الأب الروحي للعنف في باكستان.. الملا صوفي محمد من الإخوان للقاعدة
الثلاثاء 09/يناير/2018 - 02:14 م
طباعة
أصدرت محكمة باكستانية، الاثنين 8 يناير 2018، أمرا بالإفراج عن الزعيم الديني المتطرف والقيادي الإخواني السابق، الملا صوفي محمد بن الحزرات حسن -عم زعيم حركة طالبان باكستان "مولانا فضل الله "-والمتهم بإرسال مئات المسلحين لاستهداف القوات الدولية بقيادة أميركية أثناء محاولتها الإطاحة بنظام طالبان.
حياته:
الملا صوفي محمد بن الحزرات حسن، من مواليد عام 1933، وينتمي الملا محمد صوفي لمقاطعة ملاكاند القبلية، المحاذية لوادي سوات- هو وادي ومقاطعة في شمال غرب محافظة صوبه سرحد، بباكستان ذات التضاريس الجبلية والواقعة في الإقليم الحدودي الشمالي، وينتمي سكان وادي سوات الي قبائل البشتون بالإضافة إلى أقليات أخرى.
تعلم الملا صوفي، مثل الكثير من أبناء المنطقة، في المدارس الدينية، وبعدما تخرج بدأ بالعمل في القضاء الشرعي والتعليم. ولصوفي محمد ولدان في الثلاثينات من عمرهما يعملان معه بشكل لصيق، إلا أنه بسبب صغر سنهما لا يعتقد أن أيا منهما سيشغل مكان والده كزعيم لجماعة تطبيق الشريعة.
كان للملا صوفي محمد ابن ثالث إلا أنه قتل خلال احتجازه في أحد سجون باكستان،. من المعروف أن إحدى بناته متزوجة من ابن مولانا فضل الله زعيم طالبان باكستان في سوات.
في إخوان باكستان
انضم "صوفي محمد الي الجماعة الاسلامية في مقاطعة ملاكاند " فرع الإخوان المسلمين في باكستان"، خلال فترة الستينات وحتي بداية التسعينيات، وذلك عندما كانت ملاكاند (والتي كانت وقتها تضم سوات، وبونير، ودير) معقلا للجماعة الإسلامية. في تلك الأثناء، اعتاد سكان ملاكاند انتخاب مرشحي الجماعة الإسلامية كأعضاء في البرلمان، ثم انفصل عن تنظيم الإخوان في عام 1992.
تنظيم "تحريك"
وبعد انفصال الملا صوفي محمد عن جماعة الإخوان في باكستان أسسس حركة تطبيق الشريعة المحمدية (تحريك نفاذ شريعت محمدي) وهي منظمة مسلحة باكستانية 1992، حينها أراد إدارة الحركة وتوجيهها عبر خطوط سلمية وآمنة، واستهل صوفي محمد حملة لإنفاذ قانون الشريعة الإسلامية في إقليم ملاكاند. ولكن حملته تحولت لصدام عنيف مع السلطة ولقي المئات من الأشخاص مصرعهم إثر مصادمات بين قوات الأمن الباكستانية وأتباع صوفي محمد في إقليم ملاكاند، وغالبًا ما تم وصف هذه الثورة المسلحة والتي استمرت لاسابيع على أنها الأولى من نوعها في تاريخ البلاد، والتي هب فيها سكان المنطقة في وجه الدولة الباكستانية تحت مسمى الدين. وتم اعتقاله يسبب تلك المصادمات ، ولكن بعد نحو عشر سنوات من تأسيس (تحريك) اعلنت الحكومة البكستانية تصنيفها كجماعة ارهابية وحظرها في 2002، خاصة بعد مشاركة الملا صوفي واعضاء حركته في دعم حكومة طالبان عام 2001 ضد القوات الامريكية. واطلق سراحه في الربع الأول من عام 2008، حيث عاد لممارسة نشاطه الحركي والدعوي، وتأثر بأفكاره العديد من علماء الدين التقليديين والزعماء الدينين السياسيين بالبلاد.
