عصام القمري.. إرهابي سعى لقلب نظام الحكم في مصر
الجمعة 13/يوليو/2018 - 03:10 م
طباعة
إسلام محمد
تختلط الرؤى ويتشتت الذهن لدى كل من تلقى تربية في بيئة متشددة؛ إذ إنه سرعان ما يتأثر بتلك الآراء، وما إن يبلغ حتى يتبناها ويعتنقها، لتتطور بداخله تلك الأفكار العدوانية، فيسعى بكل ما أوتي من قوة إلى تنفيذها على أرض الواقع.
وهو ما ينطبق تمامًا على «عصام القمري» المولود بمحافظة المنيا في 1952، وهو عام ثورة يوليو، بما لها من دلالات سياسية تاريخية في مصر، وانتقالها من عهد بائد إلى عهد جديد، تلك الثورة وطريقة تنفيذها عبر الضباط الأحرار أشعلت خيال الفتى الصغير حين قرأ وسمع عنها، وقرر تكرارها حين يكبر لكن بطريقته هو.
أراد «القمري» -متأثرًا بالتربية التي نما فيها، وشددت أفكاره، وبعكس كثير من أقرانه في الثانوية العامة- قلب نظام الحكم، وتحويل السلطة في مصر إلى سلطة إسلامية كما اعتقد في مخيلته، وليس هناك طريق إلا «قوة السلاح»، والتي يمتلكها الجيش فقط، فمن ثم عليه أن يلتحق بالجيش أولًا وينخرط في صفوفه؛ ومن ثم التحرك للاستيلاء على السلطة، وبالفعل التحق بإحدى الكليات العسكرية في مطلع سبعينيات القرن العشرين.
وفي الكلية تَعرَّف على محمد مصطفى عليوة، الذي ضمه إلى مجموعة «أيمن الظواهري» الجهادية، وبعد تخرجه، انضم في سلاح مهم لاجتيازه كل الدورات التدريبية، ورشح بعد ترقيته لرتبة رائد لـ«دورة إعداد قادة الكتائب» في الولايات المتحدة، إلا أنه اعتذر ولم يذهب، رغم علمه أنه بمجرد عودته واجتيازه هذه الدورة تحديدًا سيُعين في منصب عسكري رفيع، طالما حلم به، ولم يثنه عن هذه الدورة إلا أن أحد أعضاء التنظيم السري أبلغه أن عام 1981 سيكون عام التغيير في مصر، فقرر ألا يسافر.
رُشِّحَ القمري لكلية أركان الحرب، وهو أمر غير معتاد بالنسبة لضباط سلاحه، وبناءً على قناعته بأن عام 1981 سيكون عام التغيير، بدأ في تهريب الأسلحة والعتاد، وتخزينها في مخزن خاص.
وأثناء نقل آخر كمية من هذه الأسلحة في فبراير 1981، ألقي القبض على حامل حقيبة السلاح، وهو أحد مساعدي القمري، لكنه استطاع الفرار تاركًا خلفه دليل إدانته، الحقيبة، فعن طريق بعض الأوراق والخرائط العسكرية داخل تلك الحقيبة، تمكنت النيابة العسكرية من الوصول إلى مجموعة الضباط التابعين للقمري، فأدرك الأخير، حين علم بالأمر، مدى الخطر الذي وضع فيه نفسه، فهرب قبل وصولهم إليه، ولكن ألقي القبض على بعض العناصر التابعة له.
وأثناء فترة هروبه استطلع العديد من الأهداف ومواقع القوات ومقار الشرطة، وأعد خططًا لنسفها بمن فيها، وكان يُعدُّ بمثابة المُنظّر العسكري لتنظيم الجهاد، وكان ينتقد انشغال بعض الجهاديين بالشرطة والهجوم عليها، وعدم إعداد خطة متكاملة لتنفيذ انقلاب عسكري.
يحكي زعيم تنظيم القاعدة، أيمن الظواهري، عن عصام القمري، فيقول: «عقب اغتيال أنور السادات، في حادث المنصة 1981، طلب مني عصام أن أوصله بالمجموعة التي نفذت الاغتيال، فقمت بتوصيله بعبود الزمر، فتدارس القمري الموقف مع عبود.. فقد كان عصام يُفكر في ضرب جنازة أنور السادات بمن فيها من المعزين، وعلى رأسهم زعماء أمريكا وقادة إسرائيل، كما كان يُفكر في إمكانية الاستيلاء على بعض الدبابات وتحريكها لضرب هدف حيوي أو الهجوم على جنازة السادات، ولكن الإمكانات المتاحة كانت أقل من طموحاته، وكان الوقت قد فات».
