"عبد الله المحيسني".. القاضي الشرعي للجماعات المتطرفة بسوريا
الأحد 06/نوفمبر/2016 - 02:39 م
طباعة
هو عبدالله بن محمد بن سليمان المحيسني المعروف اختصارًا بعبد الله المحسيني وهو داعية سعودي حصل على الماجستير في تخصص الفقه المقارن من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وحصل بعدها على الدكتوراه وكان عنوان رسالته " أحكام لاجئي الحرب في الفقه الإسلامي" وكانت رسالة الدكتوراه في الأصل مقدمة لـ جامعة أم القرى لكن تأخر الجامعة في مناقشة رسالته وشعوره بقرب اعتقاله من السلطات السعودية جعله يغادر الأراضي السعودية ويقدم الرسالة لجامعات خارج المملكة لمناقشتها، وهو من مواليد مدينة بريدة في منطقة القصيم ، ذهب إلى سوريا ما بين شهري أغسطس وأكتوبر من عام 2013 وبدأ نشاطه كمقاتل مستقل وقاضي شرعي يحكم بين الفصائل المختلفة في سوريا مثل تنظيم الدولة الإسلامية وجبهة النصرة وأحرار الشام لكن في فبراير 2014 بدأ يتخذ مواقف حادة وسلبية تجاه تنظيم الدولة الإسلامية وبدأ يميل إلى جبهة النصرة وأصيب أكثر من مرة في عدة معارك في أبريل 2015 وديسمبر 2015.
سبب قدومه لسوريا
أبو علي الانباري
وأوضح المحيسني أكثر من مرة على وسائل الإعلام المختلفة الأسباب التي أدت به إلى ترك المملكة السعودية والقدوم إلى سوريا، تاركًا خلفه عائلته في مكة المكرمة؛ حيث كان يقيم.
كما أوضح المحيسني خلال مقابلة مصورة مع "مجلس الشورى الإسلامي السويسري" أن السبب الرئيسي لمجيئه إلى سوريا، هو "رغبته في حل الخلافات بين تنظيم الدولة، والفصائل الأخرى".
ولم يخف الشيخ المحيسني إعجابه السابق بتنظيم الدولة، مضيفا: "كنت معجبا بهم أيام العراق، وكنت أقول إنها مظلومة حينما يهاجمها البعض، ولكن ليس من رأى كمن سمع".
وتابع المحيسني الذي وصل إلى سوريا بداية أكتوبر من العام 2013: "عند وصولي إلى الشام، كان أول ما طلبته هو لقاء البغدادي، ولكن تنظيم الدولة اعتذر، وأخبروني أن صاحب القرار في الشام هو أبو على الأنباري".
وأضاف: "التقيت الأنباري عدة مرات، وجلسنا مطولًا وأنا أحاول إقناعه بالمشاركة في محكمة شرعية للفصل في الخلافات بين التنظيم وبقية الجماعات دون جدوى".
وقال المحيسني: إن "الأنباري نفى بشدة حينها أن يكون تنظيم الدولة يعتقد بكفر جبهة النصرة وأحرار الشام، وغيرهم"، متابعا: "تواصلت مع العلامة سليمان العلوان المعتقل حاليا في السعودية، وكان يلحّ على بذكر الطرف الممتنع عن المحكمة الشرعية".
وأكمل قائلًا: "عندما كان الأمر مجرد خلافات، كنت أمتنع عن التصريح بعدم قبول الدولة لمحكمة شرعية، ولكن عندما سالت أول قطرة دم أصبح الإعلان واجبًا شرعيًّا حينها". وأضاف: "ذهبت إليه بعدما بدأت الدماء تسيل، وقلت له تقبل بالعلامة سليمان العلوان حكما بينكم وبين الفصائل؟، فقال: لا، قلت له: أنصار الشريعة باليمن، والشيخ إبراهيم الربيش؟، فقال: لا، قلت له: جند الأقصى، وشام الإسلام كونهما محايدتين؟، قال: لا هؤلاء فصائل صغيرة".
