«سفراء الهداية».. جمعية ترعى الوافدين وحديثي العهد بالإسلام

الأربعاء 15/أغسطس/2018 - 07:25 م
طباعة «سفراء الهداية».. دعاء إمام
 

هو واحد من أهم وأبرز الشخصيات الإسلامية في الصين، هوى القراءة صغيرًا وتعلم العربية مبكرًا؛ ما أهله للاشتباك المبكر مع أمهات الكتب الدينية المكتوبة بالعربية، وكون لديه وعيًا دينيًّا دفعه للمقدمة، إنه الإمام عبدالله ما تشانج تشينج.

ولِد الإمام عبدالله في مارس عام 1936 بمقاطعة جانسو، ونشأ وسط أسرة مسلمة متدينة، وكان أبوه رئيسًا للمدرسة العربية الإسلامية في الصين.

تربى الشيخ عبدالله تربيةً إسلاميةً في منطقة جانسو الصينية، وتعلّم اللغة العربية مبكرًا؛ وذلك حتى يستطيع قراءة وفهم القرآن الكريم، وفي عام 1996 أصبح إمامًا لجامع دونقوان، أشهر مساجد مدينة شينينج شمال غرب الصين في ثمانينات القرن العشرين، وشغل مناصب سياسية عدة، مثل تعيينه عضوًا في اللجنة الدستورية الـ12 للمجلس الشعبي الاستشاري السياسي (CPPCC)، ونائب رئيس اللجنة العاشرة للمجلس الاجتماع السياسي لشعب تشينجهاي، كما تولى مناصب دينية عدة، وعمل رئيسًا لرابطة جانسو الإسلامية، ورئيسَ الجمعية الإسلامية لمدينة شينينج، ونائب المدير العام لمعهد آلانز في مقاطعة جانسو، ونائبًا لرئيس الجمعية الإسلامية في تشينجهاي.
تولي مؤسسة الأزهر الشريف عناية خاصة بالطلاب الوافدين، باعتبارهم سفراء الوسطية في العالم الإسلامي، لاسيما طلاب الجامعة غير المُسكنين في مدينة البعوث (مدينة تابعة للأزهر خصصها لاستقبال الطلاب الوافدين من مختلف دول العالم)؛ الذين يمثلون مطمعًا للجماعات المتطرفة، ويحاولون استمالتهم عن طريق توفير سكن ودعم مالي.

تنبّه الأزهر الشريف لهذه المحاولات، فكان إيجاد حلول وكيان يرعى الوافدين أول التحديات، وفي سنة 2008، أُشهرت جمعية «سفراء الهداية» برقم 7287؛ لتقديم الخدمات والبرامج لطلاب الأزهر الوافدين، الذين جاءوا إلى مصر للتعلم في جنبات جامعة الأزهر، وليسوا على منحة من بلادهم، ويعانون نقص الموارد والإمكانات.

وتهدف الجمعية إلى صياغة شخصية داعية، على أساس الفكر الإسلامي المعتدل، وإبراز الدور التاريخي لمصر بوصفها حاضنة للإسلام، ومحافظة على اللغة العربية؛ التي تعد مدخلًا لفهم الدين الصحيح، إضافة إلى دعم الأزهر في تزويد العالم بالدعاة.

وتعمل جمعية «سفراء الهداية» على تكوين نموذج معياري لخدمات طلبة العلم والمسلمين الجدد، ونشر وإعداد كوادر وقيادات وبرامج متخصصة للنهوض بالمؤسسات الإسلامية والعالم الإسلامي، كما تدعم الكوادر التي تعمل في مجال الدعوة، من خلال توفير فرص عمل لهم.

وبحسب الجمعية، فإنها ترعى 120 طالبًا وافدًا من مختلف الأقطار، تم اختيارهم وفق معايير محددة، ويُقدم لهم دعمًا تعليميًا، يتمثل في دروس تحفيظ القرآن، وتعليم اللغة العربية في مراكز متخصصة، وإقامة ندوات أسبوعية.

