الحوثيون «خنجر» إيران في ظهر دول الخليج
الأربعاء 13/يونيو/2018 - 02:17 م
طباعة
محمد الدابولي
تعمل إيران على دعم التنظيمات المتطرفة في المنطقة؛ من أجل زعزعة استقرار دولها، وتصدير مبادئ ثورتها الإسلامية إلى الدول العربية، وعلى رأس تلك الحركات حركة «أنصار الله» الحوثية في اليمن التي تلعب دورًا كبيرًا في زعزعة استقرار دول الخليج العربي من ناحية، ومن ناحية أخرى تعزيز الوجود الإيراني في منطقة مضيق باب المندب.
بدأت الحركة، كحركة سياسية معارضة مطلع التسعينيات للمطالبة بحقوق أصحاب المذهب الزيدي –نسبة إلى زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب- من خلال تمثيلهم في المؤسسات الحكومية بعد عقود من تهميشهم، وأقدم «حسين بدر الدين الحوثي» على تأسيس منظمة «الشباب المؤمن»، التي أصبحت فيما بعد حركة «أنصار الله» عام 1992 للمطالبة بحقوق الزيديين.
وتعود المرجعية الفكرية للحوثيين إلى المذهب الجارودي «الزيدي»، الذي يتسم باقترابه في مقولاته من مقولات الشيعة الاثني عشرية؛ لذا يصنف الجاروديين بأنهم غلاة الشيعة الزيدية، ومن ثم لم تجد طهران صعوبةً في استقطاب قيادات المذهب المتمثلة في بدر الدين الحوثي وأبنائه.
علاقات ملتبسة مع «صالح»
وشكلت العلاقات مع الرئيس اليمني الراحل، علي عبدالله صالح، أكثر العلاقات غموضًا؛ حيث تشير التحليلات إلى أن «صالح» أسهم بشكل كبير في صعود قوة الحوثيين؛ حيث رغب في إنشاء قوة شيعية في اليمن؛ لموازنة القوى السلفية وحزب التجمع اليمني للإصلاح المحسوب على الإخوان بقيادة «بنو الأحمر» من ناحية، ومن ناحية ثانية يمكن استخدامهم كورقة ضغط ضد السعودية؛ من أجل الحصول على المزيد من الدعم السعودي، ومن ناحية ثالثة زج «صالح» الجيش اليمني بقيادة علي محسن الأحمر في حروب مستمرة مع الحركة؛ من أجل استنزافه، وإفراغ المشهد السياسي اليمني لتوريث نجله «أحمد علي عبدالله صالح» السلطة في اليمن.
الحروب الستة ودورها في بلورة الحوثي
شكلت الحروب الستة التي خاضتها جماعة الحوثي ضد النظام في عهد «صالح» فرصةً جيدةً لبلورة الجماعة، وإظهارها أمام المجتمع الدولي، كلاعب إقليمي قوي له القدرة على التأثير في سياسات المنطقة، فضلًا عن أنها أكسبت الميليشيات خبرةً كبيرةً في مجال حرب العصابات.
وفشل الجيش اليمني طوال حروبه الست تلك من 2004 إلى 2009 في القضاء على الحركة، رغم تعرضها للهزات؛ فالحرب الأولى «يونيو -سبتمبر 2004» انتهت بمقتل مؤسسها «حسين بدر الدين الحوثي»، أما الحرب الثانية فانتهت بتسليم القيادي بالحركة «عبدالله الرزامي» نفسه للسلطات اليمنية، أما الحرب الثالثة (نوفمبر 2005 ـ يناير 2006) فنشبت قبيل الانتخابات الرئاسية اليمنية؛ للتغطية على الأوضاع الداخلية.
أما الحرب الرابعة (يناير -يونيو 2007) فكانت بداية التدخلات القطرية في الشأن الداخلي اليمني؛ حيث نجحت الدوحة في إيقاف الحرب مقابل لجوء «عبدالملك الحوثي» سياسيًّا في قطر، وإفراج السلطات اليمنية عن بعض المسجونين الحوثيين، إلا أن هذا الاتفاق لم ينفذ؛ ما فتح الباب أمام اندلاع الحرب الخامسة (مارس ـ يوليو 2008)، والغريب أنها توقفت بإعلان أحادي الجانب من قبل الحكومة، بوقف إطلاق النار في الذكرى الثلاثين لتولي «صالح» الحكم في 17 يوليو 2008.