وكشف المحيسني أن "أبو على الأنباري عرض على أن أكون قاضيا شرعيا، ورئيسا للجنة الإصلاحية داخل التنظيم، إلا أنني رفضت ذلك قطعيا، وأخبرته برغبتي بدخولهم في محكمة شرعية فقط".
وأوضح المحيسني أنه "في إحدى المرات وبعد بدء الاقتتال بين جيش المجاهدين وتنظيم الدولة، ذهبت للأنباري وقلت له: إن كنت تعتقد أن هؤلاء مرتدين فأخبرني حتى لا أسعى في محكمة شرعية، فقال لي: (والله لو كنا نعلم عنهم ردة لأعلناها)".
وأضاف معقبًا على ما سبق: "الذين يتساءلون لماذا المحيسني وغيره من المشايخ تدرجوا في الحكم على الدولة، كل يوم يحكمون عليهم بأشد من ذي قبل، نقول لهم إنهم تدرّجوا في التكفير، فلم يكونوا قد كفرّوا الأحرار والنصرة وغيرها".
ووصف المحيسني تنظيم الدولة بـ"الفئة الباغية"، نظرا لرفضها التحاكم لشرع الله، واستدل بالآية الكريمة: "(وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله)".
صلاح الدين الشيشاني
وفي تأكيد منه صحة ما قاله، تساءل المحيسني: "اليوم لو عرضنا عليهم النزول لمحكمة شرعية، هل سيقبلون؟ لا؛ لأنهم يكفرون كل من يخالفهم إلا ما ندر، وذهب إليهم صلاح الدين الشيشاني وغيره ورفضوا".
وأبدى المحيسني تعجّبه من إطلاق تنظيم الدولة وصف "الصحوات" على الفصائل الجهادية، قائلا: "صحوات العراق أنشأتها أمريكا، فكيف نحن صحوات وأمريكا تقصفنا؟".
وحول إمكانية عقد صلح بين الفصائل، وتنظيم الدولة، قال المحيسني: "لن يتم ذلك، فهؤلاء يروننا كفارا ومرتدين، بل يرون أن قتالنا أولى من قتال بشار النصيري، وأكبر دليل حينما تحررت إدلب، قالوا إنه لا فرق، فقد انتقلت من كفار إلى مرتدين".
وتابع: "نعم نحن جئنا لقتال النظام، وقتاله أولى من قتال جماعة الدولة، لكن هؤلاء لن يتركوننا، يوميا يرسلون إلينا مفخخات، ولواصق".
ووعد الشيخ المحيسني بإصدار كتيب أو مطوية قريبا تحتوي على 40 صفة من صفات الخوارج تنطبق على تنظيم الدولة، مشيرا إلى أن "جميع هذه الصفات من كلام العلماء".
وحول أسباب اندفاع الشباب إلى تنظيم الدولة، قال المحيسني، إن "هذا التنظيم يستعطف الشباب بشعارات جذابة، مثل الخلافة الإسلامية، وغيرها، ومن غير المستبعد أن يعلنوا قريبا عن خروج المهدي من بينهم".
وقال المحيسني، إن "جميع العلماء الذين عرفتهم الساحات الجهادية يعتبرون هذه الجماعة بغاة، أو خوارج، وبعضهم يعتبرها أشد من الخوارج".
وفي رد منه على محاولة إعلام تنظيم الدولة تصوير أن "المهاجرين" في سوريا معهم فقط، قال المحيسني، إن "في جماعة أعجمية واحدة بالشام يوجد أكثر من ثلاثة آلاف مهاجر، بالإضافة إلى قرابة الخمسة آلاف مهاجر عربي".
وقد سخف المحيسني طريقة تنظيم الدولة بالاعتماد على تصريحات من صحف أجنبية حول علاقة دول الغرب بفصائل المعارضة، لاتخاذها ذريعة في إطلاق الأحكام على تلك الفصائل، قائلا: "يقول الله (إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا)، والمقصود بالفاسق هنا مسلم، فكيف إن كان كافرا؟".
