ابراهيم رئيسي.. رئيس ايران الجدبد وخليفة خامنئي
السبت 19/يونيو/2021 - 01:33 م
طباعة
فاز المرشح الأوفر حظا حسب استطلاعات الرأي، إبراهيم رئيسي في الانتخابات الإيرانية التي قاطعها كثيرون، فمن هو إبراهيم رئيسي؟
حياته:
ولد سید ابراهیم رئیس السادات، المعروف بإبراهيم رئيسي في السابع من يونيو 1960 في حي "نوغان" في مدينة مشهد التي يوجد بها مرقد الإمام علي بن موسى الرضا ثامن أئمة الشيعة (125 كيلومترا جنوب غرب العاصمة طهران)، وهو ينتمي إلى عائلة متدينة.
ويرتدي رئيسي عمامة سوداء، وهو ما يعني في المذهب الشيعي أنه “سيد” (ينحدر من نسل النبي محمد). وسط تشكيك من قبل المراقبون.
بدأ رئيسي دراسته الابتدائية في الحوزة العلمية في مشهد، وتوجه في 15 من عمره إلى مدينة قم، ليواصل دراسته الفقهية في مدرسة حقاني، وحصل على شهادة دكتوراه في الفقه والحقوق من جامعة شهيد مطهري.
وألف العديد من الكتب في الحقوق والاقتصاد والعدالة الاجتماعية، منها تأليف الكتب الارث في علوم الفقه والقانون، وبكتاب حول الصراع ومبدأ في الفقه والقانون، وكتاب قواعد الفقه الإسلامي في المجال القضائ، و قواعد الفقه الإسلامي في القسم الاقتصادي، والمرافعات كتاب قواعد القانون الخاص (العبادة)، وتجميع التطورات في الرقابة والتفتيش.
مسيرته السياسية والمهنية:
يعد رئيسي احد ابناء الثورة الايرانية ضد الشاه والتي قادها رجال الدين بقيادة ايه الله الموسوي الخميني، حيث مضى رئيسي بقية حياته بالأجهزة الخاصة بإنفاذ القانون في الجمهورية الإسلامية، حيث شغل منصب المدعي العام، ومديرا لمكتب التحقيقات العام، والمدعي الرئيسي بالمحكمة الخاصة برجال الدين والمسؤولة عن تأديب الملالي الذين يحيدون عن النظام الرسمي.
تولى رئيسي النيابة العامة بداية ثمانينات القرن العشرين في مدينة كرج غرب طهران، ثم عُين نائبا عاما لمدينة كرج (غربي طهران) في عام 1980، ثم أصبح المدعي العام بكرج في العام ذاته، وبعد خمس سنوات تولى منصب نائب المدعي العام في العاصمة طهران، وفي عام 1988 كلفه مؤسس الجمهورية الإسلامية آية الله الخميني بالبت في المشاكل القضائية في لرستان وكرمانشاه وسمنان، بالإضافة إلى العديد من الملفات القضائية.
ودرس رئيسي في 2017 مادة غير فقهية في مدرسة نواب بمدينة مشهد، كما درس نصوص الفقه وقواعد فقه القضاء وفقه الاقتصاد في الحوزات العلمية في طهران وجامعات إيرانية.
لجنة الموت
وكان رئيسي ومصطفى بور محمدي وزير العدل الإيراني في حكومة حسن روحاني، من بين الأعضاء الأربعة في لجنة الموت الذين كلفهم “روح الله الخميني” آنذاك بإعدام السجناء السياسيين بإجراءات موجزة، حيث أصدر فتوى تُصرح بمهمة اللجنة.
فقد أقدمت النظام الايراني بقيادة الخميني في 17 من يوليو 1988 على إعدام الآلاف ممن دعموا حركات الجهاد أو التمرد اليساري المسلح في وجه «السُلطة الثورية الإسلامية» ولا تزال الأرقام الحقيقية لهذه المذابح التي استمرت قرابة خمسة أشهر مجهولة بيد أن منظمة العفو الدولية سجلت ما يزيد عن 4 آلاف حالة اختفاء من بين السجناء السياسيين منذ ذلك الحين وحتى يومنا هذا.
وظهر في صيف عام 2016 تسجيل صوتي يعود إلى 28 عاما لاجتماع بين آية الله حسين علي منتظري، وهو من مؤسسي الثورة وأصبح نائبا للمرشد الأعلى، ومسؤولين قضائيين -من بينهم رئيسي- مكلفين بعمليات إعدام نُفذت في 1988 بحق سجناء سياسيين.
وفي التسجيل قال منتظري، الذي أصبح لاحقا أكثر دعاة الإصلاح تأثيرا في إيران، إن عمليات الإعدام شملت "نساء حوامل وفتيات يبلغن من العمر 15 عاما"، ومثلت "أكبر جرائم ترتكبها الجمهورية الإسلامية". وألقي القبض على ابن منتظري وحكم عليه بالسجن لكشفه النقاب عن التسجيل، ونظر رئيسي قضيته.
