قتل أمس الأحد القيادي البارز في تنظيم داعش أحمد العبيد الملقب "أبو دجانة الزر"، ونقلت شبكة "سكاي نيوز" الإخبارية عن مصادر محلية سورية، أن أبو دجانة قتل بإطلاق النار عليه في مخيم الباغوز بريف دير الزور الشرقي، موضحين احتمالية أن يكون أبو دجانة، الذي يعتبر من أهم قيادات تنظيم داعش، قد قتل على أيدي عناصر داعش أنفسهم، عقب الخلافات الكبيرة في صفوف التنظيم.

وكانت الأجهزة الأمنية العراقية تمكنت السبت الماضي من إلقاء القبض على أبو دجانة المعروف بقاطع الرؤوس في داعش، إثر معلومات استخبارية دقيقة عن تسلله عبر الحدود العراقية السورية. 

يشار إلى أن أبو دجانة هو منشق عن ميليشيا أسد الطائفية، وخريج معهد متوسط، حيث عمل على نقل مشاهد قصف النظام على قريته (الزر) ومن ثم أصبح أحد قيادات الجيش السوري الحر وقاتل في ريف ديرالزور والمدينة قبل أن يبايع "جبهة النصرة"، ومن ثم تنظيم داعش (عام 2014) بوقت مبكر مستلماً العديد من المناصب العسكرية والإدارية فيه.

ومن بين المناصب التي تقلدها أبو دجانة "الأمير العسكري" لما يسمى "ولاية الخير"(ديرالزور) والأمير العسكري لمدينة ديرالزور، وكذلك أمير القاطع الشمالي بولاية الفرات، وبعض المناصب المدنية في التنظيم.

عُرفَ بعنفه ودمويته وبأنه كفر مقاتلي الجيش الحر وقاتلهم في بداية سيطرة التنظيم على ديرالزور. وكان تنظيم داعش قد سبق وعين أبو دجانة أبو دجانة الذي كان قائد القاطع الشمالي في دير الزور سابقاً ، قائداً عسكرياً عاماً لجميع جبهات المنطقة الشرقية في سورية، وجاءت عملية التعيين بعد يوم من مقتل ابو عمر البلجيكي اهم قيادي لتنظيم داعش في سورية باشتباكات دير الزور والتنظيم ، ويعتبر أبو دجانة أحد أبرز قيادي داعش الذين ساعدوا في السيطرة على كامل محافظة ديرالزور .

بدأ ظهوره الإعلاميّ في سبتمبر 2012، ولم يتجاوز عمره الرابعة والعشرين وقتها، عبر سلسلةٍ من مقاطع الفيديو التي صورها في قريته الزر إثر استهدافها من طيران النظام، حاول فيها مواكبة الحدث على أكثر من مستوى. 

وفي وقت قريب من تلك الفترة نفذ أبو دجانة أول عملية قطع رأس في مدينة دير الزور في حق شخصين قيل إنهما ضابطان في التدريب الجامعي، بعد مدة من استقراره بصحبة مجموعة مقاتلين من قريته في حي العمال بالمدينة، حيث تملك عائلته بيتاً سكنت فيه لفترات متقطعة، بحسب أحد جيرانه.

كما عمل أبو دجانة على حفر أول نفق في المدينة للتسلل إلى مواقع قوات النظام، وكان لا يتدخل في السياسة أو في تسيير الحياة اليومية للأهالي، وظل بعيداً عن تجاذبات التيارات الثورية المسلحة، لكن في نهاية 2012 ظهر في مقطع فيديو ليعلن انضمام كتيبته "عز الدين القسام" إلى لواء الأحواز العربية التابع للمجلس الثوري العسكري، بسبب الحاجة إلى الذخيرة كما يقول ناشطون، خاصة بعد إصابة أخيه مسؤول التذخير في المجلس العسكري. 

وبحسب بعض التقارير بايع أحمد العبيد "جبهة النصرة" بتأثيرٍ من القيادي المحلي عامر الرفدان الذي قتل في غارة للتحالف في سبتمبر 2015، ثم انتقل معه إلى التنظيم. 

