إبراهيم الجضران.. آفة قطرية تأكل في النفط الليبي
الإثنين 18/مارس/2019 - 01:10 م
طباعة
فاطمة عبدالغني
أحد أخطر الأذرع الإرهابية التي يستخدمها نظام الحمدين لتنفيذ مخططاته المشبوهة لتخريب ليبيا، والسيطرة على منطقة الهلال النفطي الليبي.
مولده ونشأته:
إبراهيم الجضران آمر حرس حماية المنشآت النفطية في ليبيا، من مواليد ولد 1981، هو وأسرته مجنسون من العائدين من دولة تشاد. والده كان مجند بالجيش الليبي خلال الحرب مع تشاد.
وهو واحد من الأسماء التي لمعت بقوة أثناء المظاهرات التي أطاحت بنظام الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، وكانت عائلته في السابق تتلقى السلاح والمال من نظام القذافي مقابل مساعدته على إخماد الانتفاضة الشعبية ضده، وسرعان ما انقلب الجضران على القذافي، وانضم إلى المعارضة، وقاد سرية من المقاتلين قاتلت على امتداد الساحل من أجدابيا إلى منطقة سرت مسقط رأس القذافي، وبعد سقوط نظام القذافي كانت مكافأة الجضران بتعيينه قائداً لإدارة حرس المنشآت النفطية المسؤولة عن حماية الموانئ وحقول النفط.
انشقاق الجضران:
في يوليو 2013 انشق الجضران عن إدارة حرس المنشآت النفطية، وفي غضون فترة وجيزة استطاع أن يكون مليشيات مسلحة تضم آلاف المقاتلين، واتخذ لنفسه ومليشياته قاعدة عسكرية بالقرب من ميناء البريقة النفطي، وقد ساعدته أحداث الفوضى التي تشهدها ليبيا في السيطرة على بعض الموانئ النفطية مثل ميناء السدر، وميناء رأس لانوف لتصدير النفط، وذلك بعد أن قاد مليشياته المسلحة لتنفيذ عمليات سرقة واستيلاء على عدد من الموانئ النفطية، وقد أدت أعمال ميليشياته الإجرامية إلى وقف نصف إنتاج ليبيا من النفط.
ويبدو أن نجاحه في السيطرة على بعض الموانئ النفطية قد أغراه للمطالبة بتأسيس إقليم فيدرالي في برقة ـ شرق ليبيا ــ وفي أكثر من مرة أعلن عن رغبته في تقسيم البلاد إلى 3 دويلات، ويكون الحكم في كل منها على أساس قبلي، ويصف الجضران نفسه بأنه زعيم كيان إقليمي لحكم شرق ليبيا.
سرقة النفط الليبي:
وفي مارس 2014، حاول إبراهيم الجضران، أن يبيع النفط لصالح مليشياته المسلحة، ومن وراء حكومة طرابلس، حيث وصلت إحدى ناقلات النفط إلى ميناء السدرة، وحملت شحنة عملاقة من النفط، وبعد أن فشلت البحرية الليبية في ضبط الناقلة، تدخلت البحرية الأمريكية، واستولت على الناقلة قبالة سواحل قبرص، وذلك بعد عدة أيام من مغادرتها ميناء السدرة.
كما أوقفت عمليات الجضران الإرهابية مبيعات نفطية لا تقل قيمتها عن 5 مليارات دولار، فضلاً عن أنه هدد بتصعيد مواجهته مع الحكومة الليبية من خلال محاولة بيع النفط الخام للأسواق الخارجية مباشرة بمعزل من الحكومة الليبية.
وكانت صحيفة "التايمز" البريطانية نشرت تقريرًا في وقت سابق حمل عنوان "المتمرد الذي يخنق الصادرات النفطية الليبية يعزز من جهوده للوصول للسلطة"، أكدت خلاله أن الجضران الذي يعرقل ويرتهن صادرات ليبيا النفطية التي تقدر قيمتها بمليارات الدولارات، كثف نزاعه على السلطة مع طرابلس بتأسيس حكومة إقليمية شرقي البلاد، وأشارت الصحيفة إلى أن الإجراء الذي اتخذه الجضران أثار القلق الدولي إزاء إمدادات النفط في العالم، حيث إن نحو 7.5 مليار دولار من عوائد تصدير النفط الليبي فقدت بسبب العمليات المسلحة في منشآت الإنتاج، علما بأن الاقتصاد الليبي يعتمد على القطاع النفطي بنسبة 95%.
