صالح الصماد.. مقتل القائد السياسي للحوثيين
الثلاثاء 24/أبريل/2018 - 02:23 م
طباعة
بمقتل صالح الصماد في غارة جوية نفذتها مقاتلات التحالف العربي ضد سيارة كان يستقلها في الحديدة غرب اليمن، تخسر الميلشيات الحوثية الانقلابية واحداً من أبرز عناصرها؛ إذ يعد الرجل الثاني في الحركة التي يتزعمها القيادي المنشق عبدالملك الحوثي. بل يطلق عليه في أوساط الحوثيين بأنّه "القائد الأعلى للقوات المسلحة".
وبإعلان الميليشيا الرسمي، يسقط أحد أبرز قادتها الذي جاء في المرتبة الثانية في قائمة الـ40 إرهابياً حوثياً، التي أعلنتها السعودية، ورصدت 20 مليون دولار لمن يدلي بأي معلومات تُفضي إلى القبض عليه أو تحديد مكان تواجده.
من هو صالح الصماد؟
صالح الصماد، الذي يرأس كذلك المكتب السياسي للحوثيين، مثل جميع القيادات الحوثية المغمورة التي لم يكن أحد في اليمن يعرفها، وبرزت عقب انقلابهم المسلح بدعم إيراني على السلطة الشرعية أواخر 2014.
ينتسب صالح علي الصماد إلى محافظة صعدة شمالي اليمن، ولد 1يناير عام 1979 في منطقة “بني معاذ”، بمديرية سحار، بمحافظة صعدة. تخرّج في جامعة صنعاء، وعمل مدرساً في مدرسة عبدالله بن مسعود في صعدة.
في التنظيم:
درس الصماد العلوم الدينية على يد بدر الدين الحوثي الأب الروحي لجماعة الحوثيين، الذي من خلاله ارتبط بنجله حسين بدرالدينن مؤسسس جماعة الشباب المؤمن والتي تحولت يما بعد الي جماعة "انصار الله" والمعروف اعلاميا بجماعة الحوثييين.
يعتبر الصماد من الشخصيات القيادية للصف الأول للمليشيات، وقد ساعدها في التمدد والتوسع، وكانت له جهود كبيرة في تماسكها أثناء حروب صعدة السابقة، إضافة إلى أنه أسهم بجهود كبيرة في خدمة الميليشيات في أصعب الظروف أثناء حروب صعدة، واستطاع فتح قنوات تنسيق آنذاك مع قبائل صعدة المناوئين لها.
استطاع الصماد اختراق بعض القبائل، خاصة في مديريات ساقين وغمر وسحار والصفراء ورازح والظاهر ومجز، وقد كانت جهوده كبيرة جداً لخدمة الميليشيات وتسهيل تمددها في تلك الفترة التي كانت صعبة عليها.
برز اسمه في حرب صعدة الثالثة بين القوات الحكومية والحوثيين عام 2005 حيث قاد جبهة القتال ضد القوات الحكومية في بني معاذ، وخاض معارك شرسة ضدها، وكان له دور بارز في الحرب الرابعة أيضا.
عمل الصماد ضمن لجان الوساطة بين الحكومة اليمنية والحوثيين عام 2009. وتولى منصب رئيس المكتب السياسي لجماعة الحوثيين في أعقاب اختفاء صالح هبرة في سبتمبر 2014.
الصماد بعد 2011
بعد العام 2011 وسقوط مركز محافظة صعدة بيد الميليشيات، انتهت مهمة الصماد في تفكيك القبائل وعمل رئيساً للجانب الثقافي للميليشيات.
وقد استغل الصماد الوضع غير المستقر في اليمن منذ العام 2011 وحتى 2014، وبتبني خطاب عقائدي خطير يقدم الميليشيات في صورة إيجابية للرأي العام اليمني، ما مهد الأرض للميليشيات للتوغل باتجاه مناطق أخرى غير صعدة.
رئيس المجلس السياسي للحوثيين:
في العام 2014، تم تكليفه رئيساً للمجلس السياسي لأنصار الله خلفاً لصالح هبرة، لأن المرحلة كانت بحاجة إلى شخصية تجيد المناورة السياسية، فالميليشيات كانت تستغل الحوارات والتفاهمات للتمدد والسيطرة. واستطاع الصماد خدمتها كثيراً في تضليل الأطراف السياسية في اليمن لتخذيلها وعقد التحالفات مع بعض الأطراف.
يعتبر الصماد من القيادات الخطيرة في الميليشيات ويمتلك تأثيراً كبيراً جداً بين أوساطهم لأنه كان من الجناح المتطرف لها ويتخذ الأسلوب الديني منطلقاً لتعزيز حضوره وتعميق تأثيره في صفوف الميليشيات، إضافة إلى الخبرة التراكمية التي يمتلكها جراء تجاربه السابقة في إجراء الحوارات المفرغة. كما يجيد أسلوب التملص والهروب من الالتزامات، ما جعله القيادي الوحيد في ظل ميليشيات متطرفة يغلب على أعضائها وقياداتها الجهل المطبق. وبهذا كان يعتبر أقوى وأخطر قيادي على مستوى الميليشيات.