وفي حديثه عن قدرة أمريكا على طرد تنظيم الدولة من مناطقه، قال المحيسني: "نحن نرى أرتالهم تمشي، وراياتهم ترفرف، ونعلم دقة طائرات التجسس الأمريكية التي تغطي جميع الأجواء على مدار 24 ساعة، وإذا خرج رتل تضربه، فقليلا من العقل والتفكر".
وأضاف: "أرادوا إخراجهم من تل أبيض، وكان لهم ذلك خلال يومين، وفي عين العرب وغيرها".
وختم المحيسني حديثه بتوجيه رسائل إلى عناصر تنظيم الدولة من الشباب، حيث حذّرهم من العقوبة في الآخرة بسبب مناصرتهم وتأييدهم لقادات التنظيم، داعيا إياهم إلى الانشقاق.
وكان المحيسني في بداية المقابلة، تحدث عن بداية تأسيس "جيش الفتح"، معربا عن أمله في تطور الجيش مستقبلا، كما دعا الجميع للتفاؤل في ما سيقدم عليه "جيش الفتح" في المرحلة المقبلة.
حلب ومعركة الوجود
في بداية عام ٢٠١٤، تحوّل المحيسني إلى رأس حربة في المواجهة مع تنظيم «الدولة». نجا من أكثر من محاولة اغتيال وأصيب مرات في المعارك الدائرة في الجنوب السوري. ذاع صيته ليصبح أحد أبرز نجوم «الجهاد» السوري، برغم أنّه لم يبايع أيّ تنظيم، واختار العمل مستقلاً، كما يقول. أعاد بعدها تشكيل «جيش الفتح»، الذي يضم «جبهة النصرة» و«حركة أحرار الشام» وتنظيمات أخرى، وتحوّل إلى أقوى قوة مقاتلة في الداخل السوري. ويتولى اليوم منصب القاضي الشرعي العام في «جيش الفتح». في المقابلة التي أجرتها «الأخبار» على مرحلتين، تحدث عن معركة حلب، مشيراً إلى أنها لم تنته بعد: «تقديراتنا أنّ المواجهة ستستمر لأشهر. ما يجري في حلب عمل عسكري ضخم، على خلاف ما يجري في النواميس العسكرية. حلب بالنسبة إلينا معركة وجود، نكون أو لا نكون. لا نُريد كسر الطوق عن حلب، إنما نُريد تحريرها كلياً. جيش الفتح منظّم ويملك ترسانة عسكرية منظّمة. في بداية الهجوم، كُسر الطوق على محور مدرسة الحكمة. وهنا الرمزية أنّه خلال ستة أيام فقط تمكنّا من فك الحصار بتوفيق من الله، لكننا نعلم أنّ معركة فك الحصار تحتاج بين شهر وشهرين، بحسب التقديرات العسكرية». يصف المحيسني المعركة بأنّها «معركة تناطح بالرءوس بين الثورة وحلف روسيا، لا حلف النظام السوري، لأن النظام أصبح أداة مسيّرة بأيدي روسيا وإيران. والصراع الآن روسي إيراني على أكبر كعكة في سوريا. والنظام السوري لا يملك قرار الإيقاف والبدء». الميدان السوري سيحسم المعركة، لكن الشيخ السعودي يتحدث عن أخطاء تُرتكب في صفوف المعارضة. ففي مسألة فصل «جند الأقصى» عن «الفتح»، يقول: «أنا أعدّه خطأ استراتيجيا لأنهم في نهاية الأمر موجودون على الساحة. وأنا أدعوهم، كما ندعو كل فصائل الساحة، إلى الانخراط في جيش الفتح لإكمال المسيرة لقتال النظام النصيري».
