القائد الكردي «مظلوم عبدي».. قاهر «داعش» وعدو أردوغان اللدود
الإثنين 28/أكتوبر/2019 - 01:47 م
طباعة
علي رجب
في حلقة جديدة من حلقات الصراع بين النظام التركي والأكراد، طالبت حكومة رجب طيب أردوغان الولايات المتحدة الأمريكية بتسليمها قائد قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، مظلوم عبدي، الذي تعتبره أنقرة «إرهابيًّا».
وقال وزير العدل التركي، عبدالحميد غُل، الجمعة 25 أكتوبر 2019، إنه بمجرد دخول الملقب بـ«مظلوم كوباني» إلى الولايات المتحدة، ستتم المراسلات اللازمة بشأن إجراءات الاعتقال المؤقت.
ولفت، إلى أنه يتعين على واشنطن «تسليم الإرهابي فرهاد عبدي شاهين بموجب اتفاقية تسليم المجرمين المبرمة بين البلدين»، مشيرًا إلى أن تركيا أصدرت نشرة حمراء بحق شاهين، المطلوب للعدالة.
وأكد أن النشرة الحمراء سارية في 196 دولة حول العالم، ويتعين على الولايات المتحدة أيضًا الالتزام بالاتفاقية ذات الصلة، وفقًا لوكالة "الأناضول".
العدو اللدود لأردوغان
يعد فرهاد عبدي المعروف بـ«مظلوم كوباني» و«الخال» و«شاهين جيلو»، أو الجنرال مظلوم عبدي، القائد العسكري لوحدات الحماية الكردية، الذراع العسكرية لحزب الاتحاد الديمقراطي الذي يعتبر النسخة السورية من حزب العمال الكردستاني التركي بقيادة عبدالله أوجلان- الأب الروحي لأكراد تركيا- والمعتقل في سجون النظام التركي منذ 1999.
ينحدر فرهاد عبدي شاهين (مواليد 1967)، الذي عُرف باسمه الحركي، الجنرال مظلوم كوباني، من قرية حلنج الكردية التابعة لمدينة كوباني (عين العرب).
وانضم الجنرال الكردي إلى حزب العمال الكردستاني بزعامة عبدالله أوجلان عام 1990، وعمل في الشؤون الإدارية في مقر العمال الكردستاني التركي في سوريا، قبيل اتفاق أضنة 1998 بين سوريا وتركيا الذي أفضى إلى خروج عناصر العمال الكردستاني من سوريا، وتسليم أوجلان إلى انقرة.
خلال انضمامه إلى حزب العمال الكردستاني في التسعينيات، شارك «مظلوم» في عمليات ضد الجيش التركي بولاية هكاري التركية، ولهذا السبب تضعه أنقرة في قائمة الإرهابيين المطلوبين ضمن الفئة الحمراء وفي الترتيب التاسع.
وفي مقابلاته الصحفية، كان مظلوم يفضل عدم التطرق كثيرًا إلى التفاصيل حول فترة انخراطه مع العمال الكردستاني قائلاً: "إن هذا الأمر يعد شيئًا من الماضي، وإن حزب العمال الكردستاني في تركيا ووحدات حماية الشعب في سوريا هما منظمتان منفصلتان تمامًا".
بعد عام 1997 غادر إلى أوروبا، وانخرط في العمل السياسي حتى 2003، وانتقل بعدها إلى العراق حيث انخرط بالعمل السياسي أيضًا.
العودة للديار
ومع بداية الأزمة السورية في 2011 عاد مظلوم إلى شرق الفرات، وخاصة عين العرب كوباني وتأسيس وحدات حماية الشعب الكردية ومواجهة الفصائل المسلحة، وحتي ظهور تنظيم داعش بزغ اسم «مظلوم كوباني» في أورقة الاستخبارات الغربية والاقليمية مما زاد من مخاوف النظام التركي من ظهور دولي للأكراد في سوريا أو على الأقل التمتع بحكم ذاتي كما في العراق، وهو ما يشكل ضربًا لوحدة تركيا ونهاية للجغرافيا التركية.
