"إلهان عمر".. أول مسلمة محجبة ولاجئة في مجلس تشريعي أمريكي
الأحد 13/نوفمبر/2016 - 11:38 ص
طباعة
جاءت الصومالية المسلمة إلهان عمر (34 عامًا) لتكون أول مسلمة محجبة من اللاجئين تفوز بمقعد في مجلس تشريعي بالولايات المتحدة، بعد فوزها بعضوية مجلس نواب ولاية مينيوستا الأمريكية، في يوم فوزالمرشح الجمهوري المنتخب دونالد ترامب برئاسة الولايات المتحدة الأمريكية والمعروف عنه تصريحاته العدائية للمسلمين والمهاجرين واللائجين.
حياتها:
ولدت إلهان عمر في الصومال عام 1982، وقبل أن تتم عامها التاسع، اضطرت مع أهلها إلى الانتقال إلى كينيا المجاورة؛ بسبب اشتعال الحرب الأهلية في بلادها عام 1991. وبعد أربع سنوات من العيش في مخيمات اللجوء في كينيا، هاجرت في عام 1995 مع عائلتها إلى الولايات المتحدة.
استقرت عائلتها في البداية في أرلينجتون بولاية فيرجينيا. ثمّ انتقلت إلى مينيابوليس، لتتعلم اللغة الإنجليزية بسرعة في ثلاثة أشهر فقط. ودرست في جامعة "نورث داكوتا"، وتخرجت بدرجة البكالوريوس في العلوم السياسية والدراسات الدولية، وهو ما أهّلها لدخول عالم السياسة بقوة.
امرأة مسلمة لاجئة
جاء فوز إلهان بعضوية الكونجرس الأمريكي عن الحزب الديمقراطي، بعد فوزها بعضوية مجلس نواب ولاية مينيسوتا، يوم الثلاثاء الماضي 8 نوفمبر 2016، وهو اليوم الذي شهد فوز المرشح الجمهوري دونالد ترامب برئاسة الولايات المتحدة الأمريكية، لتكون أوّل فتاة مسلمة محجبة تحظى بعضوية مجلس نواب ولاية مينيوستا غرب البلاد.
نافست عمر على مقعد مقاطعتها بولاية مينيسوتا عن الحزب الديمقراطي، وتمكّنت من الحصول على أكثر من 80 بالمئة من الأصوات، مقابل 19.4 بالمئة لمنافسها الجمهوري عبدالمالك عسكر، لتصبح بذلك أوّل مُشرِّعَة مُسْلِمَة محجبة في تاريخ الولايات المتحدة.
وكانت إلهان، قد فازت بفرصة تمثيل الحزب الديمقراطي، في أغسطس الماضي، على حساب السياسية اليهودية المخضرمة والنائبة السابقة فيليس كاهن، في الانتخابات الداخلية بالحزب.
إلهان عمر تفوز بعد أن نافست على مقعد مقاطعتها بولاية مينيسوتا عن الحزب الديمقراطي، وتمكنت من الحصول على أكثر من 80 بالمئة من الأصوات، مقابل 19.4 بالمئة لمنافسها الجمهوري، لتصبح بذلك أول مشرعة مسلمة مـحجبة في تاريخ الولايات المتحدة
بهذا الفوز لعمر، المرأة المسلمة واللاجئة أيضًا، تكون أولى الوعود التي قطعها المرشح الجمهوري ترامب على نفسه، في حال وصوله إلى البيت الأبيض، قد صارت في سبيلها للتبخُّر والتحلّل، بعد أن دغدغ بها مشاعر المُصابين بالإسلاموفوبيا منذ أحداث 11 سبتمبر 2001، ويبدو أنها ستذهب جميعها أدراج الريح.
تاريخها السياسي
في عام 2012، عملت عمر مديرة لحملة كاري دزيدزيك لعضوية مجلس شيوخ الولاية، عن الحزب الديمقراطي، ورفع نجاح الحملة من رصيدها في أوساط الحزب، وأهّلها لتولّي مهمات سياسية أخرى.
وفي عام 2014 سُمّيتْ إلهان عمر، في قاعة السيدات بحزب العمال الديمقراطي بالنجم الصّاعد، وقد حصلت أخيراً على جائزة الريادة المجتمعيّة. وهي تدير منذ سبتمبر 2015، قسم السياسات والمبادرات في مؤسسة “النساء ينظّمن النساء”، التي تقوم بالدفاع عن المتحدرات من شرق إفريقيا، ودعمهن لتولي مناصب قيادية على المستويات المجتمعية والسياسية.