وبعد أن سقط عبود في قبضة الأمن، اكتشف المحققون أن الضابط الهارب منذ 8 أشهر قد ظهر مرة أخرى على سطح الأحداث، وبعد مطاردات تم القبض على الظواهري، ثم الهجوم على مخبأ عصام في حي الجمالية بالقاهرة، بعد معركة نارية بين قوات مكافحة الإرهاب التي حاصرت المنطقة بكاملها، وبين عصام واثنين من مرافقيه استطاع على إثرها الهروب إلى تلال المقطم، وظل هاربًا حتى تم إلقاء القبض عليه بعدها بساعات، وتم تقديمه إلى المحاكمة في قضية الجهاد، وحكم عليه بعشر سنوات.
وظل القمرى في سجن «ليمان طرة» لا يكف عن تدبير الخطط للهروب، وبالفعل نجح هو واثنان من المسجونين في 17 يوليو 1988، وكانت طريقة هروبهم مفاجئة وغير متوقعة، فقد هربوا أمام الجميع، بعد أن نزعوا قضبان نافذة الزنزانة، وأسَروا حُراس العنبر، واقتحموا السور الذي يبلغ ارتفاعه قرابة 4 أمتار، واشتبكوا مع الحرس، وخرجوا من منطقة سجون طرة في منتصف الليل.
وبعد الخروج من منطقة سجون طرة، سبح الهاربون في نهر النيل بملابس السجن، وعبروا إلى ضفته الغربية، ثم ساروا وسط المزارع حتى لجؤوا إلى منزل رفيق لهم بحي الشرابية، وأثناء وجودهم بالمنزل هاجمتهم قوة من مباحث أمن الدولة في فجر يوم 25 يوليو 1988، إلا أن الثلاثة نجحوا في الهرب مجددًا، ووقف القمري على ناصية الشارع مشتبكًا بالنيران مع قوة الشرطة، ليغطي انسحاب رفيقيه على أمل اللحاق بهما، إلا أن القوة المهاجمة استطاعت تصفيته، فيما تمكن زميلاه من الهرب، ليلقى مصيره المحتوم، ويصل طريق أحلامه في الاستيلاء على السلطة إلى خط النهاية الطبيعية لكل إرهابي اعتقد في نفسه أنه لا يأتيه الباطل من بين يديه، ولا من خلفه، وأن أمنياته واجبة التنفيذ بقوة السلاح.
وهو ما ينطبق تمامًا على «عصام القمري» المولود بمحافظة المنيا في 1952، وهو عام ثورة يوليو، بما لها من دلالات سياسية تاريخية في مصر، وانتقالها من عهد بائد إلى عهد جديد، تلك الثورة وطريقة تنفيذها عبر الضباط الأحرار أشعلت خيال الفتى الصغير حين قرأ وسمع عنها، وقرر تكرارها حين يكبر لكن بطريقته هو.
أراد «القمري» -متأثرًا بالتربية التي نما فيها، وشددت أفكاره، وبعكس كثير من أقرانه في الثانوية العامة- قلب نظام الحكم، وتحويل السلطة في مصر إلى سلطة إسلامية كما اعتقد في مخيلته، وليس هناك طريق إلا «قوة السلاح»، والتي يمتلكها الجيش فقط، فمن ثم عليه أن يلتحق بالجيش أولًا وينخرط في صفوفه؛ ومن ثم التحرك للاستيلاء على السلطة، وبالفعل التحق بإحدى الكليات العسكرية في مطلع سبعينيات القرن العشرين.
وفي الكلية تَعرَّف على محمد مصطفى عليوة، الذي ضمه إلى مجموعة «أيمن الظواهري» الجهادية، وبعد تخرجه، انضم في سلاح مهم لاجتيازه كل الدورات التدريبية، ورشح بعد ترقيته لرتبة رائد لـ«دورة إعداد قادة الكتائب» في الولايات المتحدة، إلا أنه اعتذر ولم يذهب، رغم علمه أنه بمجرد عودته واجتيازه هذه الدورة تحديدًا سيُعين في منصب عسكري رفيع، طالما حلم به، ولم يثنه عن هذه الدورة إلا أن أحد أعضاء التنظيم السري أبلغه أن عام 1981 سيكون عام التغيير في مصر، فقرر ألا يسافر.