مظلوم كوباني قاهر «داعش»
ومع ظهور تنظيم «داعش» الإرهابي وإعلانه الخلافة في يوليو 2014 بخطبة زعيم التنظيم الشهيرة في الجامع الكبير بمدينة الموصل العراقية، لجأت أمريكا إلى تشكيل قوات محلية لقتال التنظيم، مدعومة من قوات التحالف الدولي وهو ما أدى إلى ارتفاع أسهم "مظلوم" وتأسيس قوات سوريا الديمقراطية، في عام 2015.
وعُرفت هذه القوات على أنها «قوة عسكرية وطنية موحدة لكل السوريين وتجمع العرب والكرد والسريان وجميع المكونات الأخرى في المنطقة».
يقول عبدي إنه يقود 60 ألف مقاتل من جميع مكونات الشعب السوري، وقال مرارًا إنه مستعد للجلوس على طاولة الحوار مع الحكومة السورية للتوصل إلى حل عادل يضمن حقوق جميع السوريين.
وتم تداول اسم الجنرال مظلوم كوباني بكثرة في إدارة العمليات العسكرية في المنطقة ضد التنظيم، وإدارة المفاوضات مع القوى الدولية، وخاصة الولايات المتحدة.
وكانت النتيجة لاحقًا، هي تشكيل تحالف دولي فعال ضم العديد من الدول الأوروبية بقيادة الولايات المتحدة ضد «داعش».
صانع حلم كوباني
حمل مظلوم كوباني على عاتقه الحلم الكردي في شمال سوريا، حيث ظهر مظلوم في شهر يوليو الماضى، بمقر الأمم المتحدة في جنيف إلى جانب الممثلة الخاصة للأمين العام المعنية بالأطفال والنزاع المسلح، فيرجينيا جامبا، بزي مدنى، متخليًا عن الزي العسكري الذي رافق ظهوره طوال السنوات الماضية، إذ وقع خطة عمل من أجل إنهاء ومنع تجنيد الأطفال في القوات التي يرأسها في شمال شرقي سوريا.
حضور مظلوم كوباني وعلاقته المتشعبة مع الأجهزة الأمنية في عدة دول وكذلك حكومات هذه الدول كروسيا وفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية، وألمانيا وبريطانيا وغيرها من الدول مما أدى إلى انزعاج الدولة التركية من المكانة التي يحظى بها "الخال" لدى صانع القرار في هذه الدول، فأدرجت وزارة الداخلية التركية في يوليو 2018 على "القائمة الحمراء"، والمدرجة ضمن "قوائم الإرهاب" لدى أنقرة من أجل وأد حلم جنرال كوباني في انتزاع حقوق الأكراد.
خيانة أمريكية
ولكن مع بدأ العدوان التركي على شرق الفرت في 9 أكتوبر 2019، وإعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب انسحابه من سوريا، وتدخل روسيا بصفقة ظالمة للأكراد، بدأت أحلام مظلوم كوباني تتحول إلى كابوس، مع خيانة واشنطن له في سوريا رغم ما قدمه من تضحيات في مواجهة الإرهاب وتنظيم داعش.
رغم الخيانة التركية فإن القائد العام لقوّات سوريا الديمقراطيّة، يصر على الدفاع عن حلمه، رافضًا أي اتفاق مع تركيا قائلًا في مؤتمر صحفي الخميس 24 اكتوبر: «إنّه لا يوجد أيّ اتّفاق مع تركيا بل هناك وقف إطلاق نار»، مشيرًا إلى «استمرار الفصائل المرتزقة المدعومة من تركيا في هجماتها على ريف سرى كانيه (رأس العين) وباقي المناطق»، و«طالب الدول الضامنة لوقف إطلاق النار أن تتحمل مسؤولياتها».
ومع تخلي الحلفاء وخيانة الأصدقاء، لم يبق لمظلوم كوباني، إلا قصيدة الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش لصديقه الشاعر والروائي الكردي السوري سليم بركات تحمل عنوان "ليس للكردي إلا الريح" يقول في أحد مقاطعها: "كان يخاطب المجهول: يا ابني الحُرّ! يا كبش المتاه السرمديّ. إذا رأيتَ أباك مشنوقاً فلا تُنْزِلْهُ عن حبل السماء، ولا تُكَفِّنْهُ بقطن نشيدك الرَّعَوِيَّ. لا تدفنه يا ابني، فالرياحُ وصيَّةُ الكرديِّ للكردي في منفاهُ، يا بُني .. و النسورُ كثيرةٌ حولي وحولك في الأناضول الفسيح".