كما يحصل الطالب على دعم مالي، وهو مبلغ شهري يعطى لطلاب الجمعية يساعدهم على الوصول إلى كلياتهم، إضافة إلى تحمل تكاليف شراء الكتب الدراسية للطلاب خلال الفصلين.

كما تتكفل «سفراء الهداية» بالرعاية الصحية الكاملة للطلاب عن طريق إجراء الكشف الدوري عليهم من خلال التعاقد مع عيادة شاملة لرعاية الطلاب وصرف العلاج لهم بالمجان، مع تنظيم رحلات سنوية منتظمة للمتاحف والآثار الإسلامية والمصايف المختلفة.

وكان الدكتور محمد حسين المحرصاوي، رئيس جامعة الأزهر، استقبل اليوم الثلاثاء الموافق 14 أغسطس 2018، وفد جمعية «سفراء الهداية» لرعاية طلاب الأزهر الوافدين، مؤكدًا أن فضيلة الإمام الأكبر، الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، يولي اهتمامًا كبيرًا بالطلاب الوافدين ورعاية مصالحهم؛ لأنهم يمثلون سفراء مصر فى بلادهم.

وأضاف المحرصاوي، أن الجمعية تهدف إلى التكامل مع الأزهر الشريف فى أداء رسالته فى رعاية طلاب العلم، وتقدم العديد من الخدمات، كالإقامة، والتغذية، والرعاية الصحية، والخدمات الترفيهية، وغيرها، كما ترعى الجمعية الطلاب الوافدين الدارسين بالأزهر الشريف المتزوجين وأسرهم، وتمنح كل طالب شقة سكنية.
في الثالثة عشرة من عمره عندما كان لديه شغف القراءة في الدين الإسلامي، شغف أهَّلَه لاعتلاء منابر الخطابة والوعظ وهو في ذلك السن، عمل طوال حياته في طلب العلم، وتخريج الكثير من الدعاة والأئمة، ودرس الكثير من كتب التراث الإسلامي، لعل أهمها كتاب «إحياء علوم الدين» لحجة الإسلام الإمام الغزالي رحمه الله، وكتاب «شرح العقائد النسفية» في علم التوحيد والعقيدة الإسلامية، وكتاب «ردّ المُحتار على الدر المختار» في الفقه الحنفي، وكان مُحبًّا للأزهر وعلومها، واهتم على حثّ الشباب المسلمين على دراسة علوم الأزهر الفقهية والشرعية التي تُعلمهم أسس دينهم الحنيف؛ لذلك سعى إلى توصيل صوته لجموع المسلمين الموجودين في الصين بأن الأزهر هو منبر الإسلام في العالم.

له العديد من المواقف التي أصبحت بعد مماته شاهدًا يتحدث عنها المسلمون الصينيون، أشهرها في عام 2001 بعد عودته من أداء مناسك الحج ذهب إلى مسجده في الصين، ولم يعد إلى البيت؛ وذلك حتى يتسنى له إلقاء العديد من الدروس الفقهية والدينية للمسلمين في الصين، كما حثّ المسلمين بعد ضرب الزلزال منطقة التبت على التبرع لسكان المنطقة المتضررين منه، وجمع التبرعات التي وصلت إلى مليون دولار تقريبًا وتمّ توصيلها إلى مستحقيها.

كان الإمام دائم الحديث عن الوسطية الدينية، التي أمر بها رسول الله سيدنا محمدًا -صلى الله عليه وسلم- وسعى إلى محو الأفكار المغلوطة التي كانت لدى المسلمين الموجودين في الصين، وتحدث عن أن الدين لم ينتشر بحدّ السيف، وإنما انتشر بالاعتدال الديني.

ظل الامام على عهده بربه وافر العلم والعطاء، إلى أن فاضت روحه إلى بارئها في 16 يونيو 2018 بعد عُمر ناهز الـ83 عامًا، وحضر جنازته أكثر من مائة ألف مسلم صيني، ودُفن في مقابر المسلمين بمدينة شنيانج الصينية.

شارك