الصوفية في أوروبا (3 – 3).. خارطة المستقبل في مواجهة اليمين المتطرف

الأربعاء 25/ديسمبر/2019 - 07:16 م
طباعة الصوفية في أوروبا شيماء حفظي
 
تنتظر الصوفية عامًا أو ربما سنوات محملة بآمال أوروبية رسمية ومجتمعية؛ لتحسين وضع راهن يسيء إلى المسلمين والإسلام بشكل عام، في وقت تزداد الضغوط نتيجة صعود اليمين المتطرف للحكم في أوروبا.
ولا يمكننا الجزم بما يمكن فعله على الأرض، لكن الدور الذي يمكن أن تلعبه الصوفية في تغيير الصورة السلبية للإسلام في الغرب قد يسهم كثيرًا في حياة المسلمين الأوروبيين، لكن هذا الدور يجب أن يكون وفق محددات اجتماعية وألا يتم استغلاله سياسيًّا.
ويشير إريك جيوزفري، في ورقة بحثية بعنوان مساهمة التصوف في بناء أوروبا المعاصرة، نشرت في كتاب Modern Islamic Thinking and Activism، إلى أن حرية المعتقد التي تتمتع بها الدول الأوروبية ساهمت في انتشار الصوفية التي تدفقت إلى الغرب مع اختلاط الثقافات؛ نتيجة التوسع والاستعمار الأوروبي للأندلس والمغرب العربي، بالإضافة إلى وجود شبه بين التصوف الإسلامي والتصوف المسيحي الذي ساد في بعض البلاد الدائنة بالمسيحية في ذلك الوقت.
كما ساهمت الجماعة الصوفية التي أرادت أن تكون الصوفية «حكمة عالمية» بما سمي بجماعات الصوفية الجديدة في انتشارها بأوروبا، وذلك من خلال عولمة الروح، كرؤية في الجوهر لجميع الأديان والفلسفات، ومن ثم تقديم الصوفية دون وجه إسلامي، وهو ما يفسر نجاح الصوفية بدون إسلام في أوروبا.
وانطلاقًا من هذه الأرضية، يرى الكاتب أن الأدوار التي يتولاها الصوفي أو قد يلعبها في أوروبا -رغم وجود بعض الجماعات السلفية الأصولية- هي وسيلة رائعة للانفتاح على العالمية.
ويقول إنه في السياق الحالي للعولمة يحتاج الدين والروحانية إلى الحصول على نظرة شاملة تأخذ في الاعتبار الترابط بين الإنسان وبين الكون؛ حيث تواجه الديانات المؤسسية في العالم تحديات كبيرة، فإما يكون القرن الواحد والعشرون روحانيًّا أو لن يكون؛ خاصة أنه خلال العقود القليلة الماضية، أصبح الغرب سوقًا كبيرة للروحانية التي أدت إلى ظهور أشكال جديدة من التعبير.
وأضاف أنه من الواضح تمامًا أن الصوفية تعد في الوقت الحاضر «حلقة وصل»، وتعمل كواجهة ضرورية بين الإسلام والغرب، كونها القلب الحي للإسلام، وتمكنت دائمًا من التكيف مع السياقات الجديدة، واستيعاب الطبقات الروحية القديمة، والتنوع المفاجئ.
وأدرك القادة والسياسيون في العالم الإسلامي والأوروبي أن الإسلام السلمي –الذي هو الصوفية– أفضل ترياق لصلابة الإسلام السلفي، وهو ما دفع الكاتب للمطالبة ببضرورة عدم فصل الصوفية عن الإسلام، واستخدامها للتسويق له.
ويقول فيليس داسيتو، في تحليل لمركز دراسات «Oasis» المتخصص في دراسة التفاهم المتبادل بين المسلمين والمسيحيين في العالم: إن الصعود السلفي خلال السنوات الأخيرة جعل المسلمين أنفسهم يعلنون بشكل أكثر صراحة موقفهم ضد التطرف العنيف المرتبط بالإسلام، وضد الرؤى السياسية أو السلفية التي تعتبر مسؤولة بشكل مباشر أو غير مباشر عن العنف.
ويضيف الباحث: «منذ أكثر من عقد من الزمان، قلتُ إن بناء المساجد ليس هو الأكثر إلحاحًا، بل تكوين العقول، وهذا يعني أن هناك حاجة لتعزيز ظهور قيادة إسلامية ناضجة مدربة جيدًا، هذه مهمة معقدة للغاية وتتطلب وقتًا».
وربما تواجه محاولة تصحيح المفاهيم السائدة في أوروبا عن الإسلام، الشعبية المتزايدة للأحزاب القومية المعادية للمسلمين والمهاجرين في المجتمعات الأوروبية؛ ومن أجل القيام بتلك العملية، فمن الضروري خلق ظروف لمناقشة هادئة.

شارك