وتعد الحرب السادسة هي نقطة التحول في تاريخ الحركة؛ حيث انتقلت من كونها جماعة محلية إلى جماعة لها وزن إقليمي تهدد مصالح دول الجوار مثل السعودية، فخلال تلك الحرب شنَّت الجماعة هجومًا على نقاط حدودية سعودية وسيطرت على «جبل الدخان»، وهو ما استدعى تدخل سعودي؛ من أجل تحرير الجبل.
إعادة رسم الخريطة السياسية بعد ثورة فبراير 2011
عمدت الحركة بعد ثورة فبراير 2011 فى اليمن، على إعادة رسم الخريطة السياسية اليمنية، من خلال إقصاء المنافسين، ففي البداية تخلصت من القوى السلفية بقرية «دماج» في أكتوبر 2013 بحصارهم وقطع المؤن عنهم وترحيلهم في النهاية، وفور التخلص من سلفيي «دماج» اشتبك الحوثيون مع القبائل في شمال صنعاء، خاصةً في منطقة أرحب في فبراير 2014، وفي يوليو 2014 سيطروا على محافظة عمران وطرد مسلحي حزب التجمع منها.
وصاحب صعود الحوثيين دعمًا إيرانيًّا لتحركاتهم ضد النظام اليمني بزعامة الرئيس «عبدربه منصور هادي»؛ حيث اجتاحوا صنعاء في 21 سبتمبر 2014؛ احتجاجًا على بعض السياسات الاقتصادية، وسيطروا على مقر الفرقة الأولى مدرع التي يقودها علي محسن الأحمر، وفي 19 يناير 2015 حاصروا مقر «هادي»، وأجبروه على الاستقالة في 22 يناير، وتم إصدار إعلان دستوري في 6 فبراير بحلِّ البرلمان وتشكيل لجنة ثورية لإدارة اليمن، بالتعاون مع «المؤتمر الشعبي العام» بزعامة «صالح» خصم الأمس، واتخذ «هادي» عدن مقرًا له، وأعلن في 21 فبراير تراجعه عن الاستقالة؛ ما أدى إلى احتلالها من قبل قوات «الحوثي - صالح».
وانتقل «هادي» إلى المملكة العربية السعودية وطالب المملكة ودول مجلس التعاون الخليجي، بالتدخل لإنقاذ الوضع في اليمن ومواجهة التحرشات الحوثية بالحدود السعودية، وهو ما أدى إلى قيام السعودية في 26 مارس 2015 بالإعلان عن قيام «عاصفة الحزم» وتشكيل التحالف العربي لعودة الشرعية في اليمن، ونجح التحالف العربي في 22 يوليو في تحرير عدن فيما ظلت صنعاء خاضعة لحكم «الحوثي».
واكبت التحركات العسكرية تحركات سياسية من قبل الأمم المتحدة والكويت، إلا أن التعنت الحوثي ورفضه تسليم السلطة أفشل كافة المساعى السياسية لحلِّ الأزمة، وهو ما وضح في مفاوضات الكويت (أبريل ـ يوليو 2016)، واستقالة المبعوث الأممي لليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد في 22 يناير 2018، الذي أكد أن جماعة الحوثي ترفض الدخول في حوار يمني حقيقي والتنازل عن صنعاء.
الانقلاب على صالح
شهدت العلاقات بين «صالح» و«الحوثي» توترات كثيرة نتيجة تهميش دور صالح وحزبه في اللجنة الثورية المشكلة لإدارة اليمن بعد فبراير، وإزاء هذا التهميش أعلن «صالح» رغبته في فتح علاقة جديدة مع السعودية، وفك الارتباط مع الحوثي؛ ما أدى إلى اغتياله في 4 ديسمبر 2017.
التأرجح نحو الهاوية
بعد اغتيال «صالح» بدت جماعة الحوثي وكأنها في حالة نشوة غير طبيعية، حيث وصلت إلى قمة غرورها السياسي والعسكري بعد انفرادها بالساحة السياسية اليمنية، ونجحت فى إقصاء شريكها السابق علي عبدالله صالح، إلا أن هذا الوضع لم يدم طويلًا، حيث ما لبثت أن انقلبت الأوضاع رأسًا على عقب، فخلال الشهور الماضية تداعت جبهة الحوثيين في مدينة «الحديدة» بداية من مقتل «صالح الصماد» رئيس المجلس السياسي الأعلى للحوثيين، وانتهاء بنجاح المقاومة اليمنية في تحرير أجزاء كبيرة من المدينة واقتراب عملية تحريرها بالكامل، وهو ما يعد بداية النهاية لتنظيم لعب دورًا بارزًا على الساحة السياسية اليمنية خلال العقود الثلاثة الماضية.