ويقول زاهد خان ـ كبير المتحدثين باسم حزب عوامي الوطني، الذي يحكم إقليم الحدود الشمالي الغربي: « ففي عام 2001، قاد صوفي محمد شباب أتباع تحريك إنفاذ الشريعة المحمدية إلى «الجهاد» في أفغانستان ضد الغزو الأميركي. وحسبما أفاد مسؤول حكومي بارز، فقد نجح مولانا صوفي محمد في حشد جماعة كبيرة تألفت من قرابة 10 آلاف شاب من مسقط رأسه ملاكاند، وأقنعهم بالانضمام إلى صفوف مقاتلي طالبان في أفغانستان وذلك عبر خطاباته النارية.
العلاقة مع طالبان:
وفي أكتوبر 2001، بعد هجمات 11 سبتمبر، عبر صوفي محمد إلى أفغانستان مع الآلاف من أتباعه لمساعدة الطالبان على محاربة القوات التي تقودها الولايات المتحدة ، ولكن بعد خسارة طالبان الافغانية الحكم في كابول عام 2001، اعتقل من قبل الولايات المتحدة ونقل إلى معتقل جوانتانامو ثم أعاده الأميركيون إلى قاعدة باجرام قرب العاصمة الافغانية كابل وأفرجوا عنه وسلموه للسلطات الباكستانية التي ألقت القبض عليه فور عودته إلى بلاده.
وتولى قيادة الحركة بعد اعتقال مؤسسها صهره الملا فضل الله. وقد دخلت الحركة بعد حظرها وسجن قائدها في مواجهة عسكرية مع حكومة الجنرال برويز مشرف كان من أبرزها قصف الجيش الباكستاني مدرسة الملا لياقت في باجور أحد رموز الجماعة، مما أسفر عن مقتل 81 طالبا يوم 30 أكتوبر 2006.
ويقول سهيل عبد الناصر ـ الصحافي البارز، العامل كمراسل أمني لصحيفة باكستانية يومية: «استغلت مدرسته الإسلامية كمركز تجنيدي لإرسال الشباب الباكستانيين للقتال إلى جانب طالبان في أفغانستان».
وخلال عقد التسعينات، قاد مولانا صوفي محمد ـ في عدد من المناسبات ـ جماعات مسلحة من الشباب الباكستاني للقتال إلى جانب حركة طالبان، والتي كانت حينها في خضم إحكام سيطرتها على أفغانستان.
ويستطرد سهيل عبد الناصر: «خلال إحدى هذه الرحلات إلى أفغانستان، التقى صوفي محمد مولانا فضل الله، صهره المستقبلي وزعيم حركة طالبان في سوات حاليا». في السياق نفسه، تعمقت جذور الصلة بين طالبان وجماعة تحريك إنفاذ الشريعة المحمدية التابعة لصوفي محمد للدرجة التي بات من الصعب تجاهلها، حيث يقول هارون راشد: «على المستوى القيادي، كان الفارق بين طالبان وتحريك إنفاذ الشريعة الإسلامية واضحا، ولكن على المستوى الأدنى لا يمكنك رسم خط بين ناشطي حركة طالبان وتحريك إنفاذ الشريعة المحمدية».
وظل الصوفي محمد في السجن حتى عام 2008 عندما وافق في محادثات مع حكومة خيبر - باختونخوا لاستخدام نفوذه للعمل من أجل السلام في المنطقة.
كما شارك الملا صوفي محمد في مفاوضات مع الحكومة أدت إلى إعلان وقف مؤقت لإطلاق النار في منطقة مالاكند باكستان في 16 فبراير 2009. وافقت الحكومة الباكستانية على السماح بتنفيذ الشريعة في المنطقة بعد توقف العنف.