والمؤكد أن أبو دجانة بدأ بإيواء المهاجرين في العام 2013، في وقتٍ ساد فيه الهدوء النسبيّ في دير الزور وتحولت قوات النظام من الهجوم إلى الدفاع، ما دفع بالمزيد من المقاتلين إلى المدينة حيث حاول أبو دجانة -مع قادة آخرين وكل على حدة- تنظيم شؤون المقاتلين، فأقاموا حاجزاً يمنع إخراج السلاح من قطاعاتهم، الأمر الذي أضاف عداوات ظهرت فيما بعد. 

وفي أعقاب الصراع الكامن نهاية 2013 بين ألوية "أحفاد الرسول" وحركة "أحرار الشام" من جهة وتنظيم داعش من جهة أخرى، تدخل تجمع "عبد الله بن الزبير"، وقد تضايق عناصره من إجراءات أبي دجانة ومهاجريه في وقت سابق، وبسبب نزاعاتٍ جانبية متعددة، فاستقدم فزعةً عشائريةً من الريف أجبرت التنظيم على الانسحاب من المدينة بعد أن فاوض عنه أبو دجانة وراح يهدّد الجميع مستقوياً بالتنظيم، ولكنه اختار الخروج معه والعودة بعد عدّة أشهرٍ كأحد القادة الميدانيين في معركة السيطرة على المدينة، ثم أميراً لقطاع "العدناني" الممتد من نهر الفرات حتى الجبل شرقاً. وحينها أدخل عدداً كبيراً من أبناء قريته في صفوف التنظيم، ولعل تسمية "الزرداحة" التي أطلقها الكثيرون على قرية الزر وقتها توضح إلى أي مدى وصل نفوذه في المدينة وتسلط أقربائه.

في هذه المرحلة ظهر أبو دجانة في أكثر من مقطعٍ يتوعد في أحدها النظام على جبل الشيخ (يصحح بقاسيون)، كما يتكلم في آخر عن طلبه مشاركة بلدة ذيبان في المعارك وكيف "رفعت راسه". 

وفي نهاية 2014، وتحت لواء التنظيم قاد أبو دجانة العديد من المعارك ضدّ قوّات النظام، خسرها جميعاً، وكانت أشهرها معركة الجبل التي سقط فيها ما يقارب الثمانين من المهاجمين، إلى جانب وقوع أبو دجانة مغمياً عليه، بحسب أحد المسعفين الذين استقبلوه في المشفى. 

وقد اتهمه الكثير من الأهالي بالتواطؤ مع التنظيم لفتح المعركة بقصد التخلص من مقاتلي "الجيش الحر" الذين رفضوا مبايعته، والذين كانوا مرابطين على تلك الجبهة. 

بعدها أخذ يخبو نجم القائد الذي دفعه على ما يبدو "تاريخه العسكريّ" الذي راكمه من بعض الاشتباكات في حارات حي العمال والمعارك في الريف، حيث آثر الكثيرون السلامة، فراح يتطلع إلى أحد المناصب القيادية التي سبقه إليها الأدالبة من لواء داود.

حاول أبو دجانة أن يزيح منافسيه لكن فشله في المعارك حال دون ذلك. ويضاف إلى ذلك أن المقاتلين من أبناء قريته، وبعد تعيينه في ديوان الركاز، صاروا يتهرّبون من القتال. وقد مهّد أبو إسلام العسكريّ الطريق لهم فمنحهم الإجازات على هواهم لاستغلال ذلك ضد أبو دجانة، كما أفاد أحد المقاتلين الذي يضيف أن الأدالبة كانوا يتجسسون على أبي دجانة الذي قابلهم بالتجسس أيضاً. على أن الحظ العاثر لحق أبا دجانة، فأصيب بعد توليه منصبه بمدة قصيرة مما استوجب عزله، وكانت مصادر محلية سورية أفادت بإصابة ابو دجانة بشظية في الرأس خلال قصف على مواقع داعش بمخيم الباغوز.