بدأت الحركة، كحركة سياسية معارضة مطلع التسعينيات للمطالبة بحقوق أصحاب المذهب الزيدي –نسبة إلى زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب- من خلال تمثيلهم في المؤسسات الحكومية بعد عقود من تهميشهم، وأقدم «حسين بدر الدين الحوثي» على تأسيس منظمة «الشباب المؤمن»، التي أصبحت فيما بعد حركة «أنصار الله» عام 1992 للمطالبة بحقوق الزيديين.
وتعود المرجعية الفكرية للحوثيين إلى المذهب الجارودي «الزيدي»، الذي يتسم باقترابه في مقولاته من مقولات الشيعة الاثني عشرية؛ لذا يصنف الجاروديين بأنهم غلاة الشيعة الزيدية، ومن ثم لم تجد طهران صعوبةً في استقطاب قيادات المذهب المتمثلة في بدر الدين الحوثي وأبنائه.
علاقات ملتبسة مع «صالح»
وشكلت العلاقات مع الرئيس اليمني الراحل، علي عبدالله صالح، أكثر العلاقات غموضًا؛ حيث تشير التحليلات إلى أن «صالح» أسهم بشكل كبير في صعود قوة الحوثيين؛ حيث رغب في إنشاء قوة شيعية في اليمن؛ لموازنة القوى السلفية وحزب التجمع اليمني للإصلاح المحسوب على الإخوان بقيادة «بنو الأحمر» من ناحية، ومن ناحية ثانية يمكن استخدامهم كورقة ضغط ضد السعودية؛ من أجل الحصول على المزيد من الدعم السعودي، ومن ناحية ثالثة زج «صالح» الجيش اليمني بقيادة علي محسن الأحمر في حروب مستمرة مع الحركة؛ من أجل استنزافه، وإفراغ المشهد السياسي اليمني لتوريث نجله «أحمد علي عبدالله صالح» السلطة في اليمن.
الحروب الستة ودورها في بلورة الحوثي
شكلت الحروب الستة التي خاضتها جماعة الحوثي ضد النظام في عهد «صالح» فرصةً جيدةً لبلورة الجماعة، وإظهارها أمام المجتمع الدولي، كلاعب إقليمي قوي له القدرة على التأثير في سياسات المنطقة، فضلًا عن أنها أكسبت الميليشيات خبرةً كبيرةً في مجال حرب العصابات.
وفشل الجيش اليمني طوال حروبه الست تلك من 2004 إلى 2009 في القضاء على الحركة، رغم تعرضها للهزات؛ فالحرب الأولى «يونيو -سبتمبر 2004» انتهت بمقتل مؤسسها «حسين بدر الدين الحوثي»، أما الحرب الثانية فانتهت بتسليم القيادي بالحركة «عبدالله الرزامي» نفسه للسلطات اليمنية، أما الحرب الثالثة (نوفمبر 2005 ـ يناير 2006) فنشبت قبيل الانتخابات الرئاسية اليمنية؛ للتغطية على الأوضاع الداخلية.
أما الحرب الرابعة (يناير -يونيو 2007) فكانت بداية التدخلات القطرية في الشأن الداخلي اليمني؛ حيث نجحت الدوحة في إيقاف الحرب مقابل لجوء «عبدالملك الحوثي» سياسيًّا في قطر، وإفراج السلطات اليمنية عن بعض المسجونين الحوثيين، إلا أن هذا الاتفاق لم ينفذ؛ ما فتح الباب أمام اندلاع الحرب الخامسة (مارس ـ يوليو 2008)، والغريب أنها توقفت بإعلان أحادي الجانب من قبل الحكومة، بوقف إطلاق النار في الذكرى الثلاثين لتولي «صالح» الحكم في 17 يوليو 2008.
وتعد الحرب السادسة هي نقطة التحول في تاريخ الحركة؛ حيث انتقلت من كونها جماعة محلية إلى جماعة لها وزن إقليمي تهدد مصالح دول الجوار مثل السعودية، فخلال تلك الحرب شنَّت الجماعة هجومًا على نقاط حدودية سعودية وسيطرت على «جبل الدخان»، وهو ما استدعى تدخل سعودي؛ من أجل تحرير الجبل.