واعتبر موقع "حملة الدفاع عن حقوق الإنسان في إيران"، مصادقة مجلس صيانة الدستور في إيران على أهلية إبراهيم رئيسي لخوض الانتخابات بمثابة تجن على البشرية متهما إياه بارتكاب "جرائم ضد البشرية".
ووصفت "الحملة" موافقة النظام الإيراني على ترشح إبراهيم رئيسي بـ"التراجع الخطير" نظرا لعضويته في "اللجنة الرباعية التي صادقت على إعدام الآلاف في الثمانينيات حيث كان ضالعا في ارتكاب جريمة ضد الإنسانية، فهذا الأمر يشكل تراجعا على الصعيدين الداخلي والخارجي من ناحية احترام الحقوق والكرامة الإنسانية".
وقال "هادي قائمي" مدير حملة حقوق الإنسان في إيران: "ينبغي محاكمة رئيسي لارتكابه جريمة بشعة، فكيف يطمح إلى رئاسة الجمهورية وكيف يسمح له أن يجدد جروح آلاف العوائل التي فقدت أعزاءها بشكل غير عادل خلال محاكمات خارج القانون في عام 1988".
وفي يونيو 2015، اعتمد البرلمان الكندي اقتراحًا نص على “أن يدين مجلس النواب القتل الجماعي للسجناء السياسيين في إيران في صيف العام 1988 كجريمة ضد الإنسانية، تكريمًا لذكرى الضحايا المدفونين في مقابر جماعية في مقبرة خفران، ومواقع أخرى في إيران، وتحديد 1 سبتمبر من كل عام، يومًا للتضامن مع السجناء السياسيين في إيران”.
وقالت نيكي هالي سفيرة أمريكا لدى الأمم المتحدة، مؤخراً “لا يمكن تحقيق السلام والأمن بمعزل عن حقوق الإنسان، ويشهد شعب إيران وسوريا والعراق الذين عانوا منذ زمن طويل، على أن انتهاكات حقوق الإنسان ليست نتيجة ثانوية للنزاع، بل هي سبب الصراع والوقود الذي يغذيه”.
وشددت على أنه “ينبغي ألا يُسمح لإبراهيم رئيسي وأمثاله بالهروب من عواقب جرائمهم ضد الإنسانية، فتقديمه إلى العدالة سيشكل مثالًا لن تنساه الولايات المتحدة وبقية العالم”.
السلطة القضائية
وبعد رحيل الخميني، عُين رئيسي في منصب المدعي العام بطهران بأمر من آية الله يزدي رئيس السلطة القضائية، وبقي في هذا المنصب منذ عام 1989 حتى عام 1994، قبل أن يسند إليه منصب رئيس دائرة التفتيش العامة في إيران، وبقي في هذه المهمة حتى عام 2004.
وشغل رئيسي بين 2004 و2014 منصب المساعد الأول لرئيس السلطة القضائية، وفي عام 2014 عُين مدعيا عاما في إيران.
ويتولى رئيسي حاليًا ثلاثة مناصب بأمر مباشر من خامنئي، وهي: «عضو في مجلس الخبراء، ونائب عام بمحكمة رجال الدين الخاصة، ومسئول العتبات في مدينة مشهد».
العتبات المقدسة
وفي عام 2016 عيّن خامنئي رئيسي على رأس منظمة "آستان قدس رضوي"، وهي المسؤولة عن مؤسسة دينية تقدر ميزانيتها بمليارات الدولارات، وتدير تبرعات لأضرحة مقدسة في مدينة مشهد.
ويمثل "آستان قدس رضوي" أحد المؤسسات الكبرى التابعة للصناديق الخيرية الضخمة التابعة بدورها لمؤسسة "بنياد"، وهي من المؤسسات الاقتصادية الضخمة التابعة لبيت المرشد، والمعفاة من الضرائب وتشكل نسبة كبيرة من الاقتصاد غير النفطي الإيراني تصل أموالها إلى 20% من إجمالي الدخل الوطني.
تبلغ قيمة عقارات "بنياد" اليوم نحو 20 مليار دولار شاملة حوالي نصف الأراضي في مدينة مشهد، كما أن الشركات التي تمتلكها تشمل شركات كبيرة مثل رضوي للنفط والغاز، شركة رضوي للتعدين، ماهاب قدس، ومجموعة مابنا وشهاب خودرو.
ويتميز "آستان قدس رضوي" بامتلاكه عددا من المؤسسات والشركات التابعة وحيازات الأراضي في جميع أنحاء البلاد، حيث أنشأ طبسي خلال 37 عاما إمبراطورية اقتصادية وثقافية بمليارات الدولارات في مشهد، ثاني أكبر مدينة في إيران والوجهة الرئيسية للسياحة الدينية.
