مصطفى مشهور.. صاحب خطة الصدام مع الدولة
الجمعة 20/يوليو/2018 - 04:22 م
طباعة
دعاء إمام
بينما يحتشد جمع من عناصر وقادة جماعة الإخوان، في مقابر القطامية لتشييع جثمان محمد حامد أبوالنصر، المرشد الرابع للجماعة (1986: 1996)، فوجئ الحضور بالمستشار مأمون الهضيبي (نجل المرشد الثاني للجماعة حسن الهضيبي)، يطلب منهم مبايعة المرشد الجديد مصطفى مشهور؛ ليشهد يوم 20 أبريل 1996 ما عُرِف بـ«بيعة المقابر».
وُلد «مشهور» عام 1921 بقرية السعديين التابعة لمحافظة الشرقية، وقضى مرحلة المراهقة بين أحضان الجماعة؛ إذ تعرف على «البنّا» عام 1936، وانضم إلى الإخوان وهو في المرحلة الثانوية، ثم لَحِق بالتنظيم الخاص فور تأسيسه عام 1940، ولم يكن انتهى من دراسته الجامعية بعد، حيث تخرج في كلية العلوم 1942، وعمل راصدًا جويًّا بهيئة الأرصاد الجوية دون أن يترقى بها؛ نظرًا لكثرة سنوات اعتقاله ونشاطه الإرهابي.
وفي 15 نوفمبر 1948، انفضح أمر التنظيم الخاص، بعد أن اشتبه الأمن في سيارة «جيب» دون لوحات، أثناء وقوفها أمام منزل أحد أفراد التنظيم، وكانت تحمل أوراقًا خاصةً بالتنظيم، وكميةً من المتفجرات؛ استعدادًا لنقلها إلى المنزل، ووجهت النيابة اتهامات إلى 32 متهمًا، كان «مشهور» الثاني في قائمة الاتهامات، وحُكِم عليه بالسجن 3 سنوات، وبعد خروجه من السجن، عاد إليه مجددًا عام 1954 بعد تورط الإخوان في محاولة اغتيال الرئيس الراحل جمال عبدالناصر فيما عُرِف بـ«حادث المنشية».
مكث «مشهور» 10 سنوات في السجن، وخرج منه 1964، ثم عاد إلى السجن مجددًا عام 1965 ضمن أعضاء «تنظيم 65» (تنظيم سري أسسه منّظر الجماعة سيد قطب وخطط لاغتيال جمال عبدالناصر)، فقضى 6 سنوات معتقلًا، ثم خرج 1971 بعفو رئاسي من الرئيس الراحل محمد أنور السادات، الذي اغتاله الإسلاميون فيما بعد (6 أكتوبر 1981) أثناء حضوره عرضًا عسكريًّا.
بعد واقعة اغتيال «السادات»، استقل مصطفى مشهور طائرة متوجهة إلى الكويت؛ خوفًا من الملاحقة الأمنية التي طالت الإسلاميين آنذاك، وبدأ يجمع التكتلات الإخوانية وفق رؤيته التي تلخصت في «الجهاد هو السبيل»، وبتاريخ 29 يوليو سنة 1982 أعلن تأسيس التنظيم الدولي للإخوان، وأعلن لائحته الرسمية التي عُرِفت بـ«النظام العام للإخوان المسلمين».
تولى «مشهور» قيادة التنظيم الدولي من خلال شبكة شديدة التعقيد، وعمل على توسيع أفرع وهياكل التنظيم في الدول كافة، خلال الخمس سنوات التي قضاها بالخارج، إضافةً إلى تقريب وجهات النظر بين المدارس الإخوانية المختلفة؛ لجمع الشمل مرة أخرى، واستقطاب حركات وجماعات إسلامية لا تتبع الإخوان بشكل تنظيمي مثل الجماعة الإسلامية في باكستان.
وعُرِف «مشهور» باسم حركي هو «أبوهاني»، وحرص على سرية التنظيم قدر المستطاع، إلا أن وثيقة مسربة لاجتماع التنظيم عام 1991 في العاصمة التركية «أنقرة»، كشفت الأهداف التي تمحور حولها التنظيم، وعكست الفكر المتشدد للمؤسس؛ إذ احتوت الوثيقة التي وقع عليها «مشهور» باسمه الحركي، على رغبة الجماعة في إقامة عاصمة إخوانية، وإعادة إحياء فكرة «الجهاد»، من خلال تنظيم عسكري مثل سابقه الذي أسسه «البنّا» في الأربعينيات.
وبسبب إيمانه بفكر «البنّا»، حدد «مشهور» أفق الوطن الإسلامي الذي كان يحلم به مؤسس الجماعة، وكتبه في مذكراته (رسالة التعاليم)، ولفت «مشهور» إلى أن القطرية والتجزئة ليست في مصلحة الجماعة؛ لذا فإن التنظيم العالمي بعد سعة الانتشار في جميع الأقطار تقريبًا، يُعد تعبيرًا عن عالمية الإخوان، ويمكّن الجماعة من الانتشار.