وأوضحت الصحيفة البريطانية أن الجضران يعمق الانشقاق بين شرق ليبيا وغربها، حيث إنه عين مجلساً وزاريا مكوناً من 22 وزيراً في برقة، ويزعم أنه يسيطر على قوى مسلحة قوامها 20 ألف مقاتل.
من ناحية أخرى أفادت تقارير صحفية أن مليشيات الجضران، هاجمت موانئ المنطقة النفطية أكثر من مرة وكان آخرها في يونيو 2018، إذ استغل الجضران انشغال قوات الجيش الوطني الليبي بتحرير مدينة درنة.
وحينها أضرمت مليشياته النيران في خزانين للنفط، في محاولة للهروب من استهداف القصف الجوي، مما أسفر عن إيقاف تصدير نحو 350 ألف برميل يوميا.
ولكن في غضون أيام تمكن الجيش من تحرير المنطقة النفطية، عبر قصف طائرات القوات الجوية مواقع تمركز الجماعات الإرهابية في منطقة العمليات العسكرية من رأس لانوف، وحتى مشارف مدينة سرت.
عميل "الحمدين"
كشفت العديد من التقارير العربية والدولية ارتكاب الجضران عملياته الإرهابية ضد موانئ وحقول النفط بإيعاز من نظام الحمدين والذي يسعى بشتى الطرق منذ 2011 وحتى الآن إلى بسط سيطرته على منطقة الهلال النفطي الليبي عبر دعمه وتمويله للمليشيات الإرهابية المنتشرة في ليبيا.
كما ارتبط الجضران بعلاقات وثيقة مع أحد قادة حركة التمرد التشادية ويدعى تيمان إرديمي، الذي يقيم في الدوحة، ويتلقى تمويلاً مالياً ودعماً إعلامياً وسياسياً من النظام القطري، وتمد قطر الجضران بمرتزقة ومقاتلين عبر الوسيط التشادي، فضلاً عن علاقة الجضران القوية برجل قطر الأول في ليبيا، الإرهابي عبدالحكيم بلحاج، والذي أنشأت له الدوحة حزباً سياسياً وشبكة إعلامية، ومولت وصوله إلى مراكز عليا في ليبيا.
وكان الجيش الوطني الليبي قد وجه إلى الجضران تهمة الخيانة والعمالة لصالح النظام القطري، كاشفا عن امتلاكه معلومات عن استقبال الدوحة للجضران الذي عقد لقاءات عدة مع مسؤولين قطريين، ووعدوه بتمكينه من استعادة السيطرة على الحقول النفطية.
وبدورها، أدرجت وزارة الخزينة الأمريكية اسم إبراهيم الجضران على قوائم الإرهاب في 12 سبتمبر 2018، مؤكدة أنه هاجم مراراً وتكراراً منشآت نفطية ليبية بالغة الأهمية وتسبب بخسائر هائلة للاقتصاد الليبي.
وقالت الوزارة إن "إبراهيم الجضران أضر بالسلام والاستقرار في ليبيا، بالإشراف على القوات التي هاجمت منشآت النفط الليبية في منطقة (الهلال النفطي) التي تعد هدفا مربحا للميليشيات المارقة والمجرمين".
ويأتي القرار الأمريكي بعد يوم من إضافة مجلس الأمن الدولي الجضران، إلى قائمة العقوبات الدولية الخاصة بليبيا، القاضية بتجميد الأصول المالية وحظر السفر.
وذكر موقع الأمم المتحدة أن اللجنة المعنية بليبيا في مجلس الأمن أرجعت أسباب قرارها إلى "ارتكاب الجضران أعمال عدائية مسلحة ضد المنشآت في منطقة الهلال النفطي، تسببت في تدمير بعض المنشآت والخزانات، آخرها كان في 14 يونيو من العام 2018".
وكان النائب العام الليبي قد أصدر في 3 يناير 2019، أمراً بالقبض على 6 متهمين ليبيين معروفين بعلاقاتهم الوثيقة بالدوحة، ويأتي اسم الجضران على رأس قائمة المتهمين، والذين وردت أسماؤهم في التحقيقات الجارية بشأن الهجوم من قبل مجموعات مسلحة على الحقول والموانئ النفطية.