«العودة للخفاء».. كتاب يكشف مصير الإسلام السياسي بعد سقوط الإخوان
الخميس 28/نوفمبر/2019 - 06:28 م
طباعة
دعاء إمام
رصدت أليسون بارجتر، الباحثة المتخصصة في شئون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والحركات الإسلامية، التقلبات الدراماتيكية التي شهدها تيار الإسلام السياسي عقب الإطاحة بجماعة الإخوان في مصر بعد ثورة 30 يونيو 2013، وضعفها في ليبيا عقب محاولتها الفاشلة لتأمين مكانتها في النظام السياسي في مرحلة ما بعد معمر القذافي، وتضرر مصداقية حركة النهضة، امتداد جماعة الإخوان في تونس وتراجع شعبيتها.
وقالت الباحثة في كتاب بعنوان «العودة للخفاء: مستقبل الإسلام السياسي بعد إخفاقات الإخوان بالإقليم»، إن الجماعة أصبحت لاعبًا رئيسيًّا في مرحلة ما بعد ثورات الربيع العربي التي شهدت اضطرابات إقليمية غير مسبوقة، وكيف لم تتمكن من الحفاظ على مكاسبها في مواجهة التحديات السياسية المتزايدة بدول الثورات العربية.
أسباب الفشل
في معرض حديثها عن أسباب فشل الإخوان، أوضحت «أليسون» أن الجماعة تنتهج النهج التدريجي في العمل السياسي وليس الثوري الراديكالي، ما يُعد أحد الأسباب التي تُفسر عدم استعدادها وعدم كفاءتها لتولي السلطة عقب الربيع العربي.
وسلطت الضوء على تحول الجماعة من الاصطفاف مع المعارضة لعقود، إذ لم تكن مستعدة لتولي السلطة، حيث افتقرت إلى البرامج الاقتصادية والسياسية اللازمة للقيادة السياسية، وقدمت المؤلفة عددًا من العوامل التي ساهمت في السقوط السريع لجماعة الإخوان في الدول العربية التي شهدت ثورات.
ورجحت الكاتبة أن الجماعة تعاني من نقص الخبرة السياسية، وقصور الفهم للواقع السياسي المتغير، حيث كشفت المشاكل التنظيمية عن ضعفها وافتقارها للرؤية السياسية الواضحة، كما أدى سوء قراءة الوضع السياسي، وتركيزها على الهيمنة السياسية بشكل سريع، إلى وقوعها في مجموعة من الأخطاء التكتيكية.
وتُضيف المؤلفة أن الجماعة لم تستطع أن ترقى إلى وظيفة الحكم، أو أن تعمل كقوة سياسية حديثة ومعاصرة، حيث لم تكن معتادةً على البحث عن مؤيدين خارج نطاق قاعدتها التقليدية، وهو ما يُعد أحد القصور الأساسية التي واجهتها بعد توليها أو مشاركتها في السلطة بعدد من الدول العربية في أعقاب موجات الثورات التي اجتاحت عددًا من دول المنطقة.
فيما أشار الكتاب إلى أسباب تنظيمية، تتخلص في أن المصدر الأساسي لقوة الجماعة المتمثل في القوة التنظيمية وقدرات الحشد، والذي مكن مرشحها الرئاسي في مصر محمد مرسي من الفوز في الانتخابات الرئاسية عام 2012؛ كان -في الوقت ذاته- نقطة ضعف أساسية، حيث جعلها تغفل ضرورة العمل مع الفواعل السياسية الأخرى، وذلك ما سرع من سقوطها.
وتابعت:« أوهمتها تلك القوة التنظيمية التي تتمتع بها عندما تولت السلطة أنها ليست في حاجة للتنسيق السياسي مع القوى السياسية الأخرى، ولذا عملت على السيطرة على مفاصل الدولة»
عوامل فكرية وأيديولوجية
ترى «أليسون» أن جماعة الإخوان اتسمت بالضحالة الفكرية والأيديولوجية وسطحية المبادئ الأساسية التي ترسخت في عقيدتها منذ إنشائها، والنهج الانتهازي والرغبة الشديدة في التضحية بأيديولوجيتها من أجل نصر سياسي قصير المدى، بجانب افتقار القدرة على المرونة والقدرة على التكيف مع المتغيرات في الواقع السياسي.
