أبو السوس.. أمير داعش في الجرود
الأحد 27/أغسطس/2017 - 03:06 م
طباعة
مع اقتراب نهاية تنظيم "داعش" في جرود (القلمون وعرسال) علي الحدود اللبنانية السورية، وموافقة أمير التنظيم عبدالله الجربان الملقّب بـ”أبو السوس” علي التفاوض مع الجيش اللبناني، من أجل بحث انسحاب التنظيم من المنطقه.
حياته:
أمير تنظيم "داعش" في جرود(القلمون وعرسال)، موفّق عبدالله الجربان الملقّب بـ”أبو السوس”، شاب أربعيني كان لحّاما "جزارا"ً، ثم عمِل في تربية الدواجن ، قبل أن يفتح دكان سمانة في بلدة القصير ، وقادة التظاهرات السورية في البلدة ضد الرئيس السوري بشار الاسد.
أما عن لقب “أبو السوس”، فقد ورثها عن جدّه الذي كان يعمل فوّالاً. يروي أحد جيرانه في القصير أنّ زبائن جدّه كانوا يقولون إنّ الفول الذي يبيعه فيه سوس أو “مسوّس”، ومن هنا خرج اللقب ليصبغ أبناءه من بعده.
تنظيمات مسلحة:
يمكن القول إنّ «موفق أبو السوس» واكبَ كلّ مراحل «الحراك السوري» الذي نشَأ عام ٢٠١١ حتى الآن. وقصّته داخله تعَبّر عن قصة تحوّلات مراحلها السياسية والعسكرية المختلفة، وذلك منذ كانت «حراكاً سلمياً» حتى أصبحت «حراكاً عسكريا» ثمّ «حراكاً جهادياً تكفيريا». فخلال بداياته، بَرز «أبو السوس» في حمص ناشطاً سلمياً في المعارضة، ثمّ كان من أوائل الداعين إلى تشكيل مجموعات مسلّحة لحماية التظاهرات السلمية، وهنا نشَأت فكرة تشكيل «كتائب الفاروق» التي تحوّلت فيلقاً يُعدّ من الأهمّ في تجربة كلّ فصائل «الجيش السوري الحر». ثمّ لاحقاً أصبَح قائداً ميدانياً داخل «فيلق الفاروق» في «الجيش الحر»، وما لبثَ أن أعلنَ عام 2012 إنشقاقه عن «فيلق الفاروق» تحت مسمّى «كتائب الفاروق المستقلّة»، وبرَّر ذلك في بيان بثَّه على فيديو في 4/7/2012 أنّ كتائب في «الجيش السوري الحر» تسرق جهده وتنسب إلى نفسِها العمليات التي ينفّذها. ثمّ جاءت هزيمة القصير وتداعياتها الاستراتيجية المتمثّلة باستعادة النظام لحمص، لتبدأ رحلة أبو السوس في اتّجاه الالتحاق بـ«داعش».
واعتنق “أبو السوس” “الفكر السفلي الجهادي”، بعد اندلاع الصراع المسلحة، عقب انضمامهم لكتائب الفاروق ثم "داعش"، والتي اتضحت معالمها بشكلٍ أكبر في الأشهر الأخيرة من معارك “القصير”.
العمليات:
شارك “أبو السوس” مع الشيخ عبد السلام حربة الملقب بـ”أبو علي حربة” في محاولة تهجير المسيحيين من قرية ربلة في ريف القصير. كذلك هاجما معاً القرى التي يقطنها لبنانيون في حوض العاصي (داخل الأراضي السورية، قبالة الهرمل).
وقبل معارك قرى غرب العاصي، اختطف الجربان شاباً من مدينة الهرمل كان يقيم في قرية سورية، متّهماً إياه بالعمل لـ”صالح الشيعة”.
و”ثبّت” التهمة بحقه بعدما وجد في منزله بندقية صيد! يومها عُذِّب الشاب بوحشية، ساوم لأيام من أجل الحصول على مبلغ فدية لإطلاق سراحه، قبل أن يُعطي “أبو السوس” نفسه الأمر بقتل الشاب اللبناني. كذلك اختطف صحافيتين أجنبيتين، وأفرج عنهما بعد حصوله على مبلغ أربعة ملايين دولار، وهو ما شكل له دعما ماليا كبيرا.
وفي السياق كشفت المصادر أنّ تاجر التبغ المعروف بعبد السلام عيّوش أجرى مفاوضات غير مباشرة بين جماعة “أبو السوس” وحزب الله أثناء معركة القصير، مشيرةً إلى أن التفاوض الأول مع حزب الله كان لتحرير جثماني شهيدين له سقطا خلال معركة القصير، مقابل نقل 40 جريحاً لكتائب الفاروق من بساتين القصير إلى مستشفيات طرابلس. بعدها، وإثر فرض الحزب حصاراً على مسلّحي القصير من كافة الجهات، جرى التفاوض على وقف إطلاق النار للانسحاب من القصير.
فانسحب “أبو السوس” مع باقي الفصائل باتجاه يبرود، علماً بأنّه بعد هزيمة القصير، وبسبب تفاوضه مع الحزب، اتُّهِم “أبو السوس” من قِبل الفصائل المعارضة بخيانة “الثورة” وبيع القصير لحزب الله!