المحيسني أجاب عن سبب دعوته الأمين العام لحزب الله لمناظرة تلفزيونية قائلاً: «أود أن أقول لنصرالله لقد كنت رمزاً حتى لأهل السنة. لقد كنت رمزاً قومياً ووُضِعت صورك على سيارات أهل السنة. كنت صاحب حرب يوليو الذي هزم اليهود. وها أنت اليوم تزج بكل ثقل حزب الله لقتال من احتضنوك في حرب يوليو».
ويُحاول المحيسني مخاطبة الوجدان الشيعي، لكنّ موقفه من الشيعة بقي حمّال أوجه قبل أن يتضح في القسم الأخير من المقابلة. لقد تحدث عن وجود أسرى جدد من حزب الله في قبضة «الفتح»، لكنه ردّ على سؤال إن كان يملك هويات وأدلة تثبت وجود أسرى لبنانيين بالقول: «في فن التفاوض بمجرد إخراج صورة الأسير أو صوته أو أي معلومة، تكون كمن يعطي العدو هدية. هذه المعلومة لا تُدفع إلا بثمن. هكذا تعلّمنا من حزب الله. هو زعم أنّه لا يوجد إلا أسير واحد. وبذلك هو إما أنه تبرأ منهم أو يكذب. لدينا عشرة أسرى». وأضاف: «صدّقني كنت أودّ أن أذكر لك أسماء جميع الأسرى، لكن الإخوة في لجنة المفاوضات قالوا إن أسماء الأسرى مجهولة لدى قيادة الحزب التي لم تحسم أمرها إن كانوا أسرى أو مفقودين أو قتلى بعد. ولا نود أن نعطيهم هذه المعلومة من دون مقابل». ذكر المحيسني ثلاثة أسماء لأسرى لبنانيين، تبيّن أن اثنين منهم سبق أن أجريت معهما مقابلات بثتها قناة «أم تي في» اللبنانية قبل أكثر من 9 أشهر. أما عن وجود أسرى سوريين، فقال: «الأسد لا يهتم بأسراه من الطائفة العلوية، لذلك كنّا بمجرد أن نأسر منهم نقتلهم. وكنا في حال عرضهم على التحقيق والقضاء، يأتي الجواب بأن اقتلوهم لأن النظام لا يهتم بهم. ولذلك لا نأبه نحن لهؤلاء الأسرى لأننا نعلم أن النظام لن يفاوض ولن يفديهم ولن يهتم لهم حتى». أما عن موقفه من الشيعة، فقال المحيسني: «الشيعة هم عشرات الآلاف من الشعوب الذين استغلهم الفرس واستغلتهم إيران لأجل استعادة مملكتها التي حررها وفتحها عمر رضي الله عنه. تلبّس هؤلاء باسم الإسلام ثم بدءوا يرفعون شعارات ويغزون العوام المستضعفين يكذبون عليهم أن هؤلاء النواصب، يقصدون السنّة، ناصبوا علياً العداء، رضي الله عنه وارضاه. نحن نرى ونعتبر ان علياً أمير المؤمنين امام من ائمة المسلمين وخليفة من خلفاء الرسول صل الله عليه وسلم. نحن نعتبر ان علياً سيد رضي الله عنه، ونرى ان كل المجاهدين والثوار وكل من في سوريا وغيرهم لا يساوون شعرة في جسد على رضي الله عنه. أنا أعرف أن مشايخ الشيعة يخبرون عوامهم أننا نواصب، أي نناصب العداء لأهل البيت. انا اعتبر هؤلاء مغررا بهم من قبل هؤلاء الملالي. لقد زُجّ الشيعة في محارق قتالية تريدها إيران». بهذه الإجابة أهدر المحيسني دماء الشيعة، غير أنّه أجاب عن سؤال إن كنتم تعتبرونهم مرتدّين ويجب قتلهم، بالقول: «يا أخي حربنا مع الذين يقتلون أهلنا في سوريا تحديداً. حربنا مع الذين يدمرون الحرث والنسل. حتى روسيا أتت المعركة من أجل مصالح. حربنا للدفاع عن هؤلاء الناس الذين خرجوا يطالبون بالحرية فاجتمع عليهم العالم... حربنا مع من حاربنا... ليست مع الشيعة ولا النصارى». أما عن علاقة المحيسني بالنظام السعودي وبيعته لأحد التنظيمات، فردّ بالقول إنّه لم يبايع أحداً بعد. ولمّا سئل إن كان في رقبته بيعة للملك السعودي أجاب بأنّه لن يدخل في الأسماء. وعن ارتباطه بعمل خارج سوريا، سواء تنسيق مع شبكات في لبنان أو غيره؟ طلب حذف السؤال. أما عن قنوات التمويل، فقال إنّه «ما من قناة محددة تدعمنا، إنما من يتبرع من عامة المسلمين وتجار المسلمين لمساعدة الفقراء والمخيمات أو نصرة هذا الشعب المظلوم، نأخذ منه ونمارس دور الوسيط. نأخذه ونوصله إلى محله فقط لا غير». وعلّق على قرار «جبهة النصرة» فك الارتباط مع تنظيم «القاعدة»، مشيراً إلى أنّ «هذا الحدث إيجابي في الساحة. عقبتنا الوحيدة كانت ارتباط جبهة النصرة بتنظيم القاعدة. والقاعدة اسم يؤثر سلباً على نحو كبير. والنظام يستغل ذلك دولياً. وهذا الارتباط تستغله روسيا أيضاً لتقول إنها تقصف النصرة فقط. كل هذه الحجج زالت الآن بفك الارتباط. وهذا تقدمة وتضحية من الإخوة في جبهة النصرة. لذلك أرى أننا أمام اختبار صدقية للجميع في مساءلة إرادة جمع الكلمة. أما للمجتمع الدولي، فنقول: تنظيم القاعدة لم يعد موجودًا».
ضد الانقلاب في تركيا
وعن محاولة الانقلاب التركي، فقال إنّه ضدها، مشيراً إلى أنّ «كل مناصر للشعب السوري هو ضد الانقلاب. ونحن نعلم أن الانقلاب مخطط له من البيت الأبيض. أما الذراع الخارجية، فهي (المحيسني الإسلامي فتح الله) كولن وجماعته. والذراع على الأرض هم الجنود العلويون النصيريون في داخل الجيش التركي». وإفشال الانقلاب أفرح المسلمين، لأنه لو نجح لكان سيلحق ضرراً كبيراً بالمتعاطفين مع الثورة السورية. وقال إنّ «الدور التركي كان ولا يزال أفضل دور دولي قُدِّم لأرض الشام». ولمّا سئل عن تقارب تركيا حليفة المعارضة السورية مع الروس الذين يقصفون قوات المعارضة قال: «ما يهمني أن الموقف التركي في التعامل مع الشعب السوري لم يتغيّر. أما بشأن العلاقة مع روسيا، فذلك لمصالحها وهذا شأنٌ آخر».
محاولات الاغتيال
وعن محاولة الاغتيال التي تعرض لها قال: «لقد تعرضت للكثير من المحاولات، سواء من قبل النظام أو من قبل الروس أو من قبل مخابراتهم على الارض بشكل متكرر. وأُصبت في أرض الشام ثلاث مرات والحمد الله. واحدة في البطن والأخرى في اليد وثالثة في الرأس. وكل هذا من أجل أن يحيا أهل الشام كراما في ظل شريعة رب العالمين سبحانة وتعالى». وختم المقابلة بالقول: «أود أن أوجه كلمة لأهل لبنان. شكراً يا أهل لبنان لقد أظهرتم أخوة الإسلام، حينما خرج أهالي لبنان لتوزيع الحلوى عندما أُعلن فك الحصار عن حلب. أهل لبنان كانوا وما زالوا مع إخوانهم في سوريا. والبرّ دين، إذ إن قسماً كبيراً من أهل لبنان يحفظون وقفة أهل سوريا في حرب يوليو، يوم فتحوا بيوتهم. وعلى أهل لبنان أن يردوا الفضل. ونحن نعلم أنّ لبنان غُلِب على أمره. لبنان سنة وشيعة والشعب اللبناني هم ضحية لحماقات إيران عبر ذراعها على الأرض المتمثّلة بحزب الله». وأضاف: «أيها السنة والشيعة، أنظروا إلى مصلحة لبنان بجمالها وجبالها. أنظروا إلى مصلحة أرضكم، لتفهموا أن حزب الله يجركم لمصلحته. لقد عُزِل لبنان عن الشعوب العربية. وبعدما كان جزءا من الأمة العربية والإسلامية، بات لبنان جزءاً من إيران».