مرشح لرئاسة ايران:
في كلمة ألقاها في شهر مارس الماضي أمام حشد كبير من المواطنين في مدينة مشهد الإيرانية قال علي خامنئي “إن إيران بحاجة إلى الشباب الثوري والمؤمن”، معتبراً أنّ “الأشخاص الذين يسيئون للشباب الثوري وشباب التعبئة الشعبية لا يدركون ما الذي يقومون به إذ هم في الحقيقة يسيئون للبلاد ولمستقبلها”.
فبعد أيام من تلك الكلمة اجتمع رئيسي الذي لم يكن اسمه مطروحاً على الإطلاق كمرشح محتمل للانتخابات الرئاسية مع ما يسمّى “الجبهة الشعبية لقوى الثورة الإسلامية” وكان على بعد أربعين يوماً من الانتخابات ليعلن بعد هذا الاجتماع أنه ينوي الترشح للرئاسة وأنه حصل على موافقة خامنئي. فاختلت الموازين وبدا أن التيار الإصلاحي الذي يمثله الرئيس الحالي روحاني قد فقد حظوظه.
وقال رئيسي في بيان إعلان نيته الترشح للانتخابات الرئاسية التي تجري في مايو 2017 إن الخطوة الأولى لحل المشكلات الاقتصادية الإيرانية هي تغيير القيادة، وطالب الناخبين بأن يدعموا حكومة تتسم “بالكفاءة والمعرفة” تحت قيادته. كما اتهم روحاني بأنه “يراهن بشدة على التقارب مع الأعداء ولم يفعل شيئا يذكر في الداخل لتحسين الاقتصاد”.
لعل هذا الخطاب الذي ينسجم كثيراً مع رغبات التيار المحافظ المدعوم من خامنئي ومن حوله من رجال الدين المتشددين ومن بينهم بطبيعة الحال والد زوجة رئيسي آية الله المتشدِّد الذي يمثِّل خامنئي في محافظة خراسان.
واستفاد رئيسي من انتقاد التيار المحافظ لسجل الرئيس حسن روحاني، وقال إن الأخير "يراهن بشدة على التقارب مع الأعداء ولم يفعل شيئا يذكر في الداخل لتحسين الاقتصاد"، وقال رئيسي في سبتمبر 2016 "مشكلاتنا لن يحلها الأميركيون والغربيون، فهم لم يحلوا مشكلة واحدة لأي بلد، ولم يجلبوا شيئا سوى الشقاء للدول الأخرى".
وقال مراقبون إن خامنئي بارك ترشيح رئيسي، وذكر مسؤول إيراني كبير أنه ما كان لرئيسي أن يستقيل من لجنة الإشراف على الانتخابات من دون مباركة المرشد.
علاقته بالحرس الثوري:
يعد رئيسي من الاقرب الي المؤسسة العسكرية القابضة على السلطة في البلاد، فقد نشر أحد المواقع الإيرانية صورة لرئيسي وهو جالس في مقر عمله في مؤسسة “أستان قدس رضوي” وأمامه عدد من ضباط الجيش يقبلون يده ولهذه الصورة دلالات كبيرة في “دولة المرشد” وصداقته العميقة بكل من الجنرال قاسم سليماني قائد فيلق القدس والرجل القوي في إيران بالإضافة إلى نجل خامنئي مجتبى، كلها أسباب تجعل احتمال فوزه في انتخابات مايو .
خليفة خامنئي :
علاقة "رئيسي" بان عائلة خامنئي قوية حيث أنه متزوجٌ بابنة ممثل خامنئي في محافظة خراسان،ولذلك يعد رئيسي الخليفة المنتظر لخامنئي في كرسي المرشد.
ويرى بعض الساسة الإيرانيين أنه يجري إعداد رئيسي لخلافة خامنئي الذي يبلغ من العمر 77 عاما، ويشغل منصب المرشد الأعلى منذ 1989، ويضيف هؤلاء الساسة أن منصب الرئاسة خطوة أولى لهذا الإعداد، وقالت النائبة الإصلاحية السابقة جميلة كاديفار لوكالة رويترز "رئيسي موجود في دائرة ثقة خامنئي، وكان أحد طلابه، وأفكاره قريبة للغاية من أفكار الزعيم الأعلى خامنئي.
يرى كثير من المراقبين أن صعود رئيسي وفوزه في الانتخابات الرئاسية إن حدث فهذا معناه أن الطريق سيصبح معبداً أمامه ليخلف خامنئي في منصب المرشد بعد موته، لسير علي نهج الخميني عندما تولي الرئاسية الايرانية ثم اصبح مرشد لايران خليفة للخميني.