رُشِّحَ القمري لكلية أركان الحرب، وهو أمر غير معتاد بالنسبة لضباط سلاحه، وبناءً على قناعته بأن عام 1981 سيكون عام التغيير، بدأ في تهريب الأسلحة والعتاد، وتخزينها في مخزن خاص.
وأثناء نقل آخر كمية من هذه الأسلحة في فبراير 1981، ألقي القبض على حامل حقيبة السلاح، وهو أحد مساعدي القمري، لكنه استطاع الفرار تاركًا خلفه دليل إدانته، الحقيبة، فعن طريق بعض الأوراق والخرائط العسكرية داخل تلك الحقيبة، تمكنت النيابة العسكرية من الوصول إلى مجموعة الضباط التابعين للقمري، فأدرك الأخير، حين علم بالأمر، مدى الخطر الذي وضع فيه نفسه، فهرب قبل وصولهم إليه، ولكن ألقي القبض على بعض العناصر التابعة له.
وأثناء فترة هروبه استطلع العديد من الأهداف ومواقع القوات ومقار الشرطة، وأعد خططًا لنسفها بمن فيها، وكان يُعدُّ بمثابة المُنظّر العسكري لتنظيم الجهاد، وكان ينتقد انشغال بعض الجهاديين بالشرطة والهجوم عليها، وعدم إعداد خطة متكاملة لتنفيذ انقلاب عسكري.
يحكي زعيم تنظيم القاعدة، أيمن الظواهري، عن عصام القمري، فيقول: «عقب اغتيال أنور السادات، في حادث المنصة 1981، طلب مني عصام أن أوصله بالمجموعة التي نفذت الاغتيال، فقمت بتوصيله بعبود الزمر، فتدارس القمري الموقف مع عبود.. فقد كان عصام يُفكر في ضرب جنازة أنور السادات بمن فيها من المعزين، وعلى رأسهم زعماء أمريكا وقادة إسرائيل، كما كان يُفكر في إمكانية الاستيلاء على بعض الدبابات وتحريكها لضرب هدف حيوي أو الهجوم على جنازة السادات، ولكن الإمكانات المتاحة كانت أقل من طموحاته، وكان الوقت قد فات».
وبعد أن سقط عبود في قبضة الأمن، اكتشف المحققون أن الضابط الهارب منذ 8 أشهر قد ظهر مرة أخرى على سطح الأحداث، وبعد مطاردات تم القبض على الظواهري، ثم الهجوم على مخبأ عصام في حي الجمالية بالقاهرة، بعد معركة نارية بين قوات مكافحة الإرهاب التي حاصرت المنطقة بكاملها، وبين عصام واثنين من مرافقيه استطاع على إثرها الهروب إلى تلال المقطم، وظل هاربًا حتى تم إلقاء القبض عليه بعدها بساعات، وتم تقديمه إلى المحاكمة في قضية الجهاد، وحكم عليه بعشر سنوات.
وظل القمرى في سجن «ليمان طرة» لا يكف عن تدبير الخطط للهروب، وبالفعل نجح هو واثنان من المسجونين في 17 يوليو 1988، وكانت طريقة هروبهم مفاجئة وغير متوقعة، فقد هربوا أمام الجميع، بعد أن نزعوا قضبان نافذة الزنزانة، وأسَروا حُراس العنبر، واقتحموا السور الذي يبلغ ارتفاعه قرابة 4 أمتار، واشتبكوا مع الحرس، وخرجوا من منطقة سجون طرة في منتصف الليل.
وبعد الخروج من منطقة سجون طرة، سبح الهاربون في نهر النيل بملابس السجن، وعبروا إلى ضفته الغربية، ثم ساروا وسط المزارع حتى لجؤوا إلى منزل رفيق لهم بحي الشرابية، وأثناء وجودهم بالمنزل هاجمتهم قوة من مباحث أمن الدولة في فجر يوم 25 يوليو 1988، إلا أن الثلاثة نجحوا في الهرب مجددًا، ووقف القمري على ناصية الشارع مشتبكًا بالنيران مع قوة الشرطة، ليغطي انسحاب رفيقيه على أمل اللحاق بهما، إلا أن القوة المهاجمة استطاعت تصفيته، فيما تمكن زميلاه من الهرب، ليلقى مصيره المحتوم، ويصل طريق أحلامه في الاستيلاء على السلطة إلى خط النهاية الطبيعية لكل إرهابي اعتقد في نفسه أنه لا يأتيه الباطل من بين يديه، ولا من خلفه، وأن أمنياته واجبة التنفيذ بقوة السلاح.