الانضمام لجيش الفتح
في أغسطس 2016 فجّر المحيسني السعودي عبد الله المحيسني مفاجأة، خلال حديثه للمرة الأولى عن أنه لن يبقى مستقلًا، وإنما سينضم إلى فصيل سيحدده خلال الأيام المقبلة. وظهر المحيسني في الحلقة “43” من برنامج “الشام في أسبوع”، مساء الجمعة 19 أغسطس، موجهًا رسالة مفادها “كنت تسألني إلى من ينتمي عبد الله المحيسني وأقول أنا مستقل.. من اليوم أعلن أنني لن أبقى مستقلًا في الساحة الشامية”.
وأكد المحيسني السعودي نيته حشد ودعوة الشباب للانشقاق عن الفصائل، والالتحاق بالفصيل “الذي لا يعطل جمع الكلمة ويجمعها”، على حد وصفه، مشيرًا إلى أنه سيتحدث من الآن فصاعدًا عن أي فصيل يرفض داعموه جمع الكلمة، وأضاف “ليغضب من يغضب ويرضى من يرضى”. سأنضم إلى الفصيل الذي كان صادقًا وميسرًا ومتنازلًا، ومعي مجموعة من المشايخ”، كما أوضح المحيسني، لافتًا إلى أن مانعًا واحدًا فقط يقف أمام توحيد الكلمة “لم يعد هناك ارتباط بالقاعدة وبقي مانع الدعم الخارجي”.
وكانت الساحة العسكرية السورية شهدت دعوات متكررة لضرورة توحد الفصائل في جيش “وطني” موحد، لكن عقبات كثيرة وقفت أمام الطرح، أبرزها ارتباط جبهة “النصرة” (فتح الشام حاليًا) بتنظيم “القاعدة”.
حديث المحيسني السعودي استمر على مدار 28 دقيقة، تحدث فيها عن أمور عديدة، أبرزها معارك جنوب حلب، واعتبر أنها غيّرت سياسات الدول بشكل كبير.
ويتزامن حديث المحيسني مع إطلاق حملة “التحق بجيش الفتح”، التي عزا منظموها إطلاقها إلى “شكر الجيش على نصرته أهل حلب ولنكون مع المجاهدين الصادقين في إكمال فتح المدينة، ولقطع الطريق على المؤامرات الدولية التي تتخذ من تفرقنا وسيلة للضغط على فصائل كثيرة”.
وبرز اسم المحيسني في المعارك التي يشهدها الشمال السوري حاليًا، ويعتبر من القادة المقربين من “جبهة فتح الشام”، إلا أنه لم يصرح، بانتمائه لأي فصيل مقاتل.
الهجوم على حزب الله
في يونيو الماضي 2016، وجّه المحيسني السعودي عبد الله المحيسني كلمةً لأهالي وأمهات قتلى “حزب الله” اللبناني في حلب، معربًا عن “حزنه” لمقتلهم. وتلا المحيسني، المقرب من “جبهة النصرة”، كلمته أثناء دفن جثث 40 مقاتلًا لبنانيًا في خان طومان جنوب حلب، بحسب ما قاله عبر حسابه في تويتر، بينما تلا شخصٌ آخر يقف بجانبه أسماء عددٍ منهم.