وفي إطار الحملة العالمية ضد الحجاب خلال السنوات الاخيرة، واجهت إلهان عمر، المحجبة هي الأخرى، ممارسة عنصرية مقيتة بسبب حجابها. فقد تعرضت للضرب من قبل 7 أو8 أشخاص في تجمع حزبي عام 2014؛ بسبب حجابها وبشرتها السمراء، إلا أن ذلك لم يمنحها سوى المزيد من الإصرار على الاستمرار، كما قالت بنفسها. وها هي بعد مرور عامين على هذه الحادثة تصبح نائبة في الكونجرس الأمريكي بهذا الزيّ الذي ضُربت بسببه من قبل.
لم تضع تلك الممارسات الإقصائية في حسبانها، فكما نقلت عنها الجارديان البريطانية، قبيل الانتخابات، أن ما يشغلها الكثير. وبتعبيرها: "لديّ الكثير مما قد يشكّل عائقاً في حياتي، أنا أرتدي الحجاب، قد تكون تلك مشكلة، إلا أن شخصًا ما عليه خوض ذلك التحدي، حتى يتيح للبقية أن يطلقوا العنان لأحلامهم".
ليست عمر المرأة المسلمة الأولى التي تدخل المجالس التشريعية الأمريكية، ولكنها الأولى التي تدخل تلك المجالس بالحجاب الذي يُشكِّل رمزية كبيرة، أثارت الجدل، ولا تزال، في الغرب، وشكلت اختبارًا حقيقيًا لقيم الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان هناك.
برنامجها الانتخابي:
تأكيدًا على مكانة الدور التشريعي الذي تعيه جيدًا غرّدت إلهان على تويتر قائلة: "تتم صناعة التاريخ. عمر هي ممثل الدولة القادم". فالنائبة الجديدة ناشطة في مجال السياسات والمبادرات الخاصة بالمرأة، فتشمل إلى جانب السياسة، التعليم، والحقوق المدنية والعمل الاجتماعي والتخفيف من حدة الفقر، وحقوق الإنسان، والقضايا البيئية، والرفق بالحيوان، والتمكين الاقتصادي.
تدعم عمر أجر 15 دولاراً للساعة الواحدة كحد أدنى للمساهمة في تحمّل التكاليف الدراسية، كما تطالب بتعليم مجاني للطلاب الذين ينتمون لعائلات ذات دخل أقل من 125 ألف دولار.
وتطالب أيضًا بتطبيق إعفاء للطلاب من القروض؛ حيث تُعطي أولوية لتمويل التعليم وتسهيل الالتحاق بالمؤسسات التربوية. وتؤكد أنها تريد أن تساعد النساء صاحبات المشاريع، ومتابعة إصلاح العدالة الجنائية وضمان الهواء النقي والمياه.
كما لا يقتصر اهتمامها على مصير اللاجئين الصوماليين، إذ أنها تبذل جهودًا أيضا من أجل أقليات أخرى مثل المهاجرين من شرق إفريقيا والليبراليين البيض والطلاب.
وجاء استقبال فوز عمر بعضوية مجلس النواب، فكانت ثمة فرحة غامرة بين أنصارها وداعميها، وكأنّ الفرحة بمثابة الردّ العمليّ على هذه الاتهامات التي كالها ترامب للمسلمين وللاجئين في آن واحد حيث كان السيناتور باتريشيا توريس راي، واحدًا من المسئولين المنتخبين، وأوّل مَن دعّم إلهان حيث أشار إلى أنّ "الكثير من الناس حاولوا تفريقنا خلال هذه الانتخابات، لكنها عَمِلَتْ بلا كلل لتجلبَ لنا النصر معًا. وأنا أُرحِّبُ بها إلى مبنى الكابيتول بأذرع مفتوحة".
زعيم الأقلية في مجلس النواب بول تهاسان قال: إن "فوز عمر هو بيان حول مستقبل الدولة. إنه يقول شيئًا مهمًّا حول مستقبل مينيسوتا، وماذا يعني أن تكون مينيسوتا؟".
وبالمثل أيّدت السيناتور سكوت ديبل إلهان منذ وقت مبكّر وقالت: "أنا أعلم أنها سوف تلتزم للعمل من أجل المساواة عن طريق إغلاق الفجوة والقضاء على الفوارق العرقية". فالكثيرون اعتبروا فوز عمر "نقطة مضيئة في هذه الدورة الانتخابية".
"إلهان" و"ترامب":
لم تكن عمر تعبّر عن صورة الإسلام، بحجابها الإسلامي المميز والذي يعاديه الرئيس دونالد ترامب الرئيس الـ45 للولايات المتحدة الأمريكية فقط، بل هي أيضًا تنتمي إلى الصوماليين المهاجرين إلى أمريكا، والذين هاجمهم أيضًا ترامب.