خلال معركتَي إخراجه من القصَير ومن حمص، كان «أبو السوس» واحداً من قادة فصائل «الجيش الحر» الذين شعروا بأنّ قيادتهم المتمثّلة بـ«المجلس العسكري الأعلى»، ترَكتهم لمصيرهم، وبدل دعمِهم، قرّرت فتح جبهاتٍ في مناطق أقلّ أهمّية، فقط لكونها مطلوبة من دول إقليمية.
مكث "ابو السوس" في يبرود طويلاً، قبل أن تتكرر فيها الهزيمة مجدداً بمواجهة حزب الله، بحسب الكاتب الذي اشار الى ان الجربان كان لا يزال حينها يقود كتائب الفاروق، التي بدأت تتآكل.
بعد معركة يبرود، انكفأ مسلّحو المعارضة السورية باتجاه جرود القلمون. كان نجم تنظيم "داعش" قد بدأ بالصعود، وكانت جبهة النصرة قد أصبحت الفصيل الأقوى في هذه البقعة الجغرافية. في موازاة تعيين “أبو مالك التلّي” على رأس “النصرة”، كان “أبو عبدالله العراقي” يقود “داعش” في القلمون. وكان التعاون بين الفصيلين قائماً، رغم الصراع الذي اشتعل في كل سوريا بين «إخوة الجهاد»، بسبب محافظة التلّي على خصوصية العلاقة بين التنظيمين في القلمون.
لم يمر وقت طويل قبل أن يُستبدل “أبو عبدالله العراقي” بابن مخيم برج البراجنة، الفلسطيني أحمد طه، بناءً على أوامر “والي الشام” أبو ثابت الأنصاري. أعاد الرجل “داعش” إلى جرود القلمون بثقلٍ أكبر، وانتزع بيعة أكثر من مجموعة مسلّحة أساسية تنشط في ريف دمشق الشمالي، التي أسلمت زمام قيادتها إلى “أبو حسن الفلسطيني”، الرجل الأربعيني ذي الباع “الجهادي” الطويل، الذي ترك صفوف فتح الانتفاضة في مخيم اليرموك وسُجن غير مرة قبل أن يلتحق بركب “الدولة الإسلامية”.
كان من بين هؤلاء لواء “فجر الإسلام”، المؤلّف من نحو 500 مسلّح، يقودهم ابن القصير “أبو أحمد جمعة”، الذي أعلن تبرّؤه من “المجالس العسكرية الديمقراطية العلمانية”، ومبايعته ومن معه لـ”خليفة المسلمين إبراهيم بن عواد على السمع والطاعة في العسر واليسر”. هكذا اشتدّ عود تنظيم الدولة الإسلامية في الجرود، علماً بأنّ معظم المسلّحين الذين بايعوه هم من أبناء بلدة القصير وريفها.
في داعش:
في العام 2013، برفقة المئات من المقاتلين إلى منطقة القلمون الغربي، وأعلن بيعته لتنظيم “الدولة الإسلامية” وأخذّ دوره يتنامى شيئًا فشيئًا في المنطقة، ليُعين بعد فترةٍ وجيزة أميرًا عامًا للتنظيم، عوضًا عن “أبو عائشة البانياسي” الذي قتل إثر خلافات داخلية مر بها التنظيم حينئذ في فبراير 2015.
وفي فبراير 2015 اختار قادة تنظيم الدولة الاسلامية، " ابن القصير موفّق عبدالله الجربان، اميرا لـ"داعش" في جرود القلمون وعرسال، نظرا لشبعية "ابو السوس" بين المقاتلين ويكون ندا قويا لجبهة النصرة فرع تنظيم القاعدة في الشام، لان شعبية الملقب بابو السوس بين المقاتلين ستجذب الى داعش عناصر النصرة الاكثر عددا في تلك المناطق. الا ان حمل ابو السوس لواء نفسه حين يستشعر القوة وهو امر حصل من قبل حيث ان سيطرة داعش التنظيمية على المقاتلين الذين يحملون لواءها نسبية تخف وتقوى كلما قربت المسافة من مركز داعش في الرقة وفي العراق.
وقاد “أبو السوس” الذي عُيّن أميراً للتنظيم، الجناح العسكري الأقوى في القلمون. أحكم “أبو السوس” سيطرته على تنظيم الدولة في القلمون، مثلما فعل في القصير مع كتائب الفاروق. وقاد حملة تصفية كي لا يبقى قيادي قوي غيره، فقضى على كافة مناوئيه.
اتّخذ “أبو السوس” من وادي ميرا مركزاً له. من هناك، شنّ الهجمات ضد تنظيم “جبهة النصرة”، واختطف أشخاصاً من عرسال بتهمة التعامل مع حزب الله والدولة اللبنانية، عامداً إلى تصفيتهم. واستمال أيضاً مجموعات من فصائل أخرى، في أوج تقدّم “تنظيم الدولة” في سوريا.
و يُقاتل تحت راية “أبو السوس مئات المسلحين (تراوح التقديرات بين 400 و750) يُسيطرون على مساحة تعادل أكثر من ضعفي المساحة التي كانت تسيطر عليها جبهة النصرة. يُنقل عنه رفضه للتفاوض، وأنه سيقاتل حتى آخر مسلّحيه من أتباعه.
ومع عمليات الجيش اللبناني ضد تنظيم "داعش" خلال شهر اغسطس 2017، لفتت المعلومات في 27 اغسطس، ان امير "داعش" في لبنان موفّق ابو السوس غادر الاراضي اللبنانية وطلب التفاوض، لكن طلبه جوبه بالرفض قبل معرفة مصير العسكريين المخطوفين الذي لا يزال مجهولاً".