وتضيف المؤلفة، أن الجماعة عقب توليها السلطة في عدد من الدول العربية عقب ثورات الربيع العربي انكشفت ضحالتها الأيديولوجية، حيث اكتشفت قطاعات جماهيرية عريضة الهوة الواسعة بين خطابهم الديني والتصرفات الواقعية لأعضاء الجماعة بعد توليهم السلطة، وأن ادعاءهم دومًا بأنهم ليسوا طلاب سلطة قد كشف عن تحايلهم السياسي والاجتماعي.
توقعت الباحثة أن تؤدي براجماتية الجماعة والادعاء بالاعتدال في أجندتها السياسية والاجتماعية، إلى ظهور جماعات أكثر محافظة من السلفيين، والذين اعتبرتهم الكاتبة مصدرًا مهمًّا للتغيير في المنطقة ستكون له تداعيات سياسية كبيرة، مضيفة أن الجماعات السلفية ظهرت ليس في فترات القمع ولكن مع منح المزيد من الحريات السياسية عقب الربيع العربي.
ولذا، ترى أنه من المهم تتبع المسار السياسي لتلك الجماعات في السنوات المقبلة؛ نظرًا إلى أنها لم تتعرض للمصير الذي تعرضت له جماعة الإخوان بعد سقوطها، وتتوقع أن تكون منافسًا قويًّا للجماعة في الفترة المقبلة بالدول التي حققت فيها الجماعة فشلا ملحوظًا.
أزمة الإسلام السياسي
أوضحت الكاتبة أنه من السابق لأوانه الربط بين سقوط جماعة الإخوان وسقوط الإسلام السياسي في المنطقة؛ فهذا الربط مختزل وغير صحيح؛ لأن سقوط الإخوان في مصر لا يعني أنهم لم يستمروا في دول عربية أخرى، فعلى سبيل المثال، برغم إضعاف حركة النهضة في تونس، إلا أنها ظلت فاعلا قويًّا في المجالين السياسي والاجتماعي.
شروط العودة
وضعت «أليسون» مجموعة من الشروط التي تمكن الجماعة من العودة إلى الساحة السياسة مجددًا بعد التراجع، والتي تتمثل في: الإصلاح من الداخل: تحتاج الجماعة إلى إيجاد طريقة للإصلاح من الداخل، والذي يعني الذهاب لأبعد من الكلام المعتاد عن المشاركة في المراجعات، حيث يتطلب ذلك إعادة التفكير في ماذا يُقصد بالإخوان وماذا تمثله اللحظة الراهنة لهم.
وتُشير إلى أن الجماعة بعد الضربة القوية التي تعرضت لها ما زال الخلاف داخلها يدور حول التغيير القيادي، ورفض الفردية، والمؤسسية وتعديل اللائحة، لكن ما يتعلق بالرؤية والمنهاجية ما زال غائبًا عن النقاش الداخلي، كما أن الجماعة لا تمتلك خطة واضحة المعالم حول إمكانية التعايش مع مؤسسات الدولة القائمة ومشاكلها وتعقيداتها.
ووفقًا للمؤلفة لن يكون الإصلاح الداخلي أمرًا سهلا؛ لأن جماعة الإخوان مثل العديد من الكيانات السلطوية، لم تكن جماعة من قبل تميل إلى المراجعة الذاتية أو الإصلاح، وعلاوةً على ذلك، فإن أي محاولة لتنفيذ أي إصلاح جاد في مثل تلك البيئة المضطربة في منطقة الشرق الأوسط مهمة صعبة في أحسن الأحوال، وفقًا للكاتبة
وخلصت الباحثة في كتابها إلى أنه إذا كان الإسلام السياسي لم ينته، فإن ذلك لا يُنكر أن جماعة الإخوان قد واجهت صفعة قوية، بسبب نقص الخبرة والفهم لبعض الجوانب السياسية والدينية، ونقص الرؤية السياسية والمشاكل التنظيمية، مما أدى إلى فشلها في التعامل بصورة إيجابية وفعالة مع السلطة عندما حكمت في عدد من دول الربيع العربي.