وأقرت "إلهان" بأن فوز "ترامب" سيجعل الأمور "صعبة جداً"، وقالت: "سيتعين علينا العمل على تنظيم الجالية الصومالية استعداداً لما يمكن أن يحدث، سيتعين علينا مضتعفة خطابات المحبة أمام أمام خطابات الكراهية". حيث لم يَسْلم الصوماليون المقيمون في ولاية مينيسوتا في الأسبوع الأخير من حملته، واعتبرهم مسئولين عن الاضطرابات التي تشهدها الولاية.
وقالت عن تهديد "ترامب" للمسلمين بشكل خاص وللجالية الصومالية في ولاية "مينسوتا": "حتى وإن كان يفترض أن تشكل رسالته تهديداً لنا لكي لا نشارك في التصويت ولكي لا نعتبر أنفسنا جزءاً من النظام الأمريكي، فقد كان لذلك مفعول عكسي"، وأضافت: "أعتقد ان فوزنا هو مصدر إلهام لكثير من الشباب والملونين والمهاجرين وللجميع".
في تصريح سابق لصحيفة "جارديان" البريطانية، قالت "إلهان" إن ترشيحها يمكن أن يغير نظرة الناس للعمل السياسي، مضيفة: "بالنسبة لي، هذه بلادي، وهذا من أجل مستقبلي ومستقبل أولادي وأحفادي كي نجعل ديمقراطيتنا أكثر حيوية وشفافية".
وقالت "إلهان" في حديث لها مع النسخة الأمريكية من "هافينجتون بوست": "إنها شعرت بخيبة أمل بعد أن اكتشفت تفشي عدم المساواة العرقية والاقتصادية، بالإضافة إلى التعصب الديني في الولايات المتحدة الأمريكية". وأضافت: "أمريكا هي أرض الحرية والعدالة للجميع، ولكن يجب علينا جميعاً أن نعمل من أجل تحقيق ذلك الأمر. الديمقراطية التي نحظى بها عظيمة، ولكنها هشّة وقابلة للكسر في أي وقت، ومن الممكن تحقيقها تدريجياً من خلال تحقيق المزيد من التقدم، كما أننا بحاجة إلى مواصلة التقدم من أجل جعلها أرض العدالة للجميع بالفعل".
عمر تُمثِّل أوّل تحدٍّ للرئيس الجديد، وقد تكون سببًا واضحًا لتغيّر مفهومه حول المسلمين، وهو ما تحققت نتائجه سريعًا، فعقب إعلان فوز ترامب على منافسته كلينتون، تم حذف ما صرح به ترامب عن المسلمين من موقع حملته، وهو ما أثار موجة من السخرية على مواقع التواصل الاجتماعي.
كان ترامب قد أشار في بيان له إلى "الهجمات المروّعة التي يُشنّها أشخاص لا يؤمنون إلا بالجهاد. ولا يُكنون أيّ احترام للحياة البشرية". مُندِّدًا بـ"الكراهية" التي يُكنّها بنظره الكثير من المسلمين للأمريكيين.
لم يطرح اقتراحاته حول هذا الأمر من جديد في ما بعد، لكن اقتراحه السابق بقي مُدرجًا على موقع حملته. وكان ردّ عمر على تصريحات ترامب المعادية بعد فوزها بأن قالت: "حتى وإن كان يفترض أن رسالته تشكّل تهديدًا لنا لكي لا نُشارك في التصويت، ولكي لا نعتبر أنفسنا جزءًا من النظام الأمريكي، فقد كان لذلك مفعول عكسي".
قال ترامب وقتها موجّهًا الحديث إليهم: "هنا في مينيسوتا عشتم بشكل مُباشر المشكلات الناجمة عن سوء إدارة ملف اللاجئين مع وصول عدد كبير من اللاجئين الصوماليين إلى ولايتكم من دون علمكم بذلك حتى". وأضاف: "بعضهم انضم إلى تنظيم داعش. وينشرون آراءهم المتطرفة عبر البلاد وعبر العالم بأسره".
وقد جاءت الفرصة سانحة لعمر لتردّ على هذه الاتهامات عقب فوزها مباشرة فقالت: "أعتقد أن فوزنا هو مصدر إلهام لكثير من الشباب والملوّنين والمهاجرين وللجميع. حتى وإن لم يكن النظام ملائمًا لنا جميعًا، يمكننا مع ذلك أن نشق طريقنا ويمكننا أن نضمن خلق الفرص لأناس مثلنا"، مستغلةً الفرصة لتعلن أن فوزها دليل على أنها يمكن أن تكسر الحواجز، فقالت إنها تعتقد "أن تلك الانقسامات بدأت تذوب. والناس بدءوا يعتبرون أنفسهم جزءًا من المجتمع".