج لأطروحاته الفكرية مواقفه السياسية مما يجري في العالم الإسلامي.
غلاف مجلة القاعدة
وقد كان لافتًا منح غلاف العدد للقاضي الشرعي للتنظيم، "عبد الملك ولد سيدي" الذي توارى عن الأنظار بعد خروج حركة أنصار الدين والقاعدة من إقليم أزواد عشية التدخل الفرنسي بالمنطقة.
واختار التنظيم أن يظهر القيادي بالقاعدة من بوابة الشعر، عبر قصيدته المعروفة "إني على الدرب ماض"، بعد أن ظل فقيه الحركة ومفتيها بكيدال، وأحد وجوهها الدعوية طيلة العقد الأخير.