إعادة رسم الخريطة السياسية بعد ثورة فبراير 2011
عمدت الحركة بعد ثورة فبراير 2011 فى اليمن، على إعادة رسم الخريطة السياسية اليمنية، من خلال إقصاء المنافسين، ففي البداية تخلصت من القوى السلفية بقرية «دماج» في أكتوبر 2013 بحصارهم وقطع المؤن عنهم وترحيلهم في النهاية، وفور التخلص من سلفيي «دماج» اشتبك الحوثيون مع القبائل في شمال صنعاء، خاصةً في منطقة أرحب في فبراير 2014، وفي يوليو 2014 سيطروا على محافظة عمران وطرد مسلحي حزب التجمع منها.
وصاحب صعود الحوثيين دعمًا إيرانيًّا لتحركاتهم ضد النظام اليمني بزعامة الرئيس «عبدربه منصور هادي»؛ حيث اجتاحوا صنعاء في 21 سبتمبر 2014؛ احتجاجًا على بعض السياسات الاقتصادية، وسيطروا على مقر الفرقة الأولى مدرع التي يقودها علي محسن الأحمر، وفي 19 يناير 2015 حاصروا مقر «هادي»، وأجبروه على الاستقالة في 22 يناير، وتم إصدار إعلان دستوري في 6 فبراير بحلِّ البرلمان وتشكيل لجنة ثورية لإدارة اليمن، بالتعاون مع «المؤتمر الشعبي العام» بزعامة «صالح» خصم الأمس، واتخذ «هادي» عدن مقرًا له، وأعلن في 21 فبراير تراجعه عن الاستقالة؛ ما أدى إلى احتلالها من قبل قوات «الحوثي - صالح».
وانتقل «هادي» إلى المملكة العربية السعودية وطالب المملكة ودول مجلس التعاون الخليجي، بالتدخل لإنقاذ الوضع في اليمن ومواجهة التحرشات الحوثية بالحدود السعودية، وهو ما أدى إلى قيام السعودية في 26 مارس 2015 بالإعلان عن قيام «عاصفة الحزم» وتشكيل التحالف العربي لعودة الشرعية في اليمن، ونجح التحالف العربي في 22 يوليو في تحرير عدن فيما ظلت صنعاء خاضعة لحكم «الحوثي».
واكبت التحركات العسكرية تحركات سياسية من قبل الأمم المتحدة والكويت، إلا أن التعنت الحوثي ورفضه تسليم السلطة أفشل كافة المساعى السياسية لحلِّ الأزمة، وهو ما وضح في مفاوضات الكويت (أبريل ـ يوليو 2016)، واستقالة المبعوث الأممي لليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد في 22 يناير 2018، الذي أكد أن جماعة الحوثي ترفض الدخول في حوار يمني حقيقي والتنازل عن صنعاء.
الانقلاب على صالح
شهدت العلاقات بين «صالح» و«الحوثي» توترات كثيرة نتيجة تهميش دور صالح وحزبه في اللجنة الثورية المشكلة لإدارة اليمن بعد فبراير، وإزاء هذا التهميش أعلن «صالح» رغبته في فتح علاقة جديدة مع السعودية، وفك الارتباط مع الحوثي؛ ما أدى إلى اغتياله في 4 ديسمبر 2017.
التأرجح نحو الهاوية
بعد اغتيال «صالح» بدت جماعة الحوثي وكأنها في حالة نشوة غير طبيعية، حيث وصلت إلى قمة غرورها السياسي والعسكري بعد انفرادها بالساحة السياسية اليمنية، ونجحت فى إقصاء شريكها السابق علي عبدالله صالح، إلا أن هذا الوضع لم يدم طويلًا، حيث ما لبثت أن انقلبت الأوضاع رأسًا على عقب، فخلال الشهور الماضية تداعت جبهة الحوثيين في مدينة «الحديدة» بداية من مقتل «صالح الصماد» رئيس المجلس السياسي الأعلى للحوثيين، وانتهاء بنجاح المقاومة اليمنية في تحرير أجزاء كبيرة من المدينة واقتراب عملية تحريرها بالكامل، وهو ما يعد بداية النهاية لتنظيم لعب دورًا بارزًا على الساحة السياسية اليمنية خلال العقود الثلاثة الماضية.