واعتبر المحيسني، في تسجيل مصور نشر الخميس 23 يونيو، أن القتلى “رحلوا إلى نار جهنم”، لكنه ينظر إلى الأمر بفرح وحزن، “فرح لأن اللبنانيين الذين جاؤوا غزاة لقتل أهل الشام لم يتمكّنوا من قتلهم، وحزن لأن هؤلاء بدل أن يكونوا معولًا وسيوفًا لقتال اليهود، اختطفتهم إيران ليصبحوا ذراعًا لحزبها”.
وأضاف: “نحزن لأن هؤلاء لُعب عليهم وغرّر بهم لينضموا لما يسمي نفسه بحزب الله، وهو يرفع شعارًا كبيرًا استغله الإيرانيون لدغدغة شعار العرب، شعار المقاومة”.
واستعرض المحيسني لجوء آلاف من اللبنانين أثناء حرب يوليو في 2006، ومعاملة السوريين معهم بفتح البيوت ومشاطرة لقمة العيش، داعيًا “كل لبناني لتأمل واقعه، وإلى الورطة التي ورّطهم بها حزب الله”، بحسب تعبيره.
وتساءل المحيسني “منذ متى أصبح اللبنانيون بهذه المناظر، كيف كنتم في لبنان آمنين، وكيف استطاع حسن نصر الله بعبارة رنانة دغدغة مشاعركم، وجرّكم إلى محرقة ومستنقع ليس لكم فيه ناقة ولا جمل، سواء كنتم شيعة أو سنة ما الذي تستفيدون به من قتل أهالي سوريا؟”.
وأكّد: “لا يوجد هنا مقدسات كما يخدعكم حزب الشيطان، ليست هنا تل أبيب، هنا أهل سوريا الذين آووكم ونصروكم، للأسف لو كان القتلى من أحباب صحابة رسول الله ومن أحباب آل بيت رسول الله، وقتلوا على تخوم تل أبيب لكانوا شهداء، وزغردت أمهاتهم فرحًا”.
ويعتبر “حزب الله” قتاله في سوريا “دفاعًا عن المراقد المقدسة”، وينعي مقاتليه رسميًا على أنهم “مدافعون عن حرمات آل البيت”، وقد تلقى خسائر كبيرة جنوب حلب، وقد كشف خلال الأيام القليلة الماضية عن أكثر من 25 قتيلًا.
وختم المحيسني قوله بـ “هذه هدية من أسد المقاومة والممانعة، حسن نصر الله، إليكم أيها اللبنانيين… وإن مشيتم في ركابه فانتظروا هدايا كثيرة قادمة، فوالله إن في سوريا رجال لا يمكن أن يناموا على ضيم”.
وكان مقاتلو غرفة عمليات “جيش الفتح”، التي ينضوي تحتها عددٌ من فصائل المعارضة السورية إلى جانب “جبهة النصرة” وحركة “أحرار الشام الإسلامية”، استعادوا السيطرة على خان طومان جنوب حلب في أيار الماضي، قالبين الموازين في المنطقة بعد تسعة أشهر من سيطرة النظام السوري و”حزب الله” وميليشات أجنبية عليها.
هكذا تحول المحيسني من داعية في مكة إلى إرهابي وتكفيري في سوريا، ومارس القاعدة الوهابية وعقيدتها في تكفير الآخر الذي لا ينتمي له عقيدة الولاء والبراء، فهندس انفصال النصرة عن القاعدة، ووسع الخلاف بين النصرة وتنظيم الدولة "داعش" وفي المقابل وحد التنظيمات والحركات الصغيرة فيما عرف بجيش الفتح، وباعترافه يقتل الأسرى من حزب الله أو غيرهم، ويدعي أنه يدافع هو ورفاقه عن الشعب السوري، ذلك الشعب الذي هاجر خوفًا من هؤلاء المتأسلمين الوهابيين الذين يذبحون ويقتلون كل يوم بدم بارد، وكأن الإسلام جاء بالذبح وانتشر بإراقة الدماء.