علاقته بإيران:
ترأس صالح الصماد أول وفد علني للحوثيين يزور إيران مطلع مارس 2015، بعد استكمال انقلابهم على السلطة الشرعية بالإعلان الدستوري، ووقع خلال زيارته اتفاقيات تتولى طهران من خلالها دعم سلطة الحوثيين، وفتح رحلات مباشرة للطيران الإيراني وبمعدل رحلتين يومياً إلى صنعاء، أعقبها تصريحات إيرانية رسمية بأن "صنعاء رابع عاصمة عربية" تسقط في قبضتهم.
أوفدت ميليشيات الحوثي بعد انطلاق عمليات "عاصفة الحزم"، الصماد إلى العاصمة العُمانية مسقط، لإجراء لقاءات مع دبلوماسيين دوليين في مايو 2015، بعدها استبعدته من المشاورات، التي رعتها لاحقاً الأمم المتحدة، لأسباب غير معروفة.
وعقب مقتل الصماد بعث أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني الأدميرال على شمخاني برقية مواساة عزى فيها مليشيات الحوثي بمقتل صالح الصماد رئيس المجلس السياسي الاعلى في اليمن، وذلك في أول تعليق إيراني على مقتل القيادي الحوثي صالح الصماد.
وأكد شمخاني أن اغتيال القادة السياسيين يعني الهروب من الحوار والابتعاد عن دائرة المنطق والحلول السياسية.
رئيس يمن الحوثيين:
بعد سيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء، تم تعيينه مستشارا للرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي عام 2014 ولعب دور الواجهة السياسية للحوثيين. وبعدها بأشهر قليلة استقال من منصبه.
شغل منصب العضو في المجلس السياسي الذي شكله الحوثيون في يوليو 2016 مناصفة مع حزب المؤتمر الشعبي الموالي للرئيس السابق علي عبد صالح، 5 أعضاء لكل طرف.
وفي 6 أغسطس 2016 أصبح الصماد رئيساً للمجلس السياسي الأعلى في الحركة الانقلابية، وبدأ عمله في المنصب بعد أدائه القسم في مجلس النواب في 14 أغسطس 2016.
تتوجت جهوده بالإضافة إلى يوسف الفيشي في إجراء التحالف بين الميليشيات وبين الرئيس الراحل علي عبدالله صالح وحزب المؤتمر، وكذلك مع قيادة حزب الإصلاح. كما استطاع نقل وفد رفيع من حزب الإصلاح إلى صعدة لمقابلة عبدالملك الحوثي.
كان يستخدم أسلوب المناورة والتحفيز ما بين حزبي المؤتمر والإصلاح حتى جعلهم يتسابقون لخدمة الميليشيات قبل عاصفة الحزم. وظل الصماد ما بعد سقوط صنعاء يلعب دوراً محورياً لتعزيز التحالف بين الميليشيات والمؤتمر، وكان بمثابة قناة تواصل وتفاهم مع الرئيس السابق. تتوجت جهوده بإقناع صالح بتعزيز التحالف مع الحوثيين وتشكيل المجلس السياسي بالشراكة مع المؤتمر. ونتيجة العلاقات القوية التي استطاع بناءها مع صالح، فقد حصل على الثقة المطلقة من الأخير الذي لم يتردد في رفض أي طلب للصماد.
المطلوب رقم 2
وأدرج التحالف العربي بقيادة السعودية، اسم صالح الصماد في قائمة الشخصيات المطلوبة وكان ترتيبه الثاني في القائمة التي تضم 40 قياديا حوثيا.
وصرح الصماد في 9 أبريل 2018 بأن الحوثيين سيدشنون خلال الفترة المقبلة مرحلة إطلاق صواريخ بالستية كل يوم باتجاه السعودية وبعده بعشرة ايام لقى مصرعه في غارة جوية.
مقتله:
ومساء الاثنين 24 أبريل 2018، أعلنت مليشيات الحوثي اليمنية مقتل رئيس ما يسمى المجلس السياسي الأعلى التابع للجماعة، صالح الصماد، بغارة جوية، لطيران التحالف العربي الداعم للشرعية في اليمن.
بمقتل الصماد منيت الميليشيات بخساره فادحة جداً وفقدت أقوى وأخطر شخصية في صفوفها .إضافة إلى ذلك مني الحوثيون بخسارة معنوية لها تأثير غير عادي، وشعروا أنهم تعرضوا للاختراق الذي لم يحصل من قبل. إضافة إلى أن الصماد كان شخصية توافقية على مستوى قيادات الصف الأول للمليشيات.
مقتل الصماد يرد على الحوثيين الذين أصروا على لغة القوة، وارتبكوا منذ كشف غطائهم السياسي الذي انتفض عليهم وقتلوه، علي عبد الله صالح بات يلاحقهم حتى في وفاته، فهو كما ترجح الأوساط المقربة من حزبه في صنعاء صاحب فكرة المجلس السياسي الذي كان يريده ثغرة لاحقة للانقضاض على شركائه الحوثيين.