وافق محمد على السفر إلى وادي سوات لمناقشة السلام مع وعيم حركة طالبان باكستان، فضل الله وأتباعه. وصرح للصحفيين "سنقوم قريبا بفتح حوار مع طالبان، وسوف نطلب منهم ان يلقوا اسلحتهم، ونأمل فى ان لا نسمح لهم بالهبوط، وسنبقى هنا فى وادى سوات حتى يتم استعادة السلام. "
وفي أوائل أبريل 2009، أنهى الصوفي محمد تأييده لمفاوضات السلام، مشيرا إلى أن الحكومة تعطل تنفيذ المحاكم الشرعية في وادي سوات. ورفض الرئيس لباكستاني آصف علي زرداري التوقيع على أي اتفاق حتى استعادة السلام في الوادي ولكنه فشل في توضيح الكيفية التي سيتم بها تحقيق هذه الشروط .
ومع ذلك، وقع الرئيس الباكستاني قانون التنظيم الإلكتروني لوداي سوات، بعد أن تم دفعه بسرعة من خلال البرلمان الباكستاني قبل بضع ساعات في 13 أبريل 2009.
وفي 19 أبريل 2009 أعلن صوفي محمد أن "الديمقراطية غير إسلامية" وأن القرارات المتخذة في محاكم قاضي لا يمكن الطعن فيها في النظام القضائي المركزي الباكستاني. وفقا للدينية على النمط الغربي الديمقراطية أدت إلى انقسامات بين الباكستانيين والنظام القضائي ساهمت في الفصالية. وأمر الحكومة المركزية بسحب جميع القضاة من مالاكاند في غضون أربعة أيام، وإنشاء محكمة إسلامية عليا، للاستماع إلى الطعون المقدمة من المحاكم الشرعية المحلية.
الاعتقالات
وفي يوليو 2009، عادت واعتقلت القوات الباكستانية الملا صوفي محمد وولديه ضياء الله ورضوان الله ورجل رابع يدعى طارق تشتبه الشرطة في أنه متواطئ معهم، و لتشجيع العنف والإرهاب. وفي 2 أغسطس 2009، أعلنت الشرطة أنه اتهم بالتحريض على الإرهاب، ومساعدة الإرهاب والتآمر.
في يناير 2011، ونفى صوفي محمد أمام محكمة مكافحة الإرهاب أن لديه أية صلات مع حركة طالبان الباكستانية المناهضة للدولة الباكستانية، وأنه سعى فقط لإنفاذ الشريعة في منطقة مالاكند.
وظل رهن الإعتقال بواسطة اجهزة الامن الباكستانية ، حتى صدر يوم الاثنين الماضي قرار الافراج عنه
أراءه:
ومن المعروف عنه أنه ممن يعبرون عن آرائهم التكفيرية بصراحة، وفي بياناته الأخيرة، انتقد جل الأنظمة السياسية الباكستانية بما فيها البرلمان، والمحاكم، وأجهزة الحكومة، واصفا إياها بأنها غير إسلامية، حيث أكد "صوفي" لدى إجابته عن سؤال فيما إذا كان الشعب الباكستاني متجها نحو الحياة غير الإسلامية، فقال: «ما لم نبطل النظام السياسي غير الإلهي، فلن يقبل الله أيا من صلواتنا».
الغريب أن الملا صوفي حريص دائما على تأكيد أن «الديمقراطية» ضد روح الإسلام!!. ، إذ قال في مقابلة أجريت معه أخيرا: «إذا أقر 99% من الناس العاديين شيئا غير إسلامي، فستعطي الديمقراطية ثقلا كبيرا لما يقوله ويقره العوام من الناس، ولن تصغي إلى عالم ديني واحد يقول الحقيقة ويوضح الروح الحقيقية للإسلام».
وانتقد صوفي محمد الديمقراطية واصفا إياها بأنها نظام الكافرين، والذي تم الأخذ به في شبه القارة الهندية على يد المستعمرين البريطانيين.