وتنفيذًا لوصية «البنّا»، وهي أن تستفيد الجماعة مما سماه «عصر التكوين»، دعا «مشهور» إلى حشد الطاقات والتنسيق بين المؤسسات والتعاون بين القيادات؛ لتمكين الجماعة من الوجود في الأقطار كافة، ومن ثم إعلان ميلاد الدولة الإخوانية، وهي بمثابة «دولة خلافة» تجمع التنظيمات القطرية المختلفة، وكان منهجه «لا بيعة بغير صدام»، وهو جانب آخر يثبت تأثره بمؤسس الجماعة، الذي أقر بأن حراسة الحق لا تتم إلا بالقوة، فغير المسلمين مثلًا إما أن يدخلوا في الإسلام، وإما يدفعوا الجزية، وإما قتالهم إن لم يستجيبوا.
وعلى صعيد متصل، قال حسام تمام، الباحث في حركات الإسلام السياسي: إن مشهور كان له دور فاعل في جمع شتات التنظيم المتشرذم بعد عهد من التصفية في فترة حكم الرئيس جمال عبدالناصر.
وأكد «تمام»، في كتاب معنون بـ«تحولات الإخوان المسلمين»، أن هذا القيادي الذي أصبح مرشدًا للجماعة من 1996 حتى 2002، تمكن من ضخ دماء جديدة بالجماعة العجوز لم تكن لتستمر دونها.
كما كشفت وثيقة سرية تم ضبطها عام 1992 في منزل القيادي الإخواني، خيرت الشاطر، الذي كان تلميذًا لـ«مشهور»، عما عُرِف بـ«خطة التمكين»، عن خطة الجماعة للاستيلاء على الحكم، والاستعداد لتحمل مهام المستقبل، وامتلاك القدرة على إدارة أمور الدولة، وطرحت الوثيقة رؤية جماعة الإخوان لكيفية التعامل مع القوى الخارجية، أو تحديدًا النظام الأمريكي وتصدير صورة حسنة عن الجماعة؛ لحثِّ النظام على التعامل مع الإخوان فور وصولهم للحكم.
وأنكر «الشاطر» أي صلة تجمعه بـ«مشهور» الذي عُيِّن بعد ذلك مرشدًا عامًّا للجماعة 1996، وقيل إن نشاطه قبل تولي منصب المرشد كان أكبر، وقدم للجماعة خلال فترة وجوده بالخارج أكثر مما قدم إليها في منصبه، لاسيما أنه دخل إلى معترك السياسة عن طريق تحالفات مع عدد من الأحزاب المخالفة لأيديولوجياته، وتوفي بعد إصابته بجلطة دماغية في فبراير 2002.
وُلد «مشهور» عام 1921 بقرية السعديين التابعة لمحافظة الشرقية، وقضى مرحلة المراهقة بين أحضان الجماعة؛ إذ تعرف على «البنّا» عام 1936، وانضم إلى الإخوان وهو في المرحلة الثانوية، ثم لَحِق بالتنظيم الخاص فور تأسيسه عام 1940، ولم يكن انتهى من دراسته الجامعية بعد، حيث تخرج في كلية العلوم 1942، وعمل راصدًا جويًّا بهيئة الأرصاد الجوية دون أن يترقى بها؛ نظرًا لكثرة سنوات اعتقاله ونشاطه الإرهابي.
وفي 15 نوفمبر 1948، انفضح أمر التنظيم الخاص، بعد أن اشتبه الأمن في سيارة «جيب» دون لوحات، أثناء وقوفها أمام منزل أحد أفراد التنظيم، وكانت تحمل أوراقًا خاصةً بالتنظيم، وكميةً من المتفجرات؛ استعدادًا لنقلها إلى المنزل، ووجهت النيابة اتهامات إلى 32 متهمًا، كان «مشهور» الثاني في قائمة الاتهامات، وحُكِم عليه بالسجن 3 سنوات، وبعد خروجه من السجن، عاد إليه مجددًا عام 1954 بعد تورط الإخوان في محاولة اغتيال الرئيس الراحل جمال عبدالناصر فيما عُرِف بـ«حادث المنشية».
مكث «مشهور» 10 سنوات في السجن، وخرج منه 1964، ثم عاد إلى السجن مجددًا عام 1965 ضمن أعضاء «تنظيم 65» (تنظيم سري أسسه منّظر الجماعة سيد قطب وخطط لاغتيال جمال عبدالناصر)، فقضى 6 سنوات معتقلًا، ثم خرج 1971 بعفو رئاسي من الرئيس الراحل محمد أنور السادات، الذي اغتاله الإسلاميون فيما بعد (6 أكتوبر 1981) أثناء حضوره عرضًا عسكريًّا.
بعد واقعة اغتيال «السادات»، استقل مصطفى مشهور طائرة متوجهة إلى الكويت؛ خوفًا من الملاحقة الأمنية التي طالت الإسلاميين آنذاك، وبدأ يجمع التكتلات الإخوانية وفق رؤيته التي تلخصت في «الجهاد هو السبيل»، وبتاريخ 29 يوليو سنة 1982 أعلن تأسيس التنظيم الدولي للإخوان، وأعلن لائحته الرسمية التي عُرِفت بـ«النظام العام للإخوان المسلمين».
تولى «مشهور» قيادة التنظيم الدولي من خلال شبكة شديدة التعقيد، وعمل على توسيع أفرع وهياكل التنظيم في الدول كافة، خلال الخمس سنوات التي قضاها بالخارج، إضافةً إلى تقريب وجهات النظر بين المدارس الإخوانية المختلفة؛ لجمع الشمل مرة أخرى، واستقطاب حركات وجماعات إسلامية لا تتبع الإخوان بشكل تنظيمي مثل الجماعة الإسلامية في باكستان.
وعُرِف «مشهور» باسم حركي هو «أبوهاني»، وحرص على سرية التنظيم قدر المستطاع، إلا أن وثيقة مسربة لاجتماع التنظيم عام 1991 في العاصمة التركية «أنقرة»، كشفت الأهداف التي تمحور حولها التنظيم، وعكست الفكر المتشدد للمؤسس؛ إذ احتوت الوثيقة التي وقع عليها «مشهور» باسمه الحركي، على رغبة الجماعة في إقامة عاصمة إخوانية، وإعادة إحياء فكرة «الجهاد»، من خلال تنظيم عسكري مثل سابقه الذي أسسه «البنّا» في الأربعينيات.
وبسبب إيمانه بفكر «البنّا»، حدد «مشهور» أفق الوطن الإسلامي الذي كان يحلم به مؤسس الجماعة، وكتبه في مذكراته (رسالة التعاليم)، ولفت «مشهور» إلى أن القطرية والتجزئة ليست في مصلحة الجماعة؛ لذا فإن التنظيم العالمي بعد سعة الانتشار في جميع الأقطار تقريبًا، يُعد تعبيرًا عن عالمية الإخوان، ويمكّن الجماعة من الانتشار.
وتنفيذًا لوصية «البنّا»، وهي أن تستفيد الجماعة مما سماه «عصر التكوين»، دعا «مشهور» إلى حشد الطاقات والتنسيق بين المؤسسات والتعاون بين القيادات؛ لتمكين الجماعة من الوجود في الأقطار كافة، ومن ثم إعلان ميلاد الدولة الإخوانية، وهي بمثابة «دولة خلافة» تجمع التنظيمات القطرية المختلفة، وكان منهجه «لا بيعة بغير صدام»، وهو جانب آخر يثبت تأثره بمؤسس الجماعة، الذي أقر بأن حراسة الحق لا تتم إلا بالقوة، فغير المسلمين مثلًا إما أن يدخلوا في الإسلام، وإما يدفعوا الجزية، وإما قتالهم إن لم يستجيبوا.
وعلى صعيد متصل، قال حسام تمام، الباحث في حركات الإسلام السياسي: إن مشهور كان له دور فاعل في جمع شتات التنظيم المتشرذم بعد عهد من التصفية في فترة حكم الرئيس جمال عبدالناصر.
وأكد «تمام»، في كتاب معنون بـ«تحولات الإخوان المسلمين»، أن هذا القيادي الذي أصبح مرشدًا للجماعة من 1996 حتى 2002، تمكن من ضخ دماء جديدة بالجماعة العجوز لم تكن لتستمر دونها.
كما كشفت وثيقة سرية تم ضبطها عام 1992 في منزل القيادي الإخواني، خيرت الشاطر، الذي كان تلميذًا لـ«مشهور»، عما عُرِف بـ«خطة التمكين»، عن خطة الجماعة للاستيلاء على الحكم، والاستعداد لتحمل مهام المستقبل، وامتلاك القدرة على إدارة أمور الدولة، وطرحت الوثيقة رؤية جماعة الإخوان لكيفية التعامل مع القوى الخارجية، أو تحديدًا النظام الأمريكي وتصدير صورة حسنة عن الجماعة؛ لحثِّ النظام على التعامل مع الإخوان فور وصولهم للحكم.
وأنكر «الشاطر» أي صلة تجمعه بـ«مشهور» الذي عُيِّن بعد ذلك مرشدًا عامًّا للجماعة 1996، وقيل إن نشاطه قبل تولي منصب المرشد كان أكبر، وقدم للجماعة خلال فترة وجوده بالخارج أكثر مما قدم إليها في منصبه، لاسيما أنه دخل إلى معترك السياسة عن طريق تحالفات مع عدد من الأحزاب المخالفة لأيديولوجياته، وتوفي بعد إصابته بجلطة دماغية في فبراير 2002.